الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أهل الشام ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين وأمرّ عليهم مسلم بن عتبة المري في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وعقيبها هلك يزيد (1).
والحرة هذه أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة وكانت الوقعة بها.
والهمهمة: كلام خفي لا يفهم.
4808 -
قيل لأبي العالية: سمع أنس بن مالك من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: خدمة عشر سنين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له بستان يحمل في كل سنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منه ريح المسك. (غريب).
قلت: رواه الترمذي (2) في المناقب عن محمود بن غيلان ثنا أبو داود عن أبي خلدة، قال: قلت لأبي العالية: وساقه، وقال: حديث حسن، وأبو خلدة اسمه خالد بن دينار وهو ثقة عند أهل الحديث وقد أدرك أبو خلدة أنس بن مالك وروي عنه، انتهى كلام الترمذي.
باب الهجرة
من الصحاح
4809 -
قال: أول ما قدم علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فجعلا يقرآننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء، فما جاء حتى قرأت:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في سور مثلها.
قلت: رواه البخاري في الهجرة، والنسائي (3) في التفسير من حديث شعبة ابن الحجاج عن البراء.
(1) انظر: البداية والنهاية (11/ 614) طبعة جديدة.
(2)
أخرجه الترمذي (3833) وإسناده ضعيف لإرساله.
(3)
أخرجه البخاري (3925)، والنسائي في الكبرى (11666).
والولائد: جمع وليد وهي الجارية الصغيرة، والولد وليد فعيل بمعنى مفعول.
4810 -
قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال:"إن عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده"، فبكى أبو بكر قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا [فعجبنا له، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر رضي الله عنه أعلَمَنا.
قلت: رواه البخاري في الصلاة وفي الهجرة ومسلم والترمذي والنسائي ثلاثتهم في المناقب من حديث أبي سعيد الخدري. (1)
4811 -
قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين، كالمودّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال:"إني بين أيدكم فرط، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي هذا، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا، أن تنافسوا فيها -وزاد بعضهم-: فتقتتلوا، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم".
قلت: رواه الشيخان، البخاري في الجنائز وفي علامات النبوة وفي المغازي وفي ذكر الحوض ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم واللفظ للبخاري ورواه أبو داود في الجنائز كلهم من حديث عقبة بن عامر. (2)
قوله صلى الله عليه وسلم: "وإني لأنظر إليه"، هذا تصريح بأن الحوض حقيقي على ظاهره وأنه مخلوق موجود اليوم، وأشار صلى الله عليه وسلم بقوله "أعطيت مفاتيح خزائن الأرض" إلى أن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك.
4812 -
قالت: إن من نعم الله عليّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي، وفي يومي،
(1) أخرجه البخاري في الصلاة (446)، والهجرة (3904)، ومسلم (2382)، والترمذي (3660)، والنسائي (2) في المناقب.
(2)
أخرجه البخاري في علامات النبوة (3596)، وفي المغازي (4042)، وفي الجنائز (1344)، ومسلم (2296)، وأبو داود (3223).
وبين سَحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل عليّ عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده سواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتناولته، فاشتدّ عليه، فقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فليّنته، فأمره على أسنانه، وبين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء، فيمسح بهما وجهه ويقول:"لا إله إلا الله! إن للموت سكرات"، ثم نصب يده فجعل يقول:"في الرفيق الأعلى"، حتى قبض ومالت يده.
قلت: رواه البخاري (1) بهذا اللفظ من ذكوان مولى عائشة عنها في أواخر المغازي في أبواب مرضه صلى الله عليه وسلم.
قولها: "بين سحري" السحر: الرئة بضم السين المهملة وفتحها وبالحاء المهملة أي مات صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلى صدرها وما يجاري سحرها منه، وقيل: ما لصق بالحلقوم من أعلى البطن، ونقل في مشارق الأنوار (2) عن بعضهم أنه قال: سجري بالجيم ومعناه بين تشبيك يدي وصدري ومقتضى ما نقله صاحب المشارق أن السين مهملة على حالها، ونقل ابن الأثير (3) عن بعضهم أنه بالشين المعجمة والجيم وأنه سئل عن ذلك فشبك بين أصابعه، وقدّمها عن صدره، كأنّه يضم شيئًا إليه، أي أنه قد مات وقد ضمته بيديها إلى نحرها وصدرها، والشجر: التشبيك وهو الذقن أيضًا، قال: والمحفوظ الأول.
قولها "وإن الله جمع بين ريقي وريقه" الصواب إن عطفًا على المنصوب في قوله إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وجمع بين ريقي وريقه.
والرفيق الأعلى: قيل هو: اسم من أسماء الله تعالى، قال الأزهري (4): غلط هذا
(1) أخرجه البخاري (4449).
(2)
انظر: مشارق الأنوار (2/ 208).
(3)
انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 346).
(4)
انظر: تهذيب اللغة للأزهري (9/ 110 - 111).
القائل والرفيق: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين وهو اسم جاء على فعيل، ومعناه: الجماعة كالصديق والخليط، يقع على الواحد والجمع.
4813 -
قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من نبي يمرض، إلا خُير بين الدنيا والآخرة"، وكان في شكواه التي قبض فيها أخذته بُحّة شديدة، فسمعته يقول:"مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين" فعلمت أنه خير.
قلت: رواه البخاري في المغازي، ومسلم في الفضائل من حديث عائشة. (1)
وأخذته بحة: البحة بضم الباء الموحدة وبالحاء المهملة: غلظ وخشونة تمنع الجهار (2).
4814 -
قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة: واكرب أباه! فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم"، فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربًّا دعاه! يا أبتاه! من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبربل ننعاه، فلما دفن قالت فاطمة: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟.
قلت: رواه البخاري في آخر المغازي وابن ماجه في الجنائز كلاهما عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس، ورواه الدارمي (3) وقال: قال حماد: حين حدث ثابت: بكى، وقال ثابت: حين حدث أنس: بكى.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" يريد لا يصيبه بعد اليوم نصب ولا وصب يجد له ألمًا إذا أفضى إلي دار الآخرة والسلامة الدائمة (4)، وجوزوا في "من قولها" من جنة الفردوس مأواه أن يكون حرف جر، وجنة مجرورة، وأن تكون مفتوحة الميم موصولة بمعنى الذي أي: الذي جنة الفردوس مأواه، وهو أولى.
(1) أخرجه البخاري (4586)، ومسلم (2444).
(2)
البُحّة بالضم غلظة في الصوت، ويبدو المراد هنا السعال، انظر: النهاية (1/ 99)، والمنهاج للنووي (15/ 298).
(3)
أخرجه البخاري (4462) ، وابن ماجه (1630)، والدارمي (1/ 40 - 41).
(4)
انظر: أعلام الحديث للخطابي (3/ 1795).