الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتوسطوا بين الآخذين والدافعين - ثم ساق الأدلة على تحريم ذلك. . . . . . . ثم قال: والإسلام يحرم الرشوة في أي صورة كانت وبأي اسم سميت، فتسميتها باسم الهدية لا يخرجها من دائرة الحرام إلى الحلال.
الرشوة لرفع ظلم:
-
ثم قال القرضاوي في كتابه المذكور (1): ومن كان له حق مضيع لم يجد طريقة للوصول إليه إلا بالرشوة أو دفع ظلم لم يستطع دفعه عنه إلا بالرشوة فالأفضل له أن يصبر حتى ييسر الله له أفضل السبل لرفع الظلم ونيل الحق.
فإن سلك سبيل الرشوة من أجل ذلك فالإثم على الآخذ المرتشي وليس عليه (إثم الراشي). وهذه الحالة ما دام قد جرب كل الوسائل فلم تأت بجدوى، وما دام يرفع عن نفسه ظلما أو يأخذ حقا له دون عدوان على حقوق الآخرين.
ثم قال: وقد استدل بعض العلماء على ذلك بأحاديث الملحفين الذين كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة فيعطيهم وهم لا يستحقون، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن أحدكم ليخرج بصدقته من عندي متأبطها أي يحملها تحت إبطه وإنما هي له نارا- قال عمر: يا رسول الله كيف تعطيه وقد علمت أنها له نار؟ قال فما أصنع يأبون إلا مسألتي ويأبى الله عز وجل لي البخل (2)» .
(1) الحلال والحرام ص241.
(2)
رواه أبو يعلى بإسناد جيد وروي عن أحمد نحوه ورجاله رجال الصحيح.
وقال القرضاوي معقبا على ذلك: فإذا كان ضغط الإلحاح جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي السائل ما يعلم أنه نار على آخذه فيكف يكون ضغط الحاجة على دفع ظلم أو أخذ حق مهدور؟؟.
(5)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفتاوى: قال رحمه الله رحمة واسعة (1): ولهذا قال العلماء يجوز رشوة العامل لدفع الظلم لا لمنع الحق وإرشاؤه حرام فيهما، وكذلك الأسير والعبد المعتق إذا أنكر سيده عتقه له أن يفتدي نفسه بمال يبذله يجوز له بذله وإن لم يجز للمستولي عليه بغير حق أخذه.
وكذلك المرأة المطلقة ثلاثا إذا جحد الزوج طلاقها فافتدت منه بطريق الخلع في الظاهر كان حراما عليه ما بذلته ويخلصها من رق استيلائه. مستدلا بحديث عمر بن الخطاب المتقدم - قال ابن تيمية: ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتلظاها نارا قالوا: يا رسول الله فلم تعطيهم؟ قال يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل (2)» ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن ذلك ما وقى به المرء عرضه فهو صدقة، فلو أعطى الرجل شاعرا أو غير شاعر لئلا يكذب عليه أو يهجوه أو يتكلم في عرضه كان بذله لذلك جائزا.
وجاء في الفتاوى لشيخ الإسلام (3) وسئل شيخ الإسلام عن رجل أهدى الأمير هدية يطلب حاجة أو التقرب أو للاشتغال بالخدمة عنده أو ما أشبه ذلك فهل تجوز هذه الهدية على هذه الصورة أم لا؟؟ فأجاب
(1) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص258 ج29.
(2)
مسند أحمد بن حنبل (3/ 16).
(3)
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص258 ج31.