الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة خمس وستين وست مائة) (1).
3163 - [محمد بن عمر الذئابي]
(2)
محمد بن عمر بن أحمد بن عمر، أصله من الذئاب، القرية المعروفة بوصاب.
تفقه بالمخلافة على الفقيه عمرو بن علي التباعي.
وكان فقيها زاهدا، عابدا ورعا، مشهورا بالصلاح.
ولم أقف على تاريخ وفاته، فليذكر في طبقة شيخه التباعي إن شاء الله تعالى (3)
3164 - [ابن الحطاب الزوقري]
(4)
محمد بن أبي بكر بن أبي الحسن (5) بن عبد الله الزوقري ثم الركبي، المعروف بابن الحطاب.
ولد آخر المائة السادسة، وتفقه بالإمام علي بن قاسم الحكمي، وتزوج بابنة شيخه.
وكان فقيها فاضلا كبيرا، عالما عاملا، محققا للفروع والأصول، والنحو واللغة، والحساب والحديث والقراءات.
اجتمع الفقهاء مرة في وليمة وفيهم شيخه، وتأخر حضوره، فكانوا في انتظاره، فوصل وعليه ثياب نفيسة، وقعد في صدر المجلس، فنبزوه بالعجب، فقال: كيف لا أعجب وأنا ابن عشرين علما ليس في الحاضرين من يناظرني في واحد منها؟ ! ثم أنشد قول المتنبي: [من الخفيف]
إن أكن معجبا فعجب عجيب
…
لم يجد فوق نفسه من مزيد
فبلغ كلامه شيخه، فقال: شغله الله، فلم يمض غير يسير حتى اعتراه ما سنذكره.
(1)«السلوك» (2/ 341).
(2)
«السلوك» (2/ 296)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 248)، و «تحفة الزمن» (1/ 565)، و «هجر العلم» (2/ 687)، و (4/ 1980).
(3)
موضع هذه الترجمة في الأصول في آخر العشرين الثانية من المائة السابعة، وقد نقلناها إلى هنا؛ استجابة لأمر المؤلف رحمه الله تعالى.
(4)
«السلوك» (1/ 475)، و «طراز أعلام الزمن» (3/ 110)، و «العقود اللؤلؤية» (1/ 162)، و «تبصير المنتبه» (2/ 508)، و «تحفة الزمن» (1/ 386).
(5)
كذا في «طراز أعلام الزمن» (3/ 110) و «تحفة الزمن» (1/ 386)، وفي «السلوك» (1/ 475) و «العقود اللؤلؤية» (1/ 162) و «تبصير المنتبه» (2/ 508):(الحسين).
أصل بلده النّويدرة، ثم سكن زبيد، وحاز مسجد الأشاعر على الحنفية، فكان يدرس فيه، وإذا دخل الوقت .. بادر بالصلاة، فتعب من ذلك الحنفية، فلم يحفل بهم، وكان لا يوجد إلا مدرسا أو مصليا، ثم إنه في بعض الأيام استدعى أخاه أبا الحسن وهو جد بني الحطاب الموجودين في النويدرة، فقال له: إني رأيت الباري سبحانه وتعالى يقول لي:
يا محمد؛ أنا أحبك، فقلت: يا رب؛ من أحببته .. ابتليته، فقال لي: استعدّ للبلاء، فكن يا أخي على حذر من أمري، فلما كان آخر ذلك اليوم .. صلّى العصر بالأشاعر، ثم خرج إلى بيته، فغشي عليه في الطريق، فيقال: إن الفقيه إسماعيل الحضرمي مرّ به وهو في تلك الحالة، فقبل بين عينيه وقال له: أهلا بك يا محبوب، وهو إذ ذاك ابن خمس وعشرين سنة، ففسخ عليه شيخه نكاح ابنته، واشترى له جارية من ماله تقوم به، وخطبت زوجته فقالت: لا أريد به بدلا حيا ولا ميتا، فكانت الجارية تربيه وتحفظه، وربما ضربته، وكان غالب أحيانه مربوطا إلى شيء أكيد، وكان الطلبة وغيرهم من أصحابه يقرءون عليه في أوقات يكون فيها حاضر الذهن، ويباحثونه في العلم، فإذا تغير .. خرجوا عنه، ومن لم يعرف حاله .. صفقت الجارية فيخرج، وكان من أكثر الناس حفظا للآثار والأمثال والأخبار.
يحكى أن المظفر قال لجلسائه: أذكر بيتين كنت أحفظهما في الصغر، لا أذكر منهما غير حضني أو حضنا، أود روايتهما ولو بمال، وأخبر بحال الفقيه المذكور وأنه قد يفيق في بعض الأوقات ويسأل عن عدة مسائل فيجيب عنها، فسئلت الجارية عن وقت صفاء ذهن الفقيه، فقالت: بين المغرب والعشاء، فلما كان مع المغرب .. أرسل لها المظفر بمركوب وغلام يركبه، وأمرها أن تصل مع الفقيه إلى حضرة السلطان، وكانت الجارية قد استعدت لذلك بغسل الفقيه وتنظيفه، فحضر مجلس المظفر وهو غاص بالفقهاء والأمراء وأعيان الدولة، فسئل عن أي مكان هو فيه، فقال: مقام السلطان الملك المظفر، ثم قال:
يا يوسف؛ كان والدك صاحبي، فقال له السلطان: نعم الصاحب أنت يا فقيه، ثم سئل عن الحاضرين شخصا شخصا، وكلما سئل عن شخص .. قال: هو فلان بمعرفة شافية، حتى سئل عن ابن دعاس وكانت بينهما مكارهة فقال: هذا ابن عم أخيه فقيل له: إن السلطان كان يحفظ أيام الصغر بيتين نسيهما، غير أن في أحدهما حضني أو حضنا، فقال: هما بيتان مشهوران، يقول صاحبهما:[من مجزوء الرمل]
راحة المرء صغيرا
…
بين حضني والديه
فإذا ماتا أحالا
…
بشقا الدنيا عليه
فقال المظفر: هما والله البيتان، وسر بهما، فخلع عليه السلطان، ثم تكلم بكلام غير منضبط، فقالت الجارية: هذا أوان تغير حاله، فأعيد إلى بيته مسرعا.
ويحكى أن المظفر قد أمر من عد له ثلاث مائة دينار، ثم استشار ابن دعاس فيما سيعطيه، فقال ابن دعاس: إنّ هذا لا يعرف ما صار إليه، وإنما يصير إلى جارية، فبينما هم في المشاورة؛ إذ قال ابن الحطاب: من هذا الذي اختصه مولانا بمشاورته، فقال السلطان: هذا الفقيه سراج الدين، فقال ابن الحطاب: ومن سراج الدين؟ ! ما نعرف سراج الدين وجمال الدين وبدر الدين وشمس الدين إلا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المظفر لابن دعاس: أحرقتنا بنارك، وأعطاه الثلاث مائة.
ثم إن المظفر أمر الطبيب بمباشرة ابن الحطاب، ووعده على عافيته إعطاء ما سأل، فيحكى أنه نظر إليه واستبشر له بالفرج، فقال له ابن دعاس: والله لئن تعافى لا ترك لك ولا لأحد من الفضلاء قدرا؛ فإنه في كل علم باقعة، فوقع في نفس الطبيب ما قاله ابن دعاس فقال للمظفر: هذا لا يصح إلا بالعراق، فقال المظفر: فلو بعثناه إلى العراق وتداوى ثم رجع .. هل يخشى عليه شيء؟ فقال: نعم، فأعرض السلطان عن ذلك، وأجرى على الفقيه كل يوم عشرين درهما، فلم يزل ابن دعاس بالسلطان حتى نقصها، ثم صارت بعد ذلك إلى درهمين، واستمر ذلك بعد موته على ذريته.
حكى الجندي عن والده: (أنه زار الفقيه ومعه شخص من أصحابه، قال: فسلمنا عليه، فرد السلام علينا ردا جيدا، ثم قال لصاحبي: يا محمد؛ هل جئتنا بشيء؟ فقال:
جئت بنفسي، فأنشد ابن الحطاب ارتجالا:[من الطويل]
أتانا أخ من غيبة كان غابها
…
وكان إذا ما غاب ننشده الركبا
فقلنا له هل جئتنا بهدية
…
فقال بنفسي قلت نطعمها الكلبا
قال: وكان بينه وبين الفقيه موسى بن أحمد التباعي شارح «اللمع» صحبة ومكاتبة، وأنه لما دخل كتابه «شرح اللمع» إلى زبيد .. كتب إليه بشعر يقول فيه:[من الطويل]
ترى دهسات الرمل من جانب الند
…
على عهدها أم قد تغيرن من بعدي
منازل من مي عهدنا بها المها
…
لها فتكة تربى على صولة الأسد
هنالك إذ مي على أيمن الحمى
…
وهند بيسراه فيا لك من هند
سقى الله ربعا للأحبة باللوى
…
على عقدات الكثب والسهل كالعقد