المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الإمام أحمد بن حنبل - لمحات في المكتبة والبحث والمصادر

[محمد عجاج الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌مقدمة الطبعة الخامسة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌الفصل الأول: المكتبة

- ‌تمهيد

- ‌الاسلام والعلم

- ‌تدوين العلم

- ‌مدخل

- ‌الكتابة عند العرب قبل الإسلام

- ‌ الكتابة في العصر النبوي وصدر الإسلام:

- ‌ أهداف المكتبة وأثرها التربوي

- ‌ نشأة المكتبات

- ‌ أشهر المكتبات في الإسلام

- ‌أشهر المكتبات في العالم في العصر الحديث

- ‌مدخل

- ‌أشهر المكتبات في العالم العربي والإسلامي في العصر الحاضر

- ‌مدخل

- ‌ الأردن:

- ‌ تونس:

- ‌ الجزائر:

- ‌ سورية:

- ‌ السعودية المملكة العربية السعودية:

- ‌ السودان:

- ‌ العراق:

- ‌ فلسطين:

- ‌ الكويت:

- ‌ لبنان:

- ‌ ليبيا:

- ‌ مصر:

- ‌ المغرب المملكة المغربية:

- ‌ اليمن:

- ‌ إيران:

- ‌ تركية

- ‌ الهند:

- ‌أشهر المكتبات التي تضم مخطوطات عربية في أوربا وأمريكا

- ‌مدخل

- ‌ انكلتره:

- ‌ فرنسا:

- ‌ إيطاليا:

- ‌ إسبانيا "الأندلس

- ‌ ألمانيا:

- ‌ روسيا:

- ‌ هولندا:

- ‌ النمسا:

- ‌ السويد:

- ‌ الدانمرك:

- ‌ الولايات المتحدة الأمريكية:

- ‌ المخطوطات العربية ومعهد أحياء المخطوطات

- ‌ مراكز حديثة لحفظ التراث وإحيائه ونشره

- ‌أولاً: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

- ‌ثانياً: جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة

- ‌ثالثاً: جامعة الرياض

- ‌‌‌المكتبة ونظامهاوفهارسها

- ‌المكتبة ونظامها

- ‌فهارس المكتبة

- ‌مدخل

- ‌ فهرس البطاقات:

- ‌ الفهارس المطبوعة:

- ‌ سجلات الكتب أو الفهارس المخطوطة:

- ‌ التصنيف العشري:

- ‌الفصل الثاني: البحث وأصوله

- ‌أهمية البحث

- ‌ الغاية من البحث:

- ‌ تعريف البحث:

- ‌ شروط الباحث ومقوماته:

- ‌مراحل البحث

- ‌مدخل

- ‌ اختيار الموضوع:

- ‌ مخطط البحث الأَوَّلي:

- ‌ مصادر البحث ومراجعه:

- ‌ جمع المادة العلمية "التقميش

- ‌ مخطط البحث التفصيلي:

- ‌ دراسة مادة البحث ومناقشتها وتصنيفها:

- ‌ كتابة البحث وإخراجه:

- ‌ بين المقدمة والخاتمة:

- ‌ فهارس البحث:

- ‌ طباعة الموضوع:

- ‌ تجليد الموضوع:

- ‌الفصل الثالث: أهم المصادر والمراجع في العلوم الإسلامية

- ‌المبحث الأول: القرآن الكريم وعلومه

- ‌مدخل

- ‌أولاً: القرآن الكريم "المصاحف

- ‌ثانياً: الكتب المفهرسة لألفاظ القرآن الكريم

- ‌ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم:

- ‌ المرشد إلى آيات القرآن الكريم وكلماته:

- ‌ الجامع لمواضيع آيات القرآن الكريم:

- ‌ تفصيل آيات القرآن الكريم

- ‌ تفسير غريب القرآن:

- ‌ المفردات في غريب القرآن:

- ‌ إملاء ما مَنَّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن:

- ‌ثالثاً: التفسير

- ‌أهم مصادر التفسير بالمأثور

- ‌ أهم مصادر التفسير بالرأي "بالمعقول

- ‌ أهم مصادر تفسير آيات الأحكام "التفسير الفقهي

- ‌رابعاً: بعض المصادر والمراجع في علوم القرآن

- ‌ البرهان في علوم القرآن:

- ‌ الإتقان في علوم القرآن:

- ‌التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الاتفان

- ‌ مناهل العرفان في علوم القرآن:

- ‌ المدخل لدراسة القرآن الكريم:

- ‌ مباحث في علوم القرآن:

- ‌ أسباب النزول:

- ‌ لباب النقول في أسباب النزول:

- ‌ حرز الأماني في القراءات السبع:

- ‌ النَّشْر في القراءات العَشْر:

- ‌ التِّبْيَان في آداب حَمَلَة القرآن:

- ‌خامساً: بعض المصادر في الدراسات القرآنية

- ‌المبحث الثاني: الحديث وعلومه

- ‌مدخل

- ‌ أشهر كتب الحديث وشروحها:

- ‌ صحيح البخاري:

- ‌ صحيح مسلم:

- ‌ سنن أبي داود:

- ‌ سنن النَّسَائي:

- ‌ سنن الترمذي أو الجامع الصحيح:

- ‌ سنن ابن ماجه:

- ‌ الإمام مالك

- ‌ عبد الرزاق بن همام ومصنفه:

- ‌ الإمام أحمد بن حنبل

- ‌ أشهر الكتب التي جمعت أمهات كتب الحديث أو مختارات منها أو زيادات عليها:

- ‌ شرح السنة:

- ‌ جامع الأصول من أحاديث:

- ‌ الترغيب والترهيب:

- ‌ رياض الصالحين:

- ‌ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:

- ‌ جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد:

- ‌ التاج الجامع للأصول:

- ‌أشهر المصادر والمراجع في أحاديث الأحكام

- ‌مدخل

- ‌ العمدة في الأحكام:

- ‌ إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام:

- ‌ المنتقى من أخبار المصطفى:

- ‌ بلوغ المرام من أدلة الأحكام:

- ‌ سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام:

- ‌نيل الأوطان وشرح منتقى الأخبار من أحاديث

- ‌ الموجز في أحاديث الأحكام:

- ‌ أشهر ما صنف في معاجم الحديث والكتب المرشدة إلى مواضعه:

- ‌ الجامع الصغير من حديث البشير النذير:

- ‌ ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث:

- ‌ مفتاح كنوز السنة:

- ‌ المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي:

- ‌ أهم ما صنف في الأحاديث المشتهرة:

- ‌ أهم ما صنف في الأحاديث الموضوعة والوضاعين:

- ‌ أهم ما صنف في مختلف الحديث ومشكله:

- ‌ أهم ما صنف في ناسخ الحديث ومنسوخه:

- ‌ أهم ما صنف في أسباب ورود الحديث:

- ‌ أهم ما صنف في غريب الحديث وإعرابه:

- ‌ أهم ما صنف في علل الحديث:

- ‌أهم ما صنف في تراجم الرواة وكناهم والقابهم

- ‌مدخل

- ‌ أهم ما صنف في الصحابة خاصة:

- ‌ أهم ما صنف في الرواة عامة:

- ‌ أهم ما صنف في الكنى والألقاب والأنساب والمشتبه من أسماء الرواة:

- ‌ أهم المصادر في الجرح والتعديل

- ‌ أشهر المصادر والمراجع في تخريج الأحاديث:

- ‌ أهم المصادر والمراجع التي صنفت في التمسك بالسنة وبيان مكانتها وتفنيد بعض الشبهات حولها:

- ‌ أهم المصادر في أصول الحديث

- ‌المبحث الثالث: السيرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌ مغازي رسول الله:

- ‌ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ الشمائل النبوية والخصائل المصطفوية:

- ‌ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه:

- ‌ دلائل النبوة:

- ‌ كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى:

- ‌ جوامع السيرة:

- ‌ الروض الأنف شرح السيرة النبوية لابن هشام:

- ‌زاد المعابد في هدي خير العباد

- ‌ السيرة النبوية:

- ‌ السيرة الحلبية:

- ‌ نور اليقين في سيرة سيد المرسلين:

- ‌ محمد رسول الله وخاتم النبيين:

- ‌ ومن أحدث ما صنف في فقه السيرة:

- ‌ سيرة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث الرابع: العقيدة والفرق

- ‌المبحث الخامس: الفقه

- ‌مدخل

- ‌ الفقه الحنفي:

- ‌ المبسوط:

- ‌ تحفة الفقهاء:

- ‌ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:

- ‌ الهداية شرح بداية المبتدي:

- ‌ رد المحتار على الدر المختار على متن تنوير الأبصار:

- ‌ الفقه المالكي:

- ‌ المدونة الكبرى:

- ‌ بداية المجتهد ونهاية المقتصد:

- ‌ القوانين الفقهية:

- ‌ مواهب الجليل لشرح مختصر خليل:

- ‌الشرح الكبير على مختصر خليل منح القدير

- ‌ الفقه الشافعي:

- ‌ الأم:

- ‌ المهذب:

- ‌ المجموع شرح المهذب:

- ‌ الأشباه والنظائر:

- ‌ الفقه الحنبلي:

- ‌ المغني:

- ‌ الشرح الكبير على متن المقنع:

- ‌ الفتاوى الكبرى:

- ‌ الفروع:

- ‌ كشاف القناع على متن الإقناع:

- ‌ الدرر السنية في الأجوبة النجدية:

- ‌فقه الشيعة

- ‌الشيعة الامامية

- ‌ الشيعة الزيدية:

- ‌ فقه الظاهرية:

- ‌ فقه الإباضية:

- ‌شرح النيل وشفاء العليل:

- ‌مصنفات لبعض المحدثين في الفقه المقارن:

- ‌المبحث السادس: أصول الفقه وتاريخ التشريع

- ‌مدخل

- ‌بعض مصنفات في أبحاث أصولية مختلفة:

- ‌المبحث السابع: التاريخ الإسلامي والتراجم

- ‌مصادر التاريخ

- ‌أهم المصادر في التراجم والانساب

- ‌مدخل

- ‌أشهر كتب الأنساب:

- ‌المبحث الثامن: حضارة الإسلام

- ‌المبحث التاسع:‌‌ حاضر العالم الإسلامي:

- ‌ حاضر العالم الإسلامي:

- ‌ الغارة على العالم الإسلامي:

- ‌ نظرة جامعة إلى تاريخ الإسلام في الصين وأحوال المسلمين فيها:

- ‌ الاستعمار الفرنسي في أفريقيا السوداء:

- ‌ مشاكل العالم العربي:

- ‌كتاب القضية الفلسطينية

- ‌ كتاب "حول الحركة العربية الحديثة

- ‌ التبشير والاستعمار في البلاد العربية:

- ‌ الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي:

- ‌ كفاح المسلمين في تحرير الهند:

- ‌ البيانات:

- ‌ مواطن الشعوب الإسلامية في أفريقيا:

- ‌ مواطن الشعوب الإسلامية في آسيا:

- ‌المبحث العاشر: اللغة والأدب

- ‌مدخل

- ‌ المعاجم:

- ‌ أهم كتب فقه اللغة:

- ‌ قواعد العربية "النحو والصرف والإملاء

- ‌ البلاغة:

- ‌ الموسوعات الأدبية:

- ‌ المختارات الشعرية:

- ‌ الأمثال:

- ‌ كتب في تراجم اللغويين والأدباء:

- ‌ كتب في دراسة بعض المصادر اللغوية والأدبية:

- ‌ في تاريخ آداب اللغة العربية:

- ‌المبحث الحادي عشر:‌‌ كتب جامعةوكتب في دراسات إسلامية

- ‌ كتب جامعة

- ‌كتب في دراسات إسلامية

- ‌مدخل

- ‌في نظام الدولة وحسن سياستها

- ‌في الاقتصاد والسياسة المالية:

- ‌في التربية والتعليم مصنفات كثيرة منها:

- ‌ دراسات إسلامية مختلفة:

- ‌المبحث الثاني عشر: معاجم البلدان:

- ‌ معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع:

- ‌ معجم البلدان:

- ‌ بلاد العرب:

- ‌ صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار:

- ‌المبحث الثالث عشر: مراجع المراجع

- ‌فهارس الكتب:

- ‌فهرس المصادر والمراجع:

- ‌فهرس أسماء الكتب:

- ‌فهرس موضوعات الكتاب

- ‌كتب للمؤلف:

الفصل: ‌ الإمام أحمد بن حنبل

9-

‌ الإمام أحمد بن حنبل

"164 - 241هـ": 1

أ- التعريف به:

هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي البغدادي، خرجت به أمه من مرو وهي حامل فولدته ببغداد في ربيع الأول من سنة "164هـ"، وفيها نشأ وطلب العلم، توفى والده وهو صغير، وفي بغداد لقي أكابر أهل العلم؛ إذ كانت بغداد آنذاك حاضرة الدولة العباسية، ومَحَطَّ أنظار العلماء وطلاب العلم، ولم يكتف بلقاء علماء بلده؛ بل تطلع إلى لقاء علماء الأقاليم الأخرى، فرحل في طلب الحديث إلى الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام والجزيرة، وفارس، وخراسان، وغيرها. وقد حج خمس مرات؛ منها ثلاث راجلًا، وقد أتاح له ارتحاله في طلب الحديث السماع من شيوخ كثيرين، من أشهرهم بشر بن المفضل، وإسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان وأبو داود الطيالسي، والإمام الشافعي وآخرون، وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود.. والشافعي، ويزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وعَلِيٌّ بن المديني، وابناه صالح وعبد الرحمن، وأبو بكر الأثرم، وبقي بن مخلد، وآخرون.

كان نشيطًا ذكيًا محبًا للعلم، قال يحيى القطان: ما قدم علي مثل

1 أهم مصادر ترجمته والكلام في مسنده: "تاريخ بغداد" ص412 ج4، و"تهذيب التهذيب" ص72 - 76 ج1، وكتاب "ابن حنبل حياته وعصره - آراؤه وفقهه" للشيخ محمد أبو زهرة، و"خصائص المسند" للحافظ أبي موسى المديني، و"المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد" للحافظ شمس الدين الجزري. مسند الإمام الأحمد الجزء الأول.. وتقدمة الجرح والتعديل ص292 - 309.

ص: 183

أحمد. وقال مرة: حبر من أحبار هذه الأمة. وقال الشافعي: خرجت من بغداد وما خلفت بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعلم من أحمد بن حنبل، وقال قتيبة: أحمد إمام الدنيا. وكان صاحب سنة وخير. وقال محمد بن هارون الفلاس: اشتهر الإمام أحمد بتقواه وورعه وحفظه، وكان يحفظ ألف ألف حديث. قال ابن حبان: كان حافظًا متقنًا فقيهًا ملازمًا للورع الخفي مواظبًا على العبادة الدائمة.

اشتهر أمر الإمام أحمد وصار محط أنظار العلماء وطلاب العلم يرتحلون إليه من الآفاق؛ حتى إن الإمام أبا جعفر محمد بن جرير الطبري قصد بغداد للسماع منه وقبل أن يدخلها بلغته وفاته؛ فعرج عنها إلى غيرها.

كان عزيز النفس زاهدًا، متواضعًا متسامحًا، عرض عليه القضاء فأبى، وكان لا يقبل جوائز ولاة الأمور. قوالًا بالحق، ولا يحابي فيه أحدًا، وقد تعرض رحمه الله للمحنة والابتلاء، بسبب ثباته على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، مخالفًا ما ذهب إليه الخليفة المأمون من القول بخلق القرآن، وثبت الإمام أحمد على قوله فاقتدى به خلق كثير، وقد قاسى من الضرب والسجن وصبر ولم يرجع عن قوله، وكان لموقفه أثر عميق في الأمة، قدره أهل العلم؛ حتى قال الإمام علي بن المديني:"إن الله أعز الدين بأبي بكر يوم الردة، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة".

إلى أن كشف الله تعالى الغمة عن الأمة في عهد المتوكل؛ فعرف الخليفة قدره وأدناه منه

توفي الإمام أحمد سنة "241هـ" ببغداد فشيعه نحو ألف ألف. رحمه الله.

ب- المسند:

للإمام مؤلفات كثيرة أشهرها كتابه المسند. وهذا الكتاب من أعظم ما دُوِّنَ في الإسلام، ومن أجمع كتب الحديث التي كُتِبَ لها البقاء

ص: 184

-من مؤلفات مطلع القرن الثالث الهجري- والوصول إلينا، سلك فيه مسلكًا مغايرًا مسالك المصنفين في الحديث على الأبواب؛ فرتب كتابه على أسماء الصحابة -كما هو الشأن في جميع المسانيد- وذكر لكل صحابي أحاديثه مسندة، وقد اختار مسنده من نحو سبعمائة وخمسين ألف حديث1، وبلغ عدد ما جمعه في مسنده نحو ثلاثين ألف حديث أو يزيد2، أخرجها عن قرابة ثمانمائة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. ومما تجدر الإشارة إليه أنه لم يذكر فيه شيئًا من فقه الصحابة والتابعين ومن فقهه كما فعل الإمام مالك في موطئه.

وأحاديث المسند تدور بين الصحيح والحسن والضعيف؛ ففيه أحاديث صحيحة مما أخرجه أصحاب الكتب الستة، ومما لم يخرجوه وفيه الحسن والضعيف المحتج به، حتى إن الإمام السيوطي قال:"وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول؛ فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن"3.

والمهم أن الإمام أحمد اجتهد في جمع أحاديث مسنده؛ فلم

1 ليس المقصود بهذه الألوف عددها من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وإنما هي طرق متعددة؛ إذ قد يروى الحديث الواحد من عدة طرق -أي بأسانيد مختلفة- قد تتجاوز ثلاثين طريقا؛ فتعد هذه الطرق أحاديث؛ فيختار منها المصنف أصحها وأقواها حسب ما ينتهي إليه تمحيصه واجتهاده. وانظر أيضًا مسند الإمام أحمد بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ص20 ج1 وما بعدها.

2 قال الشيخ أحمد محمد شاكر:"هو على اليقين أكثر من ثلاثين ألفًا وقد لا يبلغ الأربعين ألفًا، وسيتبين عدده الصحيح عند تمامه إن شاء الله" المسند هامش ص23 ج1.

3 اختلف بعض العلماء في وجود بعض الموضوع في المسند ولو بندرة وفي عدم وجوده، وخلاصة القول: إن المختلف فيه لا يعدو أصابع اليد، قال ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة برجال الأربعة -أي الموطأ، ومسند أبي حنيفة ومسند الشافعي ومسند أحمد رحمهم الله ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة. وقد اعتذر عنه أن هذه الأحاديث مما أمر الإمام أحمد بالضرب عليه فَتُرِكَ سهوًا. ومع هذا فإن بعض الحفاظ حاول نفي وجود الموضوع فيه.

ص: 185

يخرجها إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته، دون من طعن في أمانته، ودقق في متون كتابه، كما محص في رجاله1. ومن ثم حق له أن يقول لابنه عبد الله:"احتفظ بهذا المسند؛ فإنه سيكون للناس إمامًا".

طبع هذا السفر الضخم في ست مجلدات وطبع على هامشه كنز العمال بمصر سنة "1313هـ"، كما طبع في الهند، وكان من الضروري أن يحقق الكتاب وتخرج أحاديثه؛ فنهض لهذا العمل الفذ الشيخ أحمد محمد شاكر أحد علماء الحديث في مصر في هذا العصر؛ فخرج أحاديث الكتاب ورقمها، وجعل له فهارس للموضوعات، وخدم المسند خدمة علمية جليلة بتعليقاته القيمة، وردوده لبعض الشبهات في بعض المواطن منه، وقد طبع من هذا الكتاب خمسة عشر جزءا وسطا تقارب ثلث الأصل؛ غير أن المنية اخترمته قبل أن يتمه رحمه الله2.

وحري بنا هنا أن نذكر كتاب "الكواكب الدراري في ترتيب مسند أحمد على أبواب البخاري" لعلي بن حسن بن عروة الحنبلي "758 - 837هـ" وهو كتاب قيم كبير، يعد من نوادر الكنوز العلمية التي تركها لنا السلف.

ولا بد من الإشارة هنا إلى ما قام به فضيلة الشيخ أحمد بن

1 انظر مسند أحمد بتحقيق الشيخ شاكر ص24 - 25 ج1.

2 والمطالع للمسند يرى الشيخ أحمد رحمه الله قد أنجز من المسند تحقيقًا وتخريجًا وضبطًا أكثر مما طبع؛ فكثيرًا ما يذكر أن الحديث "سيرد في رقم كذا وكذا" بعد مئات أو آلاف الأحاديث مما لم يطبع، وعدة الأحاديث المطبوعة من الكتاب المحقق "8099" وهي أقل من ثلث الكتاب. قارن صفحة 245 ج 15 من الكتاب المحقق بالصفحة 312 ج2 من المسند طبعة المطبعة الميمنية بمصر.

ص: 186