الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم ورد التجانية
فتوى برقم 117 وتاريخ 3/ 5 / 1392 هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم من أحد السائلين وهو: - هل الورد الذي يقوم به التجانيون والتجانية صحيح في الإسلام، فقد سمع كثيرا من المدارس الإسلامية تعارضه، والتجانيون يستعملونه بعد صلاة المغرب فهم ينشرون قطعة قماش بيضاء في المسجد ويجلسون حولها ويتلون لا إله إلا الله وكلمتين أخريين مائة مرة ويرجو مساعدته في إيضاح الحق؟
الجواب - حثت الشريعة الإسلامية على ذكر الله تعالى ورغبت في ذلك كثيرا، وبينت أنه يحيي النفوس وتطمئن به القلوب وتنشرح به الصدور، وقال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (1){وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (2)، وقال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (3)، وقال النبي صلى الله عليه
(1) سورة الأحزاب الآية 41
(2)
سورة الأحزاب الآية 42
(3)
سورة الرعد الآية 28
وسلم «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت (1)» رواه البخاري، وكما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الأمر بالذكر والترغيب فيه مجملا جاء فيهما مفصلا، فبين القرآن أن ذكر الله يكون بالقلب إجلالا لله وإعظاما له وهيبة، ووقارا وخوفا منه ورغبة إليه خفية وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، وبين أن الصلاة أعظم ذكر الله، قال تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (2){فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (3)، وقال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (4)، وفي الصلاة التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء، وقال تعالى:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (5)، وبينت السنة قولية وعملية أنواع الأذكار وأوقاتها وكيفيتها، فبينت أذكارا للصباح والمساء والشدة والبلاء، وعند النوم واليقظة وعند الأسفار والعودة منها إلخ، وعينت كلماتها وكيفياتها، ففي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:«رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه (6)» . فمن ذكر الله تعالى كما جاء في بيان الكتاب والسنة من أنواع الذكر وأوقاتها وكيفياتها، فقد اتبع هدى الله تعالى وهدى رسوله عليه الصلاة والسلام وكسب الأجر والمثوبة، ومن غير صيغ الأذكار وحرفها أو بدل في كيفياتها والتزم فيها كيفيات لم يتلزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق ما قيده أو
(1) صحيح البخاري الدعوات (6407)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (779).
(2)
سورة البقرة الآية 238
(3)
سورة البقرة الآية 239
(4)
سورة النساء الآية 103
(5)
سورة الأعراف الآية 205
(6)
صحيح البخاري الأذان (660)، صحيح مسلم الزكاة (1031)، سنن الترمذي الزهد (2391)، سنن النسائي آداب القضاة (5380)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 439)، موطأ مالك الجامع (1777).
قيد ما أطلقه والتزم طريقة في أداء الأذكار لم تعهد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه ولا القرون الثلاثة المشهود لها بالخير، فقد أساء وابتدع في الدين ما لم يأذن به الله وحرم الأجر والثواب، ومن ذلك ما التزمه بعض أصحاب الطرق كالتجانية من نشر قطعة قماش بيضاء يلتف حولها الذاكرون بلا إله إلا الله ونحوها من الأذكار بعد المغرب. فالذكر مشروع وكلمة لا إله إلا الله أفضل ما قاله النبيون، والذكر بها من أفضل الأذكار، ولكن التزام نشر الرقعة البيضاء والاجتماع حولها وتخصيص ما بعد المغرب لذلك الذكر، وإيقاعه جماعيا بدعة ابتدعوها لم يأذن بها الله ولا رسوله، وخير العمل ما كان اتباعا، وشره ما كان ابتداعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة (1)» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» ، ومن ذلك الاجتماع قبل الفجر أو بعده أو بعد العشاء للتعبد بأوراد وضعوها من عند أنفسهم، أو لأذكار بهيئات مزرية وترنحات هي إلى الألعاب والتمثيل أقرب وبه أشبه، ومن ذلك ذكرهم بكلمة [هو]، وكلمة [آه]، وليستا من أسماء الله، بل الأولى ضمير الغائب والثانية كلمة توجع، فالذكر بهما من البدع المنكرة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع
…
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
(1) سنن الترمذي العلم (2676)، سنن أبو داود السنة (4607)، سنن ابن ماجه المقدمة (44)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).
(2)
صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).