الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأغلب هذه الحوادث تتعلق بكشف خطط أعداء الله وكيدهم للقضاء على جماعة المسلمين، وإطفاء نور الله سبحانه وتعالى، فمن ذلك:
أولا: ما جاء في شأن اليهود:
أ- لما أدرك أعداء الله صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يخبر، ومطابقة كثير من أحكام القرآن الكريم لما في توراتهم عمدوا إلى التوراة فحرفوا أحكامها، وجاءوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عنها وهم يقولون: إن قال بمثل ما في أيديكم فخذوه وإلا فاحذروا، روى أحمد ومسلم وغيرهما عن البراء بن عازب قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم يهودي محمم مجلود، فدعاهم فقال:«هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» فقالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم فقال:«أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» فقال: لا والله، ولولا أنك ناشدتني بهذا لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا زنى الشريف تركناه، وإذا زنى الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه» فأمر به فرجم، فأنزل الله:
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إلى قوله: إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ يقولون ائتوا محمدا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروه (1).
وأخرج الحميدي في مسنده عن جابر بن عبد الله قال: (زنى رجل من أهل فدك، فكتب أهل فدك إلى الناس من اليهود بالمدينة أن اسألوا محمدا عن ذلك، فإن أمر بالجلد فخذوه عنه، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه عنه .. )(2).
(1) انظر: مسند الإمام أحمد 4/ 286 وصحيح مسلم، كتاب الحدود، 5/ 122.
(2)
انظر هذه الروايات وغيرها «في لباب النقول في أسباب النزول» للسيوطي، ص 96.
وهذا ما حدّث عنهم رب العزة بقوله: وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ [المائدة: 41].
ب- ومن هذا القبيل ما أخبر القرآن الكريم عن أساليبهم الملتوية في إدخال الوسواس والأحزان في قلوب المسلمين، يقول تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)[المجادلة: 8].
وذلك أن اليهود عليهم غضب الله كانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكرهه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) وأخرج أحمد والبزار، عن عبد الله بن عمرو أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سام عليكم، ثم يقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول، فنزلت هذه الآية: وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ (1).
ج- ومن ذلك أيضا قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188)[آل عمران: 188].
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن
(1) انظر «لباب النقول» ص 226، ومسند الإمام أحمد 6/ 229.