الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: رواه الترمذي في التفسير، والدارمي في الرقائق كلاهما عن عبد الله ابن موسى عن إسرائيل عن السدي قال: سألت مرة الهمداني عن قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فحدثني أن عبد الله حدثهم
…
فذكر الحديث. (1)
والحضر: بضم الحاء المهملة وبعدها الضاد المعجمة الساكنة، العدو.
قوله صلى الله عليه وسلم: كالراكب في رحله يقال: لدار الإنسان ومسكنه ومنزله رحل، ومنه الحديث: إذا ابتلت النعال فصلوا في الرحال، والمراد بالنعال: وهو جمع نعل ما غلظ من الأرض في صلابة وإنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل تبديها بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء. قوله: كشد الرجل، يريد به شدة العدو.
باب صفة الجنة وأهلها
من الصحاح
4496 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .
قلت: رواه البخاري في التفسير ومسلم في صفة الجنة. (2)
(1) أخرجه الترمذي (3159)، والدارمي (2/ 329).
وإسناده حسن، السدي وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة مختلف فيه وحديثه لا يرقى إلى الصحة. وقال الحافظ: صدوق يهم، ورُمي بالتشيع، انظر: التقريب (467). وانظر: الصحيحة (311).
(2)
أخرجه البخاري (3244)، ومسلم (2824).
قوله تعالى: {مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} يقال: أقر الله عينيك أي أبرد الله دمعها، لأن دمع الفرح بارد، وقيل: معناه بلغك الله أمنيتك حتى ترضى به نفسك، وتقر عينك فلا تستشرف إلى غيره.
4497 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها".
قلت: رواه البخاري في صفة الجنة وفي الرقائق من حديث سهل بن سعد (1) وروى الدارمي عن أبي هريرة يرفعه: "لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها". (2)
4498 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غدوة أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض، لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها".
قلت: رواه البخاري في الجهاد في باب الحور العين وصفتهن من حديث أبي إسحاق عن حميد عن أنس. (3)
قوله صلى الله عليه وسلم: غدوة في سبيل الله أو روحة، الغدوة: صلاة الغداة وطلوع الشمس.
والنصيف: الخمار قال النابغة:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
…
فتناولته واتقتنا باليد (4)
ويقال أيضًا للعمامة، وكل ما غطى الرأس نصيف.
4499 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، ولقاب قوس أحدكم في الجنة، خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت".
قلت: رواه البخاري كله من حديث أبي هريرة وصدره رواه مسلم في صفة الجنة. (5)
(1) أخرجه البخاري (6568).
(2)
أخرجه الدارمي (3/ 1861 رقم 2862)، والترمذي (3292).
(3)
أخرجه البخاري (2796).
(4)
انظر: لسان العرب (9/ 333)، مادة: نصف.
(5)
أخرجه البخاري (3252)(6552)، ومسلم (2826)(2827).
قوله صلى الله عليه وسلم: ولقاب قوس، قال في النهاية (1): القاب والقيب: بمعنى القدر، وعينُها واو، يقال: بيني وبينه قابُ رمح وقاب قوس: أي مقدارهما.
قال في شرح السنة (2): وقاب القوس: ما بين السيّة والمقبض، وسية القوس: ما عطف من طرفها والجمع سيات.
4500 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلًا، في كل زاوية منها للمؤمنين أهل، لا يراهم الآخرون، يطوف عليهم المؤمنون، وجنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن".
قلت: رواه البخاري في التفسير في سورة الرحمن بتمامه من حديث أبي موسى واسمه عبد الله بن قيس، ورواه أيضًا مقطعًا في مواضع متفرقة منها في صفة الجنة وفي التفسير وفي التوحيد وروى مسلم القطعة الأولى منه إلى قوله صلى الله عليه وسلم جنتان من ذهب من حديث أبي موسى ذكره في صفة الجنة. (3)
4501 -
قال صلى الله عليه وسلم: "في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين ما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، منها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس".
قلت: هذا الحديث رواه الترمذي (4) في باب صفة الجنة من حديث عبادة ابن الصامت، ولم أره في الصحيحين ولا في أحدهما، ولا رواه الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" ولا أدخله في كتابه، وإنما روى لعبادة عشرة أحاديث ستة في المتفق عليه،
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (4/ 118).
(2)
شرح السنة (15/ 208).
(3)
أخرجه البخاري (3242)، (4878)، (4879)، (4880)، ومسلم (2838).
(4)
أخرجه الترمذي (2531). قال الحافظ ابن حجر: عجب من إدخال البغوي له في أحاديث "الصحيحين"، انظر: هداية الرواة (5/ 201).
واثنين فيما تفرد بها البخاري، واثنين فيما تفرد به مسلم، ولا ذكر منها هذا الحديث (1)، وكذلك الإمام عبد الحق لم يذكره في "الجمع بين الصحيحين" وعزا ابن الأثير في "جامع الأصول"(2) هذا الحديث للترمذي خاصة، وكذلك الطبري في أحكامه، وكذلك المزي في أطرافه (3) عزاه للترمذي خاصة عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: أنا يزيد بن هارون أنا همام نا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت يرفعه، وهذا سند صحيح لا غبار عليه، رجاله رجال الصحيحين إلا عبد الله بن عبد الرحمن وهو الدارمي فإنه احتج به مسلم ولم يخرج له البخاري ورواه الترمذي أيضًا من حديث عطاء بن يسار عن معاذ ابن جبل وذكره بمعناه.
قال الترمذي: وعطاء لم يدرك معاذًا، ومعاذ قديم الموت مات في خلافة عمر. (4)
قوله صلى الله عليه وسلم: والفردوس أعلاه.
قال ابن الأثير (5): الفردوس هو البستان الذي فيه الكرم والأشجار، ومنه جنة الفردوس، قوله صلى الله عليه وسلم: ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة أي الأربعة المذكورة في قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} إلى قوله تعالى: {مُصَفًّى} .
4502 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة لسوقًا، يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم وقد
(1) انظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (1/ 414 - 418).
(2)
انظر: جامع الأصول (10/ 500).
(3)
انظر: تحفة الأشراف (4/ 255 رقم 5104).
(4)
انظر: سنن الترمذي (4/ 296 رقم 2530).
(5)
انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 427).
ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا! فيقولون: وأنتم، والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا".
قلت: رواه مسلم في صفة الجنة من حديث ثابت عن أنس يرفعه ولم يخرجه البخاري. (1)
والمراد بالسوق هنا: مجمع لهم يجتمعون فيه، كما يجتمع الناس في الدنيا في السوق.
ومعنى يأتونها كل جمعة: أي كل مقدار جمعة أي أسبوع، وليس هناك حقيقة أسبوع لفقد الشمس والليل والسوق: يذكر ويؤنث وهو أفصح.
وريح الشمال: بفتح الشين المعجمة والميم يغير همز، هكذا الرواية في مسلم، وقال صاحب العين (2): هي الشمال والشمْأل بإسكان الميم مهموز، والشأملة بهمزة قبل الميم، والشمل: بفتح الميم بغير ألف، والشمول بفتح الشين وضم الميم وهي التي تأتي من دبر القبلة.
قال بعضهم: وخص ريح الجنة بالشمال لأنها ريح المطر عند العرب كانت تهب من جهة الشمال، وبها يأتي سحاب المطر، وجاء في حديث تسمية هذه الريح المثيرة أي المحركة لأنها تثير في وجوههم ما تثيره من مسك أرض الجنة وغيره من نعيمها (3).
4503 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن أول زمرة يدخلون الجنة: على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم: كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين، يرى مخ سوقهن من وراء العظم واللحم -من الحسن-، يسبحون الله بكرة وعشيًّا، لا يسقمون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، آنيتهم الذهب
(1) أخرجه مسلم (2833).
(2)
انظر: كتاب العين (6/ 265 - 266).
(3)
انظر: إكمال المعلم (8/ 364)، والمنهاج للنووي (17/ 249 - 250).
والفضة، وأمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم: ستون ذراعًا في السماء".
قلت: رواه الشيخان بألفاظ متقاربة في صفة الجنة من حديث أبي هريرة. (1)
والزمرة: الجماعة. والدري: فيه ثلاث لغات: قرىء بهن في السبع الأكثرون، دري: بضم الدال وتشديد الياء بلا همز، والثانية: بضم الدال مهموز ممدود، والثالثة: بكسر الدال مهموز ممدود وهو الكوكب العظيم، يسمى دريًّا لبياضه كالدر، وقيل: لإضاءته، قيل: لأنه أرفع النجوم، والدر: أرفع الجواهر (2).
قوله صلى الله عليه وسلم: له زوجتان، هكذا هو في الروايات، زوجتان: بالتاء وهي لغة متكررة في الأحاديث وكلام العرب، والأشهر حذفها، وبه جاء القرآن العزيز وأكثر الأحاديث (3).
ولا يتفلون بكسر الفاء وضمها، حكاهما الجوهري وغيره، أي لا يبصقون: والألوة: هو العود الهندي الذي يبخر به، قال أبو عبيد الله هو بضم الهمزة وفتحها وضم اللام.
والرشح: بالشين المعجمة والحاء المهملة هو العرق.
قوله صلى الله عليه وسلم: على خلق رجل واحد ذكر مسلم اختلاف ابن أبي شيبة وأبي كريب في ضبطه، فابن أبي شيبة يرويه بضم الخاء واللام وأبو كريب بفتح الخاء وإسكان اللام وكلاهما صحيح، وقد اختلف فيه رواة البخاري أيضًا، وقد يرجح الفتح بقوله صلى الله عليه وسلم على صورة أبيهم آدم (4).
(1) أخرجه البخاري (3245)، (3246)، (3254)، (3327)، ومسلم (2834)، (2835).
(2)
انظر: المنهاج للنووي (17/ 246)، وشرح السنة (15/ 215 - 216).
(3)
انظر: المصدر السابق (17/ 250).
(4)
انظر: المنهاج للنووي (17/ 251 - 252).
4504 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يبولون، ولا يتغوطون ولا يمتخطون"، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: "جشاء، ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد، كما يُلهمون النفس".
قلت: رواه مسلم في صفة الجنة من حديث جابر ولم يخرج البخاري منه إلا قوله: لا يتفلون الأربع كلمات فإنه خرجها من حديث أبي هريرة (1).
وقد ذهب أهل السنة وعامة المسلمين إلى أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ويتنعمون بذلك وغيره من ملاذها، وأنواع نعيمها تنعمًا دائمًا لا آخر له ولا انقطاع أبدًا، وإن تنعمهم بذلك على هيئة تنعم أهل الدنيا إلا ما بينهما من التفاضل في اللذة والنفاسة التي لا تشارك نعيم الدنيا إلا في التسمية وأصل الهيئة (2).
4505 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يدخل الجنة: ينعم ولا يبأس، ولا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه".
قلت: رواه مسلم في صفة الجنة من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (3)
ومعناه: لا يصيبه بأس وهو شدة الحال، وهو البأس والبؤس.
ومعنى: ينعم بفتح أوله والعين أي يدوم له النعيم.
4506 -
قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينادي مناد: إن لكم أن تصحّوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشِبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا".
قلت: رواه مسلم في صفة أهل الجنة من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ولم يخرجه البخاري (4) ورواه الترمذي أيضًا (5).
(1) أخرجه مسلم (2835).
(2)
انظر: المنهاج للنووي (17/ 254).
(3)
أخرجه مسلم (2836).
(4)
أخرجه مسلم (2837).
(5)
أخرجه الترمذي (3246).
4507 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تراءون الكوكب الدّري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب، لتفاضل ما بينهم"، قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم؟ قال:"بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين".
قلت: رواه البخاري ومسلم في صفة الجنة كلاهما من حديث أبي سعيد (1).
قال القاضي (2): لفظة "من" هنا لابتداء الغاية، وقد جاءت كذلك كقولهم: رأيت الهلال من خلال السحاب.
ومعنى الغائر: الذاهب الذي تدلى للغروب، وبعد عن العيون.
قال المصنف: ويروى بالباء الموحدة من الغبور وهو البقاء أي الباقي في الأفق بعد انتشار ضوء الفجر، ويروى: الغائر بالهمزة من الغور وهو الانحطاط ويراد به انحطاطه في الجانب الغربي.
4508 -
قال صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير".
قلت: رواه مسلم في صفة الجنة من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري (3).
وشبه النبي صلى الله عليه وسلم قلوبهم بقلوب الطير في وصفهم بالتوكل فإنه أخبر صلى الله عليه وسلم بأن من توكل على الله حق توكله رزقه كما يرزق الطير.
4509 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة: فيقولون لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب! وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا".
(1) أخرجه البخاري (3256)، ومسلم (2831).
(2)
انظر: إكمال المعلم (8/ 362).
(3)
أخرجه مسلم (2840).
قلت: رواه الشيخان والترمذي (1) في أبواب الجنة من حديث أبي سعيد.
قوله تعالى: أحل عليكم رضواني قال في المشارق (2): أي أنزله عليكم.
والرضوان: بكسر الراء وضمها قرئ بهما في السبع.
4510 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة، أن يقول له: تمن، فيتمنى ويتمنى، فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنيت ومثله معه".
قلت: رواه مسلم في حديث أبي هريرة في الإيمان ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ. (3)
4511 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، كل من أنهار الجنة".
قلت: رواه مسلم في صفة الجنة من حديث أبي هريرة وليس في البخاري (4).
وسيحان: بسين مهملة مفتوحة وبآخر الحروف ساكنة وفتح الحاء المهملة، وجيحان: بفتح الجيم كذلك.
قال النووي (5): كلاهما في بلاد الأرمن، فجيحان نهر المصيصة، وسيحان نهر إذنه، وهما نهران عظيمان جدًّا، أكبرهما جيحان، واتفقوا على أن سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون، وجيجون نهر وراء خراسان عند بلخ، وقد وقع في الصحاح وهم لا تغتر به فإنه إما وهم أو مؤول، وأما كون هذه الأنهار من الجنة ففيه تأويلان أحدهما: أن الإيمان عم بلادهما، وأن الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة.
(1) أخرجه البخاري في الرقاق (6549)، وفي التوحيد (7518)، ومسلم (2829)، والترمذي (2555).
(2)
انظر: مشارق الأنوار (1/ 195).
(3)
أخرجه مسلم (182).
(4)
أخرجه مسلم (2839).
(5)
انظر: المنهاج للنووي (17/ 258).
والثاني: وهو الأصح أنها على ظاهرها، وأن لها مادة من الجنة، والجنة مخلوقة موجودة عند مذهب أهل السنة.
قال البغوي في "معالم التنزيل"(1) هو أن الله تعالى أنزل هذه الأربعة من الجنة، على ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن الله تعالى أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة، من أسفل درجة من درجاتها، على جناحي جبريل عليه السلام، استودعها الجبال، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس، فذلك قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله تعالى جبريل عليه السلام يرفع من الأرض القرآن، والعلم كله والحجر الأسود من ركن البيت، ومقام إبراهيم عليه السلام، وتابوت موسى عليه السلام بما فيه. وهذه الأنهار الأربعة، فيرفع جبريل كل ذلك إلى السماء فذلك قوله تعالى:{وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} وفي رواية ابن عباس ويرفع الدجلة أيضًا (2).
4512 -
قال: ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين خريفًا، لا يدرك لها قعرًا، والله لتملأن، ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ -أي ممتلىء- من الزحام".
قلت: رواه مسلم في حديث طويل (3) في آخر الكتاب عن خالد بن عمر العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان، وكان أميرًا على البصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصرم، وولّت خداء، ولم يبق منها إلا صُبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم، فإنه قد
(1) انظر: معالم التنزيل (5/ 413).
(2)
عزا السيوطي في الدر (6/ 95) رواية ابن عباس هذه لابن مردويه والخطيب بسند ضعيف، وانظر: البحر المحيط (6/ 400).
(3)
أخرجه مسلم (2967).