الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
32 - سُورَةُ تَنْزِيل السَّجْدَةِ
وَقالَ مُجَاهِدٌ: {مَهِينٌ} [8] ضَعِيفٍ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ. {ضَلَلْنَا} [10] هَلَكْنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْجُرُزُ} [27] الَّتِى لَا تُمْطَرُ إِلَّا مَطَرًا لَا يُغْنِى عَنْهَا شَيْئًا. {يَهْدِ} [26] يُبَيِّنُ.
1 - باب قَوْلِهِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} [السجدة: 17]
4779
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «قَالَ اللهُ تبارك وتعالى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .
وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ اللهُ مِثْلَهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ رِوَايَةً. قَالَ فَأَىُّ شَىْءٍ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ. أطرافه 3244، 4780، 7498 تحفة 13675، 12509 - 145/ 6
4780 -
حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا، بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ» . ثُمَّ قَرَأَ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة: 17]. أطرافه 3244، 4779، 7498 - تحفة 12487
قوله: ({مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ})"آنكهو نكى تهندك".
4780 -
قوله: (بِلْه) بمعنى غير، يستعمل في الاستثناء المُنْقَطِع، كما في «المُغْني» .
واعلم أنَّ القِصَص المنقولةَ فيه كُلُّها أباطيلُ
(1)
وتُرَّهَات. والذي صحَّ عندنا من
(1)
قال بعدما ردَّ على القِصَص التي نُقِلت في ذلك: والذي أشار إليه جماعةٌ من أهل التحقيق في هذه القصة أنه تبارك وتعالى أوْحى إليه أنّه سيتزوجها، وذلك لحكمةٍ اقتضتْها الإِرادة الإِلهية، فهذا الذي عاتبه اللهُ على إخفائه من زيد. وروى ابنُ أبي حاتم عن طريق السُّدّي أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يُزوِّجها زيدًا، فكرهت ذلك، ثُم إنها رَضِيت به، فزوَّجَها إياه. ثُم أَعلم اللهُ نبيَّه بعدُ أنها مِن أزواجه، فكان يستحيي أن يَأْمُره بطلاقِها، وكان لا يزال يكون بين زيدٍ وزينب ما يكون بين الناس، فأَمره أن يُمسِك عليه زَوْجه، وكان يَخْشى النَّاس أن يعيبوا عليه، ويقولوا: تزوَّج امرأةَ ابنه. ورُوي أيضًا عن عليِّ بن الحسين قال: أَعْلَم اللهُ نبيَّه أن زينب ستكونُ من أزواجه قبل أن يتزوَّجها، فلما أتاه زيدٌ يَشْكُوها، قال: اتقِ اللهَ، وأمسك عليك زوجك. قال الله تعالى: قد أخبرتك أني زوجتكها: =
خبره أنه كان بين زيدٍ، وزينب منافرة، فكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِب أن يُمْسِكها وينصحه بذلك، وينهاه عن فِراقها، وكان يُضْمِر في نفسه أنه إن أسمعه ما يكره، فإِنه يتزوَّجُها بنفسه، وذلك لأنَّ زيدًا كان مطعونًا في نَسَبه، وكانت زينبُ فيهم ذاتَ نَسَب، وإنما رضيت بالتزوُّجِ منه لِوَجْه النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقط، فلما أزمع زيدٌ على أن يطلِّقها، تحدَّثت نَفْسه أن يُكْرِمها بتزوُّجها جَبْرًا لهذا الإِيحاش والهوان. وكان في تزوُّج النبيِّ صلى الله عليه وسلم إياها تلافيًا لما صدر منه على أتم وجه. غير أن تزوُّجَ امرأةِ المُتَبَنَّى كان عندهم شَيْنًا، فأراد الله سبحانه أن لا يبقى في أزواج أدعيائهم حَرَج، فأنكحه إياها بعد طلاقِها، وليس فيه شيء يخالِفُ شَأنه وقُدْسه.
ونظيرُه أنه تلا آيَة التخيير على عائشةَ، وكان يحب في نَفْسه أن لا تختار إلَّا نَفْسه المباركة والدار الآخرة، ولا تَرْكن إلى الدنيا، فتلا آيةَ التخيير في الظاهر، وأضمر أن تُؤثر نَفْسه والدار الآخِرة، فكذلك ههنا، كان يصرُّ عليه أن يُمْسِكها مع التطلُّع إلى سبيلٍ يَسْكُن به خاطِرْها إنْ جفا عليها وفارقِها. وهذا الذي قاله تبارك وتعالى:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} فأيّ شيء أبداه بعده غير أمْر النكاح. فهذه هي القِصَّة، ثُم زيدت عليها مئة كذبة، فجاءت كما ترى تَقْشَعِر منها الجلود. وراجع «الكمالين
(1)
- الحاشية للجلالين -».
وقد مر معنا أن في أَنْكِحةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلّها سرًا من أسرار رَبّانية، كما رأيت في نِكاح زينبَ، فإِنَّه عُلِم منه جوازُ النِّكاح من حليلةِ المُتبنَّى بعد الطلاق، وكان العربُ يتحرَّجون عنه، فلولا ذلك لبقي هذا الحَرَجُ في الدِّين. ولما كان أكثرُ تعليماتِ الأنبياء
= {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} قال القرطبي: قال علماؤنا: قَوْلُ علي بن الحسين أَحْسن ما قيل في الآية، وهو الذي عليه أَهْلُ التحقيقِ من المفسرين، والعلماء الراسخين، كالزُّهري، والقاضي أبو بكر بن العلاء، والقاضي أبو بكر بن العربي، وغيرهم. ذكر هذا كلَّه العلامة عبدُ الرؤوف المُناوي في "شرح الألفية" للعراقي "الكمالين على حاشية الجلالين" من سورة الأحزاب.
(1)
قلتُ: وقد يخطر بالبال أنَّ الله سبحانه إنما زَوَّجها في السماء، وتكفل بنكاحها لأمْرين: الأول: لما فيه من تلافٍ لجفاء زيد عليها، مع أنها قد كانت رضيت بالنكاحِ لأمْر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلما آثَرَت هي رضاءه على رضائها، كافأها اللهُ بما كان أحْسنَ لها من الدنيا وما فيها، كما استرجعت أُمُّ سَلَمة بعد وفاةِ زوجها، فعوضها اللهُ بما لم تكن نَفْسُها توسوس إليها أبدًا، وهو التزوج بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنَّ فيه غايةَ إكرامِ النبي صلى الله عليه وسلم، فإِنه لما كانت نَفسُه تشمئزُّ منه نظرًا إلى عادةِ العرب، وقد كانوا يبتغون له مطعنًا يطعنون به، ليصدوا الناسَ عن ذِكْر اللهِ، فالله سبحانه زَوَّجه إياها، وتولى بنفسه لئلا يتجشم هو لمباشرة العقد، ويظهر أنه لم يتقدم إليه، ولكنَّ مولاه وربّه زَوَّجه، فرضي به. وهذا كما ترى بين الناس، أن الأب إذا رأى في أَمْرِ مصلحةً لابنه يمضي فيه، ويباشره بنفسه، ولا يترقب إلى مباشرة الابن بنفسه، ولا يجبره عليه أيضًا، فإِنه يكون أعلمَ بعاقبته، والله سبحانه أعظم، وأوفر شفقة، وأكثر حقًا، فهو أحق به، بل لا حق إلا لله سبحانه جل وعز، والله تعالى أعلم بالصواب.