المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌سورة النّور

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 21]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 46]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 47 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 67]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 77]

- ‌سورة الشّعراء

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 227]

- ‌سورة النّمل

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 82]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 83 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 24]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 33 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 57]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 58 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 الى 46]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 56 الى 69]

- ‌سورة الرّوم

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 11 الى 27]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 28 الى 37]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 46]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 47 الى 60]

- ‌سورة لقمان

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 12 الى 19]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

- ‌سورة السّجدة

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30]

- ‌سُورَةِ الْأَحْزَابِ

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 7 الى 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 18 الى 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 59 الى 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 69 الى 73]

- ‌سُورَةِ سَبَأٍ

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 21]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 27]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 28 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 43 الى 50]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 51 الى 54]

- ‌سُورَةِ فَاطِرٍ

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 9 الى 14]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سُورَةِ يس

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 13 الى 27]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌سُورَةِ الصَّافَّاتِ

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 19]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 20 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 182]

- ‌سورة ص

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 الى 25]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 26 الى 33]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة الزّمر

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 13 الى 20]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 43 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 49 الى 61]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 73 الى 75]

- ‌سورة غافر

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 20]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 30 الى 40]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 52]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 85]

- ‌سورة فصّلت

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 15 الى 24]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 37 الى 44]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 45 الى 54]

- ‌سورة الشّورى

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 28]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 29 الى 43]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 44 الى 53]

- ‌سورة الزّخرف

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 الى 35]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 36 الى 45]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 الى 56]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 73]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 89]

- ‌سورة الدّخان

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 37]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 38 الى 59]

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان (25)

- ‌سورة الشعراء (26)

- ‌سورة النمل (27)

- ‌سورة القصص (28)

- ‌سورة العنكبوت (29)

- ‌سورة الروم (30)

- ‌سورة لقمان (31)

- ‌سورة السجدة (32)

- ‌سورة الأحزاب (33)

- ‌سورة سبأ (34)

- ‌سورة فاطر (35)

- ‌سورة يس (36)

- ‌سورة الصافات (37)

- ‌سورة ص (38)

- ‌سورة الزمر (39)

- ‌سورة غافر (40)

- ‌سورة فصلت (41)

- ‌سورة الشورى (42)

- ‌سورة الزخرف (43)

- ‌سورة الدخان (44)

الفصل: ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

فِي الْيَهُودِ، قَالُوا كَيْفَ وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ فِيهَا كَلَامُ اللَّهِ وَأَحْكَامُهُ، فَنَزَلَتْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمُرَادُ بِالْبَحْرِ هُنَا:

الْمَاءُ الْعَذْبُ الَّذِي يُنْبِتُ الْأَقْلَامَ، وَأَمَّا الْمَاءُ الْمَالِحُ، فَلَا يُنْبِتُ الْأَقْلَامَ. قُلْتُ: مَا أَسْقَطَ هَذَا الْكَلَامَ، وَأَقَلَّ جَدْوَاهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أَيْ: غَالِبٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ حِكْمَتِهِ، وَعِلْمِهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَخْلُوقَاتِهِ مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ أَيْ: إِلَّا كَخَلْقِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْثِهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: كَذَا قدّره النحويون، كخلق نفس مثل قوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «1» قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ: قُدْرَةُ اللَّهِ عَلَى بَعْثِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ وَعَلَى خَلْقِهِمْ كَقُدْرَتِهِ عَلَى خَلْقِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَبَعْثِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لِكُلِّ مَا يَسْمَعُ بَصِيرٌ بِكُلِّ مَا يُبْصِرُ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ:

وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ، قَالَ: هَذِهِ مِنْ كُنُوزِ عِلْمِي، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَمَّا الظَّاهِرَةُ:

فَمَا سَوَّى مِنْ خَلْقِكَ، وَأَمَّا الْبَاطِنَةُ: فَمَا سَتَرَ مِنْ عَوْرَتِكَ، وَلَوْ أَبْدَاهَا لَقَلَاكَ أَهْلُكَ فَمَنْ سِوَاهُمْ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، وَالدَّيْلَمِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ عَنْهُ قَالَ:«سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً فَقَالَ: أَمَّا الظَّاهِرَةُ: فَالْإِسْلَامُ وَمَا سَوَّى مِنْ خَلْقِكَ وَمَا أَسْبَغَ عَلَيْكَ مِنْ رِزْقِهِ، وأمّا الباطنة: فما ستر من مساوئ عَمَلِكَ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: النِّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ: الْإِسْلَامُ، وَالنِّعْمَةُ الْبَاطِنَةُ: كُلُّ مَا يَسْتُرُ عَلَيْكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَالْعُيُوبِ، وَالْحُدُودِ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ هِيَ:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنُ جرير، عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ «أَنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ قَالُوا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ: يَا مُحَمَّدُ! أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «2» إِيَّانَا تُرِيدُ أَمْ قَوْمَكَ؟ فَقَالَ كُلًّا، فَقَالُوا: أَلَسْتَ تَتْلُو فِيمَا جَاءَكَ أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَفِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ بِأَطْوَلَ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا عن ابن مسعود نحوه.

[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَاّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)

إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)

(1) . يوسف: 82.

(2)

. الإسراء: 85.

ص: 280

الْخِطَابُ بِقَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ لِكُلِّ أَحَدٍ يَصْلُحُ لذلك، أو للرسول صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ أَيْ: يُدْخِلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ: الْحَجِّ، وَالْأَنْعَامِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ أَيْ: ذَلَّلَهُمَا، وَجَعَلَهُمَا مُنْقَادَيْنَ بِالطُّلُوعِ، وَالْأُفُولِ تَقْدِيرًا لِلْآجَالِ، وَتَتْمِيمًا لِلْمَنَافِعِ، وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهُمَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اخْتُلِفَ فِي الْأَجَلِ الْمُسَمَّى مَاذَا هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: وَقْتُ الطُّلُوعِ: وَوَقْتُ الْأُفُولِ، وَالْأَوَّلُ: أَوْلَى، وَجُمْلَةُ:

وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ، أَيْ: خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا خَافِيَةٌ، لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ، فَقُدْرَتُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِمَا تَعْمَلُونَهُ بِالْأَوْلَى، قَرَأَ الْجُمْهُورُ:

«تَعْمَلُونَ» بِالْفَوْقِيَّةِ، وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَنَصْرُ بْنُ عَامِرٍ وَالدُّورِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى الْخَبَرِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَالْبَاءُ فِي بِأَنَّ اللَّهَ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْحَقُّ وَغَيْرُهُ الْبَاطِلُ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ قَالَ مُجَاهِدٌ: الَّذِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَقِيلَ: مَا أَشْرَكُوا بِهِ مِنْ صنم، وَهَذَا أَوْلَى وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ معطوفة على جملة «أن اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ» وَالْمَعْنَى: أَنَّ ذَلِكَ الصُّنْعَ الْبَدِيعَ الَّذِي وَصَفَهُ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى حَقِيَّةِ اللَّهِ، وَبُطْلَانِ مَا سِوَاهُ، وَعُلُوِّهِ وَكِبْرِيَائِهِ: هُوَ الْعَلِيُّ فِي مَكَانَتِهِ، ذُو الْكِبْرِيَاءِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَسُلْطَانِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ عَجِيبِ صُنْعِهِ، وَبَدِيعِ قُدْرَتِهِ نَوْعًا آخَرَ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ أَيْ: بِلُطْفِهِ بِكُمْ، وَرَحْمَتِهِ لَكُمْ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمَهِ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهَا تُخَلِّصُكُمْ مِنَ الْغَرَقِ عِنْدَ أَسْفَارِكُمْ فِي الْبَحْرِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزَ «بِنِعَمَاتِ اللَّهِ» جَمْعُ نِعْمَةٍ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: لِيُرِيَكُمْ بَعْضَ آيَاتِهِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: وَهُوَ جَرْيُ السُّفُنِ فِي الْبَحْرِ بِالرِّيحِ.

وَقَالَ ابْنُ شَجَرَةٍ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: «مِنْ آيَاتِهِ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ. وَقَالَ النَّقَاشُ: مَا يَرْزُقُهُمُ اللَّهُ فِي الْبَحْرِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا، أَيْ: إِنَّ فِيمَا ذُكِرَ لَآيَاتٍ عَظِيمَةٍ لِكُلٍّ مَنْ لَهُ صَبْرٌ بَلِيغٌ، وَشُكْرٌ كَثِيرٌ يَصْبِرُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَيَشْكُرُ نِعَمَهُ وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ شَبَّهَ الْمَوْجَ لِكِبَرِهِ: بِمَا يُظِلُّ الْإِنْسَانَ مِنْ جَبَلٍ، أَوْ سَحَابٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا شَبَّهَ الْمَوْجَ وَهُوَ وَاحِدٌ بِالظُّلَلِ.

وهي جمع، لأن الموج يَأْتِي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَيَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَوْجَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَأَصْلُ الْمَوْجِ: الْحَرَكَةُ، وَالِازْدِحَامُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: مَاجَ الْبَحْرُ، وَمَاجَ النَّاسُ. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ «مَوْجٌ كَالظِّلَالِ» جَمْعُ ظِلٍّ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أَيْ: دَعَوُا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُعَوِّلُونَ عَلَى غَيْرِهِ فِي خَلَاصِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَلَا يَنْفَعُ سِوَاهُ، وَلَكِنَّهُ تَغْلِبُ عَلَى طَبَائِعِهِمُ الْعَادَاتُ، وَتَقْلِيدُ الْأَمْوَاتِ، فَإِذَا وَقَعُوا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ اعْتَرَفُوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لَهُ طَلَبًا لِلْخَلَاصِ، وَالسَّلَامَةِ مِمَّا وَقَعُوا فِيهِ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ صَارُوا عَلَى قِسْمَيْنِ: فَقِسْمٌ مُقْتَصِدٌ أَيْ: موف بما عاهد اللَّهَ فِي الْبَحْرِ مِنْ إِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ بَاقٍ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ هَوْلِ الْبَحْرِ، وَأَخْرَجَهُ إِلَى الْبَرِّ سَالِمًا. قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى مُقْتَصِدٌ مُؤْمِنٌ مُتَمَسِّكٌ بِالتَّوْحِيدِ، وَالطَّاعَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مُقْتَصِدٌ فِي الْقَوْلِ مُضْمِرٌ للكفر،

ص: 281

وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ الْخَتْرُ: أَسْوَأُ الْغَدْرِ وَأَقْبَحُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:

بِالْأَبْلَقِ الْفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزِلُهُ

حِصْنٌ حَصِينٌ وَجَارٌ غَيْرُ خَتَّارِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْخَتْرُ: الْغَدْرُ، يُقَالُ خَتَرَهُ فَهُوَ خَتَّارٌ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِنَّهُ الْجَاحِدُ، وَجَحْدُ الْآيَاتِ: إِنْكَارُهَا، وَالْكَفُورُ: عَظِيمُ الْكُفْرِ بِنِعَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ أَيْ: لَا يُغْنِي الْوَالِدُ عَنْ وَلَدِهِ شَيْئًا، وَلَا يَنْفَعُهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ لِاشْتِغَالِهِ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَاهُ فِي الْبَقَرَةِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً ذَكَرَ سُبْحَانَهُ فَرْدَيْنِ مِنَ الْقَرَابَاتِ، وَهُوَ الْوَالِدُ، وَالْوَلَدُ، وَهُمَا الْغَايَةُ فِي الْحُنُوِّ وَالشَّفَقَةِ عَلَى بَعْضِهِمُ الْبَعْضُ، فَمَا عَدَاهُمَا مِنَ الْقَرَابَاتِ لَا يَجْزِي بِالْأَوْلَى، فَكَيْفَ بِالْأَجَانِبِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ لَا يَرْجُو سِوَاكَ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى غَيْرِكَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ لَا يَتَخَلَّفُ فَمَا وَعَدَ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَأَوْعَدَ بِهِ مِنَ الشَّرِّ، فَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَزَخَارِفُهَا، فَإِنَّهَا زَائِلَةٌ ذَاهِبَةٌ وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ «الْغَرُورِ» بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْغَرُورِ: هُوَ الشَّيْطَانُ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغُرَّ الْخَلْقَ، وَيُمَنِّيَهُمْ بِالْأَمَانِي الْبَاطِلَةِ، وَيُلْهِيَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ، وَيَصُدَّهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ. وَقَرَأَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وأبو حيوة وابن السميقع بِضَمِّ الْغَيْنِ مَصْدَرُ غَرَّ يَغُرُّ غُرُورًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَاقِعًا وَصْفًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أَيْ: عِلْمُ وَقْتِهَا الَّذِي تَقُومُ فِيهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ النَّفْيُ، أَيْ: مَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عز وجل. قَالَ النَّحَّاسُ: وَإِنَّمَا صَارَ فِيهِ مَعْنَى النَّفْيِ لِمَا ورد عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ «1» إِنَّهَا هَذِهِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا مُعَيَّنَةً لِإِنْزَالِهِ وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ مِنَ النُّفُوسِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالْجِنِّ، وَالْإِنْسِ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً مِنْ كَسْبِ دِينٍ أَوْ كَسْبِ دُنْيَا وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ أَيْ: بِأَيِّ مَكَانٍ يَقْضِي اللَّهُ عَلَيْهَا بِالْمَوْتِ.

قَرَأَ الْجُمْهُورُ «وَيَنَزِّلُ الْغَيْثَ» مُشَدَّدًا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ مُخَفَّفًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «بِأَيِّ أَرْضٍ» وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُوسَى الْأَهْوَازِيُّ «بِأَيَّةِ» وَجَوَّزَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. قَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَرَرْتُ بِجَارِيَةٍ أَيُّ جَارِيَةٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ خَالَفَهُ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (خَتَّارٍ) قَالَ: جَحَّادٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ قَالَ: هُوَ الشَّيْطَانُ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أهل البادية إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

إِنَّ امْرَأَتَيْ حُبْلَى فَأَخْبِرْنِي مَا تَلِدُ؟ وَبِلَادُنَا مُجْدِبَةٌ فَأَخْبِرْنِي مَتَى يَنْزِلُ الْغَيْثُ؟ وَقَدْ علمت متى ولدت فأخبرني

(1) . الأنعام: 59.

ص: 282

مَتَى أَمُوتُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الْآيَةَ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ وَزَادَ:

وَقَدْ عَلِمْتُ مَا كَسَبْتُ الْيَوْمَ فَمَاذَا أَكْسِبُ غَدًا؟ وَزَادَ أَيْضًا أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ قِيَامِ السَّاعَةِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ: لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا مَا فِي الْأَرْحَامِ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا مَتَى يَنْزِلُ الْغَيْثُ إِلَّا اللَّهُ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَّا اللَّهُ» ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سُؤَالِهِ عَنِ السَّاعَةِ وَجَوَابِهِ بِأَشْرَاطِهَا، ثُمَّ قال:«خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ» ثُمَّ تَلَا هذه الآية. وفي الباب أحاديث.

ص: 283