الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
مسألة التورق
(1)
التورق هو أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه، وقد اختلف العلماء في حكم هذا البيع على النحو الآتي: -
(1)
قيل يكره وهو رواية في مذهب الإمام أحمد.
(2)
وقيل يحرم وهو رواية في مذهب الإمام أحمد (2) وبالتحريم قال شيخ الإسلام ابن تيمية (3) وابن القيم (4) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: -
وقد تنوزع في كراهته، فكرهه عمر بن عبد العزيز والإمام أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين، وقال عمر بن عبد العزيز: التورق أخية الربا، أي أصل الربا وهذا القول أقوى. ا / هـ (5) (3) وقيل إنه جائز. قال في الإنصاف: وهو المذهب وعليه الأصحاب (6).
(1)(*) من الورق وهي الفضة، سيمت بذلك لأن مشتري السلعة يبيعها بالورق، فإن مقصوده أخذ الورق.
(2)
الإنصاف جـ4 ص337.
(3)
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية جـ29 ص431.
(4)
إعلام الموقعين لابن القيم جـ3 ص220.
(5)
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية جـ29 ص431.
(6)
الإنصاف جـ4 ص337.
استدل من قال بالكراهة أو التحريم بما يأتي:
أ- ما روى الإمام أحمد في المسند أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: [يأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يده، قال: ولم يؤمر بذلك] قال الله عز وجل: -
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (1) وينهد الأشرار ويستذل الأخيار ويبايع المضطرون. قال: وقد «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطرين، وعن بيع الضرر، وعن بيع الثمرة قبل أن تدرك (2)» . رواه أحمد وأبو داود (3).
وجه الاستدلال أن في الحديث التصريح بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع المضطر، والنهي يقتضي التحريم كما يراه جمهور الأصوليين، والبيع على الصفة المذكورة في مسألة التورق بيع للمضطر، لأن الموسر يضن عليه بالقرض فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم يبيعها ليحصل على النقد. وبيع المضطر منهي عنه بنص الحديث المذكور.
ب- أن البيع في هذه المسألة قريب من الربا ولا يبعد عن بيع العينة لأن مقصود المشتري الحصول على النقد، لذا روي عن عمر بن
(1) سورة البقرة الآية 237
(2)
سنن أبو داود البيوع (3382)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 116).
(3)
مسند الإمام أحمد جـ1 ص116 وانظر سنن أبي داود كتاب البيوع باب في بيع المضطر جـ3 ص255.
العزيز أنه قال: -
التورق أخية الربا (1).
قال ابن القيم: وعن أحمد فيه روايتان: وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر وهذا من فقهه رحمه قال: فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر وكان شيخنا رحمه الله يمنع من مسألة التورق وروجع فيها مرارا وأنا حاضر فلم يرخص فيها وقال: المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها، فالشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه. ا / هـ (2).
واستدل من قال بالجواز بما يأتي: -
أ- أن الرجل يشتري السلع ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح للمشتري فالعقد المبني عليهما صحيح كذلك.
ب- أن البيع تم بأركانه وشروطه وكون غرض المشتري المال أي العوض عن العين المشتراة لا بأس به لأن من أسباب تحريم بيع العينة عودة العين إلى صاحبها وزيادة المال له بسبب المال، وهذا المعنى غير موجود في التورق.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط: -
(1)
أن يكون محتاجا إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز كمن
(1) انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية جـ29 ص431 وإعلام الموقعين جـ3 ص220.
(2)
إعلام الموقعين جـ3 ص220.
يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
(2)
أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض والسلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها.
(3)
أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم لا يصح، هذا كلام الإمام أحمد. وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة.
(4)
أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم.
فإذا تمت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال، لأن هذه هي مسألة العينة. ا / هـ (1).
(1) بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين ص 298.
صفحة فارغة
صفحة فارغة
بسم الله الرحمن الرحيم
تحريم الرشوة
بقلم: يوسف بن عبد الرحمن البرقاوي
الأصل في المسلم أنه معصوم الدم والمال فلا يجوز الاعتداء عليه بحال من الأحوال، واعتبر الإسلام الموت في سبيل الدفاع عن المال والدم والشرف نوعا من أنواع الشهادة، والأدلة على حرمة دم المسلم وما له كثيرة: قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} (1) وقال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (2).
(1)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (3)» .
(2)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة (4)» .
(1) سورة البقرة الآية 188
(2)
سورة المائدة الآية 32
(3)
رواه مسلم.
(4)
متفق عليه.