الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلم استقامة اللسان، وبعده عن النبو واللحن، وسلامة الأسلوب، وأما حسن الأداء، وجمال البيان وبلاغة العبارة وفصاحة اللسان؛ فهذه أوصاف معتبرة، ومزايا مرغوب فيها؛ لأنها من أهم عوامل التأثير في المخاطب، والوصول إلى أعماق نفسه ووجدانه.
ونحن في هذا المبحث نحاول أن نعرض أهم ما يحتاج الباحث إليه من المؤلفات اللغوية والأدبية، التي تكون عونًا له على تقويم لسانه، وتحسين عبارته، ومعرفة رفيع أدب لغته، ووجوه جمالها، ودقة صورها النثرية والشعرية، وما يلحق بها من الصناعة البيانية والمحسنات البديعية
…
وغير ذلك. ومما لا شك فيه أن بسط القول في علوم اللغة وآدابها لا يكفيه أضعاف هذا المؤلف؛ ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
وسأذكر فيما يلي أهم المعاجم، وأهم كتب فقه اللغة، والنحو والصرف، وأشهر الموسوعات الأدبية، وأهم المجموعات الشعرية، وبعض كتب الأمثال. وأهم ما يلحق بهذا مما أراه عونًا ومساعدًا للطلاب والباحثين في دراستهم اللغوية والأدبية.
أ-
المعاجم:
1
1-
الصحاح:
"تاج اللغة وصحاح العربية" للشيخ أبي نصر
1 إن اهتمام علماء المسلمين بشرح غريب القرآن والحديث كان النواة الأولى للمعاجم العربية، ويعزى أول كتاب في غريب القرآن إلى عبد الله بن عباس "- 68هـ" رضي الله عنهما، ثم تعاقب بعده المصنفون في غريب القرآن والحديث أو في أحدهما، ومن أقدم ما ذكره المصنفون في هذا الباب ما صنفه النضر بن شميل "203" والحسين بن عياش بن =
إسماعيل بن حماد الجوهري "332 - 393هـ" وقيل في ولادته ووفاته غير هذا. من أقدم ما صنف في العربية من معاجم الألفاظ، مرتب على الأبواب والفصول؛ فقد جعل حروف الهجاء أبوابًا، وجعل لكل حرف من هذه الأبواب فصولًا بعدة حروف الهجاء، يرتب
= حازم الرقي "204هـ" -انظر الرقي في تهذيب التهذيب ص362 ج2- ومحمد بن المستنير قطرب "206هـ"، وأبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري "215هـ"، وعبد الملك بن قريب الأصمعي "216هـ"، والحسن بن محبوب السراد "224هـ"، وأبو عبيد القاسم بن سلام "224هـ"، وغير هؤلاء ممن كانت وفاتهم في مطلع القرن الثالث ومن أقدم ما وصلنا من كتب الغريب "غريب القرآن" و"غريب الحديث" لأبي محمد عبد الله بن مسلم "ابن قتيبة""276هـ". وتعاقب المؤلفون بعده وكثرت التصانيف كثرة تثلج الصدر. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ص3 من المقدمة وما بعدها، وص5 ج1 وما بعدها. وانظر المعجم العربي للدكتور حسين نصار ص50 ج1.
والمعاجم نوعان: معاجم ألفاظ، ومعاجم معانٍ:
معاجم الألفاظ تساعدنا في الكشف عن معنى لفظة من الألفاظ.
ومعاجم المعاني هي التي تساعدنا في إيجاد لفظ "لمعنى يدور بخلدنا ولا ندري كيف نعبر عنه بدقة"؛ فهى تعطينا لفظة المعنى المراد. وسنبين إن شاء الله أنواع المعاجم حين نعرف ببعضها.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن ترتيب المعاجم مر بعدة أدوار قبل أن تصل إلينا في أعلى درجاتها من التبويب والتصنيف. فمن المعاجم ما رتبت ألفاظه بحسب مخارج الحروف من الفم ككتاب "العين" للخليل بن أحمد الفراهيدي. ومنها ما رتب أصول الكلمات حسب حروف المعجم مع مراعاة أوائل هذه الأصول، كما في النهاية لابن الأثير، ومنهم من رتب الكلمات ترتيبًا هجائيًا مراعيًا أواخر الكلمة، كما فعل الجوهري في صحاحه وتابعه ابن منظور في "لسان العرب" والفيروزبادي في "القاموس المحيط". انظر بسط هذا في كتاب حركة التأليف عند العرب ص22-40.
الكلمات على أواخرها؛ فما كان أخره النون تجده في باب النون؛ ففيه ترى "خون
…
ودفن.. وصبن.. وضأن وعثن"؛ فإذا أردنا الوقوف على معنى كلمة نردها إلى أصلها الثلاثي، ونجردها من زيادتها، وننظر في باب الكلمة وفصلها، ونستخرجها في موضعها؛ فنقف على ما نريد؛ فكلمة "الضأن" نراها في "ضأن" وهو أصلها، ونرى قوله فيها "هي خلاف الماعز
…
"، وكلمة "عثان" نجدها في "عثن" وهو أصلها الثلاثي، ومعناها "الدخان وجمعها عواثن ودواخن". طبع الكتاب في ستة أجزاء طبعة جيدة بتحقيق السيد أحمد عبد الغفور العطار سنة "1375هـ - 2956م" بمصر.
2-
لسان العرب:
للعلامة جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي "630 - 711هـ" أجمع معاجم الألفاظ، وأغناها بالشواهد، جيد الضبط، يعرض الروايات المتعارضة ويرجح أقوالها، ولا يفوته أن يذكر ما اشتق من اللفظ من أسماء الأشخاص والقبائل والأماكن وغيرها؛ فغدا هذا المعجم موسوعة لغوية وأدبية لغزارة مادته العلمية، واستقصائه واستيعابه لجل مفردات اللغة العربية، رتب ابن منظور معجمه على الأبواب والفصول؛ فجعل حروف الهجاء أبوابًا، أولها باب الهمزة وآخرها باب الألف اللينة، وجعل لكل حرف من هذه الأبواب فصولًا بعدة حروف الهجاء. وفي الباب الواحد والفصل يراعى الترتيب الهجائي في الحرف الثاني من الكلمات الواردة في كل باب وفصوله، وقد رتب الكلمات على أواخرها؛ فما كان آخره اللام تجده في باب اللام؛ ففي باب اللام ترد الفصول وما يليها مرتبة على حروف الهجاء؛ فنرى في هذا الباب "أبل، أتل، أثل، أجل، أدل" من الكلمات الواردة في كل باب وفصوله؛ ففي باب اللام ترد الفصول مرتبة على حروف الهجاء في أول كل كلمة من الباب؛ فنرى في هذا
الباب "أبل، بتل، تبل، ثبل، جأل، حبل،
…
" وينتهي هذا الباب بفصل الواو ثم الياء في مادة "وأل" و "يسل"
…
وفي الباب الواحد والفصل الواحد نرى الحرف الثاني من الكلمة مرتبًا على حروف الهجاء أيضًا، مثال هذا في باب اللام فصل الألف نرى هذه المواد. أبل، أتل، أثل، أجل، أدل، أرل، أزل، أسل، أصل
…
أهل، أيل.
ويراعى ترتيب الحرف الثالث بعد مراعاة ترتيب الحرف الثاني في الكلمات الرباعية؛ ففي مادة بحل ترد المواد: بحدل، بحشل، بحظل1 وهكذا؛ فلا يحتاج المرء من أجل استخراج معنى كلمة أكثر من أن يردها إلى أصلها الثلاثي، وينظر في بابها وفصلها من المعجم، ليقف على كل ما يريد. طبع الكتاب في عشرين مجلدًا سنة "1300هـ" بمصر وطبع بعدها في لبنان.
3-
القاموس المحيط:
لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزبادي "729 - 817هـ"، معجم جامع، فوق غيره من المعاجم. ودون لسان العرب في ذكر الشواهد والنصوص؛ فقد اكتفى ببيان معاني العرب، وقد يزيد عليها في بعض المواطن، من هنا كانت مادته غزيرة ومكثفة، وقد اختصر كثيرًا من الكلمات التي يكثر تكرارها في القاموس أثناء الشرح، واكتفى برموز بدلًا منها، فرمز بـ "ج بدلًا من كلمة جمع وجج بدلًا من جمع الجمع، وهـ بدلًا من قرية
…
" وغير هذا مما أشار إليه في مقدمة كتابه.
1 بحدل: مالت كتفه وأسرع في المشي، والبحدلة الخفة في السعي. وبحشل رقص رقص الزنج، وبحشر كجعفر لقب
…
وبحظل قفز قفزان اليربوع والفأرة.
وقد نهج في ترتيبه منهج لسان العرب، طبع في أربعة أجزاء طبعته الخامسة سنة "1373هـ - 1954م". المكتبة التجارية بالقاهرة.
وقد شرح العلامة المرتضى محمد بن محمد الحسيني الزبيدي "1145- 1205هـ" القاموس المحيط وضمنه الشواهد، واستدرك عليه في معجمه المشهور "تاج العروس" الذي يعد بحق كنزا من كنوز العربية. وقد طبع في عشرة أجزاء سنة 1306 بمصر.
4-
أساس البلاغة:
لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري "467 - 538هـ" صاحب تفسير الكشاف المشهور. ذكر الزمخشري في معجمه معاني الألفاظ على حقيقتها، واهتم بذكر المعاني المجازية بعد ذلك، وهو يكتفي بذكر الأفصح من لغات العرب؛ فيبين المعنى الحقيقي، ثم يبين في فقرة تليها المعنى المجازي. وكثيرًا ما يستشهد بالشعر وبالنصوص الأدبية الرفيعة؛ مبينًا المراد من التعبير والتركيب؛ فلم يقف عند حدود اللفظة وبيان معناها؛ بل تعدى هذا إلى استعمالها في كلام العرب من باب الحقيقة والمجاز، وقد أراد بهذا بيان روعة بلاغة القرآن، والكشف عن سر إعجازه، ببيان ما وراء حقيقة الألفاظ من مجاز. وقد بين هذا في قوله "ومن خصائص هذا الكتاب تأسيس قوانين فصل الخطاب والكلام والفصيح، بإفراد المجاز عن الحقيقة، والكتابة عن التصريح"1. وعلى هذا فإن الزمخشري لم يحاول
1 انظر أساس البلاغة ص ن من المقدمة.
مثال مما جاء في كتابه في "أنق" قال: هو شبه الأنوق، في القدر والموق. وهذا شيء أنيق وآنق ومونق. ورأيت له حسنًا وأنقًا وبهاءً ورونقًا. وقد آنقنى بحسنه. وقد أنقت به أي أعجبت، ولي به أنق. وتأنق في الروضة: وقع فيها متتبعًا لما يونقه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: إذا وقعت في آل حم، وقعت في روضات دمثات أتأنق فيهن
…
ومن المجاز: تأنق في عمله وفي كلامه: إذا فعل فعل المتأنق في الرياض، من تتبع الآنق والأحسن.
وفي "قلم" قال: قَلَمَ الظفر، وقلم الأظفار بالقلمين وهما الجلمان، ولم يغن عني قلامة ظفر
…
وألقوا أقلامهم: أحالوا أزلامهم. ومن المجاز: فلان مقلوم الظفر: ضعيف.
وفي "نشر" قال: نشر الثوب والكتاب، ونشر الثياب والكتب.... "وانتشروا في الأرض": تفرقوا
…
ومن المجاز: نشر الله الموتى نشرا وأنشرهم فنشروا نشورا وانتشروا، وأنشر الله الرياح. ونشرت الأرض، وأرض ناشرة. وظهر نشرها إذا أصابها الربيع فأنبتت
…
استيعاب واستقصاء جمع ألفاظ اللغة كما حاول ابن منظور وغيره؛ بل اكتفى بذكر الألفاظ التي يدور استعمالها بين الحقيقة والمجاز؛ وقلما يعتني بالألفاظ التي لا يعتريها المجاز. ولهذا ليس غريبًا ألا يجد الباحث بيان ما يريد من المفردات اللغوية؛ لأن أساس البلاغة أصلًا إنما وضع لبيان وتوضيح المعاني المجازية للألفاظ وتمييزها من المعاني الحقيقية، ولهذا لا بد من أن يستعين الباحث بمعجم آخر إلى جانب معجم الزمخشري.
رتب الزمخشري معجمه على حروف الهجاء وراعى في ترتيب مادة الكلمة الحرف الأول والثاني والثالث بعد ردها إلى أصلها؛ بينما يدور ترتيب لسان العرب على الحرف الأخير، وكلاهما لا يخرج عن النظام الألفبائي.
طبع أساس البلاغة في مجلدين كبيرين في مطابع دار الكتب المصرية سنة "1941م" بالقاهرة، ثم طبع مرارًا في مجلد واحد، وصور أخيرًا في بيروت.
5-
المخصص:
للشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل النحوي اللغوي الأندلسي المعروف بابن سيده "458هـ" من أقدم ما صنف في فقه اللغة وفي معاجم المعاني1؛ فإنه يذكر لفظ المعنى الذي يدور في الخلد، وقد قسم معجمه إلى عدد من الكتب ككتاب خلق الإنسان، والغرائز، والنساء
…
والسلاح والخيل والإبل والغنم والوحوش.. والدهور والأهوية والرياح والماء والنخيل
…
وقسم كل كتاب إلى
1 صنف قبل ابن سيدة كثير من العلماء في معاجم المعاني، ومن أشهر هذه المصنفات "فقه اللغة وسر العربية": لأبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي "350 - 429هـ"، وقد استقى الثعالبي مادة كتابه واختارها من كتب أئمة اللغة الذين سبقوه مثل الخليل والأصمعي، وأبي عمرو الشيباني والكسائي، والفراء. وأبي زيد، وأبي عبيدة وأبي عبيد، وابن الأعرابي، والنضر بن شميل، وأبو العباس وابن دويد ونفطوية وابن خالوية، والخارزنجي والأزهري، ومن سواهم من ظرفاء الأدباء؛ فجاء كتابه جامعًا غزير المادة. وقد جعله في قسمين. الأول في "فقه اللغة" والثاني في "سر العربية" وهو "في مجاري كلام العرب وسننها والاستشهاد بالقرآن على أكثرها".
ويهمنا من كتابه القسم الأول الذي جعله في ثلاثين بابًا: الأول منها في "الكليات" والأخير "في فنون مختلفة الترتيب في الأسماء والأفعال والصفات" وبينهما أبواب كثيرة في صغار الأشياء وكبارها، وفي الطول والقصر، وفي اليبس واللين
…
إلخ، وقسم كل باب إلى فصول، ومما يتميز به هذا الكتاب عزو ما ينقله إلى أصحابه. ومثال هذا ما جاء في الباب الحادي عشر "فصل في تفصيل الصلع وترتيبه""إذا انحسر الشعر عن جانبي جبهة الرجل فهو أنزع؛ فإذا زاد قليلًا فهو أجلح؛ فإذا بلغ الانحسار نصف رأسه فهو أجلى وأجله -بفتح اللام- فإذا زاد فهو أصلع؛ فإذا ذهب الشعر كله فهو أحص". "والفرق بين القرع والصلع أن القرع ذهاب البشرة والصلع ذهاب الشعر منها". "فقه اللغة ص112". وفي فصل الشجاعة "فصل ترتيب الشجاعة عن ثعلب ابن الأعرابي، =
أبواب تستوعب ما ينطوي تحت المعنى الأصلي من الفروع؛ ففي كتاب خلق الإنسان ذكر جميع أعضائه وأسماء ما يصيبها من الأمراض، وأسماء أصوات أعضائه، كأصوات الأنياب وما يصيب الأسنان، وفيه باب "الفصاحة" ذكر فيه خفة الكلام وسرعته وثقل اللسان واللحن وقلة البيان، طبع الكتاب في ثمانية عشر جزءًا سنة "1316 - 1321هـ" بمصر، وقد سهل الطابعون الرجوع إلى هذا الكتاب بوضع فهرس تفصيلي جيد لكتبه وأبوابه، مرتب على الحروف، ووضعوا تحت كل حرف ما ذكره ابن سيده.
تلك أم المعاجم التي قد يحتاج إليها الطالب والباحث، وهناك معاجم أخرى موجزة أو متوسطة كمختار الصحاح للفيومي والمعجم الوسيط الذي أصدره مجمع اللغة العربية في مصر. وغيرها1.
= وروي نحو ذلك عن سلمة عن الفراء قال: رجل شجاع، ثم بطل، ثم صمة -بكسر الصاد وميم مشدودة مفتوحة- ثم بهمة -باء مضمومة فهاء ساكنة فميم مفتوحة- ثم ذمر -بفتح الذال وكسر الميم- ثم حلس -بحاء مخفوضة ولام ساكنة- وحلبس -بحاء مفتوحة بعدها لام ساكنة فباء مفتوحة فسين مهملة
…
ثم غشمشم -بفتح الغين والشين وميم ساكنة فشين مفتوحة- وأيهم" "فقه اللغة 105"، وفي الباب السادس عشر فصل "في تقسيم الموت" قال: مات الإنسان، نفق الحمار، طفس -بفتح الطاء والفاء- البرذون، تَنَبَّل البعير، همدت النار، قرت الجرح "إذا مات الدم فيه" "فقه اللغة 209"، طبع كتاب الثعالبي في مجلد وسط بالقاهرة. المكتبة التجارية الكبرى.
1 ولم نتعرض لذكر المنجد لأنه موجز إلى جانب ما فيه من قصور وأخطاء. انظر كتاب نحو وعي لغوي للدكتور مازن المبارك "ص153- 190" -حيث ذكر بعض المآخذ التي وردت في المنجد- طبع مكتبة الفارابي سنة "1390 - 1970"بدمشق. تناول في هذا الكتاب طائفة من الموضوعات المتصلة بالعربية وخصائصها، ورد على خصومها من الداعين إلى الكتابة بالحرف اللاتيني واستخدام العامية، وعني عناية خاصة بظاهرتي الإيجاز والإعراب والحديث عن صلة العربية بالقرآن.