المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ العين والفم أيهما أشد ذنبا من الآخر - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ مصادر البحث

- ‌وجهة نظر

- ‌خلاصة رأيي

- ‌ وجهة نظر

- ‌المذهب الحنفي:

- ‌المذهب المالكي:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم نفي الإيمان عن المسلم

- ‌ يقول لصاحبه أنت كافر قبل أن يعلمه بعمله

- ‌ حكم من لم يكفر الكافر

- ‌ هل يجوز أن تدعو النصراني كافرا

- ‌ حكم تذنيب الخطابات والعرائض بكلمة: ودمتم

- ‌ العين والفم أيهما أشد ذنبا من الآخر

- ‌ أسباب اختلاف العلماء

- ‌ حكم زيارة المرابطين الذين يزعمون علم الغيب

- ‌ حكم الإسلام في الأحزاب

- ‌ من هو الموفق أمام الله

- ‌ موقف الشباب من الإسلام

- ‌ الفرق بين الشريعة والطريقة

- ‌ فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌التساهل في الحكم بغير شريعة الله

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي

- ‌حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

- ‌ترجمة موجزة للمؤلف

- ‌وصف المخطوط:

- ‌مراجع التحقيق

- ‌مقدمة:

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌أصول الكتاب

- ‌المراجع:

- ‌فضل العمل والحث عليه:

- ‌امتنان الله تعالى على عبادة بتهيئتهم للعمل:

- ‌احترام الإسلام للعمل:

- ‌الإسلام والفراغ:

- ‌من تعلم مهنة فلا يتركها:

- ‌رعاية شئون الأسرة:

- ‌أي المكاسب أفضل:

- ‌فضل الشجرة والزراعة:

- ‌حكم الزراعة:

- ‌التشجيع على الزراعة لا يعني إهمال الواجبات:

- ‌عناية المسلمين بالزراعة:

- ‌متى يتحقق الأجر في الزراعة:

- ‌الزراعة وعدد السكان:

- ‌المراجع:

- ‌جرير بن عبد الله البجليالسفير القائد

- ‌هدم ذي الخلصة

- ‌ في ردة اليمن:

- ‌ في العراق:

- ‌ في أرض الشام:

- ‌ في العراق ثانية:

- ‌ في القادسية:

- ‌ فتح (المدائن)

- ‌ في بلاد فارس:

- ‌ولاية تزويج الصغيرة

- ‌مقدمة:

- ‌تزويج الأب البكر الصغيرة

- ‌تزويج غير الأب من الأولياء للبكر الصغيرة

- ‌ تزويج الوصي للبكر الصغيرة

- ‌تزويج الثيب الصغيرة

- ‌الخاتمة:

- ‌حكمة الزواج ومنافعه

- ‌ المحافظة على النسل واستمراره:

- ‌ تلبية الغريزة الجنسية واعتدالها:

- ‌ تحقيق السكن النفسي:

- ‌ العناية بتربية النشء:

- ‌ صيانة المجتمع من الانحلال الخلقي:

- ‌ الحفاظ على الأنساب:

- ‌ إشباع غريزتي الأبوة والأمومة:

- ‌ تنمية الروابط الأسرية والاجتماعية:

- ‌ التدرب على تحمل المسئوليات:

- ‌ تحقيق العبودية والثواب والغنى:

- ‌ حفظ الصحة وبركة العمر:

- ‌من قرارات هيئة كبار العلماء

- ‌ أجهزة الإنعاش

- ‌ كتابة المصحف بطريقة الإملاء

- ‌حكم تغيير رسم المصحف العثماني

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ العين والفم أيهما أشد ذنبا من الآخر

من الفتوى رقم 10751

س: ما حكم الشرع في نظركم في هذه الألفاظ: (يعلم الله)(لا سمح الله)(لا قدر الله)(إرادة الله)(الله ورسوله أعلم).

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: قوله: (يعلم الله) لا بأس بذلك إذا كان صادقا، وقوله:(لا سمح الله، لا قدر الله) لا بأس به إذا كان المراد بذلك طلب العافية مما يضره، وقوله (إرادة الله) إذا أراد بذلك أن ما أصابه من مرض وفقر ونحو ذلك هو من قدر الله وإرادته الكونية فلا بأس، وقوله:(الله ورسوله أعلم) يجوز في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بعد وفاته فيقول: الله أعلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لا يعلم ما يحدث بعد وفاته.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 71

من الفتوى رقم 4971

س:‌

‌ العين والفم أيهما أشد ذنبا من الآخر

؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: قد يكون ما يفعله الإنسان بفمه أشد نكرا وإثما مما يفعله بعينه،

ص: 71

فقد يصدر منه الشرك الذي هو أكبر ذنب عصي الله به والقول على الله بغير علم وغير ذلك من كبائر اللسان المعروفة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفرج والفم (1)» ، وبذلك يعلم أن الفم أخطر من العين.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن حسن بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) أحمد 2/ 291 و392 و442، وابن ماجه برقم 4300.

ص: 72

من الفتوى رقم 189

س: هل النبي صلى الله عليه وسلم حاضر وناظر " أي يعلم الغيب فالحاضر عنده والغائب سواء "؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: الأصل في الأمور الغيبية اختصاص الله بعلمها، قال الله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (1) آية 59 من سورة الأنعام، وقال تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (2) آية (65) من سورة النمل،

(1) سورة الأنعام الآية 59

(2)

سورة النمل الآية 65

ص: 72

لكن الله تعالى يطلع من ارتضى من رسله على شيء من الغيب، قال الله تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (1){إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (2)، وقال تعالى:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (3) آية (9) من سورة الأحقاف، وثبت في حديث طويل من طريق أم العلاء أنها قالت:«لما توفي عثمان بن مظعون أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي " وقلت: والله لا أزكي بعده أحدا أبدا (4)» رواه أحمد وأخرجه البخاري في كتاب الجنائز من صحيحه، وفي رواية له «ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به (5)» وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه الله بعواقب بعض أصحابه فبشرهم بالجنة، وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند البخاري ومسلم «أن جبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الساعة فقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل (6)»، ثم لم يزد على أن أخبر بأماراتها فدل على أنه علم من الغيب ما أعلمه الله به دون ما سواه من المغيبات وأخبر به عند الحاجة.

س: أقسام الغيب، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، وهل كان علمه له كليا أو جزئيا؟

جـ: من الغيب ما استأثر الله بعلمه فلم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا كتحديد الوقت الذي يقوم فيه الخلق لله رب العالمين للحساب،

(1) سورة الجن الآية 26

(2)

سورة الجن الآية 27

(3)

سورة الأحقاف الآية 9

(4)

صحيح البخاري المناقب (3929)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 436).

(5)

صحيح البخاري الجنائز (1243)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 436).

(6)

صحيح البخاري الإيمان (50)، صحيح مسلم الإيمان (10)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4991)، سنن ابن ماجه المقدمة (64)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 426).

ص: 73

فإنه لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (1) سورة الأعراف، وقال تعالى:{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (2) سورة الأحزاب، وقال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} (3){فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} (4){إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} (5){إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} (6) النازعات، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما، الحديث الطويل المشهور «أن جبريل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل (7)» ثم أخبره بأماراتها.

ومن الغيب ما أعلمه الله بعض عباده كالأمور المستقبلة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت معجزة له وآية من آيات الله خص الله بها رسوله وهي داخلة في قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (8){إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (9) سورة الجن، وفي قوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} (10) سورة آل عمران، وبهذا يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم الغيب علما كليا وإنما كان يعلمه علما جزئيا في حدود ما أطلعه الله عليه كشأنه في ذلك شأن إخوانه النبيين، والمقصود الإيضاح بالمثال لا للاستقصاء.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

(1) سورة الأعراف الآية 187

(2)

سورة الأحزاب الآية 63

(3)

سورة النازعات الآية 42

(4)

سورة النازعات الآية 43

(5)

سورة النازعات الآية 44

(6)

سورة النازعات الآية 45

(7)

صحيح البخاري الإيمان (50)، صحيح مسلم الإيمان (10)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4991)، سنن ابن ماجه المقدمة (64)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 426).

(8)

سورة الجن الآية 26

(9)

سورة الجن الآية 27

(10)

سورة آل عمران الآية 179

ص: 74

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

عبد الله بن سليمان بن منيع

عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

ص: 75

من الفتوى رقم 1552

س: في عدد العربي 205 ص 45 التاريخ ديسمبر 1975 م في سؤال وجواب أثبت أن الرجل هو الذي يحدد نوع الجنين، فما موقف الدين من هذا؟

وهل يعلم الغيب أحد غير الله؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: أولا: إن الله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يصور الحمل في الأرحام كيف يشاء فيجعله ذكرا أو أنثى كاملا أو ناقصا، إلى غير ذلك من أحوال الجنين، وليس ذلك إلى أحد سوى الله سبحانه؟ قال تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1)، وقال تعالى:{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} (2){أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (3) فأخبر سبحانه أنه وحده الذي له ملك السماوات والأرض وأنه الذي يخلق ما يشاء فيصور الحمل في الأرحام كيف يشاء من ذكورة أو

(1) سورة آل عمران الآية 6

(2)

سورة الشورى الآية 49

(3)

سورة الشورى الآية 50

ص: 75

أنوثة، وعلى أي حال شاء من نقصان أو تمام ومن حسن وجمال أو قبح ودمامة إلى غير ذلك من أحوال الجنين ليس ذلك إلى غيره ولا إلى شريك معه، ودعوى أن زوجا أو دكتورا أو فيلسوفا يقوى على أن يحدد نوع الجنين دعوى كاذبة، وليس إلى الزوج ومن في حكمه أكثر من أن يتحرى بجماعه زمن الإخصاب رجاء الحمل، وقد يتم له ما أراد بتقدير الله وقد يتخلف ما أراد، إما لنقص في السبب أو لوجود مانع من صديد أو عقم أو ابتلاء من الله لعبده، وذلك أن الأسباب لا تؤثر بنفسها وإنما تؤثر بتقدير الله أن يرتب عليها مسبباتها، والتلقيح أمر كوني ليس إلى المكلف منه أكثر من فعله بإذن الله، وأما تصريفه وتكييفه وتسخيره وتدبيره بترتيب المسببات عليه فهو إلى الله وحده لا شريك له، ومن تدبر أحوال الناس وأقوالهم وأعمالهم تبين منهم المبالغة في الدعاوى والكذب والافتراء في الأقوال والأفعال جهلا منهم وغلوا في اعتبار العلوم الحديثة وتجاوزا للحد في الاعتداد بالأسباب، ومن قدر الأمور قدرها ميز بين ما هو من اختصاص الله منها وما جعله الله إلى المخلوق بتقدير منه لذلك سبحانه.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن حسن بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 76

من ضمن الآية الكريمة أن الله يقول: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} (1) لقد صار بيني وبين أحد الأصدقاء نقاش كبير حول هذه الآية، فلقد قال لي: إن العلم الحديث والأطباء قد توصلوا لمعرفة ما في رحم المرأة هل هو ذكر أم أنثى بواسطة الأشعة، وقلت له: الله سبحانه يقول {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} (2) هل معنى الآية أن العلم لم يكتشف ما في الأرحام أم أن الآية تفسيرها غير ذلك؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: ثبت في الأحاديث الصحيحة أن مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله، وأنها المذكورة في الآية المسئول عنها، من ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله (4)» ، وفي رواية له عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ: (6)» رواه الإمام أحمد عنه وعن ابن مسعود بمعناه، وروي من طرق أخرى تؤيد ما دلت عليه الآية، ومعنى الآية أن الله تعالى استأثر بعلم الساعة فلا يجليها لوقتها إلا هو، فلا يعلمها لميقاتها ملك مقرب ولا نبي مرسل، وقد أعلمهم الله بأماراتها، ولا يعلم متى ينزل الغيث ولا في أي مكان ينزل إلا الله، وقد يعرف ذلك أهل الخبرة عند وجود الأمارات وانعقاد الأسباب علما تقريبيا إجماليا يشوبه شيء من التخمين وقد يتخلف، واختص سبحانه أيضا بعلم ما في الأرحام تفصيلا من

ص: 77

جهة تخلقه وعدم تخلقه ونموه وبقائه لتمام مدته وسقوطه قبلها حيا أو ميتا وسلامته وما قد يطرأ عليه من آفات دون أن يكسب علمه بذلك من غيره أو يتوقف على أسباب أو تجارب بل يعلم ما سيكون عليه قبل أن يكون وقبل أن تكون الأسباب، فإن مقدر الأسباب وموجدها عليم لا يتخلف ولا يختلف عنه الواقع وهو الله سبحانه، وقد يطلع المخلوق على شيء من أحوال ما في الأرحام من ذكورة أو أنوثة أو سلامة أو إصابته بآفة أو قرب ولادة أو توقع سقوط الحمل قبل التمام لكن ذلك بتوفيق من الله إلى أسباب ذلك من كشف بأشعة لا من نفسه ولا بدون أسباب وذلك بعدما يأمر الله الملك بتصوير الجنين، ولا يكون شاملا لكل أحوال ما في الرحم بل إجمالا في بعضه مع احتمال الخطأ أحيانا، ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا من شئون دينها ودنياها، فهذا أيضا مما استأثر الله بعلمه تفصيلا، وقد يتوقع الناس كسبا أو خسارة على وجه الإجمال مما يبعث فيهم أملا وإقداما على السعي أو خوفا وإحجاما بناء على أمارات وظروف محيطة بهم، فكل هذا لا يسمى علما، وكذا لا تدري نفس بأي أرض تموت في بر أو بحر في بلدها أو بلد آخر إنما يعلم تفصيل ذلك الله وحده؛ فإنه سبحانه له كمال العلم والإحاطة بجميع الشئون علنها وغيبها ظاهرها وباطنها.

وجملة القول: إن علم الله من نفسه غير مكتسب من غيره ولا متوقف على أسباب وتجارب، وأنه يعلم ما كان وما سيكون وأنه لا يشوب علمه غموض ولا يخلف، وأنه عام شامل لجميع الكائنات تفصيلا جليلها ودقيقها بخلاف غيره سبحانه، والله المستعان.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 78

من الفتوى رقم 5113

س: إذا قلنا لإخواننا هنا: إن علم الغيب خاص بالله تعالى فلا يعلم الغيب رسول ولا ملك قالوا لنا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، وهذا القرآن الذي جاء به هو غيب و. . و. . و. . ويستدلون أيضا بقوله تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (1){إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (2)، والرسول ممن ارتضاه الله يعلم الغيب، فما رد فضيلتكم في هذا؟ وهل يجوز القول بأن الرسول يعلم الغيب استنادا إلى هذه الآية؟ الرجاء من معاليكم الرد على هذا السؤال.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: علم الغيب خاص بالله تعالى لقوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (3) وقوله: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} (4)، لكنه سبحانه يطلع من يشاء من عباده كالملائكة والأنبياء والمرسلين على ما شاء من غيبه لقوله تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (5){إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (6)، ومن ذلك ما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي ومنه القرآن، وكذلك شأن الله مع أنبيائه ورسله السابقين غير أن علمهم ذلك ليس لهم من أنفسهم بل بإعلام الله إياهم، ثم إن هذه النصوص لا تدل على أن أنه تعالى علمهم كل غيب

(1) سورة الجن الآية 26

(2)

سورة الجن الآية 27

(3)

سورة النمل الآية 65

(4)

سورة الأعراف الآية 188

(5)

سورة الجن الآية 26

(6)

سورة الجن الآية 27

ص: 79