الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسرية هو المسئول عن بعض الاضطرابات النفسية، وضياع هذا الجيل الجديد - في الشرق والغرب - وإقباله على تعاطي المخدرات والتورط في الجريمة، والتمرد على القيم والقانون.
كما ثبت في الدراسات الاجتماعية أن الشغالات والخادمات إذا مكن من الأطفال، فإنهن يفسدن على الأطفال تربيتهم السوية في الدين واللغة والأخلاق والقيم والسلوك، وقد يجررن في نهاية المطاف إلى كوارث خلقية، وباختصار الكلمات، لا تستطيع محاضن الأرض بالطول والعرض، أن تقوم مقام الأمومة الحقيقية في الحب والحنو، ومصداقية التربية، وسلامة التنشئة، حتى اعتبرت " أفقر المنازل، أفضل من أية حضانة أو مؤسسة إيداع "(1).
(1) علم نفس النمو د. زهران 151، 152.
5 -
صيانة المجتمع من الانحلال الخلقي:
ومن حكمة الزواج أنه السبيل الوحيد، والأمين لاستمرار الفضيلة وصيانة المجتمعات الإنسانية عن الانحلال الخلقي، لأنه يعمل على الإشباع الجنسي والنفسي، وتحصين الفروج من الوقوع في الحرام، والقناعة والحلال، وغض البصر عن المحرمات.
وبالزواج تنسد أبواب الرذيلة تلقائيا، ويتخلص المجتمع من المتسكعين، وينشغل كل بأهله، ويصبح كل واحد أمينا على شرفه وعرضه، وينصرف أفراده للعمل الجاد، وهذا بدوره يؤدي إلى نظافة المجتمع وحفظه من الانحلال، قال الشاطبي في حكمة الزواج:" ومنها: التحفظ من الوقوع في المحظور من شهوته الفروج ونظر العين "(1). وقال ابن قدامة: " ومن فوائد النكاح، التحصن من الشيطان بدفع غوائل الشهوة "(2)، وعن أبي ذر
(1) الموافقات 2: 396.
(2)
مختصر منهاج القاصدين 76.
الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء - إلا المتزوجين (1)» . وهو المشاهد جليا في المجتمعات الشرقية بعامة، والمجتمعات الإسلامية بخاصة، وإذا كان الأمر قد تخلخل في هذا الزمان، فإنه لا يزال واضحا في البيئات الإسلامية المحافظة، والبيوتات الطاهرة.
وبالمقابل، فإن المجتمعات التي تعرض عن الزواج، ويروج فيها الاتصال الجنسي الخبيث، تشيع فيها الأمراض، وتتحلل فيها روابط الأسر، وتنحط فيها القيم والأخلاق.
وبرهان ذلك في المجتمعات الغربية المعاصرة، فقد رفعت شعار الحرية الجنسية، ونافحت عنه، حتى صار يزاحم قيود الزواج والعفاف، فانبجست الشهوات، واستحوذت الغرائز الجنسية على الأفراد، وشاعت فيهم أوكار المخادنات السرية، والملاهي الليلية، والأندية العارية، والأفلام المكشوفة، ونوادي تبادل الزوجات، وظاهرة الشذوذ الجنسي، ونكاح المحارم، والسحاق واللواط، ومواخير الدعارة، مما ينذر بانهيار اجتماعي، وسقوط حضاري، ودمار في القيم والأخلاق، وتفكك في الروابط الأسرية يهدد الأسرة الإنسانية بالزوال.
كما جر الإعراض عن الزواج والاستعاضة عنه بالاتصال الجنسي غير المشروع - العالم الغربي - إلى الأمراض الجنسية مثل: السلفس، والزهري، والسيلان، والاحتقان، والإيدز، حتى أمسى الغرب مهددا بعدوى هذه الأمراض أكثر من خطر القنابل الذرية والكيماوية، وبخاصة بعد أن وصلت هذه الأمراض إلى أرقام مذهلة " فهنالك ثمانون مليونا مصابون بالإيدز، والسيلان، والزهري، والهربز، والكلاميديا الجنسية، وخمسة عشر مليون فتاة أمريكية على علاقة جنسية مع آبائهن وإخوانهن، وعشرة بالمائة من العائلات
(1) أخرجه عبد الرزاق، المصنف 6: 171 رقم 10387.
الأمريكية تمارس نكاح المحارم، وعشرون مليون أمريكي يمارسون اللواط ويتباهون به ".
وهذا الذي وصلت إليه الحضارة الغربية، قدر الله تعالى وسنة من سننه في الحياة والأمم والحضارات، فقد ثبت أن الانحلال الخلقي كان وراء سقوط الإغريق والرومان، حين أقبلوا على الاختلاط، وأغفلوا العناية بالمنزل، واعتبروا الحياة فرصة للمتاع (1)، وكان وراء هلاك قوم لوط، قال تعالى:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} (2){إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} (3){وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (4){فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} (5){وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} (6).
وهو وراء هلاك كل حضارة حادت أو تحيد عن منهج الله تعالى في سنة الزواج الشرعي، فإن من خرج عن سنن الله تعالى كانت له بالمرصاد، قال تعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (7)، قالت أم سلمة:«يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال: نعم إذا كثرت الخبائث (8)» ، وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى قال:" إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر، استحقوا العقوبة كلهم "(9).
(1) الأسرة المسلمة والأسرة المعاصرة 32، 33.
(2)
سورة الأعراف الآية 80
(3)
سورة الأعراف الآية 81
(4)
سورة الأعراف الآية 82
(5)
سورة الأعراف الآية 83
(6)
سورة الأعراف الآية 84
(7)
سورة الإسراء الآية 16
(8)
أخرجه مالك ومسلم، الموطأ 2: 991، مسلم بشرح النووي 18:302.
(9)
أخرجه مالك 2: 991.