الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة رجلٍ، فقد رآه آخرون أيضًا، كما مرَّ في «الإِيمان» «هذا جبرائيل جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُم دينكم» . والله تعالى أعلم.
قوله: (مَوْكِب): "سوارى شاهانه".
4119 -
قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا نُصَلِّي حتَّى نَأْتِيَها)، وقد مرَّ الكلامُ في اختلاف مَدَارِكِهِم فيه. ثم اعلم أنه نُسِبَ إلى الإِمام الأعظم: أن الحقَّ واحدٌ ودائرٌ، ونُسِبَ إلى صاحِبَيْهِ أنه متعدِّدٌ ظاهرًا، وباطنًا. وذَهَبَ جماعةٌ من الأصوليين إلى أن الحكمَ في كلِّ مسألةٍ من الله تعالى، والمجتهدُ مأمورٌ بابتغائه، وذلك أقربُ إلى الإِمام. وذَهَبَ جماعةٌ إلى أن لا حكم من الله تعالى في الموضع المُجْتَهَدِ فيه، ولكن المجتهِد يَحْكُمُ بالأشبه، وهذا أقربُ إلى صَاحِبَيْهِ. وذهب جماعةٌ ثالثةٌ إلى أن المُجْتَهِدَ مختارٌ فيه، حَكَم فيه بما شَاءَ.
4122 -
قوله: (وفي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بني غِفَارٍ)
…
إلخ، وقد مرَّ: أن المرادَ من المسجد ههنا المكانُ المُعَدُّ للصلاة، على ما عُرِفَ من عادته في الأسفار: أنه كان إذا نَزَلَ منزلًا، أَعَدَّ مكانًا للصلاة، فيصلِّي فيه. والرواةُ يعبِّرون به عن المسجد، وما لهم وأنظارُ الفقهاء، وإنَّما هم بصدد نقل الواقع، فإذا رَأَوْهُم يصلُّون فيه عبَّروا عنه بالمسجد، سواء كان مسجدًا في الفقه، أو لا. وحينئذٍ لا يَلْزَمُ كونها واقعةً في المسجد النبويِّ
(1)
.
33 - باب غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ
وَهْىَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِى ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ، فَنَزَلَ نَخْلًا. وَهْىَ بَعْدَ خَيْبَرَ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ.
4125 -
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِى الْخَوْفِ فِى غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ.
وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْخَوْفَ بِذِى قَرَدٍ. أطرافه 4126، 4127، 4130، 4137 - تحفة 3156 - 145/ 5
4126 -
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ حَدَّثَنِى زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ جَابِرًا
(1)
قلتُ: ومن حمله على المسجد النبويِّ، فلعلَّه ظنَّ أن خيمتَهُ لمَّا كانت مضروبةً في المسجد النبويِّ في غزوة الخَنْدَقِ، تَبَادَرَ ذهنه في أيام بني قُرَيْظَة أيضًا إليه، مع أن الرواةَ لم يُعَيِّنُوا مكانه في تلك الأيام، فإن بني قُرَيْظَة على نحو ستة أميالٍ من المدينة. فالظاهرُ منه هو المسجدُ المُعَدُّ للصلاة، دون المسجد النبويِّ. والله تعالى أعلم.
حَدَّثَهُمْ صَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ. أطرافه 4125، 4127، 4130، 4137 - تحفة 3167
4127 -
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ سَمِعْتُ جَابِرًا خَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِىَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَصَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَىِ الْخَوْفِ.
وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقَرَدِ. أطرافه 4125، 4126، 4130، 4137 - تحفة 3130، 4540
4128 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا وَنَقِبَتْ قَدَمَاىَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِى، وَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا، وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا، ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ، قَالَ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ. كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَىْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ. تحفة 9060
4129 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِى مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمِ الرَّكْعَةَ الَّتِى بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ. تحفة 4645
4130 -
وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِنَخْلٍ. فَذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ. قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِى صَلَاةِ الْخَوْفِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ صَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ بَنِى أَنْمَارٍ. أطرافه 4125، 4126، 4127، 4137 - تحفة 2979، 19203
4131 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ قَالَ يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ، وُجُوهُهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ، فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِى مَكَانِهِمْ، ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلَاءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَهُ ثِنْتَانِ، ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ. تحفة 4645 - 146/ 5
…
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. تحفة 4645
…
- حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ
الْقَاسِمَ أَخْبَرَنِى صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلٍ حَدَّثَهُ قَوْلَهُ. تحفة 4645
4132 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ. أطرافه 942، 943، 4133، 4535 - تحفة 6842
4133 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَقَامُوا فِى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ. أطرافه 942، 943، 4132، 4535 - تحفة 6931
4134 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى سِنَانٌ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ. أطرافه 2910، 2913، 4135، 4136 - تحفة 2276، 3154
4135 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِى سِنَانٍ الدُّؤَلِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِى الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ سَمُرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، قَالَ جَابِرٌ فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِىٌّ جَالِسٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِى، وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ، وَهْوَ فِى يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِى مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قُلْتُ اللَّهُ. فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ» . ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. أطرافه 2910، 2913، 4134، 4136 - تحفة 2276 - 147/ 5
4136، 4137 - وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ فَاخْتَرَطَهُ فَقَالَ تَخَافُنِى قَالَ «لَا» . قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قَالَ «اللَّهُ» . فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعٌ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ.
وَقَالَ مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِى عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَاتَلَ فِيهَا مُحَارِبَ خَصَفَةَ. أطرافه 2910، 2913، 4134، 4135 - تحفة 3154
وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِنَخْلٍ فَصَلَّى الْخَوْفَ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ نَجْدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ. وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَيَّامَ خَيْبَرَ. أطرافه 4125، 4126، 4127، 4130 - تحفة 2979، 14606
وعند البخاري، ومسلم عن أبي موسى:«أنها سُمِّيَت ذات الرِّقاع، لأنهم فَقَدُوا النِّعال، فَلَقُّوا أرجلهم بالرِّقاعِ» . قلتُ: وذلك وإن كان صادقًا، لكن الأصوب: أن ذاتَ الرِّقاع جَبَلٌ، كما يُعْلَمُ من «معجم البلدان» للحموي، حيث يقول شاعرهم:
حتَّى إذا كُنَّا بذات الرِّقاع
والرقعة لونٌ خلاف لون الأصل، وكان الجبلُ في لونه سوادٌ وبَيَاضٌ، فَسُمِّي بذات الرِّقاع. والاعتمادُ في ذلك الباب على قول الشاعر أجدرُ وأحرى. ويُمْكِنُ أن يكونَ الأمران جميعًا، فلا تَعَارُضَ. وعند القفول منها وَقَعَتْ قصة شراء النبيِّ صلى الله عليه وسلم من جابر بعيره، واشتهرت بليلة البعير. وقد عَلِمْتَ أنه لم يُرِدْ فيها الشراءَ حقيقةً، ولكنه أراد أن يُعِينَهُ على نوائبه، واختار صورةَ الشِّرَاء فقط. وفيها قصة صحابيَ كان في المرابطة مصلِّيًا، فرماه رجلٌ، فمضى في صلاته، ولم يَنْقُضْها، وفيها نَزَلَتْ صلاة الخوف: السنة الرابعة، وابتداء الخامسة.
واعلم أنه اخْتُلِفَ في تلك الغزوةِ أنها كانت قبل خَيْبَرَ، أو بعدها، وجَنَحَ البخاريُّ إلى كونها بعدها، وخَالَفَ فيه علماءَ السِّيَر كافةً، فإنها قبلها عندهم. ثم العَجَبُ أنه قدَّمها على خَيْبَرَ وضعًا، مع جنوحه إلى كونها بعدها.
قال الحافظُ
(1)
: لا أدري هل تعمَّد ذلك تلسمًا لأصحاب المغازي، أو هو من تصرُّفات الرواة عنه. والمختارُ عندي: أن سفرَه صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرِّقاع وقع مرتين: مرَّةً قبل خَيْبَرَ في السنة الخامسة، ومرَّةً أخرى بعدها، في السابعة، كذا اختاره الحاكمُ في «الإِكليل» .
ويُؤَيِّدُهُ ما عند مسلم، عن جابر:«غَزَوْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا من جُهَيْنَة، فقاتلونا قتالًا شديدًا»
…
إلخ، وجُهَيْنَةُ هم الذين قَاتَلُوا في غزوة ذات الرِّقاع، فَدَلَّ على ثبوت القتال. وفي البخاريِّ:«أنه لم يَكُنْ فيه قتالٌ» ، فلا بُدَّ من القول بتعدُّد السفر. واختارُ الحافظُ وحدتها، كما في «الفتح» ، و «تلخيص الحبير» . والمحقَّقُ عندي ما ذَكَرْتُ، وما خالفته إلَّا بعد وضوح الحال عندي، ثم الاستخارات من ربي عز وجل.
(1)
قال الحافظُ: لا أدري هل تعمَّد ذلك تسليمًا لأصحاب المغازي، أنها كانت قبلها، كما سيأتي. أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارةٌ إلى احتمال أن تكونَ ذات الرِّقاع اسمًا لغزوتين مختلفتين، كما أشار إليه البيهقي
…
إلخ.
قوله: (وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ
(1)
خَصَفَةَ من بَنِي ثَعْلَبَةَ)، أي مُحَارِب بن خَصَفَة
(2)
، وخَصَفَةُ ليس من بني ثَعْلَبَة، بل هو ابنُ قَيْسِ، ففيه سهوٌ. والصواب مُحَارِبُ خَصَفَةَ، وبني ثَعْلَبة بالعطف، وراجع الهامش. والصوابُ في إضافة العَلَم إلى الَعَلمِ الجوازُ إذا كانت فيه فائدة، وإن أَنْكَرَها النحاةُ.
قوله: (فَنَزَلَ نَخْلًا) والنَّخْلُ
(3)
موضعٌ قريبٌ من ذات الرِّقَاع. وأمَّا النَّخْلَةُ التي صلَّى فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصبحِ، واستمع بها نفرٌ من الجِنِّ، فهي عند الطائف على ثلاثة مراحل من المدينة.
قوله: (وهِيَ بَعد خَيْبَرَ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ) استدلَّ منه البخاريُّ على دعواه بأمور: الأول: أن أبا موسى قد شَهِدَ ذات الرِّقاع، مع أنه لم يجيء إلَّا بعد خَيْبَرَ، فَلَزِمَ أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد خَيْبَرَ. والثاني: بما رُوِي عن جابر: «أنه صلَّى صلاة الخوف، مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغزوة السابعة» ، وهي ذات الرِّقاع. ولما كانت السادسة هي خَيْبَرُ، لَزِمَ منه كون ذات الرِّقاع بعدها.
ومحصَّل ما نقله عن جابر، وابن عباس أمور: أنه صلَّى صلاة الخوف في ذات الرِّقاع، وأنه صلَّاها في ذات القَرَدِ، وأنه صلَّاها يوم مُحَارِبِ، وثَعْلَبَة، وأنه خرج إلى النَّخْلِ، فَدَلَّ على كون تلك المواضع متقاربة. والمعنى: أنه خَرَجَ من النَّخْل إلى ذات الرِّقاع، كما ذَكَرَهُ جابر آخرًا، فصلَّى بهم صلاةَ الخوف في ذات القَرَدِ. وسيجيءُ أن ذات القَرَد قبل خَيْبَرَ بثلاثٍ، وخَيْبَرَ في السابعة، فَثَبَتَ كون ذات الرِّقاع أيضًا في السابعة.
4125 -
قوله: (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ القطَّانُ، عن يَحْيَى بنِ أبي كَثِيرٍ)
…
إلخ، وعِمْرَانُ القطَّانُ هذا هو عِمْرَانُ بن دَاوَر، وهو عِمْرَانُ العَطَّارُ. وروى أحمد في «مسنده» عن عِمْرَان العَطَّارِ هذا حديثًا في الوتر، يَدُلُّ على فصله صلى الله عليه وسلم بين تسع الوتر بالست، والثلاث، ثم أَزَلْ أَفتِّش مَنْ هو، حتَّى رأيت في البخاريِّ: القطَّان في الصُلْب، والعطَّار في الهامش، فاستبنت أن القطَّانَ هو العطَّارُ، إلَّا أنه مشهورٌ بالقطَّانِ. ومن ههنا ظَهَرَ شَرحُ
(1)
قال الحافظُ: جمهورُ أهل المغازي على أن غزوةَ ذات الرِّقاع هي غزوةُ مُحَارِب، كما جَزَمَ به ابن إسحاق. وعند الواقديِّ: أنهما اثنتان، وتَبِعَهُ القطبُ الحلبي في "شرح السيرة"، والله أعلم بالصواب.
(2)
قال الحافظُ: وإنما أُضِيفَت مُحَارِب إلى خَصَفَةَ لقصد التمييز عن غيرهم من المُحَارِبين، كأنه قال: مُحَارِبُ الذين يُنْسَبُون إلى خَصَفَةَ، لا الذين يُنسَبُون إلى فِهْر، ولا غيرهم.
(3)
قال الحافظُ: هو مكانٌ من المدينة على يومين، وهو بوادٍ يُقَالُ له: شَرْح، وبذلك الوادي طوائف من قَيْس من بني فَزَارَة، وأَنْمَار، وأَشْجَع، ذكره أبو عُبَيْدة البِكري. اهـ. "فتح الباري". وقال علي: إنه موضعٌ من نَجْدٍ من أراضي غَطَفَان. وغَفَلَ من قال: إن المرادَ نَخْلٌ بالمدينة. اهـ.
حديث مسلم: «أن أبا سَلَمَةَ سأل عائشةَ عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أن في حديثهما: تسع ركعاتٍ قائمًا، يُوتِرُ منهنَّ اهـ. أنه على نظر الحنفية ستٌ، وثلاثٌ، وراجع له هامش رسالتي «كشف الستر» من الآخر.
قوله: (في غَزْوَةِ السَّابِعَةِ)، تكلَّموا في معناه: أن السابعةَ هي الغزوةُ، ففيه إضافةُ الشيء إلى نفسه.
أو المرادُ: الغزوةُ التي في السنة الرابعة. فمال الحافظُ
(1)
إلى الأوَّل، وعلى الثاني، ففيه دليلٌ للبخاريِّ صراحةً، بخلاف الأوَّل، فإنه لا يَلْزَمُ من كونها سابعةً أن تكونَ بعد خَيْبَرَ أيضًا، فإن كان فباللُّزُومِ.
قوله: (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: صَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ) وذُو قَرَدٍ اسمُ ماءٍ، وهو وإن كان غير ذات الرِّقاع، إلَّا أن غرضَ المصنِّف أنها كلَّها مواضعُ متقاربةٌ، فكلُّها في سفر ذات الرِّقاع. ولما كان ذاتُ قَرَدٍ قُبَيْل خَيْبَرَ بثلاثِ، كما صرَّح به البخاريُّ في ترجمته، وهو عند مسلم أيضًا، وغزوةُ خَيْبَرَ في السابعة، لَزِمَ أن تكونَ غزوة ذات الرِّقاع أيضًا في السابعة، وهو المطلوبُ.
4126 -
قوله: (عَنْ أبي مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ: صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم
…
إلخ، وليس أبو موسى هذا هو الأشعريُّ، بل هو راوٍ آخرُ. ولمَّا كان في ذهنه أن السَّفَرَ لم يكن إلى هذا السَّمْتِ إلَّا واحدًا، وقد جاء التصريحُ عن أبي موسى: أن هذه الواقعة كانت بعد خَيْبَرَ، رَكِبَ في ذهنه أن الواقعةَ في كلِّها هي واقعةٌ ذات الرِّقاع، وتلك كلُّها أجزاؤها، وقطعاتها. وللقائل أن لا يسلِّمَ اتحاد السفر، بل يقول: إنه سافر إلى تلك المواضع أيضًا مستقلاًّ، فلا يكون فيه حُجَّةٌ للصِّنف أصلًا.
(1)
قال الحافظُ: غزوة السابعة، هي من إضافة الشيء إلى نفسه على رأي، أو فيه حذفٌ، تقديره: غزوة السفرة السابعة. وقال الكرْمَانيُّ، وغيره: السنة السابعة، أي من الهجرة. قلتُ: وفي هذا التقدير نظرٌ، إذ لو كان مرادًا، لكان هذا نصًّا في أن غزوةَ ذات الرِّقاع تأخَّرت بعد خَيْبَرَ، ولم يحتجِ المصنِّفُ إلى تكلُّفِ الاستدلال لذلك بقصة أبي موسى، وغير ذلك، ممَّا ذَكَرَهُ في الباب.
نعم في التنصيص على أنها سابع غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم تأييدٌ لِمَا ذَهبَ إليه البخاريُّ، من أنها كانت بعد خَيْبَرَ. فإنه إن كان المرادُ الغزوات الي خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه مطلقًا، وإن لم يُقَاتِلْ، فإنَّ السابعةَ منها تَقَعُ قبل أُحُدٍ، ولم يَذهَبْ أحدٌ إلى أن ذاتَ الرِّقَاعِ قبل أُحُدٍ، إلَّا ما تقدَّم من تردُّد موسى بن عُقْبَة، وفيه نظرٌ، لأنهم متَّفِقُون على أن صلاةَ الخوف متأخِّرةٌ عن غزوة الخَنْدَقِ، فتعيَّن أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد بني قُرَيْظَة، فتعيَّن أن المرادَ: الغزوات التي وَقَعَ فيها القتال، والأُولى: منها بدرٌ، والثانية: أحدٌ، والثالثة: الخَنْدَقُ، والرابعة: فرَيْظَة، والخامسة: المرَيسِيع، والسادسة: خَيبَرُ، فَيَلْزَمُ من هذا أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد خَيبَرَ، للتنصيص على أنها السابعة.
فالمرادُ تاريخ الواقعة، لا عدد المغازي، وهذه العبارةُ أقربُ إلى إرادة السَّنة من العبارة التي وقعت عند أحمد، بلفظ:"وكانت صلاة الخوف في السابعة"، فإنه يصحُّ أن يكونَ التقدير في الغزوة السابعة. اهـ.