الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يذكر الجندي زمانهما، فذكرناهما هنا؛ تبعا للفقيه أحمد المزيحفي، وأظن أن المزيحفي المذكور شافعي المذهب، والله أعلم.
3266 - [الحسين بن علي الحميري]
(1)
الحسين بن علي بن عمر بن محمد بن علي بن أبي القاسم الحميري.
ولد في جمادى الأولى سنة ثمان وست مائة، وتفقه بأبيه.
وكان فقيها عارفا، فاضلا عابدا زاهدا.
يحكى أنه في أيام تفقهه رتّب في مدرسة عومان مع الفقيه يحيى بن سالم، فباع شيئا من كيلته بدراهم، وربطها في طرف ثوبه، ثم فتحها لأخذ شيء احتاج إليه منها، فوجدها عقارب، ففزع ورماها من ثوبه، ولم يأخذ بعد ذلك شيئا من طعام المدرسة.
ويروى أنه وجد يوما عند قبر أبيه مغشيا عليه، فحمل إلى بيته، فلما أفاق .. سئل عن سبب الغشيان فقال: كنت أقرأ على والدي، فغلطت، فسمعته يرد عليّ من القبر، فلم أتمالك أن غشي عليّ.
توفي في المحرم أول سنة ثمانين وست مائة.
3267 - [عيسى بن مطير]
(2)
عيسى بن مطير-تصغير مطر-ابن علي بن عثمان الحكمي، أصله من حكماء حرض، وكان أبوه من أعيانهم وكبرائهم.
وخرج عيسى هذا من بلده لطلب العلم، فقصد المخلافة، فأخذ عن سليمان ابن الزبير الآتي ذكره في العشرين بعد هذه (3).
ولما بنى المظفر مدرسته التي بتعز .. استدعاه من بلده إلى تعز، فلما حضر مقامه ..
(1)«السلوك» (2/ 161)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 221)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 359)، و «تحفة الزمن» (1/ 480)، و «طبقات الخواص» (ص 126)، و «المدارس الإسلامية» (ص 67).
(2)
«السلوك» (2/ 344)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 489)، و «تحفة الزمن» (2/ 148)، و «طبقات الخواص» (ص 254)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (4/ 502)، و «المدارس الإسلامية» (ص 111)، و «هجر العلم» (1/ 36).
(3)
انظر «448/ 5» .
سأله عما قرأ من الكتب، فأعلمه، فقال له المظفر: لم لا قرأت شيئا من كتب أصول الدين؟ فقال له: قد قرأت ما عرفت به ربي وصفاته وحرمة نبيي ومبدئي ومعادي، فقال له: ذلك المطلوب ما هو؟ قال: كتاب الله وسنة رسوله والنحو واللغة، فقال: صدقت، ونعم ما علمت، ولكن لو ظهر عليكم خارجي بماذا كنتم تقابلونه؟ فقال له الفقيه: بسيفك المسلول، فقال له المظفر: أحسنت، هكذا كان الصدر الأول من السلف رضي الله عنهم، فعرض عليه أن يدرس بمدرسته، فاعتذر الفقيه بأنه رجل تهامي، لا صبر له على الجبال الوعرة والبلاد الباردة، فقال له السلطان: ليس هذا عذرا وأنت ذكرت لي أنك قرأت على ابن الزبير بالمخلافة، وهي أشد بردا من هذه البلد، وأضنك عيشا، فقال: الآن حججتني، سمعا وطاعة لما تريد.
قال الجندي: (قال عثمان الشرعبي: فلما استمر مدرسا في المدرسة .. ظهرت الفوائد الجمة على الطلبة، وأنارت الأنوار الفقهية والحديثية والنحوية واللغوية، وكان يسمع في أرجاء المدرسة صرير الأقلام، وانتفع به الخاص والعام، وكان مجلسه محفوفا بالبركات، محفوظا عن الزلات، إذا تعرض فيه متعرض لنحو غيبة .. زبره الفقيه، وكان يقرئ الحديث في رجب وشعبان ورمضان، فيحضر مجلسه المدرسون، والشيوخ الصالحون، والشباب التائبون.
وكان كثير الورع، محفوظا عن أكل ما فيه شبهة، لا يأكل إلا ما تحقق حله، وإن أكل شيئا فيه شبهة .. لا يستقر في بطنه منه شيء، قال عثمان الشرعبي: عمل بعض جيران المدرسة طعاما لحادث حدث له، فطلب جيرانه وجماعة من الفقهاء المدرسين فيهم الفقيه عيسى، فأكلوا، وأكل الفقيه معهم، فلما رجع الفقيه إلى بيته .. لم يستقر ذلك الطعام في جوفه، وتقيأه جميعه، ثم أخرج قطعة دم، ثم سأل الفقيه عثمان عن الرجل الذي دعاهم إلى بيته، فقال: هو عبد من عبيد الطبلخانة (1)، فقال: لو علمت حاله .. لامتنعت، لكن قلدت الفقهاء.
فأقام الفقيه على التدريس في المدرسة المظفرية سنين، ثم عاد إلى بلده، فأقام أياما يسيرة، ثم توفي في سنة ثمانين تقريبا) (2).
(1) الطبلخانة: المكان المعد لحفظ الطبول والأبواق والصنوج التي يستخدمها الجيش في الموسيقى العسكرية.
(2)
«السلوك» (2/ 345).