الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الفضائل والشمائل
(1)]
باب فضائل سيد المرسلين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين
من الصحاح
4610 -
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت من خير قرون بني آدم: قرنًا فقرنًا، حتى كنت من القرن الذي كنت منه".
قلت: رواه البخاري في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (2) من حديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة يرفعه ولم يخرجه مسلم وقد تقدم القول في القرن في باب الأقضية والشهادات.
4611 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
قلت: رواه مسلم والترمذي في المناقب (3) من حديث واثلة بن الأسقع ولم يخرجه البخاري، وقد استدل أصحابنا بهذا الحديث على أن غير قريش من العرب ليس بكفؤ لهم ولا غير بني هاشم كفؤًا لبني هاشم إلا بني المطلب فإنهم هم وبنو هاشم شيء واحد كما صرح به الحديث الصحيح.
- ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة".
(1) لا يوجد عنوان الكتاب في نسختنا، أضفته من هداية الرواة.
(2)
أخرجه البخاري (3557).
(3)
أخرجه مسلم (2276). وانظر: استجلاب ارتقاء العُرف بحب أقرباء الرسول وذوي الشرف للسخاوي (1/ 280) رقم (8).
قلت: هذه الرواية عزاها ابن الأثير إلى الترمذي (1) خاصة فذكر الشيخ لها في الصحاح وهم (2)، وهذه الرواية لما كانت في الترمذي على شرط مسلم وبرجاله توهم المصنف أنها في مسلم فذكرها في الصحاح.
4612 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع".
قلت: رواه مسلم في المناقب من حديث أبي هريرة ورواه أبو داود في السنة (3) ولم يقل أبو داود: "يوم القيامة" ولم يخرج البخاري هذا الحديث، قال الهروي (4): السيد هو الذي يفوق قومه في الخير، وقال غيره: هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد فيقوم بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم ويدفعها عنهم، وأما تقييده: بيوم القيامة: مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة فلأن يوم القيامة يظهر السؤدد عيانًا لكل أحد ولا يبقى منازع ولا معاند، وهذا قريب من قوله تعالى:{لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} مع أن الملك له سبحانه وتعالى قبل ذلك لكن كان في الدنيا من يدعى الملك أو من يضاف إليه الملك مجازًا فانقطع كل ذلك في الآخرة.
وهذا الحديث دليل لفضله صلى الله عليه وسلم على الخلق كلهم لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الآدميين لهذا الحديث وغيره، وأما حديث:"لا تفضلوا بين الأنبياء" فعنه أجوبة (5) والله أعلم.
4613 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة".
قلت: رواه مسلم في الإيمان من حديث أنس ولم يخرجه البخاري. (6)
(1) أخرجه الترمذي (3605).
(2)
انظر: جامع الأصول (8/ 535).
(3)
أخرجه مسلم (2278)، وأبو داود (4673).
(4)
انظر: الغريبين للهروي (3/ 206 - 207).
(5)
انظر: المنهاج للنووي (15/ 54 - 55).
(6)
أخرجه مسلم (196).
4614 -
قال صلى الله عليه وسلم: "آتي باب الجنة يوم القيامة، فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت، لا أفتح لأحد قبلك".
قلت: رواه مسلم في الإيمان من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس يرفعه. (1)
4615 -
وقال صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة". قلت: رواه مسلم في الإيمان من حديث أبي هريرة (2) وبقية الحديث: "بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، هدانا الله له (قال: يوم الجمعة) فاليوم لنا، وغدًا لليهود، وبعد غد للنصارى".
وروى البخاري في الصلاة معناه وليس في شيء من طرق البخاري لهذا الحديث: نحن أول من يدخل الجنة، وقد قدمه المصنف في صلاة الجمعة، ونحن الآخرون: يعني في الزمان، الأولون في فصل القضاء يوم القيامة، وقد فسره الحديث الذي بعده.
4616 -
قال صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق".
قلت: رواه مسلم في الصلاة من حديث أبي هريرة وحذيفة. (3)
4617 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنة، لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدّقت، وإن من الأنبياء نبيًّا ما صدقه من أمته إلا رجل واحد".
قلت: رواه مسلم في الإيمان من حديث أنس ولم يخرجه البخاري. (4)
(1) أخرجه مسلم (197).
(2)
أخرجه مسلم (855).
(3)
أخرجه مسلم (856).
(4)
أخرجه مسلم (196).
4618 -
قال صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثل الأنبياء، كمثل قصر أحسن بنيانه، ترك منه موضع لبنة، فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنيانه، إلا موضع تلك اللبنة، لا يعيبون سواها، فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، فتمّ بي البنيان وخُتم بي الرسل".
قلت: هذا الحديث رواه الشيخان من حديث أبي هريرة البخاري (1) في صفة النبي صلى الله عليه وسلم في فضائله صلى الله عليه وسلم لكن هذا اللفظ ذكره المصنف بحروفه ليس في الصحيحين ولا في أحدهما، ولا ذكره الإمام عبد الحق في الجمع بين الصحيحين، وقد رواه الشيخان أيضًا من حديث جابر (2) ورواه مسلم (3) أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري ولم يخرج البخاري عن أبي سعيد في هذا شيئًا ولم أر في هذه الروايات كلها: كمثل قصر، بل: كمثل رجل بنى دارًا، وفي بعضها: بنى بيتًا، وفي بعضها: بنيانًا وفي بعضها بيوتًا وأما ذكره القصر فلم أره.
4619 -
وفي رواية: "فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين".
قلت: رواه الشيخان (4).
4620 -
قال صلى الله عليه وسلم: "ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة".
قلت: رواه الشيخان: البخاري في فضائل القرآن وفي الاعتصام ومسلم في الإيمان والنسائي في التفسير وفي فضائل القرآن كلهم من حديث الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة (5) يرفعه. والآيات: المراد بها المعجزات.
(1) أخرجه البخاري (3535)، ومسلم (2286).
(2)
من حديث جابر البخاري (3534)، ومسلم (2287).
(3)
أخرجه مسلم (2285).
(4)
أخرجه البخاري (3535)، ومسلم (2286).
(5)
أخرجه البخاري (4981)، ومسلم (152)، والنسائي في الكبرى (2977).
ما مثله آمن عليه البشر، قال النووي (1): آمن بالمد وفتح الميم، ومثله: مرفوع، قال: وقد اختلف في معنى الحديث فقيل: إن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله، فآمن به البشر، وأما معجزتي العظيمة الظاهرة فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله فلهذا أرجو أن أكون أكثرهم تابعًا.
4621 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة".
قلت: رواه البخاري في الطهارة وفي الصلاة وفي الخمس ومسلم في الصلاة والنسائي في الطهارة. (2)
والرعب: الفزع والخوف.
قوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجدًا، قال في شرح السنة (3): أراد أن أهل الكتاب لم يبح لهم الصلاة إلا في بيعهم وكنائسهم، وأبيحت لأمته الصلاة حيث كانوا تخفيفًا عليهم.
- ويُروى: عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فضلت على الأنبياء بست: أعطيت بجوامع الكلم"، وذكر هذه الأشياء إلا الشفاعة، وزاد:"وختم بي النبيون".
قلت: رواه مسلم (4) في الصلاة من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري من حديث أبي هريرة، إلا ما أخرج منه من حديث جابر المتقدم.
(1) انظر: المنهاج للنووي (2/ 245 - 246).
(2)
أخرجه البخاري (335) في التيمم، و (3122) في الجهاد، وفي الصلاة (4380)، ومسلم (521)، والنسائي (1/ 209 - 211).
(3)
انظر: شرح السنة للبغوي (13/ 197).
(4)
أخرجه مسلم (523).
4622 -
قال صلى الله عليه وسلم: "بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم، رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي".
قلت: رواه البخاري في التعبير ومسلم في الصلاة كلاهما عنه (أبي هريرة) قال البخاري (1): وبلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين أو نحو ذلك انتهى.
ومفاتيح خزائن الأرض: هو ما سهل الله تعالى له صلى الله عليه وسلم ولأمته من افتتاح البلاد واستخراج كنوزها.
4623 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله زَوَى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإنّ أمتي سيبلغ ملكها ما زُوِي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاءً، فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا".
قلت: رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه كلهم في الفتن من حديث ثوبان ولم يخرجه البخاري. (2)
وزوى لي الأرض: أي جمعها وقرب أطرافها، وزوى لي منها: قال الخطابي كلامًا حاصله (3): أن مِنْ ههنا ليست للتبعيض كما توهمه بعض الناس إنما هي بيانية تقديره: وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي التي هي الأرض.
(1) أخرجه البخاري (7013)، ومسلم (523).
(2)
أخرجه مسلم (2889)، وأبو داود (4252)، والترمذي (2176)، وابن ماجه (3952).
(3)
انظر: معالم السنن (4/ 312).
قال ابن الأثير (1): الأحمر: ملك الشام، والأبيض: ملك فارس لبياض ألوانهم، ولأن الغالب على أموالهم الفضة، والغالب على أهل الشام الذهب، وألوانهم الحمرة.
وقيل: خزائن كسرى وقيصر لأن الغالب على خزائن كسرى الذهب وقيصر الفضة.
والسنة: القحط والجدب، وبيضتهم: مجتمعهم وموضع سلطانهم أي يهلكهم جمعهم، ومعنى لا أهلكهم بسنة عامة: لا أهلكهم بقحط يعمهم بل إن وقع قحط يكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى بلاد الإسلام، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه، والضمير في أقطارها راجع إلى الأرض أي: ولو اجتمع عليهم من بجوانب الأرض.
قوله: حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا ظاهر، فيقتضي ظاهر هذا الكلام أنه لا يسلط عليهم عدوهم فيستبيحهم إلا إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض وسبي بعضهم لبعض (2).
4624 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربه طويلًا ثم انصرف، فقال:"سألت ربي ثلاثًا، فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة، فأعطانيها، وسألته أن لا يُهلك أمتي بالغرق، فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها".
قلت: رواه مسلم في الفتن من حديث سعد بن أبي وقاص ولم يخرجه البخاري. (3)
ومعنى: أن لا يهلك أمتي بالغرق لا يهلكهم جميعهم بطوفان كطوفان نوح حتى يغرق جميعهم، قال بعضهم: وهذا فيه بعد، ولعل هذا اللفظ كان: أن لا يهلك أمتي بالعدو فتصحف على بعض الرواة لقرب ما بينهما في اللفظ، ويدل على صحة ذلك أن هذا
(1) انظر: النهاية (1/ 437 - 438).
(2)
انظر: المنهاج للنووي (18/ 19 - 20)، ومعالم السنن (4/ 312)، وشرح السنة للبغوي (14/ 216 - 217)، ومختصر المنذري (6/ 138 - 139).
(3)
أخرجه مسلم (2890).
الحديث قد رواه خباب بن الأرت وثوبان وغيرهما وكلهم قال: بدل الغرق، عدوًا من غير أنفسهم والله أعلم.
4625 -
قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت: "أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، وتفتح بها أعين عمي، وآذان صم، وقلوب غلف". ورواها عطاء، عن ابن سلام.
قلت: رواه البخاري في البيوع من حديث عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن سلام، وساقه بلفظه ولم يخرجه مسلم. (1)
"والحرز": الموضع الحصين، والمعنى: أنا جعلناك موئلًا لأمتك يتحصنون بك من كل رذيلة في الدنيا والأخرى.
والفظ: الغليظ القلب السيء الخلق، والغليظ: الضخم الكريه الخلق.
والسخاب: بالسين المهملة والخاء المعجمة وبالباء الموحدة بعد الألف هو الذي يكثر الصياح.
والملة العوجاء: قال في النهاية (2): هي ملة إبراهيم عليه السلام التي غيرتها العرب عن استقامتها.
(1) أخرجه البخاري (2125).
(2)
انظر: النهاية (3/ 315).