المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله: يرقي هذا الريح: المراد بالريح هنا الجنون، ومس الجن، - كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح - جـ ٥

[الصدر المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق]

- ‌باب النفخ في الصور

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحشر

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحساب والقصاص والميزان

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الحوض والشفاعة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب صفة الجنة وأهلها

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب رؤية الله تعالى

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب صفة النار وأهلها

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب خلق الجنة والنار

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب بدء الخلق وذكر الأنبياء عليهم السلام

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌[كتاب الفضائل والشمائل

- ‌باب فضائل سيد المرسلين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب المبعث وبدء الوحي

- ‌من الصحاح

- ‌باب علامات النبوة

- ‌من الصحاح

- ‌فصل في المعراج

- ‌من الصحاح

- ‌فصل في المعجزات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الكرامات

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب الهجرة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب

- ‌من الصحاح

- ‌كتاب المناقب

- ‌باب في مناقب قريش وذكر القبائل

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب أبي بكر رضي الله عنه

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب العشرة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب جامع المناقب

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ذكر اليمن والشام وذكر أويس القرني رضي الله عنه

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌باب ثواب هذه الأمة

- ‌من الصحاح

- ‌من الحسان

- ‌أجوبة الحافظ ابن حجر العسقلاني عن أحاديث المصابيح

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: قوله: يرقي هذا الريح: المراد بالريح هنا الجنون، ومس الجن،

قوله: يرقي هذا الريح: المراد بالريح هنا الجنون، ومس الجن، وقاموس البحر: هو وسطه، قال النووي (1): وضبطنا هذه اللفظة بوجهين أشهرهما في أكثر روايات الحديث، ونسخ بلادنا "ناعوس" بالنون والعين، والثاني وهو المشهور في غير صحيح مسلم "قاموس" بالقاف والميم، قال عياض: أكثر نسخ مسلم "قاعوس" بالقاف والعين، ووقع عند بعضهم بالتاء المثناة [من] فوق.

قوله: هات يدك بكسر التاء.

‌فصل في المعراج

‌من الصحاح

4726 -

عن مالك بن صعصعة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به: "بينما أنا في الحطيم -وربما قال: في الحجر- مضطجعًا، إذ أتاني آت، فشق ما بين هذه إلى هذه -يعني: من ثغرة نحره إلى شِعْرته- فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا، وحكمة، فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أعيد، -وفي رواية: ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم مليء إيمانًا وحكمة- ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض، يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل، حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبربل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا فيها آدم، فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي، حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟

(1) انظر: المنهاج للنووي (6/ 224 - 225).

ص: 178

قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت، فردا، ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، إذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه، فردّ السلام، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماه الخامسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي، حتى أتى السماء السادسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما جاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلامًا بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا إبراهيم قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها

ص: 179

مثل قلال هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، قلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان: فنهران في الجنة، وأما الظاهران: فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور، ثم أتيت بإناء من خمر، وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: هي الفطرة أنت عليها، وأمتك، ثم فرضت علي الصلاة، خمسين صلاة كل يوم، فرجعت، فمررت على موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت، فأمرت بعشر صلوات كل يوم وليلة، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكني أرضى وأسلم، قال: فلما جاوزت نادى مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي".

قلت: رواه الشيخان بألفاظ متقاربة: البخاري مقطعًا في بدء الخلق وفي الأنبياء، ومسلم في الإيمان، والترمذي في التفسير والنسائي في الصلاة كلهم (1) عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة.

(1) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار (3887)، وبدء الخلق (3207)، ومسلم (164)، والترمذي (3346)، والنسائي (1/ 217).

ص: 180

واختلف الناس في كيفية الإسراء والصحيح الذي عليه عامة السلف أنه كان مرتين مرة في المنام وأخرى بجسده عند الله، قال الزهريّ: وكان بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، هذا هو الصحيح وقد غلط العلماء شريكًا في قوله كان قبل البعثة (1).

والحطيم: بمكة بين الركن والباب، وقيل: هو الحجر المخرج من الكعبة، وسمي به لأن البيت رفع وترك هو محطومًا، قوله صلى الله عليه وسلم:"ابنا خالة". قال ابن السكيت: يقال: هما ابنا عم ويقال: ابنا خال، ويقال: هما ابنا خالة، ولا يقال: ابنا عمة.

وسدرة المنتهى: قال ابن عباس وغيره: سميت بذلك لأن علم الملائكة ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحدٌ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن مسعود: سميت بذلك لكونه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تعالى.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا نبقها مثل قلال هجر" النبق: بفتح النون وكسر الباء وقد يسكن ثمر السدر، واحدته نبقة ونبقة، وأشبه شيء به العناب، قبل أن تشتد حمرته، والقلال: بكسر القاف جمع قلة، والقلة: جرة عظيمة تسع قربتين أو أكثر.

قال في النهاية (2): وهجر اسم بلد معروف بالبحرين وهو مذكر مصروف وأما هجر التي تنسب إليها القلال فهي قرية من قرى المدينة (3).

وأما قول "بواب السماء": وقد بعث إليه، فمراده، وقد بعث إليه للإسراء وصعود السموات، وليس مراده الاستفهام عن أصل البعثة، والرسالة، فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدة، وهذا هو الصحيح والله أعلم. ذكر ذلك جماعات من العلماء.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فرجعت فوضع عني عشرًا" أي فرجعت إلى الموضع الذي ناجيته منه، وقال: مقابل النهران الباطنان هما السلسبيل والكوثر.

(1) انظر: المنهاج للنووي (2/ 274).

(2)

انظر: النهاية (5/ 246 - 247).

(3)

انظر: شرح الحديث في المنهاج للنووي (2/ 290 - 293).

ص: 181

4727 -

وروى ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يقع حافره عند منتهى طرفه، فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاءني جبربل بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة، ثم عرج بنا إلى السماء

" وقال في السماء الثالثة: "فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحُسن، فرحّب بي، ودعا لي بخير

" وقال في السماء السابعة: "فإذا أنا بإبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهي، فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشي، تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها، وأوحى إلي ما أوحى، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إلى موسى، وقال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى، حتى قال: يا محمد! إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، من هَمّ بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت سيئة واحدة".

قلت: رواه مسلم من حديث ثابت عن أنس (1) وقد حذف المصنف منه جملًا تقدمت في حديث مالك بن صعصعة طلبًا للاختصار.

والبراق: هو بضم الموحدة سمي به لصفائه وبريقه.

وبيت المقدس: بفتح الميم وإسكان القاف، وكسر الدال المخففة، وبضم الميم وفتح القاف والدال المشددة، لغتان مشهورتان: فبالتخفيف إما مصدر كقوله تعالى: {إليه مرجعكم} وإما مكان فمعناه: بيت مكان الطهارة، أو الذي جعل فيه الطهارة من الذنوب وبالتشديد المطهر.

والحلقة: بإسكان اللام على الفصيح وحكي فتحها.

(1) أخرجه مسلم (162).

ص: 182

قوله: اخترت الفطرة، فسروا الفطرة هنا بالإسلام، والاستقامة ومعناه: اخترت علامة الإسلام والاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهلًا طيبًا طاهرًا سائغًا للشاربين سليم العاقبة، وأما الخمر: فإنها أم الخبائث وجالبة لأنواع من الشرور في الحال وفي المآل.

وعرج: بفتح العين والراء، صعد.

قوله صلى الله عليه وسلم: فإذا أنا بإبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، فيه دليل على جواز الاستناد إلى القبلة وجعل الظهر إليها، وقد وقع في أصول مسلم المعتمدة: السدرة المنتهى، بالألف واللام كما رواه المصنف، وأما الرواية الأولى التي رواها مالك بن صعصعة فقال فيها سدرة المنتهى (1).

4728 -

كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل، ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتليء حكمة، وإيمانًا، فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء، فلما جئت إلى السماء الدنيا، قال جبريل لخازن السماء: افتح، فلما فتح، علونا السماء الدنيا، إذا رجل قاعد على يمينه أسودة، وعلى يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نَسَم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى.

وقال ابن شهاب رضي الله عنه: فأخبرني ابن حزم، أن ابن عباس رضي الله عنه وأبا حية الأنصاري كانا يقولان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم عرج بي، حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام"، وقال ابن حزم، وأنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت حتى مررت على موسى، فراجعني فوضع شطرها، وقال في

(1) انظر: المنهاج للنووي (2/ 276 - 279).

ص: 183

الآخر: فراجعته، فقال: هي خمس، وهي خمسون، ما يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى: فقال: راجع ربك فقلت: استحييت من ربي، ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة المنتهى، وغشيها ألوان لا أدري ما هي؟ ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك".

قلت: رواه الشيخان: البخاري في أحاديث الأنبياء ومسلم في الإيمان من حديث أنس. (1) قال: كان أبو ذر يحدث وقد حذف المصنف منه جملًا طلبًا للاختصار وبين الشيخين اختلاف يسير.

والنسم: بفتح النون والسين واحدته نسمة، وهي نفس الإنسان، والمراد: أرواح بني آدم، قال القاضي عياض رحمه الله (2): في هذا إنه صلى الله عليه وسلم وجد آدم ونسم بنيه من أهل الجنة والنار، وقد جاء أن أرواح الكفار في سجين، قيل: في الأرض السابعة، وقيل: تحتها، وقيل: في سجن، وأرواح المؤمنين منعّمة في الجنة، فيحتمل أنها تعرض على آدم أوقاتًا فوافق وقت عرضها مرور النبي صلى الله عليه وسلم به، ويحتمل أن كونهم في النار والجنة، إنما هو أوقات دون أوقات، ويحتمل أن الجنة كانت في جهة يمين آدم، والنار عن يساره، وكلاهما حيث شاء الله، والأَسْوِدة: جمع سواد، وهو جمع قلة، وهو الشخص، لأنه يرى من بعيد أسود (3).

وظهرت: أي علوت وصعدت.

والمستوى: بفتح الواو، المصعد، وقيل: المكان، وصريف الأقلام: بالصاد المهملة تصويتها حال الكتابة، قال الخطابي: هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله ووحيه، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء الله من ذلك أن يكتب، ويرفع لما أراده من أمره وتدبيره.

(1) أخرجه البخاري (3342)، ومسلم (163).

(2)

انظر: إكمال المعلم (1/ 503).

(3)

انظر: غريب الحديث (4/ 134)، والمصدر السابق.

ص: 184

جنابذ اللؤلؤ: بالجيم المفتوحة وبعدها نون مفتوحة ثم ألف ثم باء موحدة ثم ذال معجمة وهي القباب واحدتها جنبذة.

اللؤلؤ: بهمزتين وبحذفهما وبإثبات الأول دون الثانية وبالعكس (1).

4729 -

قال: "لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهي، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض، فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوتها، فيقبض منها"، قال:{إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال: فراش من ذهب، قال: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئًا المقحمات.

قلت: رواه مسلم في كتاب الإيمان في الإسراء من حديث عبد الله بن مسعود ولم يخرجه البخاري ورواه النسائي أيضًا. (2)

قوله: انتهي به إلى سدرة المنتهي وهي في السماء السادسة، كذا هو في جميع أصول مسلم، -وتبعه في المصابيح- السادسة، وقد جاء من حديث أنس أنها في السماء السابعة، قال القاضي (3): كونها في السابعة هو الأصح، وقول الأكثرين وهو الذي يقتضيه المعنى وتسميتها بالمنتهى، قلت: ويمكن أن يجمع بينهما فيكون أصلها في السادسة ومعظمها في السابعة، فقد علم أنها في نهاية من العظم، وقد قال الخليل رحمه الله: هي سدرة في السماء السابعة، قد أظلت السموات والجنة.

والمقحمات: هو بضم الميم وإسكان القاف وكسر الحاء، ومعناه: الذنوب العظام الكبائر التي تقم صاحبها في النار أي تلقيهم فيها، والمراد: بغفرانها أنه لا يخلد في النار، وليس المراد أنه لا يعذب أصلًا، فقد تقررت نصوص الشرع وإجماع أهل السنة، على تعذيب بعض العصاة من الموحدين، والمراد بعض الأمة على مذهب من يرى أن

(1) انظر: إكمال المعلم (1/ 502 - 511)، والمنهاج للنووي (2/ 285 - 289).

(2)

أخرجه مسلم (173).

(3)

انظر: إكمال المعلم (1/ 525)، والمنهاج للنووي (3/ 3 - 4).

ص: 185

من لا يفيد العموم مطلقًا، وعلى مذهب من يقول تفيده في الأمر والنهي لا في الخبر والله أعلم (1).

4730 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيتني في الحجر، وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربًا ما كربت مثله، فرفعه الله تعالى لي أنظر إليه، ما يسألونني عن شيء إلا أنبأتهم، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضرب جعد، كأنه من رجال شنوءة وإذا عيسى قائم يصلي، أقرب الناس به شبهًا عروة ابن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم -يعني: نفسه- فحانت الصلاة، فأممتهم، فلما فرغت من الصلاة، قال لي قائل: يا محمد! هذا مالك خازن النار، فسلّم عليه، فالتفت إليه، فبدأني بالسلام".

قلت: رواه مسلم في الإيمان من حديث أبي هريرة وخرج البخاري (2) من هذا الحديث ذكر بيت المقدس من حديث جابر وصفة موسى وإبراهيم من حديث أبي هريرة وابن عباس ولم يذكر سائره.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فكربت كربًا ما كربت مثله"، هو بضم الكافين من كربت، والضمير في مثله عائد على الكرب، وهو بفتح الكاف على وزن الضرب وهو الغم (3).

قال القاضي عياض (4): فإن قيل كيف يصلون وهم في الدار الآخرة وليست بدار عمل؟ وللمشايخ فيما ظهر لنا عن هذا أجوبة: أحدها: أنهم كانوا كالشهداء، بل هم أفضل، والشهداء أحياء عند ربهم، فلا يبعد أن يصلوا ويحجوا كما ورد في الصحيح من حديث آخر، وأن يتقربوا إلى الله بما استطاعوا، لأنهم وإن كانوا قد توفوا فهم في

(1) انظر: إكمال المعلم (1/ 526)، والمنهاج للنووي (3/ 4).

(2)

أخرجه مسلم (172)، والبخاري (3437)، وخرج أوله بمعناه من حديث جابر (3886).

(3)

انظر: المنهاج للنووي (2/ 308).

(4)

انظر: إكمال المعلم (1/ 516 - 518).

ص: 186