الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يرجِع إليها ثانيًا، بَتَّ طلاقها، والبائن في مِثْله ينبغي أن يكون جائزًا عندنا أيضًا، كالخُلْع في الحيض عند محمد، وقد ذكرناه من قبل.
قوله: (فكانت سُنَّةً) أي التفريق بين المتلاعِنَين، دون التَّطْليق.
قوله: (وَحَرَةٌ) حيوانٌ يُشْبِه الجِرْباء.
قوله: (يُنْسَبُ إلى أُمِّه) وبُحِث في الفِقْه ما المراد منه، هل قامت الأُمّ مقام الأَب في حَقِّ الإِرث، أو المراد قَطع نِسْبته من الأب فقط؟.
قوله: (فإِنْ جاءت به أُحَيْمِر)
…
إلخ. وكانت تلك حلية الزَّاني.
2 - باب {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور: 7]
4746
- حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِى الْقُرْآنِ مِنَ التَّلَاعُنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَدْ قُضِىَ فِيكَ وَفِى امْرَأَتِكَ» . قَالَ فَتَلَاعَنَا، وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفَارَقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا، فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِى الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا، وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا. أطرافه 423، 4745، 5259، 5308، 5309، 6854، 7165، 7166، 7304 تحفة 4805 - 126/ 6
باب: "قوله: (والخامسة أن لعنة الله عليه) " قال ابن نجيم - صاحب البحر -: إن اللعنة صغيرة، قلت " ولعله ذهب إليه، لأنه رأى أن هذا اللفظ يجري بين المسلمين في باب اللعان.
فيكون صغيرة لا محالة، وليس بشيء، فإن الشرع إنما وضعه بين المتلاعنين. لكون أقبح لفظ عند الشرع، فلعلهما يكرهان ذلك، فيضطران إلى بيان ما هو الحق، تحرزًا عن تلفظهما به، ولذا
قال: أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فاستعمال هذا اللفظ ليس لهوانه، وخفته، بل لعظمه عند الشرع، فهو لأجل انكشاف الحال، لا كما فهمه. ولذا عدل القرآن في المباهلة عن لفظ اللعان، وإن فسروها باللعان، لكن المباهلة في الأصل هو الدعاء.
قوله: (ففارقها) وقد تخبط الراوي فيه. وما بعده يدل على أن المراد به سنة التفريق، كما قال، فكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين.
قوله: (فأنكر حملها) ولا لعان عندنا بنفي الحمل
(1)
، لعدم تقرر سببه، فإن الحمل وجوده وعدمه لا يتحقق قبل الوضع، فلعله يكون انتفاخًا، أو داء آخر، فإن اضطر الزوج إلى اللعان، عليه أن يمسك عنه حتى تضع حملها، وقد تكلم ابن الهمام
(2)
عن المذهب في "الفتح" ونقل عن أحمد أن تلك المرأة كانت وضعت حملها، والرواة فيه مضطربون، فذكر بعضهم اللعان، حال الحمل، وبعضهم بعد وضعه، وإذن في قوله: فأنكر بحملها، تسامح، وله جواب آخر، فصلته في مذكرتي.
فائدة: وقد استدل منه الطحاوي على مسألة قضاء القاضي بشهادة الزور، فاعلم أولًا أنهم قالوا: إن امرأة لو ادعت على رجل أنه نكحها، وأتت عليه ببينة، ثم قضى به القاضي، حل له وطؤها، فاعترض عليه الخصوم، بأن فيه تمكينًا للأجنبي من الأجنبية، وهو زنا؛ قلت: وأين هم من تخريج الحنفية، فإنهم قالوا: إن للقاضي ولاية عامة، فيقوم قضاؤه مقام العقد، حتى شرط بعضهم حضور الشاهدين أيضًا، وما ذلك إلا لتكون شاكلته شاكلة العقد بعينها، وإلا فحضور الشاهدين لا يشترط القضاء، وهذا القول، وإن كان مرجوحًا عندهم، إلا أني ذكرته لتتقدر فيه
(1)
قال الطحاوي: مَذْهب أبي حنيفة أنه إذا نفى حَمْلَها لا يُلاعن، لأنه يجوز أن لا يكون حَمْلًا، ولهذا لو كانت أَمته حامِلًا فقالا لِعَبْده: إن كانت أَمَتي حامِلًا، فأنت حُرّ: فمات أبو العبد قبل أن تَضَع، لا يرثه العبدُ في قولهم جميعًا، فقد لا يكون حَمْلًا، فلا يستحق العِتْق. وإنما نَفَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الولَدَ، لأنه عَلِم بالوحي وُجُودَه، ولهذا قال:"إنْ جاءت به كذا، فهذا لفلان"
…
الحديث. اهـ. هكذا فكره المارديني، ثُم أخذ يُجيب عن الآيات التي تَرد على مَذْهبنا، ثُم نقل عن أبي بَكْر الرَّازي. قال: وإنما تُردُّ الجاريةُ بِعَيْب الحَمْل إذا قال النِّساء: هي حُبْلى، لأن الردَّ بالعيب ثبت مع الشُّبهةِ، كسائر الحقوق التي لا تُسْقطها الشبهةُ، والحدّ لا يجوزُ إثباتُه بالشبهةِ. اهـ. "الجَوْهر النَّقي".
(2)
قال الشيخ ابنُ الهُمام: وهلال لم يكن قذفها بِنَفْي الحمل، بل بالزنا. قال: وجدتُ شَرِيك ابنَ سُحْماء على بطنها، يزني بها. وقوله صلى الله عليه وسلم:"انظروا، فإِن جاءت به كذا، إلى آخِر ما قدمناه. فانظره، كان إما لِعِلْمه صلى الله عليه وسلم بِحَمْلها من طريق الوَحْي، اْو لأن اللِّعان تأخَّر حتى ظهر الحَمْل: وكذا أنكر أحمدُ بن حنبل لِعانَ هلال بالحَمْل، قاله ابنُ الجوزي. على أن كونَ لعانِهما كان قَبْل الوضْع معارَضٌ، فقد قدمنا - في "الصحيحين" - عن ابن عباس ما يفيدُ أنه كان بعد وَضْعها، وهو قوله: فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم بين"، فوضعت شَبيهًا بالذي ذَكَر زوجُها أنه وجده عند أهله، فلاعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهما. فلا يستدلُّ بأحدهما بعينه، لأن التعارُض يوجِب التوقف، اهـ "فتح القدير"؛ قلتُ: لا ريبَ أنَّ الشيخَ ابنَ الهُمام بسط المسألة، وقررها أحسنَ تقرير، وجُلّ بَحْثه ما أومأ إليه الطحاوي، كما نقلنا عبارته عن "الجَوهر النقي" غير أنه لا بد من مراجعته أيضًا.
ملحظ الحنفية، أنه في حكم العقد عندهم، فأين فيه التمكين على الزنا؟! ثم في المسألة قيود، ذكرها أرباب الشروح: منها كونه في العقود والفسوق، دون الأملاك المرسلة، وقررها الطحاوي، أن العقود والفسوق إنشاءات، فيثبتها القضاء، بخلاف الأملاك المرسلة، فإنها أخبار، فلا يؤثر فيها القضاء، لأنه يمكن إثبات ما هو ثابت. وأما ما قد وقع وثبت، فلا يمكن إثباته، لأنه قد تقرر في الخارج على جهة، ولا أثر للقضاء في إثباته، ولا تغييره.
هذا توضيح المسألة، وأما تقرير استدلال الطحاوي
(1)
، فبأن الزوجان لما كتما الواقع، ولم يكشفاه في اللعان، قام الشرع بالتفريق بينهما من الولاية العامة، كذلك أقمنا القضاء مقام التزويج، فيما ادعت المرأة على رجل بالنكاح، وأتت عليه بالبينة، فكما أن تفريقه ينفذ قضاء وديانة، كذلك فلينفذ تزويجه أيضًا من غير فارق؛ قلت
(2)
: وهذا القياس عندي قياس مع الفارق، لأن الحكم في اللعان لم يوافق أحدًا من الخصمين، فإنه لم يحكم بما اقتضاه كلام الزوج. وكذلك لم يحكم بما اقتضاه كلام الزوجة، أعني حد الزنا، أو القذف، ولكن حكم بالتفريق، وهو حكم ثالث من جانب الشرع، بخلاف مسألة التزويج، فإنه على وفق أحد الزوجين، فهذا فارق عندي.
قولى: (البينة، أو حد في ظهرك) وإنما أمره بأحد الأمرين لا محالة، لأنه لم تكن نزلت سنة اللعان بعد، فكان الحكم هو هذا. وإن كان للزوج عذر في عدم قدرته على السكوت، عند رؤية مثل هذه الشناعة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اضطره إلى أحد هذين، لأنه كان له سبيل دون ذلك بأن يطلقها، فيفارقها، ولا يجهر به في مجلس القاضي، ويتقي به من ميسم السوء، ولكنه لم يفعل، وأبى إلا أن يأتي به في مجلس القضاء، وهذا يدل على أنه لا يريد فراقها أيضًا، ثم يتكلم بأمر ليس له الاستمتاع بها بعده، وحينئذ فليعد نفسه لإحدى العقوبتين: إما لهذا، وإما لذاك.
(1)
ونَصُّ عبارته هكذا: قال الطحاوي، بعد سَرْد رواياتِ اللِّعان: فقد عَلِمنا أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لو عَلِم الكاذِب منهما بعينِه لم يفرِّق بينهما، ولم يُلاعِن، ولو عَلِم أن المرأةَ صادقةٌ لحدَّ زوجها بِقَذْفه إياها، ولو عَلِم أنَّ الزوج صادقٌ لحدَّ المرأةَ بالزنا الذي كان منهما، فلما خَفِي الصادِق منهما على الحاكِم، وَجَب حُكم آخر، فَحَرُم الفَرْج على الزَّوْج في الباطن والظاهر، ولم يرد ذلك إلى حُكم الباطن، فلما شهدا في المتلاعِنَين ثبت أن كذلك الفرق كلها (*)، والقضاء بما ليس فيه تمليكُ أموالِ أنه على حُكْم الظاهر، لا على حُكْم الباطن، وإن حُكْم القاضي يحدث في ذلك التحريم، والتحليل في الظاهر والباطن جميعًا، إلى آخر ما قال. قلتُ: ولعلَّ في قوله: "فلما شهدا"
…
إلخ، سقط من النُّسّاخ، فاختل المرادُ، ففكر أنت من نَفْسك أيضًا، وسنقرره في آخر الكتاب أبسط من هذا إن شاء الله تعالى.
(2)
قلتُ: ولم أجد في مذكرتي غيرَ هذا الحرف، فلينظر فيه أنه هل يمكن أن يُعتبر هذا القَدْر من الفرق فارِقًا أَو لا؟.
(*) هكذا في الأصل [المصحح].