الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَلْقَوْنَ مَلَكَ الْمَوْتِ لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ يَقْبِضُ رُوحَهُ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْخَطِيبُ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نزلت يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَقَدْ كَانَ أَمَرَ عَلِيًّا وَمُعَاذًا أَنْ يَسِيرَا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: انْطَلِقَا فَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، فَإِنَّهَا قَدْ أُنْزِلَتْ عليّ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً قَالَ: شَاهِدًا عَلَى أُمَّتِكَ، وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ، وَنَذِيرًا مِنَ النَّارِ، وَدَاعِيًا إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً بالقرآن. وأخرج أحمد، والبخاري، وغيرهما من عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، فَقُلْتُ: أَخْبَرَنِي عَنْ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا تَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ تَعْفُو وَتَصْفَحُ» زَادَ أَحْمَدُ «وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا» . وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي الْبُيُوعِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَهَذَا أَوْلَى، فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هُوَ الَّذِي كَانَ يسأل عن التوراة فيخبر بما فيها.
[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (49) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (50) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (51) لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَاّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (52)
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ قِصَّةَ زَيْدٍ، وَطَلَاقَهُ لِزَيْنَبَ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَخَطَبَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ، خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ مُبَيِّنًا لَهُمْ حُكْمَ الزَّوْجَةِ إِذَا طَلَّقَهَا زوجها قبل الدخول فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ أَيْ: عَقَدْتُمْ بِهِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَرِدْ لَفْظُ النِّكَاحِ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا فِي مَعْنَى الْعَقْدِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي لَفْظِ النِّكَاحِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ، أَوْ فِي الْعَقْدِ، أَوْ فِيهِمَا عَلَى طَرِيقَةِ الِاشْتِرَاكِ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الْكَشَّافِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ، فَإِنَّهُ قَالَ النِّكَاحُ الْوَطْءُ، وَتَسْمِيَةُ العقد نكاحا
لِمُلَابَسَتِهِ لَهُ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَيْهِ، ونظيره تسميته الْخَمْرِ إِثْمًا لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي اقْتِرَافِ الْإِثْمِ. ومعنى: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُجَامِعُوهُنَّ، فَكَنَّى عَنْ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْمَسِّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا حَكَى ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ، وَمَعْنَى تَعْتَدُّونَهَا: تَسْتَوْفُونَ عَدَدَهَا، مِنْ عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ فَأَنَا أَعْتَدُّهَا. وَإِسْنَادُ ذَلِكَ إِلَى الرِّجَالِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ لَهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ «تَعْتَدُّونَهَا» بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَأَهْلُ مَكَّةَ بِتَخْفِيفِهَا. وَفِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْأُولَى، مأخوذة مِنَ الِاعْتِدَادِ: أَيْ تَسْتَوْفُونَ عَدَدَهَا، وَلَكِنَّهُمْ تَرَكُوا التَّضْعِيفَ لِقَصْدِ التَّخْفِيفِ. قَالَ الرَّازِيُّ: وَلَوْ كَانَ من الاعتداء الذي هو الظلم لضعف، الِاعْتِدَاءَ يَتَعَدَّى بِعَلَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الِاعْتِدَاءِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، أَيْ: تَعْتَدُّونَ عَلَيْهَا، أَيْ: عَلَى الْعِدَّةِ مَجَازًا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
تَحِنُّ فَتُبْدِي مَا بِهَا مِنْ صَبَابَةٍ
…
وَأُخْفِي الَّذِي لَوْلَا الْأَسَى لَقَضَانِي
أَيْ: لَقَضَى عَلَيَّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: تَعْتَدُونَ فِيهَا، والمراد بالاعتداء هذا. هو ما في قوله: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا «1» فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْآخِرَةِ: فَمَا لَكَمَ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَ عَلَيْهِنَّ فِيهَا بِالْمُضَارَّةِ. وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ صِحَّةَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَقَالَ: إِنَّ الْبَزِّيِّ غَلِطَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «2» وَبِقَوْلِهِ: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ «3» وَالْمُتْعَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا فِي الْبَقَرَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هَذِهِ الْمُتْعَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ «4» وَقِيلَ: الْمُتْعَةُ هُنَا هِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ نِصْفَ الصَّدَاقِ، أَوِ الْمُتْعَةُ خَاصَّةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سُمِّيَ لَهَا، فَمَعَ التَّسْمِيَةِ لِلصَّدَاقِ تَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْمُسَمَّى عَمَلًا بِقَوْلِهِ: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ لَهُنَّ، وَمَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ تَسْتَحِقُّ الْمُتْعَةَ عَمَلًا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ «5» وَهَذَا الْجَمْعُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّرْجِيحِ وَعَلَى دَعْوَى النَّسْخِ، وَتُخَصَّصُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنَّهُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ الْمَوْتُ كَالدُّخُولِ فَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: بِالْإِجْمَاعِ، فَيَكُونُ الْمُخَصَّصُ: هُوَ الْإِجْمَاعُ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَهُمُ الْجُمْهُورُ، وَذَهَبَ مَالِكٌ: وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى صِحَّةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ إِذَا قَالَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ، فَتُطَلَّقُ إِذَا تَزَوَّجَهَا. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ لِمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ قَالَ:
إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ فَعَقَّبَ الطَّلَاقَ بِالنِّكَاحِ بِلَفْظِ ثُمَّ الْمُشْعِرَةِ بِالتَّرْتِيبِ وَالْمُهْلَةِ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا أَيْ: أَخْرِجُوهُنَّ مِنْ مَنَازِلِكُمْ: إِذْ لَيْسَ لَكُمْ عليهنّ عدّة، والسراح الجميل:
الذي لا ضرار فيه، وقيل: السراح، وقيل: السراح الجميل: أن لا يطالبها بما كان قد أعطاها، وقيل:
(1) . البقرة: 231.
(2)
. البقرة: 228.
(3)
. الطلاق: 4.
(4)
. البقرة: 237.
(5)
. البقرة: 236.
السراح الْجَمِيلُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ، وَرُتِّبَ عَلَيْهِ التَّمْتِيعُ، وَعُطِفَ عَلَيْهِ السَّرَاحُ الْجَمِيلُ، فَلَا بُدَّ أن يراد به معنى غير الطلاق يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ
ذَكَرَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْوَاعَ الْأَنْكِحَةِ الَّتِي أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ، وَبَدَأَ بِأَزْوَاجِهِ اللَّاتِي قَدْ أَعْطَاهُنَّ أُجُورَهُنَّ: أَيْ مُهُورَهُنَّ، فَإِنَّ الْمُهُورَ: أُجُورُ الْأَبْضَاعِ، وَإِيتَاؤُهَا: إِمَّا تَسْلِيمُهَا مُعَجَّلَةً، أَوْ تَسْمِيَتُهَا فِي الْعَقْدِ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَالضَّحَّاكُ: إِنَّ اللَّهَ أَحَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ كُلَّ امْرَأَةٍ يُؤْتِيهَا مَهْرَهَا، فَتَكُونُ الْآيَةُ مُبِيحَةً لِجَمِيعِ النِّسَاءِ مَا عَدَا ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْمُرَادُ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ: الْكَائِنَاتِ عِنْدَكَ، لِأَنَّهُنَّ قَدِ اخْتَرْنَكَ عَلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وهذا هو الظاهر، لأنه قَوْلَهُ أَحْلَلْنَا، وَآتَيْتَ: مَاضِيَانِ، وَتَقْيِيدُ الْإِحْلَالِ بِإِيتَاءِ الْأُجُورِ لَيْسَ لِتَوَقُّفِ الْحَلِّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَا تَسْمِيَةٍ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ الْوَطْءِ، وَالْمُتْعَةِ مَعَ عَدَمِهِ، فَكَأَنَّهُ لِقَصْدِ الْإِرْشَادِ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَيْ: السِّرَارِيِّ اللَّاتِي دَخَلْنَ فِي مِلْكِهِ بِالْغَنِيمَةِ، وَمَعْنَى مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِمَّا رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكُفَّارِ بِالْغَنِيمَةِ لِنِسَائِهِمُ الْمَأْخُوذَاتِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْقَيْدِ إِخْرَاجَ مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهَا تُحِلُّ لَهُ السُّرِّيَّةَ الْمُشْتَرَاةَ وَالْمَوْهُوبَةَ وَنَحْوَهُمَا، وَلَكِنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ كَالْقَيْدِ الْأَوَّلِ الْمُصَرِّحِ بِإِيتَاءِ الْأُجُورِ، وَهَكَذَا قَيْدُ الْمُهَاجَرَةِ فِي قَوْلِهِ: وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ فَإِنَّهُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ، وَلِلْإِيذَانِ بِشَرَفِ الْهِجْرَةِ، وَشَرَفِ مَنْ هَاجَرَ، والمراد هُنَا الِاشْتِرَاكُ فِي الْهِجْرَةِ لَا فِي الصُّحْبَةِ فِيهَا. وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَيْدَ: أَعْنِي الْمُهَاجَرَةَ مُعْتَبَرٌ وَأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ لَمْ تُهَاجِرْ مِنْ هَؤُلَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا «1» وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَحْثِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَجْهُ إِفْرَادِ الْعَمِّ، وَالْخَالِ وَجَمْعِ الْعَمَّةِ، وَالْخَالَةِ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ الْعَمَّ وَالْخَالَ فِي الْإِطْلَاقِ اسْمُ جِنْسٍ كَالشَّاعِرِ وَالرَّاجِزِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ.
قَالَ: وَهَذَا عُرْفٌ لُغَوِيٌّ، فَجَاءَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِغَايَةِ الْبَيَانِ. وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ وَحَّدَ لَفْظَ الذِّكْرِ لِشَرَفِهِ، وَجَمَعَ الْأُنْثَى كَقَوْلِهِ: عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ «2» وقوله: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «3» وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ «4» وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. انْتَهَى. وَقَالَ النَّيْسَابُورِيُّ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعِ الْعَمَّ وَالْخَالَ اكْتِفَاءً بِجِنْسِيَّتِهِمَا مَعَ أَنَّ لِجَمْعِ الْبَنَاتِ دَلَالَةً عَلَى ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ اجتماع أُخْتَيْنِ تَحْتَ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَحْسُنْ هَذَا الِاخْتِصَارُ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ لِإِمْكَانِ سَبْقِ الْوَهْمِ إِلَى أَنَّ التَّاءَ فِيهِمَا لِلْوَحْدَةِ انْتَهَى. وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ يَحْتَمِلُ الْمُنَاقَشَةَ بِالنَّقْضِ وَالْمُعَارَضَةِ، وَأَحْسَنُهَا تَعْلِيلُ جَمْعِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ بِسَبْقِ الْوَهْمِ إِلَى أَنَّ التَّاءَ لِلْوَحْدَةِ، وَلَيْسَ فِي الْعَمِّ وَالْخَالِ مَا يَسْبِقُ الْوَهْمُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْوَحْدَةُ إِلَّا مُجَرَّدُ صِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ بَعْدَ إِضَافَتِهَا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عُمُومِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ الْمُضَافَةِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ الْأَحْسَنَ لَا يَصْفُو عَنْ شَوْبِ الْمُنَاقَشَةِ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَفْعُولِ أَحْلَلْنَا، أَيْ: وَأَحْلَلْنَا لَكَ امْرَأَةً مُصَدِّقَةً بِالتَّوْحِيدِ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لك بِغَيْرِ صَدَاقٍ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً فَلَا تَحِلُّ لَكَ بِمُجَرَّدِ هِبَتِهَا نَفْسَهَا لَكَ، ولكن ليس بواجب
(1) . الأنفال: 72.
(2)
. النحل: 48.
(3)
. البقرة: 257.
(4)
. الأنعام: 1.
عَلَيْكَ بِحَيْثُ يَلْزَمُكَ قَبُولُ ذَلِكَ، بَلْ مُقَيَّدًا بِإِرَادَتِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها أَيْ:
يُصَيِّرَهَا مَنْكُوحَةً لَهُ، وَيَتَمَلَّكَ بُضْعَهَا بِتِلْكَ الْهِبَةِ بِلَا مَهْرٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لم ينكح النبيّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَاهِبَاتِ أَنْفُسَهُنَّ أَحَدًا وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ. وَقِيلَ: كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ أُمُّ الْمَسَاكِينِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلٌ: هِيَ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ جَابِرٍ الْأَسَدِيَّةُ. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: هِيَ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ النِّكَاحِ خَاصٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ فَقَالَ: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ: هَذَا الْإِحْلَالُ الْخَالِصُ هُوَ خَاصٌّ بِكَ دُونَ غَيْرِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَفْظُ خَالِصَةً إِمَّا حَالٌ مِنَ امْرَأَةً، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. أَوْ مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ كَوَعْدِ اللَّهِ، أَيْ:
خَالِصٌ لَكَ خُلُوصًا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «وَامْرَأَةً» بِالنَّصْبِ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «إِنْ وَهَبَتْ» بِكَسْرِ إِنْ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَالْحَسَنُ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِفَتْحِهَا على أنه بدل من امرأة بدل اشتمال. أو على حذف لام العلة، أي: لأن وهبت، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «خَالِصَةً» بِالنَّصْبِ، وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى أنها صفة لامرأة عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ امْرَأَةً بِالرَّفْعِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ إِذَا وَهَبَتْ، وَأَشْهَدَ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَهْرٍ. وَأَمَّا بِدُونِ مَهْرٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ ذلك خاص بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، وَلِهَذَا قَالَ: قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ أَيْ: مَا فَرَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي حَقِّ أَزْوَاجِهِمْ مِنْ شَرَائِطِ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهِمْ مَفْرُوضٌ لَا يَحِلُّ لَهُمُ الْإِخْلَالُ بِهِ، وَلَا الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ وَتَكْرِيمًا لَهُ، فَلَا يَتَزَوَّجُوا إِلَّا أَرْبَعًا بِمَهْرٍ وبينة ووليّ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ أَيْ: وَعَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا مَلَكَتْ أيمانهم من كونهنّ ممن يَجُوزُ سَبْيُهُ وَحَرْبُهُ، لَا مَنْ كَانَ لَا يَجُوزُ سَبْيُهُ أَوْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا يَرْجِعُ إِلَى أَوَّلِ الْآيَةِ: أَيْ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَالْمَوْهُوبَةَ لِكَيْلَا يكون عليك حرج، فتكون اللام متعلقة بأحللنا، وقيل: هي متعلقة بخالصة، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالْحَرَجُ: الضِّيقُ، أَيْ: وَسَّعْنَا عَلَيْكَ فِي التَّحْلِيلِ لَكَ لِئَلَّا يَضِيقَ صَدْرُكَ، فَتَظُنَّ أَنَّكَ قَدْ أَثِمْتَ فِي بَعْضِ الْمَنْكُوحَاتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَيَرْحَمُ الْعِبَادَ، وَلِذَلِكَ وَسَّعَ الْأَمْرَ، وَلَمْ يُضَيِّقْهُ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ قُرِئَ «تُرْجِئُ» مَهْمُوزًا وَغَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَالْإِرْجَاءُ التَّأْخِيرُ، يُقَالُ: أَرْجَأْتُ الْأَمْرَ وَأَرْجَيْتُهُ: إِذَا أَخَّرْتَهُ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ أَيْ: تَضَمُّ إِلَيْكَ، يُقَالُ آوَاهُ إِلَيْهِ بِالْمَدِّ: ضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَأَوَى مَقْصُورًا: أَيْ ضُمَّ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ وَسَّعَ عَلَى رَسُولِهِ وَجَعَلَ الْخِيَارَ إِلَيْهِ فِي نِسَائِهِ، فَيُؤَخِّرُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَيُؤَخِّرُ نَوْبَتَهَا وَيَتْرُكُهَا وَلَا يَأْتِيهَا مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَيَضُمُّ إِلَيْهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَيُضَاجِعُهَا وَيَبِيتُ عِنْدَهَا، وَقَدْ كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَارْتَفَعَ الْوُجُوبُ وَصَارَ الْخِيَارُ إِلَيْهِ، وَكَانَ مِمَّنْ أَوَى إِلَيْهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ، وَمِمَّنْ أَرْجَأَهُ سَوْدَةُ وَجُوَيْرِيَّةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَمَيْمُونَةُ وَصْفِيَّةُ، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي بَيْنَ مَنْ آوَاهُ فِي الْقَسْمِ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِمَنْ أَرْجَأَهُ مَا شَاءَ. هَذَا قول جمهور
الْمُفَسِّرِينَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ. وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الثَّابِتَةُ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْوَاهِبَاتِ أَنْفُسَهُنَّ، لَا فِي غَيْرِهِنَّ مِنَ الزَّوْجَاتِ. قَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ فِي الطَّلَاقِ: أَيْ: تُطَلِّقُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُمْسِكُ مَنْ تَشَاءُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ الْمَعْنَى: تَنْكِحُ مَنْ شِئْتَ مِنْ نِسَاءِ أُمَّتِكَ، وَتَتْرُكُ نِكَاحَ مَنْ شِئْتَ مِنْهُنَّ. وَقَدْ قيل: إن هذه نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ الِابْتِغَاءُ: الطَّلَبُ، وَالْعَزْلُ: الْإِزَالَةُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُؤْوِيَ إِلَيْهِ امْرَأَةً مِمَّنْ قَدْ عَزَلَهُنَّ مِنَ الْقِسْمَةِ وَيَضُمَّهَا إِلَيْهِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَى رَسُولِهِ يَصْنَعُ فِي زَوْجَاتِهِ مَا شَاءَ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَعَزْلٍ وَإِمْسَاكٍ، وَضَمِّ مَنْ أَرْجَأَ، وَإِرْجَاءِ مَنْ ضَمَّ إِلَيْهِ، وَمَا شَاءَ فِي أَمْرِهِنَّ فَعَلَ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ وَنَفْيًا لِلْحَرَجِ عَنْهُ. وَأَصْلُ الْجُنَاحِ: الْمَيْلُ، يُقَالُ جَنَحَتِ السَّفِينَةُ:
إِذَا مَالَتْ. وَالْمَعْنَى: لَا مَيْلَ عَلَيْكَ بِلَوْمٍ وَلَا عَتْبٍ فِيمَا فَعَلْتَ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْوِيضِ إِلَى مَشِيئَتِهِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ أَيْ: ذَلِكَ التَّفْوِيضُ الَّذِي فَوَّضْنَاكَ أَقْرَبُ إِلَى رِضَاهُنَّ لِأَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ ذَلِكَ التَّخْيِيرُ الَّذِي خَيَّرْنَاكَ فِي صُحْبَتِهِنَّ أَدْنَى إِلَى رِضَاهُنَّ إِذْ كَانَ مِنْ عِنْدِنَا، لِأَنَّهُنَّ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ قَرَّتْ أَعْيُنُهُنَّ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ تَقَرَّ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ مُسْنَدًا إِلَى أَعْيُنُهُنَّ، وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ «تُقِرَّ» بِضَمِّ التَّاءِ من أقرر ضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ وَنَصْبِ أَعْيُنَهُنَّ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَقُرِئَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى قرّة العين في سورة مريم، وَمعنى لَا يَحْزَنَّ لَا يَحْصُلُ مَعَهُنَّ حُزْنٌ بِتَأْثِيرِكَ بَعْضَهُنَّ دُونَ بَعْضٍ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ أَيْ: يَرْضَيْنَ جَمِيعًا بِمَا أَعْطَيْتَهُنَّ مِنْ تَقْرِيبٍ وَإِرْجَاءٍ، وَعَزْلٍ وَإِيوَاءٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «كُلُّهُنَّ» بِالرَّفْعِ تَأْكِيدًا لِفَاعِلِ يَرْضَيْنَ. وَقَرَأَ أَبُو إِيَاسٍ بِالنَّصْبِ تَأْكِيدًا لِضَمِيرِ الْمَفْعُولِ فِي آتَيْتَهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ كُلِّ مَا تُضْمِرُونَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تُضْمِرُونَهُ مِنْ أُمُورِ النِّسَاءِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بِكُلِّ شَيْءٍ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ (حَلِيمًا) لَا يُعَاجِلُ الْعُصَاةَ بِالْعُقُوبَةِ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ «لَا يَحِلُّ» بِالتَّحْتِيَّةِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ الْمُؤَنَّثِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْفَوْقِيَّةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ، وَأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَى نِسَائِهِ، مُكَافَأَةً لَهُنَّ بِمَا فَعَلْنَ مِنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالدَّارِ الْآخِرَةِ لَمَّا خَيَّرَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سيرين، وأبي بكر ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَابْنِ زَيْدٍ وَابْنِ جَرِيرٍ. وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ مِنْ بَعْدِهِ حَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهُنَّ. وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو رَزِينٍ: إِنَّ الْمَعْنَى: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ الْأَصْنَافِ الَّتِي سَمَّاهَا اللَّهُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَقِيلَ:
لَا يَحِلُّ لَكَ الْيَهُودِيَّاتُ وَلَا النَّصْرَانِيَّاتُ لِأَنَّهُنَّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَّصِفْنَ بِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ. وهذا القول فيه بعد لأنه يكن التَّقْدِيرُ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ الْمُسْلِمَاتِ. وَلَمْ يَجْرِ لِلْمُسْلِمَاتِ ذِكْرٌ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِالسُّنَّةِ وَبِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَبِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ،
وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَحْثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ أَيْ: تَتَبَدَّلَ فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، أَيْ: لَيْسَ لَكَ أَنْ تُطَلِّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَوْ أَكْثَرَ وَتَتَزَوَّجَ بَدَلَ مَنْ طَلَّقْتَ مِنْهُنَّ، وَ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مِنْ أَزْواجٍ مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هَذَا شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ يَقُولُ: خُذْ زَوْجَتِي، وَأَعْطِنِي زَوْجَتَكَ، وَقَدْ أَنْكَرَ النَّحَّاسُ، وَابْنُ جَرِيرٍ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ زَيْدٍ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ هَذَا قَطُّ. وَيَدْفَعُ هَذَا الْإِنْكَارَ مِنْهُمَا مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ الْبَدَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: تَنْزِلُ لِي عَنِ امْرَأَتِكَ وَأَنْزِلُ لَكَ عَنِ امْرَأَتِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَجُمْلَةُ:
وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ تَبَدَّلَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّبَدُّلُ بِأَزْوَاجِكَ، وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَدْتَ أَنْ تَجْعَلَهَا بَدَلًا مِنْ إِحْدَاهُنَّ، وَهَذَا التَّبَدُّلُ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ مَا نَسَخَهُ اللَّهُ فِي حَقِّ رَسُولِهِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في تحليل الأمة الكافرة. القول الأوّل: أنه تحلّ للنبيّ صلى الله عليه وسلم لِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَكَمُ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ تَنْزِيهًا لِقَدْرِهِ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْكَافِرَةِ.
وَيَتَرَجَّحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَتَعْلِيلُ الْمَنْعِ بِالتَّنَزُّهِ ضَعِيفٌ فَلَا تَنَزُّهَ عَمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّ مَا أَحَلَّهُ فَهُوَ طَيِّبٌ، لَا خَبِيثٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ النِّكَاحِ، لَا بِاعْتِبَارِ غَيْرِ ذَلِكَ، فَالْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الثَّانِي بقوله سبحانه: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ «1» فَإِنَّهُ نَهْيٌ عَامٌّ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً أَيْ: مُرَاقِبًا حَافِظًا مُهَيْمِنًا، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ قَالَ: هَذَا فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهَا، فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَانَتْ مِنْهُ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا تَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَتْ، ثُمَّ قَالَ: فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا يَقُولُ: إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النِّصْفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا مَتَّعَهَا عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، وَهُوَ السَّرَاحُ الْجَمِيلُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا الَّتِي في البقرة فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ وأبي الْعَالِيَةِ قَالَا: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَهَا الْمَتَاعُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنْ طَلَّقَ مَا لَمْ يَنْكِحْ فَهُوَ جَائِزٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْطَأَ فِي هَذَا، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَلَمْ يَقُلْ:
إِذَا طَلَّقْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ: لَا يَكُونُ طَلَاقٌ حَتَّى يَكُونَ نِكَاحٌ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مِنْهَا أَنَّهُ «لَا طَلَاقَ إِلَّا بَعْدَ نكاح» وهي
(1) . الممتحنة: 10.
مَعْرُوفَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَتْ: خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني، فأنزل الله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ إِلَى قَوْلِهِ:
هاجَرْنَ مَعَكَ قَالَتْ: فَلَمْ أَكُنْ أَحِلُّ لَهُ لِأَنِّي لَمْ أُهَاجِرْ مَعَهُ. كُنْتُ مِنَ الطُّلَقَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا قَالَتْ: نَزَلَتْ فِيَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، فَنُهِيَ عَنِّي إِذْ لَمْ أُهَاجِرْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ إِلَى قَوْلِهِ: خالِصَةً لَكَ قَالَ: فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ مِنَ النِّسَاءِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَنْكِحُ فِي أَيِّ النِّسَاءِ شَاءَ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ نِسَاؤُهُ يَجِدْنَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا أَنْ يَنْكِحَ فِي أَيِّ النِّسَاءِ أَحَبَّ، فَلَمَّا أُنْزِلَ إِنِّي حَرَّمْتُ عَلَيْكَ مِنَ النِّسَاءِ سِوَى مَا قَصَصْتُ عَلَيْكَ أَعْجَبَ ذَلِكَ نِسَاءَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ كَانَتْ مِنَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالُوا: تَزَوَّجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة امرأة: ست مِنْ قُرَيْشٍ: خَدِيجَةَ، وَعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَأُمَّ حَبِيبَةَ، وسودة، وأم سلمة، وثلاث مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَامْرَأَتَيْنِ مِنْ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ: مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَزَيْنَبَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ، وَالْعَامِرِيَّةَ وَهِيَ الَّتِي اخْتَارَتِ الدُّنْيَا، وَامْرَأَةً مِنْ بَنِي الْجَوْنِ، وَهِيَ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، وَزَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةَ، وَالسَّبِيَّتَيْنِ: صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، وَجُوَيْرِيَّةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَلْ لَكَ بي حاجة؟ فقالت ابن أَنَسٍ: مَا كَانَ أَقَلَّ حَيَاءَهَا، فَقَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ فَصَمَتَ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَزَادَ وَمَهْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوطَأَ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ وَالْحَائِلُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ قَالَ: تُؤَخِّرُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي قوله:
تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ يَقُولُ: مَنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ سَبِيلَهُ مِنْهُنَّ، وَمَنْ أَحْبَبْتَ أَمْسَكْتَ مِنْهُنَّ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ مِنَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَقُولُ تَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الْآيَةَ قُلْتُ: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ
قَالَ: هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يُطَلِّقَ مِنْ نِسَائِهِ، فَلَمَّا رَأَيْنَ ذَلِكَ أَتَيْنَهُ فَقُلْنَ: لَا تُخَلِّ سَبِيلَنَا وَأَنْتَ فِي حِلٍّ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، افْرِضْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ وَمَالِكَ مَا شِئْتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ يَقُولُ: تَعْزِلُ مَنْ تَشَاءُ، فَأَرْجَأَ مِنْهُنَّ نِسْوَةً، وَآوَى نِسْوَةً، وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَى: مَيْمُونَةُ، وَجُوَيْرِيَّةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَصَفِيَّةُ، وَسَوْدَةُ، وَكَانَ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ مَا شَاءَ، وَكَانَ مِمَّنْ آوَى: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ، فَكَانَتْ قِسْمَتُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ بَيْنَهُنَّ سَوَاءً. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ فَقُلْتُ لَهَا: مَا كُنْتِ تَقُولِينَ؟ قَالَتْ: كُنْتُ أَقُولُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ إِلَيَّ، فإني لا أريد أن أوثر عَلَيْكَ أَحَدًا. وَأَخْرَجَ الرُّويَانِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنْ زِيَادٍ- رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ- قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُتْنَ أَمَا كَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، قُلْتُ: قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ قَالَ: إِنَّمَا أَحَلَّ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّسَاءِ ووصف له صفة فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ إِلَى قَوْلِهِ: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً ثُمَّ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدِ هَذِهِ الصِّفَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أصناف النساء إلى مَا كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ، قَالَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ فَأَحَلَّ لَهُ الْفَتَيَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ وَحَرَّمَ كُلَّ ذَاتِ دِينٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ
إِلَى قَوْلِهِ: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَرَّمَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ النِّسَاءِ» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ: «نُهِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ نِسَائِهِ الْأُوَلِ شَيْئًا» وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ كَمَا حَبَسَهُنَّ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمْ يَمُتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ إِلَّا ذَاتَ مَحْرَمٍ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يَمُتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أحلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ إِلَّا ذَاتَ مَحْرَمٍ لِقَوْلِهِ: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ قَالَ: مِنَ الْمُشْرِكَاتِ إِلَّا مَا سَبَيْتَ فَمَلَكَتْ يَمِينُكَ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ الْبَدَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ للرجل: