المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌سورة النّور

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 21]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 46]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 47 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 67]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 77]

- ‌سورة الشّعراء

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 227]

- ‌سورة النّمل

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 82]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 83 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 24]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 33 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 57]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 58 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 الى 46]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 56 الى 69]

- ‌سورة الرّوم

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 11 الى 27]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 28 الى 37]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 46]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 47 الى 60]

- ‌سورة لقمان

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 12 الى 19]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

- ‌سورة السّجدة

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30]

- ‌سُورَةِ الْأَحْزَابِ

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 7 الى 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 18 الى 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 59 الى 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 69 الى 73]

- ‌سُورَةِ سَبَأٍ

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 21]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 27]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 28 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 43 الى 50]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 51 الى 54]

- ‌سُورَةِ فَاطِرٍ

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 9 الى 14]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سُورَةِ يس

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 13 الى 27]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌سُورَةِ الصَّافَّاتِ

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 19]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 20 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 182]

- ‌سورة ص

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 الى 25]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 26 الى 33]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة الزّمر

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 13 الى 20]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 43 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 49 الى 61]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 73 الى 75]

- ‌سورة غافر

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 20]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 30 الى 40]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 52]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 85]

- ‌سورة فصّلت

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 15 الى 24]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 37 الى 44]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 45 الى 54]

- ‌سورة الشّورى

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 28]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 29 الى 43]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 44 الى 53]

- ‌سورة الزّخرف

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 الى 35]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 36 الى 45]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 الى 56]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 73]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 89]

- ‌سورة الدّخان

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 37]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 38 الى 59]

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان (25)

- ‌سورة الشعراء (26)

- ‌سورة النمل (27)

- ‌سورة القصص (28)

- ‌سورة العنكبوت (29)

- ‌سورة الروم (30)

- ‌سورة لقمان (31)

- ‌سورة السجدة (32)

- ‌سورة الأحزاب (33)

- ‌سورة سبأ (34)

- ‌سورة فاطر (35)

- ‌سورة يس (36)

- ‌سورة الصافات (37)

- ‌سورة ص (38)

- ‌سورة الزمر (39)

- ‌سورة غافر (40)

- ‌سورة فصلت (41)

- ‌سورة الشورى (42)

- ‌سورة الزخرف (43)

- ‌سورة الدخان (44)

الفصل: ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

‌سُورَةِ فَاطِرٍ

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ الضُّرَيْسِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ فَاطِرٍ بِمَكَّةَ.

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (8)

الْفَطْرُ: الشَّقُّ عَنِ الشَّيْءِ، يُقَالُ فَطَرْتُهُ فَانْفَطَرَ، وَمِنْهُ فَطَرَ نَابُ الْبَعِيرِ: إِذَا طَلَعَ، فَهُوَ بَعِيرٌ فَاطِرٌ، وَتَفَطَّرَ الشَّيْءُ تَشَقَّقَ، وَالْفَطْرُ: الِابْتِدَاءُ وَالِاخْتِرَاعُ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَالْمَعْنَى الْحَمْدُ لِلَّهِ مُبْدِعِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمُخْتَرِعِهِمَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ابْتِدَاءِ هَذَا الْخَلْقِ الْعَظِيمِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْإِعَادَةِ.

قَرَأَ الْجُمْهُورُ «فَاطِرِ» عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ «فَطَرَ» عَلَى صِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى هُوَ نَعْتٌ لِلَّهِ لِأَنَّ إِضَافَتَهُ مَحْضَةٌ لِكَوْنِهِ بِمَعْنَى الْمَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْضَةٍ كَانَ بَدَلًا، وَمِثْلُهُ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا يَجُوزُ فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَانْتِصَابُ رُسُلًا بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْمَاضِي لَا يَعْمَلُ، وَجَوَّزَ الْكِسَائِيُّ عَمَلَهُ. وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فَهُوَ منصوب بجاعل، وَالرُّسُلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: هُمْ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَعِزْرَائِيلُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ «جَاعِلُ» بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ خَلِيلُ ابن نَشِيطٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ «جَعَلَ» عَلَى صِيغَةِ الْمَاضِي. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَحُمَيْدٌ «رُسْلًا» بِسُكُونِ السِّينِ، وهي لغة تميم أُولِي أَجْنِحَةٍ صفة لرسلا، وَالْأَجْنِحَةُ: جَمْعُ جَنَاحٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ صِفَةٌ لأجنحة، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فِي النِّسَاءِ. قَالَ قَتَادَةُ: بَعْضُهُمْ لَهُ جَنَاحَانِ، وَبَعْضُهُمْ ثَلَاثَةٌ، وَبَعْضُهُمْ أَرْبَعَةٌ، يَنْزِلُونَ بِهَا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَيَعْرُجُونَ بِهَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: يُرْسِلُهُمُ اللَّهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِلَى الْعِبَادِ بِنِعَمِهِ أَوْ نِقَمِهِ، وَجُمْلَةُ: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ مُسْتَأْنَفَةٌ

ص: 387

مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ تَفَاوُتِ أَحْوَالِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَزِيدُ فِي خَلْقِ الْمَلَائِكَةِ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْخَلْقِ غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّهَا حُسْنُ الصَّوْتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَلَاحَةُ فِي الْعَيْنَيْنِ، وَالْحُسْنُ فِي الْأَنْفِ، وَالْحَلَاوَةُ فِي الْفَمِ، وَقِيلَ: الْوَجْهُ الْحَسَنُ، وَقِيلَ: الْخَطُّ الْحَسَنُ، وَقِيلَ: الشَّعْرُ الْجَعْدُ، وَقِيلَ: الْعَقْلُ وَالتَّمْيِيزُ، وَقِيلَ: الْعُلُومُ وَالصَّنَائِعُ، وَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ ذَلِكَ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ بَلْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ زِيَادَةٍ، وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها أَيْ: مَا يَأْتِيهِمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ مَطَرٍ وَرِزْقٍ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُمْسِكَهُ وَما يُمْسِكْ مِنْ ذَلِكَ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُرْسِلَهُ مِنْ بَعْدِ إِمْسَاكِهِ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ الرُّسُلَ بُعِثُوا رَحْمَةً لِلنَّاسِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِرْسَالِهِمْ غَيْرُ اللَّهِ، وَقِيلَ: هُوَ الدُّعَاءُ، وَقِيلَ: التَّوْبَةُ، وَقِيلَ: التَّوْفِيقُ وَالْهِدَايَةُ. وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّخْصِيصِ، بَلِ الْمَعْنَى: كُلُّ مَا يَفْتَحُهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ فَيَشْمَلُ كُلَّ نِعْمَةٍ يُنْعِمُ اللَّهُ بِهَا عَلَى خَلْقِهِ، وَهَكَذَا الْإِمْسَاكُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ اللَّهُ مِنْ نِعَمِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْمُعْطِي الْمَانِعُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ لَا مُعْطِيَ سِوَاهُ وَلَا مُنْعِمَ غَيْرُهُ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ أَنْ يَتَذَكَّرُوا نِعَمَهُ الْفَائِضَةَ عَلَيْهِمُ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها وَمَعْنَى هَذَا الْأَمْرِ لَهُمْ بِالذِّكْرِ هُوَ إِرْشَادُهُمْ إِلَى الشُّكْرِ لِاسْتِدَامَتِهَا وَطَلَبِ الْمَزِيدِ مِنْهَا هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ من: زائدة وخالق: مبتدأ، وغير اللَّهِ:

صِفَةٌ لَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَرُفِعَ غَيْرُ عَلَى مَعْنَى هَلْ خَالِقٌ غَيْرُ اللَّهِ، لِأَنَّ «مِنْ» زِيَادَةٌ مُؤَكِّدَةٌ، وَمَنْ خَفَضَ غَيْرُ جَعَلَهَا صِفَةً عَلَى اللَّفْظِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِرَفْعِ «غَيْرُ» وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِخَفْضِهَا، وَقَرَأَ الْفَضْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِنَصْبِهَا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَجُمْلَةُ: يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، أَوْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، أو صفة أخرى لخالق، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، وَالرِّزْقُ مِنَ السَّمَاءِ: بِالْمَطَرِ، وَمِنَ الْأَرْضِ: بِالنَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجُمْلَةُ:

لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ مستأنفة لتقرير النَّفْيَ الْمُسْتَفَادَ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ مِنَ الْأَفْكِ بِالْفَتْحِ: وَهُوَ الصَّرْفُ، يُقَالُ: مَا أَفَكَكَ عَنْ كَذَا؟ أَيْ: مَا صَرَفَكَ، أَيْ: فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ، وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِفْكِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْكَذِبُ لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنِ الصِّدْقِ. قَالَ الزَّجَّاجَ: أَيْ مِنْ أَيْنَ يَقَعُ لَكُمُ الْإِفْكُ وَالتَّكْذِيبُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْبَعْثِ، وَأَنْتُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ. ثُمَّ عَزَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ لِيَتَأَسَّى بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَيَتَسَلَّى عَنْ تَكْذِيبِ كُفَّارِ الْعَرَبِ لَهُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ لَا إِلَى غَيْرِهِ فَيُجَازِي كُلًّا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ. قَرَأَ الْحَسَنُ، وَالْأَعْرَجُ، وَيَعْقُوبُ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَحُمَيْدٌ، وَالْأَعْمَشُ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ «تَرْجِعُ» بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَقَرَأَ الباقون بضمها على البناء للمفعول يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أَيْ: وَعْدَهُ بِالْبَعْثِ، وَالنُّشُورِ، وَالْحِسَابِ، وَالْعِقَابِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، كَمَا أُشِيرُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بِزُخْرُفِهَا وَنَعِيمِهَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: غُرُورُ الْحَيَاةِ الدنيا تُرْجَعُ الْأُمُورُ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بِزُخْرُفِهَا وَنَعِيمِهَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: غُرُورُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنْ يَشْتَغِلَ الْإِنْسَانُ بِنَعِيمِهَا وَلَذَّاتِهَا عَنْ عمل الآخرة حتى يقول: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي «1» وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ

(1) . الفجر: 24.

ص: 388

قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ، أَيْ: الْمُبَالِغُ فِي الْغُرُورِ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَأَبُو حَاتِمٍ:

الْغَرُورُ الشَّيْطَانُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَاسْتَبْعَدَهُ الزَّجَّاجُ، لِأَنَّ غَرَّرَ بِهِ مُتَعَدٍّ، وَمَصْدَرُ المتعدي إنما هو على فعل نحو ضربته ضَرْبًا، إِلَّا فِي أَشْيَاءَ يَسِيرَةٍ مَعْرُوفَةٍ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَغُرَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ بِاللَّهِ فَيَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنْكُمْ، وَيَغْفِرُ لَكُمْ لِفَضْلِكُمْ، أَوْ لِسَعَةِ رَحْمَتِهِ لَكُمْ. وقرأ أبو حيوة، وأبو سماك، ومحمّد بن السميقع بِضَمِّ الْغَيْنِ، وَهُوَ الْبَاطِلُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَالْغُرُورُ بِالضَّمِّ: مَا يَغُرُّ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْغُرُورُ جَمْعَ غَارٍّ، مِثْلَ قَاعِدٍ وَقُعُودٍ، قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ غَرَّهُ كَاللُّزُومِ وَالنُّهُوكِ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الزَّجَّاجِ مِنَ الِاسْتِبْعَادِ. ثُمَّ حَذَّرَ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَقَالَ:

إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا أَيْ: فَعَادُوهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَلَا تُطِيعُوهُ فِي مَعَاصِي اللَّهِ. ثُمَّ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ كَيْفِيَّةَ عَدَاوَةِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ فَقَالَ: إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ أَيْ: إِنَّمَا يَدْعُو أَشْيَاعَهُ، وَأَتْبَاعَهُ، وَالْمُطِيعِينَ لَهُ إِلَى مَعَاصِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَحَلُّ الْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ الرفع على الابتداء، ولهم عَذَابٌ شَدِيدٌ: خَبَرُهُ، أَوِ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ فَاعِلِ يَكُونُوا، أَوِ النَّصْبُ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ حِزْبَهُ، أَوِ النَّعْتِ لَهُ، أَوْ إِضْمَارِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الذَّمِّ، وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ من أصحاب، أو النعت له. وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَقْوَى هَذِهِ الْوُجُوهِ، لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذِكْرِ عَدَاوَةِ الشَّيْطَانِ وَدُعَائِهِ لِحِزْبِهِ ذَكَرَ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْمُطِيعِينَ لَهُ، وَالْعَاصِينَ عَلَيْهِ فَالْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قَالَ:«لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ» وَالْفَرِيقُ الْآخَرُ قَالَ فِيهِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ أَيْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَيُعْطِيهِمْ أَجْرًا كَبِيرًا وَهُوَ الْجَنَّةُ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ مَا سَبَقَ مِنْ ذِكْرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَ «مَنْ» : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ: مَحْذُوفٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَالتَّقْدِيرُ ذَهَبَتْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:

فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ قَالَ: وَهَذَا كَلَامٌ عَرَبِيٌّ ظَرِيفٌ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْقَلِيلُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:

تَقْدِيرُهُ كَمَنْ هَدَاهُ، وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُمَا كَمَنْ لَمْ يُزَيَّنْ لَهُ، وَهَذَا أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَقَدْ وَهَمَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ، فَحَكَى عَنِ الزَّجَّاجِ مَا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَالَّذِي قَالَهُ الْكِسَائِيُّ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ، لِمَا ذَكَرَهُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَحْذُوفِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ عز وجل نَهَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ شِدَّةِ الِاغْتِمَامِ بِهِمْ، وَالْحُزْنِ عَلَيْهِمْ كما قال: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ «1» وَجُمْلَةُ: فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، أَيْ: يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ أَنْ يُضِلَّهُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ أَنْ يَهْدِيَهُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَاءِ مُسْنَدًا إِلَى النَّفْسِ، فَتَكُونُ مِنْ بَابِ: لَا أَرَيَنَّكَ هَاهُنَا. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَالْأَشْهَبُ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَنَصْبِ «نَفْسَكَ» وَانْتِصَابِ «حَسَرَاتٍ» عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ:

أَيْ لِلْحَسَرَاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الْحَالِ كَأَنَّهَا صَارَتْ كُلُّهَا حَسَرَاتٍ لِفَرْطِ التَّحَسُّرِ كَمَا رُوِيَ عَنْ سِيبَوَيْهِ.

وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: إِنَّهَا تَمْيِيزٌ. وَالْحَسْرَةُ شِدَّةُ الْحُزْنِ عَلَى مَا فَاتَ مِنَ الْأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ لا يخفى

(1) . الكهف: 6.

ص: 389