الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي
القرار الثاني
حكم تغيير رسم المصحف العثماني
الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. . أما بعد: -
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد العال من جدة الذي ذكر فيه موضوع (تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الإملائي) وبعد مناقشة هذا الموضوع من قبل المجلس واستعراض قرار هيئة كبار العلماء بالرياض رقم (71) وتاريخ 21/ 10 / 1399 هـ.
الصادر في هذا الشأن وما جاء فيه من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني وهي: -
1 -
ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت في عهد عثمان رضي الله عنه وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين ووافقه الصحابة وتابعهم التابعون ومن بعدهم إلى عصرنا هذا، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (1)» ، فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم هو المتعين اقتداء بعثمان وعلي وسائر الصحابة وعملا بإجماعهم.
(1) سنن الترمذي العلم (2676)، سنن ابن ماجه المقدمة (44)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).
2 -
أن العدول عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليا بقصد تسهيل القراءة يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة؛ لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح قابل للتغيير باصطلاح آخر. . وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف أو زيادتها أو نقصها فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر السنين ويجد أعداء الإسلام مجالا للطعن في القرآن الكريم. وقد جاء الإسلام بسد ذرائع الشر ومنع أسباب الفتن.
3 -
ما يخشى من أنه إذا لم يلزم الرسم العثماني في كتابة القرآن أن يصير كتاب الله ألعوبة بأيدي الناس كلما عنت لإنسان فكرة في كتابته اقترح تطبيقها، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية أو غيرها، وفي هذا ما فيه من الخطر، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح.
وبعد اطلاع مجلس المجمع الفقهي الإسلامي على ذلك كله قرر بالإجماع تأييد ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير أو تحريف في النص القرآني، واتباعا لما كان عليه الصحابة وأئمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين. أما الحاجة إلى تعليم القرآن وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الإملائي الدارج، فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين، إذ لا يستغني تعليم القرآن في جميع الأحوال عن معلم، فهو يتولى تعليم الناشئين قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في المصحف العثماني عن رسمها في قواعد الإملاء الدارجة، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل وتكرار ورودها في القرآن كثير ككلمة (الصلوة) و (السموات) ونحوها، فمتى تعلم الناشئ الكلمة بالرسم العثماني سهل عليه قراءتها كلما تكررت في المصحف، كما يجري مثل ذلك تماما في رسم كلمة (هذا) و (ذلك) في قواعد الإملاء الدارجة أيضا.
والله ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
[توقيع][توقيع]
نائب الرئيس رئيس مجلس المجمع الفقهي
د. عبد الله عمر نصيف عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الأعضاء
[توقيع][توقيع][توقيع]
عبد الله العبد الرحمن البسام صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان محمد بن عبد الله بن سبيل
[توقيع][توقيع][توقيع]
مصطفى أحمد الزرقاء محمد محمود الصواف صالح بن عثيمين
[لم يحضر][توقيع][توقيع]
محمد سالم عدود محمد رشيد قباني محمد الشاذلي النيفر
[توقيع][توقيع][توقيع]
أبو بكر جومي عبد القدوس الهاشمي محمد رشيدي
[لم يحضر][لم يحضر][لم يحضر]
محمود شيت خطاب أبو الحسن على الحسني الندوي حسنين محمد مخلوف
[لم يحضر][توقيع]
مبروك العوادي محمد أحمد قمر مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي
صفحة فارغة
نصح وتذكير بفريضة الزكاة
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: -
فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة التي تساهل بها الكثير من المسلمين فلم يخرجوها على الوجه المشروع من عظم شأنها، وكونها أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم بناؤها إلا عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت (1)» متفق على صحته.
وفرض الزكاة على المسلمين من أظهر محاسن الإسلام ورعايته لشئون معتنقيه لكثرة فوائدها، ومسيس حاجة فقراء المسلمين إليها فمن فوائدها تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير، لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.
ومنها تطهير النفس وتزكيتها، والبعد بها عن خلق الشح والبخل كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (2).
(1) صحيح البخاري الإيمان (8)، صحيح مسلم كتاب الإيمان (16)، سنن الترمذي الإيمان (2609)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5001)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 26).
(2)
سورة التوبة الآية 103
ومنها تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذي الحاجة.
ومنها استجلاب البركة والزيادة والخلف من الله كما قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (1)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: يقول الله عز وجل: «يا ابن آدم أنفق ننفق عليك (2)» . .، إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3){يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (4)، فكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة، كما دل على ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار (5)» ، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها وأخبر أنه يعذب بها يوم القيامة.
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامه، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (7)» .
(1) سورة سبأ الآية 39
(2)
صحيح البخاري النفقات (5352)، صحيح مسلم الزكاة (993)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3045)، سنن ابن ماجه المقدمة (197)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 313).
(3)
سورة التوبة الآية 34
(4)
سورة التوبة الآية 35
(5)
صحيح مسلم الزكاة (987)، سنن أبو داود الزكاة (1658)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 262).
(6)
صحيح البخاري الزكاة (1403)، صحيح مسلم الزكاة (987)، سنن النسائي الزكاة (2482)، سنن أبو داود الزكاة (1658)، سنن ابن ماجه الزكاة (1786)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 355)، موطأ مالك الزكاة (596).
(7)
سورة آل عمران الآية 180 (6){وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
والزكاة تجب في أربعة أصناف: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، والسائمة من بهيمة الأنعام والذهب، والفضة، وعروض التجارة.
ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه، فنصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مقدار النصاب بصاع النبي صلى الله عليه وسلم من التمر والزبيب والحنطة والأرز والشعير ونحوها ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا كانت يداه مملوءتين، والواجب في ذلك العشر إذا كانت النخيل والزروع تسقى بلا كلفة كالأمطار والأنهار والعيون الجارية ونحو ذلك، أما إذا كانت تسقى بمئونة وكلفة كالسواني والمكائن الرافعة للماء ونحو ذلك فإن الواجب فيها نصف العشر كما صح الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما نصاب السائمة من الإبل والبقر والغنم، ففيه تفصيل مبين في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي استطاعة الراغب في معرفته سؤال أهل العلم عن ذلك، ولولا، قصد الإيجاز لذكرناه لتمام الفائدة.
وأما نصاب الفضة فمائة وأربعون مثقالا، ومقداره بالدراهم العربية السعودية ستة وخمسون ريالا. ونصاب الذهب عشرون مثقالا، ومقداره من الجنيهات السعودية أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنيه، وبالغرام اثنان وتسعون غراما، والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصابها منهما أو من أحدهما وحال عليه الحول، والربح تابع للأصل فلا يحتاج إلى حول جديد، كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان أصله نصابا.
وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم سواء سميت درهما أو دينارا أو دولارا أو غير ذلك من الأسماء إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة. ويلتحق بالنقود حلي النساء من الذهب أو الفضة خاصة إذا بلغت النصاب وحال
عليها الحول فإن فيها الزكاة، وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كانت يوم القيامة صفحت له صفائح من نار (1)» ، إلى آخر الحديث المتقدم. ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله (2)». أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن. وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها «كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: يا رسول الله كنز هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز (3)» . مع أحاديث أخرى في هذا المعنى.
أما العروض وهي السلع المعدة للبيع فإنها تقوم في آخر العام ويخرج ربع عشر قيمتها سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل، لحديث سمرة قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع (4)» ، رواه أبو داود ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع والعمارات - والسيارات والمكائن الرافعة للماء وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع، فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول، أما ذاتها فليس فيها زكاة لكونها لم تعد للبيع، وهكذا السيارات الخصوصية والأجرة ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال. وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها إذا حال عليها الحول، سواء كان أعدها للنفقة أو للتزوج أو لشراء عقار أو لقضاء دين أو غير ذلك من المقاصد، لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا. والصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع الزكاة لما تقدم.
(1) صحيح مسلم الزكاة (987)، سنن أبو داود الزكاة (1658)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 384)، موطأ مالك كتاب الجهاد (975).
(2)
سنن النسائي الزكاة (2479)، سنن أبو داود الزكاة (1563)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 204).
(3)
سنن أبو داود الزكاة (1564).
(4)
سنن أبو داود الزكاة (1562).
وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول، لعموم الأدلة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن:«إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم (1)» .
والزكاة حق الله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها، ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعا أو يدفع ضرا، ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة. بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها لكونهم من أهلها لا لغرض آخر مع طيب النفس بها والإخلاص لله في ذلك حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف.
وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم أصناف أهل الزكاة، قال تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (2).
وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه لعباده على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده ومن يستحق منهم للصدقة ومن لا يستحق، وهو الحكيم في شرعه وقدره فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمته، ليطمئن العباد لشرعه ويسلموا لحكمه.
والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه والصدق في معاملته، والمسابقة إلى ما يرضيه، والعافية من موجبات غضبه إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
(1) صحيح البخاري الزكاة (1395)، صحيح مسلم الإيمان (19)، سنن الترمذي الزكاة (625)، سنن النسائي الزكاة (2435)، سنن أبو داود الزكاة (1584)، سنن ابن ماجه الزكاة (1783)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 233)، سنن الدارمي الزكاة (1614).
(2)
سورة التوبة الآية 60
صفحة فارغة
وجوب التعاون على البر والتقوى
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد. . .
فإن التعاون على البر والتقوى كلمة جامعة تجمع الخير كله، والمسلمون والحمد لله ممن يهتم ويعمل لتحقيق هذا الهدف، وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالتعاون على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان حيث قال سبحانه وتعالى في سورة المائدة:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1).
فجدير بكل مسلم وكل مسلمة في أنحاء الدنيا أن يحققوا هذا العمل وأن يعنوا به كثيرا لأن ذلك يترتب عليه بتوفيق الله صلاح المجتمع وتعاونه على الخير وابتعاده عن الشر وإحساسه بالمسئولية ووقوفه عند الحد الذي ينبغي أن يقف عنده.
وقد جاء في هذا المعنى نصوص كثيرة منها قوله عز وجل:
{وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) فهذه السورة العظيمة القصيرة
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
اشتملت على معان عظيمة في جملتها التواصي بالحق وهو التعاون على البر والتقوى، والرابحون السعداء في كل زمان وفي كل مكان هم الذين حققوا هذه الصفات الأربع التي دلت عليها هذه السورة، وهم الناجون من جميع أنواع الخسران. فينبغي لكل مسلم أن يحققها وأن يلزمها وأن يدعو إليها وهي الإيمان بالله ورسوله إيمانا صادقا يتضمن الإخلاص لله في العبادة وتصديق أخباره سبحانه، ويتضمن الشهادة له بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وتصديق أخباره عليه الصلاة والسلام كما يتضمن العمل الصالح. فإن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية عند أهل السنة والجماعة - فالإيمان الصادق يتضمن قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، وعمل القلب بمحبة الله والإخلاص له وخوفه ورجائه والشوق إليه ومحبة الخير للمسلمين مثل دعائهم إليه كما يتضمن العمل الصالح بالجوارح وهو قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي كما تقدم - ثم يتضمن أمرا ثالثا وهو التواصي بالحق وهو داخل في العمل الصالح، وداخل في الإيمان، ولكن نبه الله عليه فأفرده بالذكر بيانا لعظم شأنه فإن التواصي له شأن عظيم وهو التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله وإرشاد العباد إلى ما ينفعهم ونهيهم عما يضرهم، وكذا يدخل في الإيمان أيضا. الأمر الرابع وهو التواصي بالصبر فاشتملت هذه السورة العظيمة على جميع أنواع الخير وأصوله وأسباب السعادة. . فالتعاون على البر والتقوى معناه التعاون على تحقيق الإيمان قولا وعملا وعقيدة فالبر والتقوى عند اقترانهما يدلان على أداء الفرائض وترك المحارم، فالبر هو أداء الفرائض واكتساب الخير والمسارعة إليه وتحقيقه والتقوى ترك المحارم ونبذ الشر وعند إفراد أحدهما عن الآخر يشمل الدين كله. فالبر عند الإطلاق هو الدين كله والتقوى عند الإطلاق هي الدين كله كما قال عز وجل:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (1) إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (2) وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} (3) - والتعاون على
(1) سورة البقرة الآية 177
(2)
سورة البقرة الآية 177
(3)
سورة البقرة الآية 189
البر والتقوى هو تعاون على تحقيق ما أمر الله به ورسوله قولا وعملا وعقيدة وعلى ترك ما حرم الله ورسوله قولا وعملا وعقيدة، وكل إنسان محتاج إلى هذا التعاون أينما كان ذكرا كان أو أنثى حيث تحصل له السعادة العاجلة والآجلة بهذا التعاون والنجاة في الدنيا والآخرة والسلامة من جميع أنواع الهلاك والفساد، وعلى حسب صدق العبد في ذلك وإخلاصه يكون حظه من هذا الربح وعلى حسب تساهله في ذلك يكون نصيبه من الخسران، فالكل بالكل والحصة بالحصة، فمن لم يقم بهذه الأمور الأربعة علما وعملا فاته الخير كله ونزل به الخسران كله، ومن فاته شيء من ذلك ناله من الخسران بقدر ما فاته من تحقيق هذه الأمور الأربعة.
ولا ريب أن أهل العلم أولى الناس بتحقيق هذه الأمور، وذلك بالتعاون على البر والتقوى عن إيمان وصدق وإخلاص وصبر ومصابرة لأن العامة قد لا يستطيعون ذلك لعدم فقههم وعلمهم ولا يستطيعون إلا الشيء اليسير من ذلك على حسب علمهم، ولكن أهل العلم لهم القدرة على ذلك أكثر من غيرهم، وكلما زاد العلم بالله وبرسوله وبدينه زاد الواجب وزادت المسئولية. وفي هذا المعنى يقول عز وجل:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} (1) الآية، فكون بعضهم أولياء بعض يقتضي التناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه والحذر من كل ما يخالف هذه الولاية ويضعفها - فالمؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله والمؤمنة كذلك ولية أختها في الله وولية أخيها في الله وهذا واجب على الجميع، وعلى كل منهم أن يدل أخاه على الخير وينصح له ويحذره من كل شر، وبذلك تتحقق الولاية منك لأخيك بالتعاون معه على البر والتقوى والنصيحة له في كل شيء تعلم أنه من الخير وتكره له كل شيء تعلم
(1) سورة التوبة الآية 71
أنه من الشر، وتعينه على الخير وعلى ترك الشر وتفرح بحصوله على الخير، ويحزنك أن يقع في الشر لأنه أخوك - ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (1)» متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه، ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه (2)» متفق عليه، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضا «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (3)» متفق عليه - فهذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها أصول عظيمة في وجوب محبتك لأخيك كل خير وكراهتك له كل شر ونصيحتك له أينما كان وأنه وليك وأنك وليه، كما قال سبحانه:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (4)، وفي هذا المعنى أيضا ما رواه مسلم في صحيحه من حديث تميم الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم (5)» ، وفي هذا الحديث العظيم إخبار النبي عليه الصلاة والسلام أن الدين كله النصحية، والنصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه.
فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا شيء فيه - ومن ذلك قول العرب: ذهب ناصح، يعني سليما من الغش، ويقال: عسل ناصح، أي سليم من الغش والشمع - وفي هذا المعنى أيضا ما رواه الشيخان من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:«بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم (6)» .
(1) صحيح البخاري الإيمان (13)، صحيح مسلم الإيمان (45)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2515)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5016)، سنن ابن ماجه المقدمة (66)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 272)، سنن الدارمي الرقاق (2740).
(2)
صحيح البخاري الصلاة (481)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585)، سنن الترمذي البر والصلة (1928)، سنن النسائي الزكاة (2560)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 405).
(3)
صحيح البخاري الأدب (6011)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2586)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 270).
(4)
سورة التوبة الآية 71
(5)
صحيح مسلم الإيمان (55)، سنن النسائي البيعة (4197)، سنن أبو داود الأدب (4944)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 102).
(6)
صحيح البخاري الزكاة (1401)، صحيح مسلم الإيمان (56)، سنن الترمذي البر والصلة (1925)، سنن النسائي البيعة (4175)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 357)، سنن الدارمي البيوع (2540).
فالواجب على العلماء وطلبة العلم إدراك هذا المعنى والعمل به بصفة أخص من غيرهم لعلمهم وفضلهم وكونهم خلفاء الرسل في بيان الحق والدعوة إليه والنصح لله ولعباده؛ فإنه لا يستوي من يعلم ومن لا يعلم كما قال عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1).
وأنصح الناس للناس هم الرسل عليهم الصلاة والسلام والأنبياء ثم بعدهم العلماء فهم ورثة الأنبياء وهم خلفاؤهم في الخيروالنصح والدعوة إلى الله والصبر على الأذى والتحمل - ومن الولاية والنصح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولهذا قال الله عز وجل في الآية السابقة: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2)، ومن ذلك الدعوة إلى الخير والإرشاد إليه وتعليم الجاهل وإرشاد الضال إلى طريق الصواب كما قال عز وجل:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (3) فليس هناك أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله وقرن ذلك بالعمل الصالح ويقول عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (4)، وقد بين سبحانه في موضع آخر أنه لا بد من العلم لأن الداعي إلى الله لا بد أن يكون على علم حتى لا يضر نفسه ولا يضر الناس كما قال سبحانه وتعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (5)، فالداعي إلى الله والدال على الخير يجب أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه وفيما ينهى عنه وقد بين الرسول أن الداعي إلى الله له مثل أجور من هداه الله على يديه - وهذا خير عظيم - يقول عليه الصلاة والسلام:«من دل على خير له مثل أجر فاعله (6)» أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم
(1) سورة الزمر الآية 9
(2)
سورة التوبة الآية 71
(3)
سورة فصلت الآية 33
(4)
سورة النحل الآية 125
(5)
سورة يوسف الآية 108
(6)
صحيح مسلم الإمارة (1893)، سنن الترمذي العلم (2671)، سنن أبو داود الأدب (5129)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 120).
شيئا، ومن دعا إلى ضلال كان عليه من الإثم مثل إثم من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (1)» رواه مسلم أيضا - وفي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه لما بعثه إلى خيبر:«ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه (2)» ثم قال له: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (3)» ، وهذا خير عظيم - والمعنى أن ذلك خير من الدنيا كلها، لكن لما كانت العرب تعظم الإبل الحمر وتراها أفضل أصوافا مثل بها عليه الصلاة والسلام.
فالمسلمون في حاجة شديدة إلى الإخلاص في هذا الأمر والنشاط فيه والصبرعليه لهذه النصوص التي وردت وغيرها مع الصدق والتحري في الخير والعناية بالأسلوب الحسن والتواضع واستحضار أن العبد على خطر عظيم فهو يدعو إلى الله وينشر الخير وينصح ويعين على البر والتقوى مع التواضع وعدم التكبر وعدم العجب، ولا يرى نفسه أبدا إلا على خطر ويحثها على كل خير ويراقبها ويحذر من شرها ولا يعجب بعمله ولا يمن به ولا يتكبر بذلك ولا يفخر على الناس، بل يرى أن المنة لله عليه في ذلك كما قال سبحانه وتعالى:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (4)، فالتعاون على البر والتقوى والتناصح يقتضي الدعوة إلى الخير والإعانة عليه فهو أيضا يقتضي التحذير من الشر وعدم التعاون مع أهل الشر، فلا تعن أخاك على ما يغضب الله عليه ولا تعنه على أي معصية بل تنصح له في تركها وتحذره من شرورها، وهذا من البر والتقوى، وإذا أعنته على المعصية وسهلت له سبيلها كنت ممن تعاون معه على الإثم والعدوان سواء كانت المعصية عملية أو قولية كالتهاون بالصلاة أو بالزكاة أو
(1) صحيح مسلم العلم (2674)، سنن الترمذي العلم (2674)، سنن أبو داود السنة (4609)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 397)، سنن الدارمي المقدمة (513).
(2)
صحيح البخاري المناقب (3701)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406)، سنن أبو داود العلم (3661)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 333).
(3)
صحيح البخاري المناقب (3701)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406)، سنن أبو داود العلم (3661)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 333).
(4)
سورة الحجرات الآية 17
بالصيام أو حج البيت أو بعقوق الوالدين أو أحدهما أو بقطيعة الرحم أو بحلق اللحى أو بإسبال الثياب أو بالكذب والغيبة والنميمة أو السباب واللعنة أو بغير هذا من أنواع المعاصي القولية والفعلية عملا بقول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) ويدخل في الإثم جميع المعاصي.
أما العدوان فهو التعدي لحدود الله والتعدي على الناس أو التعدي على ما فرض الله بالزيادة أو النقص، والبدعة من العدوان لأنها زيادة على ما شرع الله، فيسمى المبتدع متعديا، والظالم للناس متعديا، والتارك لما أنزل الله آثما متعديا لأمر الله، فاقتراف المعاصي إثم، والتعدي على ما فرض الله والزيادة على ما فرض الله والظلم لعباد الله عدوان منهي عنه، داخل في الإثم كما قال تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2)، ثم ختم الله الآية بأمره سبحانه وتعالى بالتقوى والتحذير من شدة العقاب، فقال:{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3) والمعنى احذروا مغبة التعاون على الإثم والعدوان وترك التعاون على البر والتقوى ومن العاقبة في ذلك شدة العقاب لمن خالف أمره وارتكب نهيه وتعدى حدوده.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا جميعا وسائر المسلمين للتعاون على البر والتقوى والصدق في ذلك وأن نبدأ بأنفسنا لأن الداعي إلى الله قدوة وطالب العلم قدوة فعليه أن يحاسب نفسه في كل شيء ويجاهدها في عمل كل خير ويترك كل شر حتى يكون أجدى لدعوته. وأنفع لنصحه وأكمل في تلقي الناس لنصيحته والانتفاع بدعوته وإرشاده وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان. .
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة المائدة الآية 2
(3)
سورة المائدة الآية 2