الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَعْبٍ، وَسُلَيمانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَاْلقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ.
وهو المسألةُ عندنا، إلَّا إذا أضافه إلى المِلْك، أو سببه. وعند الشافعية لا تأثير للتعليق مطلقًا، سواء أضافه إلى المِلك، أو إلى سببه، فلا طلاق ولا تعليق عندهم إلَّا بعد تحقُّق النكاح، والأَصْل فيه أنَّ الحنفية نظروا إلى تناسبٍ بين الشرط والجزاء، فإِذا وجدوهما متناسِبَين، قالوا بتأثير التعليق، وإلَّا فلا. وإذ لا تَناسُب في قوله: إن دخلتِ الدَّار، فأنت طالق للأَجنبية، فإِنه لا حَقّ له عليها تَنْجِيزًا، أو تعليقًا قالوا ببطلانه، بخلاف ما إذا أضاف طلاقها إلى زمانٍ
(1)
صَلَح للطلاق، كالنِّكاح، وهذا كما قالوا في الكَفالة: إنَّ تعليقها بنحو: إنْ هَبّت الريح، مهمل، بخلاف إن ركب عليك دَيْن، فإِنه معتبر.
10 - باب إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ
قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِى ذَاتِ اللَّهِ عز وجل» .
وقد جمع البخاريُّ ههنا من السَّلف أسماءً كثيرة، والسبب في ذلك أنه وقع مِثْله في زمن ابن عبد الملك، فاستفتى علماءَ زمانه، فاجتمعت عنده فُتياهم على عدم تأثيره، فنقلها البخاريُّ، ومَنْ أراد أن يجمع أسامي الذين أجابوا على وَفْق مذهب الحنفية، فليراجع «الجَوْهر النَّقي»
(2)
، و «الزَّيلعي» ، و «العيني» .
(1)
قلتُ: أخرج الطحاويّ عن هشام بن سعد أنه قال لابنِ شِهاب، وهو يذاكره: هذا النحوُ طلاقُ مَنْ لم يَنْكح، وعتق مَنْ لم يملك، ألم تبلغ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا طلاقَ قبل النِّكاح، ولا عِتْق قبل مِلك؟ قال ابنُ شهاب: بلى، قد قاله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، لكن أنزلتموه على خلاف ما أراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو أن يَذْكر الرجلُ المرأةَ، فيقال له: تَزوّجها، فيقول: هي طالقٌ ألبتة. فهذا ليس بشيء، فأما مَنْ قال: إن تزوجت فلانةً فهي طالق ألبتة، فإنما طَلَّقها حين تزوّجها، أو قال: هي حُرةٌ إن اشتريتها، فإِنما أعتقها حين اشتراها. "مُشْكل الآثار"، ثم بسط الكلام فيه، وأفاض من علومه مما يتحيّر منها الناظرُ، حتى ختم كلامَه باستدلالٍ من القرآن، فقال: ثم وجدنا اللهَ تعالى قد قال في كتابه: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 75 - 77] وكان ما كان منهم بقولهم: {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} مما قد أوجب عليهم إذا آتاهم ما وعدوه أن يفعلوه فيه إذا آتاهم إياه، وكان ذلك بخلافِ قولهم فيما لا يملكون، فمثل ذلك قولُ الرجل: إنْ تزوجت فلانةً فهي طالق، خلاف حُكْمه، إذا قال: هي طالق، ولم يقل: إذا تزوجتها، وبالله نسأله التوفيق، اهـ، وفي العبارة بَعْضُ قلق.
(2)
وفي "الاستذكار" قيل لابنِ شهاب: أليس قد جاء: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل الملك؟ " فقال: إنما ذلك إذا قال: فلانةٌ طالق، ولا يقول: إنْ تزوّجتها، وأما إن قال: إنْ تزوّجتها فهي طالق، فهو كما قال إذا وقع النِّكاح وقع الاطلاق. وبهذا قال مَكْحول، وأبو حنيفة، وأصحابه، وعثمان البتيِّ؛ ورُوي عن الأَوْزاعي، والثَّوري؛ وفي "موطأ" مالك بلغه: أنَّ عمرَ، وابنه، وعبدَ الله بن مسعود، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يَسار، وابن شِهاب، كانوا يقولون: إذا حلف الرَّجل بطلاق المرأة قبل أنْ يَنكِحها، ثُم أَثِم، ولعل لفظ "أثم" سهو: إن ذلك لازمٌ له إذا نَكَحها. =
قلتُ: ولنا ما عن عمر عند مالك في «موطئه»
(1)
، وهو وإنْ كان في الظِّهار، لكن
= وقال صاحب "الاستذكار": لا أعلم أنه رُوي عن عمرَ في الطلاق قبل النِّكاح شيءٌ صحيح، وإنّما روي عنه فيمن ظاهرَ مِن امرأةٍ إن تَزوَّجها، أنه لا يَقربها إن تزوجها حتى يُكفِّر، وجائز أن يُقاس على هذا الطلاق؛ وحكى أبو بكر الرَّازي هذا القَوْلَ عن عمرَ، والنَّخَعي، والشَّعبي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، قال: واتفق الجميعُ على أنَّ النَّذر لا يصحُّ، إلَّا في مِلك، وإنَّ مَن قال: إن رزقني الله ألفًا، فللَّه عليَّ أن أتصدق بمائة منها، أنه ناذِرٌ في مِلك، حيث أضافه إليه، وإن لم يكن مالكًا في الحال، ولو قال لأمّته: إن وَلَدتِ ولدًا، فهو حرٌّ فولدت، عَتَق وإن لم يكن مالِكًا حالَ القَول، لأنه أضاف العِتق إلى المِلك، وإن لم يكن مالِكًا في الحال، وفي "مِشكلِ الحديث" للطحاوي: وقال عليه الصلاة والسلام لعمرَ: "حَبّس الأَصل، وسَبل الثمرة". فدل على جواز العقود فيما لم يَمْلكه وَقْت العقد، بل فيما يستأنف. وأجمعوا على أنه إِن أوْصى بثُلث مالِه أنه يُعتبر وقت الموت، لا وقت الوصية، وقال الله تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} فهذا نظيرُ: إن تزوجت فلانة فهي طالق.
وفي "الاستذكار": لم يختلف عن مالك أنه إن عَمّم لا يلزمه، وإنْ سَمى امرأة أو أرضًا، أو قبيلة لَزِمه، وبه قال ابن أبي لَيلى، والحسن بن صالح، والنَّخَعي، والشَّعبي، والأَوزاعي، والليث؛ ورُوي عن الثَّوري، وخَرّج وكيع عن الأسود: أنه طَلّق امرأة؛ إن تزوجها، فسأل ابنَ مسعود، فقال: أعلمها بالطلاقِ ثُم تزوّجها. يعني أنه كان قد تزوجها، إذ سأل ابن مسعود فأجابه بهذا، وتكون عنده على اثنين إن تزوجها؛ ورُوي عنه فيمن قال: إنْ تزوجت فلانة، فهي طالق، أنه كما قال. وقال ابنُ أبي شَيبةَ: حدثنا عبدُ الله بن نُمير، وأبو أسامة عن يحيى بن سعيد، قال: كان القاسم، وسالم، وعمرُ بنُ عبد العزيز يَرَوْن الطلاقَ جائزًا عليه إذا عيّن. قال: وحدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة أنه سأل القاسم بن محمد، وسالمًا، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم، وعبد الله بن عبد الرحمن عن رجل، قال: يومَ أتزوّج فلانة فهي طالق، قال: فهي طالق. وقال أيضًا: حدثنا إسماعيل بن عُلَية عن عبد الله، قلت لسالم بن عبد الله: رجلُ قال: وكل امرأة يتزوّجها فهي طالق، وكلّ جارية يشتريها فهي حرة، فقال: أما أنا فلو كنت، لم أَنْكِح، ولم أشتر. ثم ذكر البيهقي عن ابن عباس أنه استدل على عدم الوقوع بقوله تعالى:{إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، قلت: الآية دَلت على أنه إذا وُجِد النكاح، ثم طَلّق قبل المسيس، فلا عِدة، ولم تتعرض الآية لصورة النزاع أصلًا، اهـ "الجَوهر النقي".
قال الشيخ في درس الترمذي: مَنْ فَرق بين المُعينة وغيرها، والمضافة إلى بلدة وغيرها، فكأنه أَراد أنَّ مَن أطلق في التعليق ولم يقيده بقيد، فقد حَجَر النِّكاح على نَفْسه مُطلقًا، فينبغي أن لا يُعْتبر بقوله، أما مَن خَصّص بوقت، أو بلدةٍ، فلا بأس أن نعْمل قوله، فاِن فيه إعمالًا لقوله مع عدم حَجْر الئكاح على نفسه. ثم وجدته في "بداية المجتهد" قال: وأما الفَرق بين التعميم والتخصيص فاستحسانٌ مَبني على المصلحة، وذلك أنه إذا عَمّم فأوجبنا عليه التعميم، لم يجد سبيلًا إلى النِّكاح الحلال، فكان ذلك عنَتًا به، وحَرَجًا، وكأنه من باب نَذر المعصية؛ وأما إذا خَصص، فليس الأمر كذلك إذا ألزمناه الطلاق. اهـ.
(1)
أخرج مالك عن سعيد بن عَمْرو بن سُليم الزُّرقي أنه سأل القاسم بن محمد عن رَجُل طَلّق امرأة إنْ هو تَزوّجها، قال: فقال القاسم بن محمد: إنّ رجلًا جعل امرأةً عليه كظهر أُمه إنْ هو تزوّجها، فأمره عمرُ بنُ الخَطّاب إنْ هو تزوّجها، لا يقربها حتى يُكفِّر كفارةَ المتظاهر. اهـ. ثُم رأيت أن الشيخ ابنَ الهُمام أيضًا قد تَمسّك به، وقال: فقد صرح عمرُ بصحةِ تعليقِ الظهار بالملك، ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعًا. كذا في "فتح القدير"؛ قلتُ: وقد عَلِمت أنه سبقه أبو عمر، فذكره في "الاستذكار" كما نقله العلامة المارديني في "الجَوْهر النقي"، وقد رأيت نَصّه آنِفًا.