الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما لم يذكر في الأصل: أنّه ولي ديوان الإنشاء لمسعود بن مودود، ولابنه أرسلان صاحب الموصل، ثم عرض له فالج كف يده عن الكتابة، ورجليه عن الحركة، فلزم بيته، فعالجه بعض الأطباء، فلما أشرف على البرء .. ترك المداواة، وأعطى الطبيب ما يرضيه؛ إيثارا للانقطاع والدّعة وعدم التردد إلى الديوان مع المرض على الوصول والتردد إليهم مع العافية.
ومن شعره ما أنشده للأتابك صاحب الموصل وقد زلت به بغلته: [من الرجز] إن زلّت البغلة من تحته
…
فإنّ في زلّتها عذرا
حمّلها من علمه شاهقا
…
ومن ندى راحته بحرا
توفي سنة ست وست مائة.
2759 - [أسعد ابن مينا]
(1)
أبو المكارم أسعد بن الخطير مهذب بن مينا، الكاتب الشاعر، كان ناظر الدواوين بالديار المصرية، وفيه فضائل عديدة، ونظم سيرة السلطان صلاح الدين.
وله ديوان شعر، ومنه قوله:[من الوافر] تعاتبني وتنهى عن أمور
…
سبيل الناس أن ينهوك عنها
أتقدر أن تكون كمثل عيني
…
وحقّك ما أضرّ عليّ منها؟
توفي سنة ست وست مائة.
2760 - [الهتار الصريفي]
(2)
الشيخ الصالح الولي أبو محمد عيسى بن إقبال بن علي بن عمر بن عيسى المعروف بالهتار، الصّريفي نسبا.
(1)«التكملة لوفيات النقلة» (2/ 180)، و «وفيات الأعيان» (1/ 210)، و «سير أعلام النبلاء» (21/ 485)، و «تاريخ الإسلام» (43/ 201)، و «الوافي بالوفيات» (9/ 19)، و «مرآة الجنان» (4/ 13)، و «البداية والنهاية» (13/ 62)، و «شذرات الذهب» (7/ 38).
(2)
«السلوك» (2/ 376)، و «مرآة الجنان» (4/ 358)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 481)، و «تحفة الزمن» (2/ 310)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (2/ 509)، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 426)، و «هجر العلم» (1/ 251).
يقال: إنه كان في شبيبته قاطع طريق، فخرج يوما في جماعة من قرابته الصريفيين إلى بعض الطرق لما هم بصدده، فصادفوا امرأة سائرة في الطريق، فأعجبهم حسنها، فسألت بالله ألا يفضحوها ويأخذوا ما معها من ملبوس وغيره، فأبوا، ووقعوا بها جميعا ما خلا الهتار، فإنه ارتدع ولم يوافقهم، وفارقهم من ساعته، وتاب إلى الله تعالى، وسار إلى قرية التربية فتديرها، واشتغل بالعبادة والاجتهاد وسلوك الطريق حتى كان منه ما كان، فيقال:
إنه مجذوب.
وقيل: إنه اجتمع ببعض رجال الغيب، فحكّمه وعلّمه سلوك الطريق.
وكان كبير القدر، مشهور الذكر، موفقا محفوظا، وكان يجتمع بالنساء ويحادثهن فلا يجد لذلك تغيّرا، وكان يجتمع في سماعه الرجال والنساء فلا يجد أحد تغيّرا، وله ولأصحابه في ذلك أخبار يطول شرحها.
ولما قرب وفاته .. ألزم أولاده وأصحابه ألا يسلكوا في طريقته في خلطة النساء، وقال:
إنكم لا تطيقون ذلك.
وقال عند وفاته لابنه أبي بكر-وكان خليفته-: يا أبا بكر؛ يأتيك من هذا النهج-وأشار إلى ناحية القور الكبير-رجل ممتحن بمرض، فإذا أتاك .. حكّمه، وأبلغه عني السلام، واسأله الدعاء، فبعد وفاة الشيخ بأيام يسيرة قدم عليهم الشيخ مسعود من موالي عرب يسكنون على قرب من القور في حدود رمع امتحن بالجذام، فطرده مواليه، فخرج مطرودا حتى قدم التربية، فلما رآه الشيخ أبو بكر .. عرفه ورحّب به وأخذ عليه اليد، وأمره بالعود إلى مواليه، وأذن له في التحكيم، فرجع إلى بلده وقعد في القور في موضع رباطه الآن، وكان عقدة سلم، فكان يستظلّ بالشجرة حتى فطن له، وبني له موضع يستظل به، وظهرت له كرامات.
ومن كرامات الشيخ عيسى الهتار أنه كان بزبيد وعنده بعض أصحابه من أهل الجند يسمى: علي الفتى، فالتفت إليه الشيخ وقال: يا علي؛ يولد لك في هذه الليلة ولد.
قال: فلما عدت إلى الجند .. وجدت ابني حسينا قد ولد في تلك الليلة.
وبالجملة: فكراماته كثيرة، ومناقبه شهيرة، رحمه الله ونفع به.
وكانت وفاته في سنة ست وست مائة.