الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخالد هو تنزيل الذي خلق الجلود والأنفس وأودع فيها خاصيات الإحساس بالألم وإلا فمن علم الأمي هذه الحقائق المذهلة في نفس الإنسان وتكوينه وميزاته التي تميز بها عن سائر المخلوقات.
الضغط الجوي وتأثيره على الإنسان:
يخبرنا القرآن الكريم عن حالة الذين يضيقون ذرعا بهدايات الإسلام ووعيده وإنذاره، يشبه حالتهم عند سماعها بحالة من يصعد في السماء وذلك في قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)[الأنعام: 125].
قال المفسرون: إن الآية الكريمة تشير إلى أن حالة الكفار عند سماع الإسلام كحالة من يزاول أمرا غير ممكن لأن صعود السماء مثل فيما يمتنع ويبعد عن الاستطاعة، فكأن الكافر في نفوره من الإسلام وثقله عليه بمنزلة من يتكلف الصعود إلى السماء، فحاله كحال من يزاول ما لا يقدر عليه (1).
وهذا الفهم محتمل من حيث ظاهر الآية، ولم يكن يتصور قبل صعود الإنسان في الفضاء أكثر من ذلك.
إلا أن آفاقا جديدة فتحت في دلالة الآية الكريمة عند ما صعد الإنسان في الفضاء وعرف تأثير الضغط الجوي على أجهزة الإنسان الداخلية.
يقول العلم الحديث في هذا الصدد: إن الله سبحانه وتعالى جعل الضغط في داخل الجسم متناسبا تماما مع الضغط الجوي المحيط بالجسم، وقدر قياس هذا الضغط بما يساوي وزن ستة وسبعين سنتمترا من الزئبق.
ففي الأحوال الاعتيادية للإنسان ليس هنالك أي تغلب من الضغط الداخلي على الخارجي ولا العكس، وبعد اكتشاف الوسائل الحديثة للارتفاع في أجواء السماء فقد لاحظوا مدى التأثير عند الصعود بهذا الضغط وما
(1) انظر في ذلك «غرائب القرآن» للنيسابوري، 2/ 21، و «تفسير البيضاوي» ص 178.
يرافقه من انقباض وضيق في الصدر وآلام مبرحة في الرأس والأذنين وجميع المناطق الحساسة في الجسم، وكلما ارتفع في الجو تخلخل الضغط الجوي وزاد الضغط الداخلي واشتد هذا الضيق والشعور بالاختناق، وإذا ما استمر الإنسان في الصعود يأتي الوقت الذي يكون فيه هلاكه المحتم، لذا يضطر رواد الفضاء والطيارون الذين يحلقون عاليا في الأجواء إلى استخدام الألبسة المجهزة الخاصة بهذه الحالات، والتفسير العلمي لهذه الظواهر هو:
- كلما ارتفع الإنسان في الجو، انخفض الضغط الجوي، وتغلب عليه الضغط الداخلي للإنسان.
- تخلخل الهواء وعدم وجود الأوكسجين الكافي للتنفس.
- برودة الجو وعدم حفظ درجة الحرارة بنسبة معينة.
- يصل الإنسان عند الخروج من الغلاف الجوي إلى انعدام الوزن وهي مرحلة دقيقة خطيرة.
وكل هذه الظواهر تؤدي إلى تغير في وظائف أعضاء الإنسان الداخلية فالغازات في المعدة والأمعاء تتمدد وتسبب تقلصات عنيفة، وقد يؤدي تمدد هذه الغازات إلى انتفاخ يدفع الحجاب الحاجز إلى أعلى، فيضغط على القلب والرئتين مما يسبب الإغماء أو الاختناق في الحالات الشديدة، ويختل نظام الدورة الدموية فقد تنفجر بعض العروق والأغشية في الجسم كغشاء الطبل في الأذنين والإصابة برعاف شديد .. إلخ.
هذه هي الحالة التي يشبه بها القرآن الكريم حالة الذين يضيقون ذرعا بسماع آيات القرآن وهدايات الإسلام، إنها كحالة من يصعد في السماء من شعور بالضيق والاختناق: .. وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.
هكذا تنكشف الحجب عن الآيات المعجزة كلما تقدم العلم وتطور على مر العصور.