الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيءٌ يكون مُبْهمَ المرادِ، فَجَمَلَه على معنى التصديقِ. وهذا التفسيرُ ليس بمختارٍ عند الجمهور، وكذا تفسيرُه للمُحْكمات بالحلال والحرام. فالمُحْكم ما أُحْكم مرادُه، والمتشابِه ما أُبْهم مرادُه، ولعلَّ المصنِّفَ أخرج تفسيرَ مجاهد في الترجمةِ إشارةً إلى الخلاف فيه، وإلَّا فالمختارُ عنده أيضًا هو المعنى المشهورُ. والدليل عليه أنه أخرج الحديث للجمهورِ، ولو كان المختارُ عنده تفسيرَ مجاهد، لما أخرج الحديثَ الذي يؤيدُ الجمهور، بل أخرج ما يوافِقُ مجاهدًا.
ثُم إنَّ الخلافَ في تأويل المتشابِه بين الحنفيةِ والشافعيةِ مشهورٌ، ولا يرجعُ إلى كثيرٍ طائل. فإِنَّ المُثْبِت أراد الظنَّ، والنافي أراد اليقين. وتكلَّم عليه ابنُ تيمية في سورة الفاتحةِ، وحَقَّق أنه ليس في القرآن شيءٌ لا نعلم مرادَه أصلًا، نعم لا نَحْكُم بكونِه مرادًا عند الله تعالى أيضًا. قلتُ: وذلك في القرآن كلِّه، ولا يختصُّ بالمتشابِه فقط.
2 - باب {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]
4548 -
حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَاّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلَاّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا» . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} . طرفاه 3286، 3431 - تحفة 1
3276
3 -
باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ} لَا خَيْرَ {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ، مِنَ الأَلَمِ، وَهْوَ فِى مَوْضِعِ مُفْعِلٍ
4549، 4550 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قُلْنَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ فِىَّ أُنْزِلَتْ كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِى أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ» فَقُلْتُ إِذًا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ» . طرفه 2356
4551 -
حَدَّثَنَا عَلِىٌّ - هُوَ ابْنُ أَبِى هَاشِمٍ - سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً فِى السُّوقِ فَحَلَفَ فِيهَا لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ. لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. طرفاه 2088، 2675 - تحفة 5151
4552 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِى بَيْتٍ - أَوْ فِى الْحُجْرَةِ - فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفًى فِى كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ» . ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} . فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . أطرافه 2514، 2668 - تحفة 5792
قوله: ({أَلِيمٌ}) مؤلمٌ، موجِعٌ، من الأَلَم. وفَسَّره السُّيوطي بالبناء للمفعول، مُؤْلَم، وهو الأرجح، لأنه ألغُ. وتَرْجَمه الشاه عبد القادر: دردناك لا درد رسان، ثم لينظرَ في أنَّ ترجمته: دردناك على تخريج السُّيوطي أَخْذُ الفَعِيل بمعنى المفعول، أو على تخريجِ الفاعل في: اللَّابِن، والتَّامِر، أي ذو لَبَنٍ، وذو تَمْر. وحينئذٍ الأَليم معناه ذو أَلَم، وترجمته أيضًا تكون:"دردناك".
4549، 4550 - قوله:(بَيِّنَتُك، أو يَمينُهُ) واستدلَّ منه الحنفيةُ على أن سبيلَ الفَصْل هو ذاك، وليس هناك شِقٌّ ثالثٌ، وقد قَرَّرْناه مِن قِبل، ووافَقَنا الإِمامُ البخاريُّ أيضًا على ذلك، وهو ظاهرُ القرآن، فإِنَّه قال:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] ولم يتعرَّض إلى اليمينِ مع الشاهد.
4552 -
قوله: (قال ابنُ عباس: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم اليمينُ على المدَّعَى عليه) وقد رواه البيهقيُّ والنوويُّ تامًّا، هكذا:«البينةُ للمدَّعِي، واليمينُ على المدَّعَى عليه» . وادَّعى الحنفيةُ أن فيه قَصْرًا. وحَرَّر السُّيوطي أنَّ تعريفَ الطرفين يفيدُ القَصْر. وثبت عندي بالاستقراء أنَّ لام الجِنْس إذا كانت في طَرَفٍ وحَرْف، يُعيَّنُ القَصْر في طرفٍ آخَر. فهذا التركيبُ أيضًا يفيدُ القَصْر.
وحروفُ القَصْرِ عندي هذه: الباء، واللام ومِن، وإلى، وفي، وعن، وعلى، كقوله تعالى:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178]، وكقولهم: والأَمْرُ من اللَّهِ، والأَمْرُ إلى اللَّهِ، والكَرَم في العرب، والرَّمْي عن القوس، واليمينُ على المدَّعَى عليه، والحمد. فهذه سبعةُ حروفٍ، مع أمثلتها، وقد مرَّ عن الزَّمخشري أن قوله: الحمدُ مُفِيدٌ للقَصْر، وأن اللام فيه للجِنْس دون الاستغراق، وهو الصواب عندي، نعم الاستغراقُ يَلْزمُه. فإِنَّه إذا ثبت انحصارُ جِنْس