الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توفي سنة أربع وست مائة، ورثاه الإمام المحقق محمد بن أحمد ابن أبي الحب التريمي بهذه الأبيات:[من الطويل]
أيا سالم قلبي عليك تحرّقا
…
فلا تعذلوني إن دمعي قد ذرف
أكفكف دمعا من حياء وحشمة
…
ومهما كففت الدمع من ناظري وكف
وكنت إذا ما انهلّ دمعي بعبرة
…
وقلت له يا دمع حسبك كفّ كف
أأجحده إحسانه وصنيعه
…
وأنساه لمّا أصبح اليوم في الحذف
ومن ذا الذي ينسى صنائع سالم
…
فكم منة أسدى وكم محنة صرف
فموت ابن بصريّ على الدين ثلمة
…
وفقد ابن بصريّ لظهر العلا قصف
لقد كان بدرا يستضاء بنوره
…
وبحرا من المعروف من زاره غرف
وكان أبيّا لا ينال مناره
…
ولكن إذا للحق صرّفته انصرف
وكم واصف في الناس يكثر وصفهم
…
فيطنب إلا وهو فوق الذي وصف
فيا قبره ماذا حويت من الكرم
…
ويا قبره ماذا جمعت من الشرف
ويا قبره دامت عليك سحائب
…
ربيعيّة هطّالة ديمها وطف
فيا ربّ شرّف قدره واعل داره
…
وأنزله في الفردوس في عالي الغرف
وصلّ إلهي كلّ حين وساعة
…
على من حوى حقّا لأوصاف من وصف)
انتهى (1).
وفخذ هذا السيد كانوا أهل علم وعبادة، وزهد وصلاح، وقد انقرضوا ولم يبق من نسلهم أحد، ولهم مناقب ومآثر عديدة، وأوصاف حميدة، والله سبحانه أعلم.
قال الشريف علي بن أبي بكر باعلوي نفع الله به: (توفي الشيخ سالم بن بصري والإمام علي [بن يحيى] بن ميمون التريمي الحضرمي في شهر واحد)(2).
2751 - [مسعود بن علي العنسي]
(3)
القاضي مسعود بن علي اليمني القرّي-بفتح القاف، وكسر الراء، ثم ياء النسب-ثم
(1)«الجوهر الشفاف» (2/ 58).
(2)
«البرقة المشيقة» (ص 70).
(3)
«طبقات فقهاء اليمن» (ص 216)، و «السلوك» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 342)، و «تحفة الزمن» (1/ 303).
العنسي-بنون ساكنة بين المهملتين، نسبة إلى قبيلة كبيرة من مذحج-الجبائي الملقب كمال الدين.
ولد سنة ثمان وأربعين وخمس مائة.
وتفقه بعلماء عصره، فكان فقيها كبيرا، إماما مشهورا.
شرح «لمع الشيخ أبي إسحاق» في أصول الفقه بكتاب سماه: «الأمثال» .
تفقه به جمع كثير، وأثنى عليه غالب العلماء، وامتحن بجعله قاضي القضاة باليمن، وكان من أثبت القضاة وأورعهم، واستناب في جميع النواحي باليمن من هو صالح للقضاء.
قال الجندي والخزرجي: (لم يكن فيمن ولي القضاء أفقه منه مع الورع الشديد، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يزل على الحال المرضي مستمرا على القضاء إلى أن توفي سنة أربع وست مائة بذي أشرق رحمه الله تعالى ونفع به) اه (1)
وهو أول من انتشر عنه من الشافعية القول بعقد بيع العهدة، والعمل بمقتضى الوعد فيه، والله أعلم.
وصح بأسانيد متواترة أن بعض التجار باع إلى الملك الذي ولى القاضي مسعود القضاء بضاعة كثيرة بمال جزيل، ثم إن الملك المذكور مطل التاجر بالثمن مرة بعد مرة بحيث قلق من ذلك، فرفع أمره إلى القاضي مسعود، فكتب إحضارا فيه:
{إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا} ، ليحضر فلان بن فلان إلى مجلس الشرع الشريف بذي أشرق، ولا يتأخر إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
ثم أمر بالإحضار عونا، وأمره ألاّ يسلمه إلا ليد السلطان، فلما وقف عليه السلطان ..
قال: نعم، أؤمن بالله واليوم الآخر، نعم، أؤمن بالله واليوم الآخر، ثم خرج من فوره، فركب دابة من دواب النوبة وسار إلى القاضي، فلما وصل إليه، وقرب من مجلسه بحيث يراه ويسمع كلامه .. قال له رافعا صوته: اتق الله، وساو خصمك، فقام التاجر بإزاء السلطان، وادعى عليه بالمال، فاعترف السلطان بالمال، فقال التاجر: التسليم، أو موجب الشرع، فقيل له: ألا تصبر حتى يصل السلطان إلى داره، فامتنع وقال: لا أفارقه
(1)«السلوك» (1/ 376)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 343).