الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا حذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من عواقب الزنى والفساد الخلقي، فعن ميمونة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال أمتي بخير ما لم يتفش فيهم ولد الزنى، فإذا فشا بينهم ولد الزنى، فيوشك أن يعمهم الله عز وجل بعقاب (1)» ، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: ما فشا الزنى في قوم إلا كثر فيهم الموت (2)، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:«أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا (3)» ، وقال ابن مسعود: إذا ظهر الزنى في قرية، أذن بهلاكها (4).
(1) أخرجه أحمد، المسند 6:333.
(2)
أخرجه مالك، الموطأ: 1: 460.
(3)
أخرجه ابن ماجه، سنن ابن ماجه 2: 1332، 1333 رقم 4019.
(4)
الطرق الحكمية 260.
6 -
الحفاظ على الأنساب:
ومن حكمة الزواج أنه الطريق المأمون لصون الأنساب، وعدم اختلاط الماء في الأرحام، وهو الذي يعطي للأنساب صفتها الشرعية، فبالزواج يكتسب المرء نسبه الصحيح، وينضم إلى المجتمع ويعترف له بحق الوجود، ولهذا حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توكيد نسبه الطاهر الصحيح بقوله:«إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار (1)» .
ولا يخفى على ذوي الألباب، ما لحفظ الأنساب من أهمية شرعية في ضبط عملية المصاهرة، وتحديد النفقة، وصلة الأرحام، وتوزيع التركات، وإنسانية
(1) البداية والنهاية: 2: 256، 257، مسلم بشرح النووي 15: 36 زاد المعاد 1: 71 هامش.
الإنسان، وغير ذلك من الأحكام الشرعية والخلقية، قال صلى الله عليه وسلم:«تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم، لأوزعه ذلك عن انتهاكه (1)» .
ولمعرفة الأنساب وصونها، قيمة كبرى في عملية المصاهرة أيضا فقد يتوصل بضياع الأنساب إلى أن ينكح المرء أخته أو عمته أو خالته، أو ابنة أخيه أو ابنة أخته، وهو لا يدري.
كما أن ضياع الأنساب يؤدي إلى ضياع النسل، حيث يولد الأبناء ولا يجدون من يعولونهم ويربونهم تربية صادقة، ولو لم تكن الأنساب لعجت المجتمعات بأولاد لا كرامة لهم ولا أسماء، ولهبطت الإنسانية إلى حظائر الحياة الحيوانية، وعالم الخنافس والقردة.
كما تبرز أهمية صيانة الأنساب وحفظها في تحقيق الذات واعتبارها، فالنسب الثابت المعروف، يشعر صاحبه بكرامته وعزته ووجوده الشرعي، وحق انتمائه الأسري والاجتماعي، ولهذا يشعر مجهولو الأنساب، واللقطاء، وأولاد الزنى برفض أسري، وذل اجتماعي، واكتئاب نفسي، وندوب عاطفي، وهذا يدل على أن صون النسب وحفظه من أهم خصائص النفس الإنسانية.
ونظرا لأهمية النسب وحفظه، ألغى الإسلام قانون التبني، لأنه تزييف لحقيقة الأنساب، واستلاب لكرامة الإنسان، ورق مقنع بدوافع العاطفة الكاذبة، قال تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (2)، وأقبح من هذا، إلحاق نسب المرأة بزوجها، وذلك لأن كل واحد منا لديه
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق عمر بن الخطاب. وأحمد في المسند 2: 374، شرح السنة 13: 19 رقم 3430.
(2)
سورة الأحزاب الآية 5