الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
146 - الرعاية في تلخيص ألفاظ أحكام الهداية
(1)
للشيخ الإمام العالم العلامة نجم الدين أبي عبد الله أحمد بن حمدان الحراني (*) رحمه الله تعالى.
أوله بعد البسملة: الحمد لله الذي أسعد العلماء بإحكام أحكامه، وأرشدهم إلى فهم حلال شرعه وحرامه، ووفق من شاء لما شاء من أقسامه، وحقق لمن أراد ما أمَّل من إنعامه، وسدد وهدى ولدينه ارتضى ولشرعه استرعى بفضله وإكرامه، وأيَّد حماله وأمدهم بعونه فأتوا بمرامه، وتنزه عن شبه ومثل في ذاته وصفاته وكلامه، ونوَّر البصائر بالهداية إلى معرفته بصفاته، ونقضه وإبرامه، وصور الضمائر، ويعلم إقدام العبد من إحجامه. أحمده على جزيل إلهامه وإفهامه، وأشكره على جزيل عطائه ودوامه، وأسأله تيسير المراد مع إتقانه، وإتمامه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة صادق في نيته وفعله وكلامه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى كل أحد بإسلامه، والمنعوت بأنه رحمة للعالمين فأعظم بمقامه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وإلزامه (2) صلاة دائمة بدوام دار الخلود في إنعامه وانتقامه (2). وبعد: فإني لما رأيت الهمم عن
(1) مطبوع بتحقيق الدكتور ناصر السلامة، في مجلدين، نشرته دار اشبيليا بالرياض، وهو "الرعاية الصغرى"، ذكره ابن رجب في الذيل (2/ 331)، وابن مفلح في المقصد الأرشد (1/ 99)، والمرداوي في مقدمة الأنصاف (1/ 14)، وابن عبد الهادي في معجم الكتب (ص/ 103)، والعليمي في المنهج الأحمد (4/ 346) وفي الدر المنضد (1/ 436)، وابن بدران في المدخل (ص/ 410)، وابن ضويان في كشف النقاب (ص/ 286).
انظر: معجم مصنفات الحنابلة (3/ 267 - 268)، والمذهب الحنبلي (2/ 296 - 299).
(*) ترجمته في: الذيل (2/ 331)، والمقصد (1/ 99)، والمنهج الأحمد (4/ 345).
(2)
كذا في المخطوطة، وفي "الرعاية الصغرى" أيضًا.
الفقه وأهله فاترة، وصوارم التقصير فيه والتقييد عنه باترة، والقرائح والأفكار باردة، ونار الحذر والجد خامدة، وعين الخوف والخشية جامدة، وزهد الأعلام في التعليم وتعلم الأحكام، وميلهم إلى الحطام والطغام، وكثرة الجهال وتناصرهم، وقلة العلماء وتقاصرهم، وطلب الطلبة أقصر طريق، وأبصر تحقيق، وأنظر تدقيق، وأوفق تلفيق، وأليق تنميق. وكثر سؤال من يعز صدهم، ويكره ردهم، ويشكر قصدهم، في تلخيص ألفاظ أحكام كتاب "الهداية"، تأليف الشيخ الإِمام العالم أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وتنقيح مسائله، وحذف أكثر مكرره وتناقضه، وزياداته اللاغية ورذالته. وكان الفقه أكثر أنواع المعلوم نفعًا، وأقومها بمعرفة الأحكام شرعًا، وأعظمها للفنون جمعًا، وأجز لها أجرًا، وأجملها ذخرًا، وأحمدها دنيا وأخرى، وأعلاها في النفوس قدرًا، وأغلاها على خاطبه مهرًا، إذ لابد فيه من فهم واف، وذهن صاف، وتأمل شاف، وفنون عديدة، وأحوال رشيدة، وآراء سديدة، وأفعال سعيدة، وحفظ وإتقان، ومرشد وزمان، وحرص وإمكان، وعليه مدار أحكام الحكام، وإليه (1) مرجع الخاص والعام، وبه يعرف الحلال والحرام، وبقية الأحكام، وبه تحفظ الدماء والأموال، وتلحظ الأقوال والأفعال، وتصان العقول والأنساب، والأعراض والأحساب، وقد رفع الله قدره وعظمه، وخص به غالبًا من عباده من كرمه، وندبهم إلى إنذار بريته، ومنحهم ميراث أهل نبوته، وأقامهم للقيام بحجته، والإِخبار بشريعته، وأمر غيرهم بسؤالهم، والأخذ
(1) في الأصل كانت: عليه، ثم صوبها.
بأقوالهم، وهو عماد الدنيا والدين، وغايات آمال المجتهدين، ونهاية أعمال المقتدين، ورعاية أفعال المهتدين، وبحصوله يحصل الخير والإِقبال، وبمراعاته تبلغ غاية الآمال، وقد حث الشارع على تعلمه وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه. أحببت أن أجمع فيه على طريق "الهداية" ونحوها كتابًا وجيزًا، مذهبًا، مهذبًا، ملخصًا منضدًا، مرصعًا مفصصًا (1)، مفضضًا، مليًا بغاية المأمول الجزيل، ونهاية المحصول والتحصيل، عريًا عن الدليل والتعليل، سوى قليل، وافيًا بالمراد، كافيًا للمرتاد، يجمع كلّ أحكام "الهداية" المذكورة، وزبدة الكتب المشهورة، والمسائل المسطورة، والقرائح المشكورة، والمنايح المذخورة، مع زيادة كثيرة، وفائدة كبيرة، ومسائل غزيرة، وأحكام جزيلة، وأقوال جميلة، وأمور جليلة، على مذهب الإِمام العالم العامل، الناسك، السالك، الكامل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مما نص عليه، أو أومأ إليه، أو أخذ من قوله، أو قيس عليه؛ إذ هو من أوضح (2) المذاهب وأكمل، وأوضح المناهج وأجمل، وأشرف المطالب وأنبل، لكثرة أخذه له من الكتاب والسنة، ومعرفته بهما وبأقوال الأئمة، وأحوال سلف الأمة، وتطلعه على علوم الإسلام، وتضلعه من أدلة الشريعة والأحكام، ودينه التام، وعلمه العام، والثناء عليه من أكابر العلماء، وشهادتهم له بالإِمامة والتقديم على أكثر القدماء، وإطنابهم في مدحه وشكره، وإسهابهم في نشر فضله وذكره، فهو أجلهم قدرًا، وأرفعهم ذكرًا، وأقومهم سطرًا،
(1) في المطبوع: منصصًا.
(2)
في المطبوع: أصح.