المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌سورة النّور

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 21]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 46]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 47 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 67]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 77]

- ‌سورة الشّعراء

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 227]

- ‌سورة النّمل

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 82]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 83 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 24]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 33 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 57]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 58 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 الى 46]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 56 الى 69]

- ‌سورة الرّوم

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 11 الى 27]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 28 الى 37]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 46]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 47 الى 60]

- ‌سورة لقمان

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 12 الى 19]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

- ‌سورة السّجدة

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30]

- ‌سُورَةِ الْأَحْزَابِ

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 7 الى 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 18 الى 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 59 الى 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 69 الى 73]

- ‌سُورَةِ سَبَأٍ

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 21]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 27]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 28 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 43 الى 50]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 51 الى 54]

- ‌سُورَةِ فَاطِرٍ

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 9 الى 14]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سُورَةِ يس

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 13 الى 27]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌سُورَةِ الصَّافَّاتِ

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 19]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 20 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 182]

- ‌سورة ص

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 الى 25]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 26 الى 33]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة الزّمر

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 13 الى 20]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 43 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 49 الى 61]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 73 الى 75]

- ‌سورة غافر

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 20]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 30 الى 40]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 52]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 85]

- ‌سورة فصّلت

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 15 الى 24]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 37 الى 44]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 45 الى 54]

- ‌سورة الشّورى

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 28]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 29 الى 43]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 44 الى 53]

- ‌سورة الزّخرف

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 الى 35]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 36 الى 45]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 الى 56]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 73]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 89]

- ‌سورة الدّخان

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 37]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 38 الى 59]

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان (25)

- ‌سورة الشعراء (26)

- ‌سورة النمل (27)

- ‌سورة القصص (28)

- ‌سورة العنكبوت (29)

- ‌سورة الروم (30)

- ‌سورة لقمان (31)

- ‌سورة السجدة (32)

- ‌سورة الأحزاب (33)

- ‌سورة سبأ (34)

- ‌سورة فاطر (35)

- ‌سورة يس (36)

- ‌سورة الصافات (37)

- ‌سورة ص (38)

- ‌سورة الزمر (39)

- ‌سورة غافر (40)

- ‌سورة فصلت (41)

- ‌سورة الشورى (42)

- ‌سورة الزخرف (43)

- ‌سورة الدخان (44)

الفصل: ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35) وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36)

قَوْلُهُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ بَدَأَ سُبْحَانَهُ بِذِكْرِ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ فِي الدِّينِ، وَالِانْقِيَادِ لَهُ مَعَ الْعَمَلِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ:«هُوَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ» ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُسْلِماتِ تَشْرِيفًا لَهُنَّ بِالذِّكْرِ. وَهَكَذَا فِيمَا بَعْدُ، وَإِنْ كُنَّ دَاخِلَاتٍ فِي لَفْظِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالتَّذْكِيرُ إِنَّمَا هُوَ لِتَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ، كَمَا فِي جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ:

الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْقَانِتُ: الْعَابِدُ الْمُطِيعُ، وَكَذَا الْقَانِتَةُ، وَقِيلَ الْمُدَاوِمِينَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، وَالصَّادِقُ، وَالصَّادِقَةُ: هُمَا مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالصِّدْقِ، وَيَتَجَنَّبُ الْكَذِبَ، وَيَفِي بِمَا عُوهِدَ عَلَيْهِ، وَالصَّابِرُ، وَالصَّابِرَةُ: هُمَا مَنْ يَصْبِرُ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَعَلَى مَشَاقِّ التَّكْلِيفِ، وَالْخَاشِعُ، وَالْخَاشِعَةُ: هُمَا الْمُتَوَاضِعَانِ لِلَّهِ الْخَائِفَانِ مِنْهُ الْخَاضِعَانِ فِي عباداتهم لِلَّهِ، وَالْمُتَصَدِّقُ، وَالْمُتَصَدِّقَةُ: هُمَا مَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: ذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ، وَكَذَلِكَ: الصَّائِمُ وَالصَّائِمَةُ، قِيلَ: ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْفَرْضِ، وَقِيلَ: هُوَ أَعَمُّ، وَالْحَافِظُ، وَالْحَافِظَةُ لِفَرْجَيْهِمَا عَنِ الْحَرَامِ بِالتَّعَفُّفِ، وَالتَّنَزُّهِ، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَلَالِ، وَالذَّاكِرُ، وَالذَّاكِرَةُ: هُمَا مَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى أَحْوَالِهِ، وَفِي ذِكْرِ الْكَثْرَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَاكْتَفَى فِي الْحَافِظَاتِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَافِظِينَ مِنْ ذِكْرِ الْفُرُوجِ وَالتَّقْدِيرُ:

وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ، وَالْحَافِظَاتِ فُرُوجَهُنَّ، وَكَذَا فِي الذَّاكِرَاتِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتِ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالْخَبَرُ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ: هُوَ قَوْلُهُ: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً أَيْ: مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِمُ الَّتِي أَذْنَبُوهَا، وَأَجْرًا عَظِيمًا عَلَى طَاعَاتِهِمُ الَّتِي فَعَلُوهَا مِنَ الْإِسْلَامِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْقُنُوتِ، وَالصِّدْقِ، وَالصَّبْرِ، وَالْخُشُوعِ، وَالتَّصَدُّقِ، وَالصَّوْمِ، وَالْعَفَافِ، وَالذِّكْرِ، وَوَصْفُ الْأَجْرِ بِالْعِظَمِ: لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ غَايَةَ الْمَبَالِغِ، وَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْ أَجْرٍ هُوَ الْجَنَّةُ وَنَعِيمُهَا الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَنْفَدُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذُنُوبَنَا وَأَعْظِمْ أُجُورَنَا وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ أَيْ: مَا صَحَّ، وَلَا اسْتَقَامَ لِرَجُلٍ، وَلَا امْرَأَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَفْظُ مَا كان، وما ينبغي، ونحوهما معناهما الْمَنْعُ، وَالْحَظْرُ مِنَ الشَّيْءِ وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَكُونَ شَرْعًا، وَقَدْ يَكُونُ لِمَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا كَقَوْلِهِ: مَا كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها «1» وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ إِذَا قَضَى اللَّهُ أَمْرًا أَنْ يَخْتَارَ من أمر نفسه ما شاء،

(1) . النمل: 6.

ص: 325

بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُذْعِنَ لِلْقَضَاءِ، وَيُوقِفَ نفسه على ما قضاه الله عليه وَاخْتَارَهُ لَهُ، وَجَمَعَ الضَّمِيرَيْنِ فِي قَوْلِهِ:

لَهُمْ ومن أَمْرِهِمْ لِأَنَّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ وَقَعَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَهُمَا يَعُمَّانِ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ «أَنْ يَكُونَ» بِالتَّحْتِيَّةِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ الْمُؤَنَّثِ بِقَوْلِهِ لَهُمْ مَعَ كَوْنِ التَّأْنِيثِ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُسْنَدًا إِلَى الْخِيَرَةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَفْظًا، وَالْخِيَرَةُ مَصْدَرٌ بمعنى الاختيار.

وقرأ ابن السميقع «الْخِيرَةُ» بِسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، وَالْبَاقُونَ بِتَحْرِيكِهَا، ثُمَّ تَوَعَّدَ سُبْحَانَهُ مَنْ لَمْ يُذْعِنْ لِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ فَقَالَ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَمِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً أي: ضلّ عن طريق الحق ضلالا واضحا ظاهرا لَا يَخْفَى.

وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لَنَا لَا نُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ كَمَا يُذْكَرُ الرِّجَالُ؟ فَلَمْ يَرُعْنِي مِنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَّا نِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْهَا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى أَخْرَجَهَا الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت: مَا أَرَى كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا لِلرِّجَالِ، وَمَا أَرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادٍ. قَالَ السُّيُوطِيُّ: حَسَنٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتِ النِّسَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا بَالُهُ يَذْكُرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَذْكُرُ الْمُؤْمِنَاتِ؟ فَنَزَلَتْ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْطَلَقَ لِيَخْطُبَ عَلَى فَتَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةِ فَخَطَبَهَا، قَالَتْ: لَسْتُ بِنَاكِحَتِهِ، قَالَ: بَلَى فَانْكِحِيهِ، قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ أُؤَامِرُ نَفْسِي، فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى رَسُولِهِ: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ الْآيَةَ، قَالَتْ: قَدْ رَضِيتَهُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ منكحا، قال: نعم، قالت: إذا لَا أَعْصِي رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَنْكَحْتُهُ نَفْسِي. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِزَيْنَبَ: «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ لَكِ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَكِنِّي لَا أَرْضَاهُ لِنَفْسِي وَأَنَا أَيِّمُ قَوْمِي، وَبِنْتُ عَمَّتِكَ فَلَمْ أَكُنْ لِأَفْعَلَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ يَعْنِي زَيْدًا وَلا مُؤْمِنَةٍ يَعْنِي زَيْنَبَ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً يَعْنِي النِّكَاحَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ يَقُولُ: لَيْسَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ خِلَافَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً قَالَتْ: قَدْ أَطَعْتُكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ، فَزَوَّجَهَا زَيْدًا وَدَخَلَ عَلَيْهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ، فَوَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَزَوَّجَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَسَخِطَتْ هِيَ وَأَخُوهَا، وَقَالَا: إِنَّمَا أَرَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَوَّجَنَا عبده.

ص: 326