الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة النار وأهلها
من الصحاح
4540 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم"، قيل: يا رسول الله إن كانت لكافية قال: "فإنها فضلت عليهن بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرّها".
قلت: رواه البخاري في بدء الخلق ومسلم والترمذي كلاهما في صفة جهنم، واللفظ للبخاري كلهم من حديث أبي هريرة. (1)
قوله: إن كانت لكافية "إن" هذه هي المخففة من الثقيلة عند البصريين وهذه اللام هي الفارقة بين "إن" النافية "إن" والمخففة من الثقيلة، وهي عند الكوفيين بمعنى ما، واللام بمعنى إلا تقديره عندهم: ما كانت إلا كافية، وعند البصريين "إنها كانت كافية".
4541 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتكت النار إلى ربها، فقالت: رب أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير".
قلت: رواه الشيخان والترمذي من حديث أبي هريرة (2) إلا أن الترمذي قال: "فأما نفسها في الشتاء فزمهرير، وأما نفسها في الصيف فسموم" وقد تقدم الحديث في الصلاة.
4542 -
قال صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بجهنم يومئذ، لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".
(1) أخرجه البخاري (3265)، ومسلم (2843)، والترمذي (2589).
(2)
أخرجه البخاري (537)(3260)، ومسلم (617)، والترمذي (2592).
قلت: رواه مسلم والترمذي من حديث ابن مسعود (1)، ولم يخرجه البخاري ومعنى الحديث أنه يجاء بها من المحل الذي خلقها الله فيه فبدأ بأرض المحشر حتى لا يبقى للجنة طريق إلا الصراط، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة.
والزمام: ما يزم به الشيء أي يشد ويربط، وهذه الأزمة التي تساق جهنم به أيضًا تمنع من خروجها على أهل المحشر، ولا يخرج منها إلا الأعناق التي أمرت أن تأخذ من يشاء الله أخذه.
فائدة: ذكر الحاكم هذا الحديث في المستدرك وقال: على شرط مسلم، واعترض عليه الذهبي بأن العلاء بن خالد الكاهلي هو راويه عن شقيق عن عبد الله بن مسعود، قال: والعلاء كذبه أبو سلمة التبوذكي انتهى، وهذا وهم من الإمامين، أما الحاكم: فوهم في استدراكه على مسلم، والحديث ثابت في صحيح مسلم، وأما الذهبي: فأقره واعترض بطعنه في العلاء وقد رواه مسلم من حديث العلاء عن سفيان كما رواه الحاكم (2)، والله أعلم.
4543 -
قال صلى الله عليه وسلم: "إن أهون أهل النار عذابًا: من له نعلان وشراكان من نار، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا".
قلت: رواه مسلم في الإيمان بهذا اللفظ ورواه البخاري بمعناه (3) كلاهما من حديث النعمان بن بشير.
والنعل: مؤنثة وهي التي تلبس في الرجل، والمِرجل: قدر من نحاس قاله الجوهري (4).
4544 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أهون أهل النار عذابًا: أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه".
(1) أخرجه مسلم (2842)، والترمذي (2573)، والحاكم (4/ 595).
(2)
انظر: مستدرك الحاكم (4/ 595).
(3)
أخرجه البخاري (561)(6562)، ومسلم (213).
(4)
انظر: الصحاح للجوهري (4/ 1705).
قلت: رواه مسلم من حديث ابن عباس في الإيمان ولم يخرج البخاري عن ابن عباس في هذا شيئًا. (1)
4545 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط".
قلت: رواه مسلم في التوبة من حديث أنس بن مالك، ولم يخرجه البخاري (2)، ومعنى فيصبغ في النار: أي يغمس في النار غمسة كما يغمس الثوب في الصبغ.
4546 -
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء لافتديت به، فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم: أن لا تشرك بي شيئًا، فأبيت إلا أن تشرك بي".
قلت: رواه البخاري في باب خلق آدم وفي صفة النار، ومسلم في التوبة من حديث أنس (3)، قوله تعالى:"أردت منك أهون من هذا" أي أمرتك بأهون من هذا وإلا فيكون الشيء واقعًا على خلاف إرادة الله تعالى وهذا محال، تعالى الله عن ذلك.
4547 -
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حُجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى تَرقوته".
(1) أخرجه مسلم (212).
(2)
أخرجه مسلم (2807).
(3)
أخرجه البخاري (6557)، ومسلم (2805).
قلت: رواه مسلم في صفة النار من حديث سمرة بن جندب (1)، ولم يخرج البخاري هذا الحديث، وحجزته "بضم الحاء وإسكان الجيم وفتح الزاي المعجمة معقد إزاره وسراويله، والترقوة: بفتح التاء وضم القاف وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.
4548 -
قال صلى الله عليه وسلم: "ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المُسرع".
قلت: الصواب أن هذا الحديث رواه الشيخان (2) في صفة النار من حديث فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة، وقد ذكره الحافظ عبد الحق فيما اتفق عليه الشيخان، وأسقطه الحميدي من كتابه الذي جمع فيه بين الصحيحين فلم يذكره، وعزاه ابن الأثير (3) لمسلم خاصة.
4549 -
وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: ضرس الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام"
قلت: رواه مسلم في صفة النار، ولم يخرجه البخاري (4)، وهذا الحديث والذي قبله يدل كل منهما على عظم جثة الكافر وإنما كان كذلك ليعظم عذابه ويتضاعف، وهذا إنما هو في بعض الكفار بدليل أنه قد جاءت أحاديث أخر تدل على أن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أمثال الذر في صفة الرجال، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، ولا شك أن الكفار في عذاب جهنم يتفاوتون كما قد علم من الكتاب والسنة، ولأنا نعلم على القطع أن من كفر بالله وقتل الأنبياء وفتك في المسلمين وأفسد في الأرض ليس عذابه مساويًا لعذاب من كفر بالله فقط وأحسن للأنبياء والمسلمين.
(1) أخرجه مسلم (2845).
(2)
أخرجه البخاري (6551)، ومسلم (2852).
(3)
انظر: جامع الأصول (10/ 542).
(4)
أخرجه مسلم (2851).