الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الحسان
4603 -
قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: "كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء".
قال يزيد بن هارون: العماء، أي ليس معه شيء.
قلت: رواه الترمذي في التفسير وابن ماجه في السنة كلاهما (1) من حديث أبي رزين العقيلي وحسنه الترمذي، وسنده فيه متصل، وليس في رجاله إلا من روى له الشيخان أو مسلم خاصة، إلا وكيع بن عدس العقيلي، قال الذهبي: لا يعرف تفرد عنه يعلى بن عطاء، كذا قال في الميزان، وقال والكاشف: وثق، عدس: بضم العين والدال المهملتين (2)، ويزيد بن هارون الذي نقل المصنف عنه هذا التفسير هو شيخ شيخ الترمذي أحد رواة هذا الحديث.
قال ابن الأثير (3): والعماء بالفتح والمد: هو السحاب. قال أبو عبيد (4): لا ندري كيف كان ذلك العماء. وفي رواية "كان في عمى" بالقصر ومعناه ليس معه شيء، وقيل: هو كل أمر لا تدركه عقول بني آدم، ولا يبلغ كنهه الوصف والفطن، ولا بد في قوله "أين كان ربنا؟ " من مضاف محذوف كما حذف في قوله "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ونحوه"، فيكون التقدير:"أين كان عرش ربنا؟ ". وقال الأزهري (5): نحن
(1) أخرجه الترمذي (3109)، وابن ماجه (182) وإسناده ضعيف.
(2)
وكيع بن عُدُس العقيلي: قال الحافظ: مقبول، انظر: التقريب (7465)، انظر قول الذهبي في: الميزان (4/ ت 9355)، والكاشف (2/ 350 رقم 6057)، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 496).
(3)
انظر: النهاية (3/ 304).
(4)
انظر: غريب الحديث (2/ 9).
(5)
انظر: تهذيب اللغة للأزهري (3/ 246). وتتمة كلامه: قال: "قلت أنا: والقول عندي ما قاله أبو عبيد أنه العماء ممدود، وهو السحاب، ولا يدري كيف ذلك العَماء بصفة تحصره ولا نعت يحده، ويقوّي هذا القول قول الله عز وجل:{هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} فالغمام معروف في كلام العرب، إلا أنا لا ندري كيف الغمام الذي يأتي الله عز وجل يوم القيامة في ظلل منه، =
نؤمن به ولا نكيفه بصفة أي نجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل انتهى كلام ابن الأثير، وهو يقتضي أن ما نقله المصنف عن يزيد بن هارون إنما هو على رواية القصر.
4604 -
[زعم] أنه كان جالسًا في البطحاء في عصابة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فيهم، فمرت سحابة، فنظروا إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما تسمون هذه؟ " قالوا: السحاب، قال:"والمزن؟ "[قالوا: والمزن] قال: "والعنان؟ " قالوا: والعنان، قال:"هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض؟ " قالوا: لا ندري، قال:"إن بعد ما بينهما إما واحدة وإما اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، والسماء التي فوقها كذلك، حتى عدّ سبع سماوات، ثم فوق السماء السابعة بحر، بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال، بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش، بين أسفله وأعلاه ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تعالى فوق ذلك".
قلت: رواه أبو داود وابن ماجه كلاهما في السنة والترمذي في التفسير ثلاثتهم من حديث العباس بن عبد المطلب، وقال الترمذي: حسن غريب، وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك فوقفه انتهى كلامه (1)، قال المنذري (2): وفي إسناده الوليد بن أبي ثور: ولا يحتج بحديثه، وضعفه أحمد وغيره، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ليس بشيء، كذاب، فالحديث ضعيف من هذا الطريق، ورواه الإمام أبو بكر بن خزيمة في
= فنحن نؤمن به، ولا نكيّف صفته، وكذلك سائر صفات الله عز وجل". ما قاله الأزهري هو مذهب السلف في الصفات.
(1)
أخرجه أبو داود (4723)، والترمذي (3320)، وابن ماجه (193) وإسناده ضعيف.
(2)
انظر: مختصر سنن أبي داود للمنذري (7/ 93)، والوليد بن أبي ثور الكوفي، ضعيف، انظر: التقريب (7481)، وعبد الله بن عميرة، قال الحافظ: مقبول، انظر: التقريب (3538). وقال الذهبي: فيه جهالة، انظر: ميزان الاعتدال (2/ ت 4492)، والكاشف (1/ 581)، والتاريخ الكبير للبخاري (5/ ت 494).
كتاب التوحيد (1) من غير طريق الوليد ابن أبي ثور وهو قد التزم أنه لا يذكر فيه إلا ما صح من الأحاديث، ولكن في سنده أيضًا عبد الله بن عميرة عن الأحنف، وقال البخاري: لا يعرف له سماع من الأحنف، وعلى تقدير صحته فليس هذا القدر الذي ذكره صلى الله عليه وسلم وله حينئذ وأن مسيرة ذلك خمس مائة عام كما جاء في بعض الأحاديث.
"والأوعال": تيوس الجبل، واحدها "وعل" بكسر العين أي ثمانية ملائكة على صورة الأوعال (2)، ثم الله فوق ذلك: أي حكمه وعظمته فوق العرش (3).
4605 -
قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي، فقال: جهدت الأنفس، وجاع العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سبحان الله، سبحان الله" فما زال يسبّح، حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال:"ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك أتدري ما الله؟ إن عرشه على سماواته لهكذا -وأشار بأصابعه مثل القبة عليه-، لأنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب".
قلت: رواه أبو داود وابن خزيمة في كتاب التوحيد (4) كلاهما من حديث جبير بن مطعم، قال الإمام أبو بكر البزار (5): هذ الحديث لا نعلمه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
(1) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 234) رقم (144).
(2)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 307).
(3)
انظر: كلام ابن القيم حول هذا الحديث في تهذيب سنن أبي داود المطبوع مع المنذري (17/ 91 - 97)، وكذلك عون المعبود (9/ 13).
(4)
أخرجه أبو داود (4726)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 239 - 240) رقم (147) وإسناده ضعيف، وأورد ابن القيم في تهذيب السنن المطبوع مع مختصر المنذري (7/ 95 - 117) المطاعن التي طعن بها هذا الحديث، وأجاب عنها، وحاول تصحيح الحديث، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: ولا يصح في أطيط العرش حديث. انظر: هداية الرواة (5/ 250).
(5)
انظر: البحر الزخار المعروف بمسند البزار (8/ 356 رقم 3432).
وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، ولم يقل فيه محمد بن إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة انتهى كلامه.
يشير بذلك إلى أن محمد بن إسحاق مدلس وإذا قال المدلس: عن فلان، ولم يقل: حدثنا أو سمعت أو أخبرنا، لم يحتج بحديثه قال المنذري (1): وقد رواه يحيى بن معين وغيره ولم يذكر فيه لفظة "به" وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي (2): وقد تفرد به يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم القرشي، وليس لهما في صحيح البخاري ولا في صحيح مسلم رواية، وانفرد به محمد بن إسحاق ابن يسار عن يعقوب وابن إسحاق لا يحتج بحديثه، وقد طعن فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه جماعة منهم، فقال أبو بكر البيهقي (3): والتشبيه بالقبة إنما وقع للعرش وهذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب بن عتبة، وصاحبا الصحيح لم يحتجا بهما انتهى كلامه، وقد تأوله الأئمة على تقدير صحته، قال الخطابي (4): معنى قوله: "أتدري ما الله". معناه: أتدري ما عظمة الله وجلاله، وأشار إلى أن ظاهر الحديث فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله وعن صفاته منتفية، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله سبحانه وتعالى تنزه عن الكيف.
ومعنى: إنه ليئط به قال ابن الأثير (5): يعجز عن حمله (6).
(1) انظر: مختصر المنذري (7/ 97 - 101).
(2)
وقد صنف الحافظ ابن عساكر رحمه الله جزءًا في الطعن في هذا الحديث سماه: "بيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط" كما في البداية والنهاية (1/ 11).
(3)
انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 319).
(4)
انظر: معالم السنن (4/ 302).
(5)
انظر: النهاية (1/ 54).
(6)
قال الذهبي في العلو ص 39: "هذا حديث غريب جدًّا فرد، وابن إسحاق حجة في المغازي إذا أسند وله مناكير وعجائب، والله أعلم أقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أم لا، وأما الله عز وجل فليس كمثله شيء جل =
4606 -
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنيه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام".
قلت: رواه أبو داود في السنة من حديث جابر بن عبد الله وسكت عليه أبو داود والمنذري (1).
4607 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبربل: "هل رأيت ربك؟ "، فانتفض جبريل، وقال: يا محمد إن بيني وبينه سبعين حجابًا من نور، لو دنوت من بعضها لاحترقت.
قلت: لم أره في شيء من الكتب الستة ورواه أبو نعيم صاحب الحلية من حديث زرارة (2).
4608 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق إسرافيل -منذ يوم خلقه- صافًّا قدميه، لا يرفع بصره، بينه وبين الرب تبارك وتعالى سبعون نورًا، ما منها من نور يدنو منه إلا احترق"(صح).
قلت: رواه الترمذي من حديث ابن عباس والبيهقي في شعب الإيمان (3) في أوائله في باب الإيمان بالملائكة من حديث عبد الله بن أسامة الكلبي قال: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال: ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس وذكر حديثًا مطولًا، هذا قطعة منه ثم قال البيهقي: يحتمل أن يريد بينه وبين عرش الرب سبعون نورًا.
4609 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق الله آدم وذريته، قالت الملائكة: يا رب خلقتهم يأكلون، ويشربون، وينكحون، ويركبون، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة، قال الله تعالى: لا أجعل من خلقته بيدي، ونفخت فيه من روحي، كمن قلت له: كن، فكان".
قلت: رواه البيهقي في شعب الإيمان من حديث جابر بن عبد الله. (4)
= جلاله وتقدست أسماؤه ولا إله غيره". وموقفنا من هذا الحديث وأمثاله أننا أمنا بالله على وصف نفسه وعلى ما وصفه رسوله الصادق صلى الله عليه وسلم، بدون أي تأويل ولا تكييف.
(1)
أخرجه أبو داود (4727)، انظر: مختصر المنذري (7/ 117). وإسناده صحيح. انظر: الصحيحة (151).
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 80) عن زرارة بن أوفى مرسلًا.
(3)
لم أجده في الترمذي وأخرجه البيهقي في الشعب (157).
(4)
أخرجه البيهقي في الشعب (1/ 172)(149) وإسناده ضعيف.