الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4905 -
قوله: (دَعْه، لا يتحدَّثُ النّاسُ أنَّ محمدًا يَقْتلُ أصحابَه) هذا هو السرُّ في عدمِ قَتْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم المنافقين، مع علمه بأعيانِهم، كما نَبّهناك فيما مرّ. وليس الأَمر أنَّ المنافقين كانوا مختلِطين بين أصحابه صلى الله عليه وسلم بحيث يرتفع التمييزُ أَصْلًا، ولكنه كان يُسامِحُهُم لِمِثْل هذه المصلحة، فاندفع ما أورد عليه، فافهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
64 - سُورَةُ التَّغَابُنِ
وَقالَ عَلقَمَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ:{وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [11] هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ. وقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ.
بسم الله الرحمن الرحيم
65 - سُورَةُ الطَّلَاقِ
وَقالَ مُجَاهِدٌ: {وَبَالَ أَمْرِهَا} [9] جَزَاءَ أَمْرِهَا. {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [4]: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا أَتحيضُ أَمْ لا تَحيضُ. فَاللائي قَعَدْنَ عَنِ الْمَحيضِ وَاللائي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ.
1 - باب
4908 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ «لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ» . أطرافه 5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 تحفة 6885
2 - باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]
وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ: وَاحِدُهَا: ذَاتُ حَمْلٍ.
4909 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ أَفْتِنِى فِى امْرَأَةٍ وَلَدَتْ
بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الأَجَلَيْنِ. قُلْتُ أَنَا {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِى - يَعْنِى أَبَا سَلَمَةَ - فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلَامَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهْىَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا. طرفه 5318 - تحفة 18206، 17785 أ - 194/ 6
4910 -
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ فَضَمَّزَ لِى بَعْضُ أَصْحَابِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ إِنِّى إِذًا لَجَرِىءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهْوَ فِى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ. فَاسْتَحْيَا وَقَالَ لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ. فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِى حَدِيثَ سُبَيْعَةَ فَقُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا شَيْئًا فَقَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ. لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . طرفه 4532 - تحفة 9544، 15890 ل
قوله: (ليراجعها، ثُم يمسكها) وهذا صريحٌ في أن تطليقَ
(1)
ابنِ عمر امرأتَه في الحيض اعتُبر طَلاقًا، مع كونه بدعةً، فكيف يقول ابنُ تيميةَ ما يقول؟ وقد مَرّ، ثُم الرجوع عنه واجِبٌ، كما في «الهداية» ، وهو ظاهر الحديث، وقيل: مستحبُّ، والأَوّل أرجح.
4908 -
قوله: (حتى تَطْهُرَ، ثُم تحيض)
…
إلخ. وللرواة فيه اختلافُ، وهو الوجهان للحنفية، فقيل: إنّه يُطلِّقها في الطُّهر الذي بعد الحَيْضة الأُولى، كما عند أبي داود، وقيل: بل ينبغي له أن يُمْهِلَها حتى تمضِي حيضتان، ثُم يُطَلِّقها في الطُّهر الذي
(1)
قال ابن رشد: أما المسألة الأُولى: فإِن الجمهور إنما صاروا إلى أن الطلاق إن وقع في الحيض اعتد به وكان طلاقًا، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: مُره فليراجِعْها. قالوا: والرَّجعة لا تكون إلَّا بعد طلاق. ورَوى الشافعيُّ عن مسلم بن خالد عن ابن جُرَيج أنهم أرسلوا إلى نافع يسألونه: هل حسبت تطليقة ابن عمرَ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. ورُوي أنه الذي كان يُفْتي به ابنُ عمرَ، وأما مَنْ لم ير هذا الطلاقَ واقِعًا، فإِنه اعتمد عمومَ قوله صلى الله عليه وسلم:"كلّ - فعل أو - عمل ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ". وقالوا: أَمْرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بِرَدّه يُشْعر بعدمِ نفوذه، ووقوعه؛ وبالجملةِ فسببُ الاختلاف، هل الشروط التي اشترطها الشَّرْع في الطلاق السُّنّي هي شروطُ صحةٍ وإجزاء، أم شروط كمال وتمام؟ فَمَن قال: شروط إجزاء، قال: لا يقع الطلاق الذي عُدِم هذه الصفة، ومَنْ قال: شروط كمال وتمام، قال: يقع. ويُنْدب إلى أنْ يقعَ كامِلًا، ولذلك مَنْ قال بوقوع الطلاق وجبره على الرجعة، فقد تناقض، فتدبر ذلك. اهـ:"بداية المجتهد".
بعدهما. وتَعرَّض صاحب «الهداية» إلى حِكْمة التراخي، وراجع «بداية المجتهد» لابن رشد
(1)
.
4908 -
قوله: (فتلك العِدَّةُ، كما أَمَره اللهُ)
…
إلخ. إشارةٌ إلى قوله: {فَطَلّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} واستدل
(2)
منه الشافعية على كونِ القروء بمعنى الأَطهار، فإِن التطليقَ في الطُّهر بالإِجماع، وقد جعله القرآنُ عِدّةً لهن، فدلّ على أنَّ العِدّة بالأطهار. وأجاب عنه الزَّمْخَشريُّ: أنَّ اللام فيه للاستقبال، فيكون التَّطْلِيقُ في الطُّهر، وعِدّتها بَعْدَه في الحَيْض، وتؤيدُه قراءة:«قبل عدتهن» . والجواب عندي
(3)
: أنَّ العِدّة عِدَّتان: عِدّة الرجال، وهي للتطلِيق؛ وعدَّة النِّساء، وهي للتربُّص، كما في «المبسوط» . والمذكور في الآية عِدّة الرِّجال - كما أشار إليه الطحاوي - دون عِدَّة النساء، وهي في قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فالرِّجال أُمِرُوا أن ينظروا متى يُطلِّقُوها، وهو الأَطْهار، والنِّساء أُمرن: أن يتربَّصْن بأنفسهن ثلاثةَ حِيض، واللام فيه للظرفية، ولذا خاطب في «سورة الطَّلاق» الرجال، وقال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، وفي «سورة النساء» النِّساء، فقال:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}
…
إلخ. وبالجملة قَسَم العِدَّة بين الرِّجال والنِّساء في السورتين، وبيّن لهما ما كان عليهما مِن إحصاء عِدّتهما.
4909 -
قوله: (فقال ابنُ عباس: آخِرُ الأَجَلَيْن)
…
إلخ. والسَّلَف مُخْتلفون بين آيةِ عِدّة الحاملة، وآية عِدّة المُتوفَّى عنها زَوْجُها: فمنهم مَنْ ذهب إلى أنَّ بينهما عُمومًا وخصوصًا مِن وَجْه؛ والجمهور إلى أنَّ وَضْع الحَمْل هو العِدَّة، سواء كان قريبًا أم بعيدًا، وهو مذهبُ ابن مسعود.
(1)
قال ابنُ رُشْد: وأما المسألة الثالثة: وهي متى يوقع الطلاق بعد الإِجبار؟ فإِنَّ من اشترط في ذلك أَنْ يُمْسِكها حتى تطهر، ثُم تحيض، ثُم تطهر، فإِنما صار لذلك، لأنه المنصوص عليه في حديث ابن عمرَ المتقدّم. قالوا: والمعنى في ذلك لِتصحَّ الرَّجعة بالوطء في الطُّهر الذي بعد الحيض، لأنه لو طَلَّقها في الطُّهر الذي بعد الحَيْضة لم يكن عليها من الطلاق الآخر عِدّة، لأنه كان يكون كالمُطَلِّق قبل الدخول؛ وبالجملة فقالوا: إنَّ مِن شَرْط الرَّجْعة وجودَ زمانٍ يَصِحُّ فيه الوطءُ، وعلى هذا التعليلِ يكون من شروط طلاقِ السُّنة أن يطلِّقها في طُهر لم يطلِّق في الحيضة التي قبله، وهو أَحَدُ الشروطِ المُشْتَرطة عند مالك في طلاق السُّنة، فيما ذكره عبد الوهاب؛ وأما الذين لم يشترطوا ذلك، فإِنهم صاروا إلى ما رَوى يونس بن جبير، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، ومَنْ تابعهم عن ابن عمر في هذا الحديث، أنه قال: يراجعها، فإِذا طَهُرت طلقها إنْ شاء، وقالوا: المعنى في ذلك أنه أُمر بالرجوع عقوبة له، لأنه طَلّق في زمانٍ كُرِه له فيه الطلاق، فإِذا ذهب ذلك الزمان، وقع منه الطلاقُ على وَجْه غير مكروهٍ. فسببُ اختلافهم تعارُضُ الآثارِ في هذه المسألة، وتعارض مفهوم العِلّة. اهـ "بداية المجتهد".
(2)
وقد قَرّره ابنُ رشد في "بداية المجتهد".
(3)
وسيأتي تحقيقه في كتاب الطلاق أبسط منه إن شاء الله تعالى.