الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا صحَّ الظهار في الأجنبية، فلا وَجْه أن لا يصحَّ تعليقُ الطلاقِ فيها.
11 - باب الطَّلَاقِ فِى الإِغْلَاقِ، وَالْمُكْرَهِ، وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا، وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِى الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ
لِقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم: «اْلأَعْمَالُ بِالنّيةِ، وَلِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى» . وَتَلَا الشَّعْبِيُّ: {لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وَما لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ المُوَسْوِسِ. وَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفسِهِ:«أَبِكَ جُنُونٌ؟» وَقالَ عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَينَاهُ، ثُمَّ قالَ حَمْزَةُ: هَل أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. وَقالَ عُثْمانُ: لَيسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلاقٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتكْرَهِ لَيسَ بِجَائِزٍ. وَقالَ عُقْبَةُبْنُ عامِرٍ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُ المُوَسْوِسِ. وَقالَ عَطَاءٌ: إِذَا بَدَأَ بِالطَّلَاقِ فَلَهُ شَرْطُهُ. وَقالَ نَافعٌ: طَلَّق رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيسَ بِشَيءٍ. وَقالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قالَ: إِنْ لَمْ أَفعَل كَذَا وَكَذَا فَامْرأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا، يُسْئَلُ عَمَّا قالَ وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلك اليَمِينِ؟ فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلبُهُ حِينَ حَلَفَ، جُعِلَ ذلِكَ في دِينِهِ وَأَمانَتِهِ. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قالَ: لَا حاجَةَ لِي فِيكِ، نِيَّتُهُ، وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ. وَقالَ قَتَادَةُ: إِذَا قالَ: إِذَا حَمَلتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلَّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَملُهَا فَقَدْ بَانَتْ. وَقال الحَسَنُ: إِذَا قال: الحَقي بِأَهْلِكِ، نِيَّتُهُ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّلاقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالعَتَاقُ ما أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ. وَقالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ قالَ: ما أَنْتِ بِامْرَأَتِي، نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ ما نَوَى. وَقالَ عَلِيٌّ: أَلَمْ تَعلَمْ أَنَّ القَلَمَ رُفعَ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ. وَقالَ عَليٌّ: وَكُلُّ الطَّلَاق جائِزٌ، إِلَّا طَلَاقَ المَعْتُوهِ. 59/ 7
5269 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» . قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِى نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ. طرفاه 2528، 6664 - تحفة 12896
5270 -
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ زَنَى. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِى أَعْرَضَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ بِكَ جُنُونٌ هَلْ أُحْصِنْتَ» . قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالْحَرَّةِ فَقُتِلَ. أطرافه 5272، 6814، 6816، 6820، 6826، 7168 - تحفة 3149
5271 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى لَهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ فَقَالَ «هَلْ بِكَ جُنُونٌ» . قَالَ لَا. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» . وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. أطرافه 6815، 6825، 7167 - تحفة 15158، 13148
5272 -
وَعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىَّ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ. أطرافه 5270، 6814، 6816، 6820، 6826، 7168 - تحفة 3169 - 60/ 7
والإِغلاق لفظ حديث ابن ماجه، واختُلف في شَرْحه، قيل: هو الإِكراه، وقيل: الجنون، والمتبادِر من لفظه هو الأَوّل، والأكثرون في طلاق المُكْره، إلى أنه لا يقع، ويقع
(1)
عندنا. ومَرّ عليه السُّهيلي في «الروض الأُنف» وصرح أنَّ الوَجْه الفِقْهي يؤيِّدُه، وقَوّى مذهب الحنفية.
قلتُ: وقد رَخّص الحنفية بالتوريةِ
(2)
، فاعتبروا توريتَه ديانةً وقضاءً، فقد أخرجوا له سبيلًا، إلَّا أنه إذا عجز واستحمق هو، ولم يعمل بما رُخِّص به، فكيف لا نعتبرُ بطلاقه؟ وراجع «شرح الوِقاية»
(3)
.
قوله: (السَّكْران)"نشه والا"، وليست ترجمته "بيوش"، ولنا في السُّكر من الحَرَام قولان، فإِن كان من الحلالِ لا يقعُ طلاقُه، قولًا واحدًا.
قوله: (والغَلَط) وهو الخطأ، أي أراد أن يسبِّح اللَّهَ، فسبق على لسانه ذِكْر الطلاق.
(1)
وفي "البِناية" و"عُمدة القاري" أنَّ مَذْهبنا مذهبُ عُمر، وعلي، وعبد الله بن عُمر رضي الله عنهم، وبه قال الشَّعبي، وابنُ جُبير، والنَّخعي، والزُّهري، وسعيد بن المُسيَّب، وشُرَيح القاضي، وأبو قِلابة، وقَتادة، والثَّوري، وراجع "المعالم".
(2)
قال الخطّابي: قال أصحابُ الشافعي في الكُره: إنما لا يمضي طلاقُه إذا وَرّى عنه بشيء، مثل أن ينوي طلاقًا من وَثاق، أو نحوه، كما يُكْره على الكُفْر، فيؤدِّي وهو يعتقِدُ بقلبه الإِيمان. اهـ "معالم". قلتُ: وحينئذ فليحرر الفَرْق بينه وبيننا.
(3)
قال ابن رُشد: وسببُ الخلافِ هل المُطلّقِ من قبل الإِكراه مختارٌ أم ليس بمختار؟ لأنه ليس يُكْره على اللفظ إذا كان اللفظُ إنما يقع باختيارِه، والمُكْره على الحقيقةِ، هو الذي لم يكن له اختيار في إيقاع شيءِ أصلًا. اهـ "بداية المجتهد". وراجع "الجَوْهر النَّقي".
قوله: (والنسيان) واستُشكلت على بَعْضهم صورةُ النِّسيان، وذَكَر له في «البحر» صورًا، نحو أن يقول: إن أجزتُ لك أن تذهبي إلى بيتِ فُلان، فأنت طالق، فنسي وأجاز.
قوله: (والشِّرك) وإنما أضافه لكونه لفظًا قرآنيًا، إلا أنه مُقيّد بكونِ قلبه مطمئنًا بالإِيمان.
قوله: (الأعمال بالنية) وقد علمت أنَّ الحديث في بيان أن نوعَ الأعمال من تَنَوُّع النيات، فإِيراده ههنا في غير موضعه.
قوله: (وتلا الشَّعبي: {لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أو أَخطَأْنَا})
…
إلخ، ولذا سبق مني أنَّ النِّسيان والخطأ اعتُبر في الشَّرْع عُذْرًا، أزيدُ مما اعتبره الحنفيةُ في فِقْههم.
قوله: (والمُوَسوس) المَجْنُون، أو المَعْتوه، والعَتْه أخفُّ من الجنون، وضَبْطُه مُشْكِل.
قوله: (أَبِك جُنونٌ) فدلّ على أن الجُنون مُسْقِط.
قوله: (إذا بدأ بالطلاقِ فله شَرْطُه) يعني لا فَرْق بين تقديمِ الشَّرط وتأخِيره، ولا تناسب له في سلسلة المسائل.
قوله: (يُسْأل عَمّا قال) يعني ما أراد مِن قوله: كذا وكذا. وفي الكنز أن في قوله: لا آكُل طعامًا بلفظ عام قولان: قيل: لا يُعتبر فيه الخُصوص، وقال الخَصّاف
(1)
: يُعتبر ديانةً.
قوله: (فإِنْ سَمّى أَجَلًا)
…
إلخ. والنيةُ عندنا تَعْمل في الملفوظ فقط، فهذا مخالِفٌ لنا، لأن بيانَ الأَجَل تقييدٌ لا تخصيص.
قوله: (جُعِل ذلك في دِينِه) هذا هو الدِّيانة التي تُقابل القضاء.
(1)
قلتُ: وفي "الدُّرِّ المختار" من كتاب الإِيمان: إنْ أكلتُ، أو شرِبتُ، أو لبستُ، أو نكحت، ونحو ذلك، فعبدي حُرّ، ونوى مُعَيّنًا أي خبزًا، أو لبنًا، أو قطنًا مثلًا، لم يصدّق أَصْلًا، فَيَحْنَث بما أكل، وشرب، وقيل: يُدَيَّن، كما لو نوى: كلّ الأطعمة، وكل مياه العالم، حتى لا يحنث أصلًا، ولو ضم: إن أكلت طعامًا، أو شربت شرابًا، أو لبست ثوبًا دُيِّن، وقال: تخصيص العام يَصِح ديانة إجماعًا، فلو قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، ثم قال: نويت من بلد كذا لا يصدّق قضاء، وكذا مَنْ غَصَب دراهمَ إنسان، فلما استحلفه الخَصْم عامًّا، نوى خاصًّا، به يفتى، خلافًا للخَصّاف. وفي "الوالولجية". متى حَلّفه الظالم، أو أخذ بِقَول الخَصّاف، فلا بأس به.
وقالوا: النِّية للحالف، ولو بِطلاقٍ، وعِتاق، وكذا بالله لو مظلومًا، وإنْ ظالمًا فللمُسْتَحلِف، ولا تعلّق للقضاءِ في اليمين بالله. انتهى، ففيه تصريحٌ بجواز تخصيصِ العام ديانةً.