المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌سورة النّور

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 21]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 46]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 47 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 67]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 77]

- ‌سورة الشّعراء

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 227]

- ‌سورة النّمل

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 82]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 83 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 24]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 33 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 57]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 58 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 الى 46]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 56 الى 69]

- ‌سورة الرّوم

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 11 الى 27]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 28 الى 37]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 46]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 47 الى 60]

- ‌سورة لقمان

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 12 الى 19]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

- ‌سورة السّجدة

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30]

- ‌سُورَةِ الْأَحْزَابِ

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 7 الى 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 18 الى 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 59 الى 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 69 الى 73]

- ‌سُورَةِ سَبَأٍ

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 21]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 27]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 28 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 43 الى 50]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 51 الى 54]

- ‌سُورَةِ فَاطِرٍ

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 9 الى 14]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سُورَةِ يس

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 13 الى 27]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌سُورَةِ الصَّافَّاتِ

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 19]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 20 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 182]

- ‌سورة ص

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 الى 25]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 26 الى 33]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة الزّمر

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 13 الى 20]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 43 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 49 الى 61]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 73 الى 75]

- ‌سورة غافر

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 20]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 30 الى 40]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 52]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 85]

- ‌سورة فصّلت

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 15 الى 24]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 37 الى 44]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 45 الى 54]

- ‌سورة الشّورى

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 28]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 29 الى 43]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 44 الى 53]

- ‌سورة الزّخرف

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 الى 35]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 36 الى 45]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 الى 56]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 73]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 89]

- ‌سورة الدّخان

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 37]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 38 الى 59]

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان (25)

- ‌سورة الشعراء (26)

- ‌سورة النمل (27)

- ‌سورة القصص (28)

- ‌سورة العنكبوت (29)

- ‌سورة الروم (30)

- ‌سورة لقمان (31)

- ‌سورة السجدة (32)

- ‌سورة الأحزاب (33)

- ‌سورة سبأ (34)

- ‌سورة فاطر (35)

- ‌سورة يس (36)

- ‌سورة الصافات (37)

- ‌سورة ص (38)

- ‌سورة الزمر (39)

- ‌سورة غافر (40)

- ‌سورة فصلت (41)

- ‌سورة الشورى (42)

- ‌سورة الزخرف (43)

- ‌سورة الدخان (44)

الفصل: ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَمَانِ لَيَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طعام إلّا ورق الشجر، وخرج حافيا، فلما وَصَلَ إِلَيْهَا حَتَّى وَقَعَ خُفُّ قَدَمِهِ «1» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: تَذُودانِ تَحْبِسَانِ غَنَمَهُمَا حَتَّى يَنْزِعَ النَّاسُ وَيَخْلُوَ لَهُمَا الْبِئْرُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لَقَدْ قَالَ مُوسَى: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلَتْ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وَهُوَ أَكْرَمُ خَلْقِهِ عَلَيْهِ، وَلَقَدِ افْتَقَرَ إِلَى شِقِّ تَمْرَةٍ، وَلَقَدْ لَصِقَ بَطْنُهُ بِظَهْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: مَا سَأَلَ إِلَّا الطَّعَامَ. وَأَخْرَجَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: سَأَلَ فِلَقًا مِنَ الْخُبْزِ يَشُدُّ بِهَا صُلْبَهُ مِنَ الجوع.

[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قالَتْ إِحْداهُما يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَارًا قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)

فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (32)

قَوْلُهُ: فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ. قَالَ الزَّجَّاجُ:

تَقْدِيرُهُ فَذَهَبَتَا إِلَى أَبِيهِمَا سَرِيعَتَيْنِ، وَكَانَتْ عَادَتُهُمَا الْإِبْطَاءَ فِي السَّقْيِ، فَحَدَّثَتَاهُ بِمَا كَانَ مِنَ الرَّجُلُ الَّذِي سَقَى لَهُمَا. فَأَمَرَ الْكُبْرَى مِنْ بِنْتَيْهِ، وَقِيلَ: الصُّغْرَى أَنْ تَدْعُوَهُ لَهُ فَجَاءَتْهُ وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّهُمَا ابْنَتَا شُعَيْبٍ.

وَقِيلَ: هُمَا ابْنَتَا أَخِي شُعَيْبٍ، وَأَنَّ شُعَيْبًا كَانَ قَدْ مَاتَ. وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ. وَمَحَلُّ «تَمْشِي» النصب على الحال من فاعل جاءت، وعَلَى اسْتِحْياءٍ حَالٌ أُخْرَى، أَيْ: كَائِنَةٌ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ حَالَتَيِ الْمَشْيِ وَالْمَجِيءِ فَقَطْ، وَجُمْلَةُ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَاذَا قَالَتْ لَهُ لَمَّا جَاءَتْهُ؟ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا أَيْ: جَزَاءَ سَقْيِكَ لَنَا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ الْقَصَصُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ الْمَفْعُولُ: أَيِ الْمَقْصُوصُ يَعْنِي أَخْبَرَهُ بِجَمِيعِ مَا اتَّفَقَ لَهُ مِنْ عِنْدِ قتله القبطيّ إلى عند

(1) . قال في القاموس: الخف بالضم: ما أصاب الأرض من باطن القدم.

ص: 194

وُصُولِهِ إِلَى مَاءِ مَدْيَنَ قالَ شُعَيْبٌ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أَيْ: فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابِهِ، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ لَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَى مدين، وللرازي في هذا الموضع إِشْكَالَاتٍ بَارِدَةٍ جِدًّا لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُذْكَرَ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ عز وجل، وَالْجَوَابُ عَلَيْهَا يَظْهَرُ لِلْمُقَصِّرِ فَضْلًا عَنِ الْكَامِلِ، وَأَشَفُّ مَا جَاءَ بِهِ أَنْ مُوسَى كَيْفَ أَجَابَ الدَّعْوَةَ الْمُعَلَّلَةَ بِالْجَزَاءِ لِمَا فَعَلَهُ مِنَ السَّقْيِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ اتَّبَعَ سُنَّةَ اللَّهِ فِي إِجَابَةِ دَعْوَةِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْإِجَابَةُ لِأَجْلِ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ، وَلِهَذَا وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ إِلَيْهِ الطَّعَامَ قَالَ:

إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ دِينَنَا بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ الْقَائِلَةُ هِيَ الَّتِي جَاءَتْهُ، أَيِ: اسْتَأْجِرْهُ لِيَرْعَى لَنَا الْغَنَمَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ مَشْرُوعَةً. وَقَدِ اتَّفَقَ عَلَى جَوَازِهَا وَمَشْرُوعِيَّتِهَا جَمِيعُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ إِلَّا الْأَصَمَّ فَإِنَّهُ عَنْ سَمَاعِ أَدِلَّتِهَا أَصَمٌّ، وَجُمْلَةُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ تَعْلِيلٌ لِمَا وَقَعَ مِنْهَا مِنَ الْإِرْشَادِ لِأَبِيهَا إِلَى اسْتِئْجَارِ مُوسَى، أَيْ: إِنَّهُ حَقِيقٌ بِاسْتِئْجَارِكَ لَهُ لِكَوْنِهِ جَامِعًا بَيْنَ خَصْلَتَيِ: الْقُوَّةِ، وَالْأَمَانَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَرْوِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ أَنَّ أَبَاهَا سَأَلَهَا عَنْ وَصْفِهَا لَهُ بِالْقُوَّةِ وَالْأَمَانَةِ، فَأَجَابَتْهُ بِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ عَرْضِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ لَهَا عَلَى الرَّجُلِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، كَمَا ثَبَتَ مِنْ عَرْضِ عُمَرَ لِابْنَتِهِ حَفْصَةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ، وَالْقِصَّةُ مَعْرُوفَةٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا وَقَعَ فِي أَيَّامِ الصَّحَابَةِ أَيَّامِ النُّبُوَّةِ، وَكَذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنْ عَرْضِ الْمَرْأَةِ لِنَفْسِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ أَيْ: عَلَى أَنْ تَكُونَ أَجِيرًا لِي ثَمَانِيَ سِنِينَ. قَالَ الْفَرَّاءُ:

يَقُولُ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ ثَوَابِي أَنْ تَرْعَى غَنَمِي ثَمَانِيَ سِنِينَ، وَمَحَلُّ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ مُضَارِعُ أجرته، ومفعوله الثاني: محذوف، أي: نفسك وثَمانِيَ حِجَجٍ ظَرْفٌ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ:

أَجَرْتُ دَارِي وَمَمْلُوكِي غَيْرَ مَمْدُودٍ وَمَمْدُودًا وَالْأَوَّلُ أَكْثَرٌ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ أَيْ: إِنْ أَتْمَمْتَ مَا اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّعْيِ عَشْرَ سِنِينَ فَمِنْ عِنْدِكَ، أَيْ: تَفَضُّلًا مِنْكَ لَا إِلْزَامًا مِنِّي لَكَ، جَعَلَ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الْأَعْوَامِ إِلَى تَمَامِ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ، مَوْكُولًا إِلَى الْمُرُوءَةِ، وَمَحَلُّ فَمِنْ عِنْدِكَ الرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، أَيْ: فَهِيَ مِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ بِإِلْزَامِكَ إِتْمَامَ الْعَشْرَةِ الْأَعْوَامِ، وَاشْتِقَاقُ الْمَشَقَّةُ مِنَ الشَّقِّ، أَيْ: شَقَّ ظَنَّهُ نِصْفَيْنِ، فَتَارَةً يَقُولُ: أَطِيقُ، وَتَارَةً يَقُولُ: لَا أَطِيقُ. ثُمَّ رَغَّبَهُ فِي قَبُولِ الْإِجَارَةِ فَقَالَ:

سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ فِي حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْوَفَاءِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الصَّلَاحَ عَلَى الْعُمُومِ، فَيَدْخُلُ صَلَاحُ الْمُعَامَلَةِ فِي تِلْكَ الْإِجَارَةِ تَحْتَ الْآيَةِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَقَيَّدَ ذَلِكَ بِالْمَشِيئَةِ تَفْوِيضًا لِلْأَمْرِ إِلَى تَوْفِيقِ اللَّهِ وَمَعُونَتِهِ.

ثُمَّ لما فرغ شعيب من كلامه قرره موسى ف قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ، وجملة أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ شرطية وجوابها فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَالْمُرَادُ بِالْأَجَلَيْنِ: الثَّمَانِيَةُ الْأَعْوَامِ، وَالْعَشَرَةُ الْأَعْوَامِ، وَمَعْنَى قَضَيْتُ: وَفَّيْتُ بِهِ، وَأَتْمَمْتُهُ، وَالْأَجَلَيْنِ مَخْفُوضٌ بِإِضَافَةٍ أَيَّ إِلَيْهِ، وَمَا زَائِدَةٌ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ:«مَا» فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِإِضَافَةِ أَيَّ إِلَيْهَا، وَ «الْأَجَلَيْنِ» بَدْلٌ مِنْهَا، وَقَرَأَ الْحَسَنُ (أَيْمَا) بِسُكُونِ الْيَاءِ، وَقَرَأَ ابْنُ مسعود (أيّ الأجلين ما قَضَيْتُ) وَمَعْنَى فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ فَلَا ظُلْمَ عَلَيَّ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا قَضَيْتُهُ مِنَ الْأَجَلَيْنِ، أَيْ: كَمَا لَا أُطَالِبُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الْأَعْوَامِ لَا أُطَالِبُ

ص: 195

بالنقصان على العشرة. وقيل المعنى: كَمَا لَا أُطَالِبُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ، لَا أُطَالِبُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الْأَعْوَامِ، وَهَذَا أَظْهَرُ. وَأَصْلُ الْعُدْوَانِ: تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي غَيْرِ مَا يَجِبُ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَقَدْ عَلِمَ مُوسَى أَنَّهُ لَا عُدْوَانَ عَلَيْهِ إِذَا أَتَمَّهُمَا، وَلَكِنَّهُ جَمَعَهُمَا لِيَجْعَلَ الْأَوَّلَ كَالْأَتَمِّ فِي الْوَفَاءِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ (عُدْوَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ بِكَسْرِهَا وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ أَيْ: عَلَى مَا نَقُولُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الْجَارِيَةِ بَيْنَنَا شَاهِدٌ وَحَفِيظٌ، فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدِنَا إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ مُوسَى، وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِ شُعَيْبٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِوُقُوعِهِ فِي جُمْلَةِ كَلَامِ مُوسَى فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ هُوَ أَكْمَلُهُمَا وَأَوْفَاهُمَا، وَهُوَ الْعَشْرَةُ الْأَعْوَامِ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَحْثِ، وَالْفَاءُ فَصِيحَةٌ وَسارَ بِأَهْلِهِ إِلَى مِصْرَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يَذْهَبُ بِأَهْلِهِ حَيْثُ شَاءَ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَارًا أَيْ: أَبْصَرَ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي تَلِي الطُّورَ نَارًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ طه مُسْتَوْفًى قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ وَهَذَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا فِي سُورَةِ طه وَفِي سُورَةِ النَّمْلِ أَوْ جَذْوَةٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَالسُّلَمِيُّ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ بِفَتْحِهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الجذوة والجذوة والجذوة: الجمرة، والجمع جذا وجذا وجذا. قَالَ مُجَاهِدٌ فِي الْآيَةِ: أَنَّ الْجَذْوَةَ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَمْرِ فِي لُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ الْقِطْعَةُ الْغَلِيظَةُ مِنَ الْخَشَبِ كان في طرفها نار أو لم يكن، ومما يُؤَيِّدُ أَنَّ الْجَذْوَةَ: الْجَمْرَةُ قَوْلُ السُّلَمِيِّ:

وَبُدِّلَتْ بَعْدَ الْمِسْكِ وَالْبَانِ شِقْوَةٌ

دُخَانُ الْجَذَا فِي رَأْسِ أَشْمَطَ شَاحِبِ

لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أَيْ: تَسْتَدْفِئُونَ بِالنَّارِ فَلَمَّا أَتاها أَيْ: أَتَى النَّارَ الَّتِي أَبْصَرَهَا، وَقِيلَ: أَتَى الشَّجَرَةَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الذِّكْرِ لِلشَّجَرَةِ نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالْأَيْمَنُ: صِفَةٌ لِلشَّاطِئِ، وَهُوَ مِنَ الْيُمْنِ: وَهُوَ الْبَرَكَةُ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ الْمُقَابِلِ لِلْيَسَارِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُوسَى، أَيِ: الَّذِي يَلِي يَمِينَهُ دُونَ يَسَارِهِ، وَشَاطِئُ الْوَادِي: طَرَفُهُ، وَكَذَا شَطُّهُ. قَالَ الرَّاغِبُ: وَجَمْعُ الشَّاطِئِ أَشْطَاءٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنُودِيَ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الشاطئ، ومِنَ الشَّجَرَةِ بَدَلُ اشْتِمَالِ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ، لِأَنَّ الشَّجَرَةَ كَانَتْ نَابِتَةً عَلَى الشَّاطِئِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُ شَاطِئَ الْأَوْدِيَةِ وَلَا يُجْمَعُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ فِي الْبُقْعَةِ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَقَرَأَ أَبُو سَلَمَةَ وَالْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ بِفَتْحِهَا، وَهِيَ لُغَةٌ حَكَاهَا أَبُو زيد أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ أَنْ: هِيَ الْمُفَسِّرَةُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَجُمْلَةُ النِّدَاءِ مُفَسِّرَةٌ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ هَمْزَةِ «إِنِّي» عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ أَوْ عَلَى تَضْمِينِ النِّدَاءِ مَعْنَاهُ. وَقُرِئَ بِالْفَتْحِ وَهِيَ قِرَاءَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ معطوف على أَنْ يا مُوسى وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي طه وَالنَّمْلِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَأَلْقَاهَا فَصَارَتْ ثُعْبَانًا فَاهْتَزَّتْ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ فِي سُرْعَةِ حَرَكَتِهَا مَعَ عِظْمِ جِسْمِهَا وَلَّى مُدْبِراً أَيْ: مُنْهَزِمًا، وَانْتِصَابُ مُدْبِرًا عَلَى الْحَالِ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَقِّبْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ أيضا على الحال، أي:

لم يرجع يَا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ هُنَا مُسْتَوْفًى فَلَا نُعِيدُهُ،

ص: 196

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ جَنَاحُ الْإِنْسَانِ:

عَضُدُهُ، وَيُقَالُ لِلْيَدِ كُلِّهَا: جَنَاحٌ، أَيِ: اضْمُمْ إِلَيْكَ يَدَيْكَ الْمَبْسُوطَتَيْنِ لِتَتَّقِيَ بِهِمَا الْحَيَّةَ كَالْخَائِفِ الْفَزِعِ، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِثَلَاثِ عِبَارَاتٍ: الْأُولَى: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جيبك، والثانية: واضمم إليك جناحك، والثالثة: وأدخل يَدَكَ فِي جَيْبِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالضَّمِّ: التَّجَلُّدُ وَالثَّبَاتُ عِنْدَ انْقِلَابِ الْعَصَا ثُعْبَانًا، وَمَعْنَى مِنَ الرَّهْبِ مِنْ أَجْلِ الرَّهْبِ، وَهُوَ الْخَوْفُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ (الرَّهَبِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَاءِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، وقرأ حَفْصٌ وَالسُّلَمِيُّ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكُوفِيُّونَ إِلَّا حَفْصًا بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَرَادَ بِالْجَنَاحِ: عَصَاهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: الرَّهَبُ: الْكُمُّ بِلُغَةِ حِمْيَرَ وبني حنيفة. وقال الْأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ لِآخَرَ: أَعْطِنِي مَا فِي رَهَبِكَ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّهَبِ، فَقَالَ الْكُمُّ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَاهُ: اضْمُمْ إِلَيْكَ يَدَكَ وَأَخْرِجْهَا مِنَ الْكُمِّ فَذانِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَصَا واليد بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أَيْ: حُجَّتَانِ نَيِّرَتَانِ، وَدَلِيلَانِ وَاضِحَانِ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ «فَذَانِكَ» بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِتَشْدِيدِهَا، قِيلَ: وَالتَّشْدِيدُ لُغَةُ قُرَيْشٍ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَشِبْلٌ وَأَبُو نوفل بياء تَحْتِيَّةٍ بَعْدَ نُونٍ مَكْسُورَةٍ، وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنْ إِحْدَى النُّونَيْنِ، وَهِيَ لُغَةُ هُذَيْلٍ، وَقِيلَ: لُغَةُ تَمِيمٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْ رَبِّكَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: كائنان منه، وكذلك قوله إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: مُرْسَلَانِ، أَوْ وَاصِلَانِ إِلَيْهِمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ مُتَجَاوِزِينَ الْحَدَّ فِي الظُّلْمِ خَارِجِينَ عَنِ الطَّاعَةِ أَبْلَغَ خُرُوجٍ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا.

وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ: تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قَالَ: جَاءَتْ مُسْتَتِرَةً بِكُمِّ دِرْعِهَا عَلَى وَجْهِهَا. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي الْهُذَيْلِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ مُوسَى عَلَى شُعَيْبٍ إِذَا هُوَ بِالْعَشَاءِ، فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ: كُلْ، قَالَ مُوسَى: أَعُوذُ بِاللَّهِ، قَالَ: وَلِمَ؟ أَلَسْتَ بِجَائِعٍ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِوَضًا عَمَّا سَقَيْتُ لَهُمَا، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ شَيْئًا مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا، قَالَ: لَا وَاللَّهِ وَلَكِنَّهَا عَادَتِي، وَعَادَةُ آبَائِي، نَقْرِي الضَّيْفَ وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ، فَجَلَسَ مُوسَى فَأَكَلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ شُعَيْبًا هُوَ الَّذِي قَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ. وأخرج سعيد بن منصور وابن شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال: كان صاحب موسى يثرون بن أَخِي شُعَيْبٍ النَّبِيِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الذي استأجر موسى يثرى صَاحِبُ مَدْيَنَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عنه قال: كان اسم ختن «1» موسى يثرون. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّهُ شُعَيْبٌ، وَلَيْسَ بِشُعَيْبٍ، وَلَكِنَّهُ سَيِّدُ الْمَاءِ يَوْمَئِذٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ السُّلَمِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ سُورَةَ طسم حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى قَالَ: «إِنَّ مُوسَى أَجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وطعام بطنه، فلمّا وفّى

(1) . الختن: زوج البنت أو الأخت وكل ما يكون من قبل المرأة كالأب والأخ.

ص: 197

الْأَجَلَ- قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ: أَبَرَّهُمَا وَأَوْفَاهُمَا- فَلَمَّا أَرَادَ فِرَاقَ شُعَيْبٍ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَسْأَلَ أَبَاهَا أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ غَنَمِهِ مَا يَعِيشُونَ بِهِ، فَأَعْطَاهَا مَا وَلَدَتْ غَنَمُهُ» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

وَفِي إِسْنَادِهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَسَنِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْبَلَاطِيُّ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَإِسْنَادُهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ هَكَذَا: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عن الحارث ابن يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ، قال: سمعت عتبة بن النّدّر السُّلَمِيَّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ. وَابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ، وَيُنْظَرُ فِي بَقِيَّةِ رِجَالِ السَّنَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَنَسٍ طَرَفًا مِنْهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.

وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ فَقَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ إِذَا قَالَ فَعَلَ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عنه نحوه، قوله: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ إِذَا قَالَ فَعَلَ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مُوسَى لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ سَيَقْضِي أَكْثَرَ الْأَجَلَيْنِ بَلْ قَالَ: أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مُوسَى قَضَى أَتَمَّ الْأَجَلَيْنِ مِنْ طُرُقٍ. وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ أَبِي ذرّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سُئِلْتَ أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ فَقُلْ خَيْرَهُمَا وَأَبَرَّهُمَا، وَإِنْ سُئِلَتْ: أَيَّ الْمَرْأَتَيْنِ تَزَوَّجَ؟ فَقُلِ الصُّغْرَى مِنْهُمَا، وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ إِنْ سَأَلَكَ الْيَهُودُ أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ فَقُلْ: أَوْفَاهُمَا، وَإِنْ سَأَلُوكَ أَيَّهُمَا تَزَوَّجَ؟ فَقُلِ: الصُّغْرَى مِنْهُمَا» . وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ: أَبَرَّهُمَا وَأَوْفَاهُمَا، قَالَ: وَإِنْ سُئِلْتَ أَيَّ الْمَرْأَتَيْنِ تَزَوَّجَ؟ فَقُلِ:

الصُّغْرَى مِنْهُمَا» قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ يُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُوَيْدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا رِوَايَاتُ أَنَّهُ قَضَى أَتَمَّ الْأَجَلَيْنِ فَلَهَا طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حاتم عن طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ سَارَ بِأَهْلِهِ، فَضَلَّ الطَّرِيقَ، وَكَانَ فِي الشِّتَاءِ فَرُفِعَتْ لَهُ نَارٌ، فَلَمَّا رَآهَا ظَنَّ أَنَّهَا نَارٌ، وَكَانَتْ مِنْ نُورِ اللَّهِ قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ فَإِنْ لَمْ أَجِدْ خَبَرًا آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ مِنَ الْبَرْدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ لَعَلِّي أَجِدُ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى الطَّرِيقِ، وَكَانُوا قَدْ ضَلُّوا الطَّرِيقَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: أَوْ جَذْوَةٍ قَالَ: شِهَابٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ قَالَ: كَانَ النِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ رضي الله عنه. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ذُكِرَتْ لِيَ الشَّجَرَةُ الَّتِي أَوَى إِلَيْهَا مُوسَى، فَسِرْتُ إِلَيْهَا يَوْمِي وَلَيْلَتِي حَتَّى صَبَّحْتُهَا، فَإِذَا هِيَ سَمُرَةٌ خَضْرَاءُ تَرِفُّ، فَصَلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمْتُ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِعِيرِي وَهُوَ جَائِعٌ، فَأَخَذَ مِنْهَا مَلْآنَ فِيهِ فَلَاكَهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُسِيغَهُ فَلَفَظَهُ، فَصَلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ وَسَلَّمْتُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ قال: يدك.

ص: 198