الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5291 -
قوله: (يُوقَف)
…
إلخ، أي يَحْضُر عند القاضي.
قوله: (ليفيء) أو يُفَرّق بينهما
(1)
.
22 - باب حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ
وَقالَ ابْنُ المُسَيَّبِ: إِذَا فُقِدَ في الصَّفِّ عِنْدَ القِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً. وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جارِيَةً، وَالتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً، فَلَمْ يَجِدْهُ، وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَينِ، وَقالَ: اللَّهُمَّ عَنْ فُلَانٍ فإِنْ أَبَى فُلانٌ فلي وَعَلَيَّ، وَقالَ: هَكَذَا فَافعَلوا بِاللُّقَطَةِ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَقالَ الزُّهْريُّ في اْلأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكانُهُ: لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلَا يُقْسَمُ مالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ المَفقُودِ.
5292 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ» . وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَقَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ، تَشْرَبُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» . وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، وَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ» . قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سُفْيَانُ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا - فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ فِى أَمْرِ الضَّالَّةِ، هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ يَحْيَى وَيَقُولُ رَبِيعَةُ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ. قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ. أطرافه 91، 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 6112 تحفة 3763 - 65/ 7
ويُحْكم عندنا بموتِه بموتِ أقرانِه، ثُم يجري الإِرثُ في ماله. وفي «الهداية»: أنه هو الأَقيسُ، وقد قَدَّره بَعْضُهم بتسعينَ، وغيره. وأما عند مالك فينتظر أربعَ سنين، ثُم يُحكم بموتِه، وبه يفتي علماءُ زماننا. ونقل الشاميُّ مَذْهب مالك، ثُم لم ينقل شرائطه
(1)
قال ابنُ رُشْد: أما اختلافُهم هل تَطْلق بانقضاءِ الأربعة أَشهر نفسها، أم لا تطلق؟ وإنما الحُكْم أن يوقف، فإِما فاء، وإما طَلّق. فإِنَّ مالكًا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وداود، والليث ذهبوا إلى أنه يوقف بعد انقضاء الأربعة الأشهر، فإِما فاء، وإما طَلق، وهو قول علي، وابن عمرَ، وإن كان قد رُوي عنهما غيرُ ذلك، لكن الصحيح هو هذا. وذهب أبو حنيفة، وأصحابُه، والثّوري، وبالجملة الكُوفيون إلى أنّ الطلاق يقع بانقضاء الأربعةِ أشهر إلَّا أن يوفيء فيها، وهو قولُ ابن مسعود، وجماعةِ من التابعين، وسبب الخلاف هل هو قوله تعالى:{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي فإِن فاؤوا قَبل انقضاء الأربعة أَشهر، أو بعدها، فَمَن فَهِم منه قَبْل انقضائها، قال: يَقَعُ الطلاقُ، ومعنى العَزْم عنده في قوله تعالى:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أن لا يفيء حتى تنقضي المُدّة. فَمَن فَهِم من اشتراط الفيئة اشتراطَها بعد انقضاء المدة، قال: معنى قوله: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} أي باللفظ {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الخ. "بداية المجتهد".
عنده، والناس اليوم يفتون بمذهبه، ولا يراعون شرائطَه المدونة عندهم. فهؤلاء لا يعملون بمذهبهم، ولا بمذهبه، وإنما اعتَبَر مالك أربعَ سنين، لأنه أكثرُ مُدّة الحمل عنده، فعليها أن تنتظر تلك المدة، وتستبرىء فيها رَحِمها، ثُم إنه فَصْل في تلك المدةِ، بكون المفقود في المعركة، أو القَحْط، أو الوباء، ليغلب هلاكُه، إلى غير ذلك من التفاصيل. والناس يُفتون بلا مراعاةِ تلك الشرائط
(1)
.
واعلم أن مسائلَ الأئمة على ثلاثة أقسام:
الأول: ما تتناقض في الظاهر أيضًا، مثلًا: وجوب الفُرْقة في مسألةٍ عند إمام، وعَدَمه عند إمام. فهذان الحُكْمان متناقضان ظاهرًا.
والثانية: ما ائتلف سطحاها، واختلف مبناها، كما ترى فيما نحن فيه، فإِن مَبْنى عبرةِ المدّة المذكورة - عند مالك - كونُها أكثرَ مدّة الحَمْل، ثم التفريق بعده، لكونه مما
(1)
قال ابنُ رُشد: واختلفوا في المفقود الذي تُجهل حياتُه، أو موتُه في أرض الإِسلام؟ فقال مالك: يُضْرب لامرأتِه أربعُ سنين من يوم أن تَرْفع أَمْرَها إلى الحاكم، فإِذا انتهى الكَشْف عن حياته أو موته، فَجُهِل ذلك، ضَرب لها الحاكِم الأَجَل، فإِذا انتهى اعتدّت عِدْة الوفاة أربعةَ أشهر وعشرًا، وحلّت. قال: وأما مالُه فلا يورَث، حتى يأتي عليه من الزمان ما يُعلم أن المفقودَ لا يعيش إلى مِثْله غالبًا، فقيل: سبعون، وقيل: ثمانونَ، وقيل: تسعون، وقيل: مائة، فيمن غاب وهو دون هذه الأسنان. ورُوي هذا القولُ عن عمرَ بن الخطاب، وهو مرويٌّ أيضًا عن عثمانَ، وبه قال الليث. وقال الشافعي، وأبو حنيفة، والثوري: لا تَحِلّ امرأةُ المفقود حتى يَصِحّ مَوْته. وقولُهم مَرويّ عن علي، وابن مسعود.
والمفقود عند المحصلين من أصحاب مالك أربعة: مفقود في أرض الإِسلام، وَقَع الخلافُ فيه: ومفقود في أرض الحرب؛ ومفقود في حروب الإِسلام -أعني فيما بينهم-؛ ومفقود في حروب الكفار. والخلاف عن مالك، وعن أصحابه في الثلاثة أصناف من المفقودين كثير، فأما المفقود في بلاد الحرب، فَحكمُه عندهم حُكم الأسير، لا تتزوج امرأته، ولا يُقسم ماله حتى يَصحّ موتُه، ما خلا أَشهبَ، فإنه حَكَم له بِحُكم المفقود في أرض المسلمين.
وأما المفقود في حروب المسلمين، فقال: إنَ حُكمه حُكْمُ المقتول، دون تَلوم، وقيل: يتلوم له بحسب بُعد المَوضِع الذي كانت فيه المعركة، وقُربِه، وأقصى الأجل في ذلك سَنة. وأما المفقودُ في حروب الكُفار ففيه في المذهب أربعةُ أقوال، قيل: حُكْمه حُكم الأَسير، وقيل: حُكْمه حُكم المقتول بعد تلوم سَنة، إلا أن يكون بموضع لا يخفى أَمرُه، فيُحكم له بِحُكم المفقود في حروب المسلمين وفتنهم. والقول الثالث: إنَّ حُكمه حُكْم المفقود في بلاد المسلمين. والرابع: حُكمه حُكم المقتول في زوجته، وحُكم المفقود في أرض المسلمين في ماله، أعني يعمر، وحينئذٍ يُورَث. وهذه الأقاويل كلّها مبناها على تجويز النظر بحسب الأَصلح في الشرع، وهو الذي يُعرف بالقياس المرسل، وبين العلماء فيه اختلافُ، أعني بين القائلين بالقياس. اهـ "بداية المجتهد".
وفي "المُدَونة الكبرى" من باب ضَرب أجَل المفقود: قلت: أرأيت امرأةَ المفقود، أتعتدُّ الأربع سنين في قول مالك بغير أمر السلطان؟ قال: قال مالك: لا، قال مالك: وإن أقامت عشرينَ سنة، ثم رفعت أَمرها إلى السلطان نظر فيها، وكتب إلى مَوضعه الذي خرج إليه، فإذا يئس منه ضَرَب لها من تلك الساعة أربعَ سنين. فقيل لمالك: هل تعتدُ بعد الأَربع سنين عِدّة الوفاة أربعةَ أشهرَ وعشرًا، من غير أن يأمرَها السلطان بذلك؟ قال: نعم، ما لها وما للسلطان في الأربعة أشهر وعشرًا التي هي العدة. اهـ.