الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول: (آمنت بالله ورسله) والاستعاذة بالله من الشيطان كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك من وقع في مثل هذه الوساوس.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
من الفتوى رقم 1674
س: ما
حكم الإسلام في الأحزاب
وهل تجوز الأحزاب بالإسلام، مثل حزب التحرير، وحزب الإخوان المسلمين؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
ج: لا يجوز أن يتفرق المسلمون في دينهم شيعا وأحزابا يلعن بعضهم بعضا ويضرب بعضهم رقاب بعض، فإن هذا التفرق مما نهى الله عنه، وذم من أحدثه أو تابع أهله وتوعد فاعليه بالعذاب العظيم، وقد تبرأ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه، قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (1)، إلى قوله تعالى:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2)، الآيات، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (3){مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (4).
(1) سورة آل عمران الآية 103
(2)
سورة آل عمران الآية 105
(3)
سورة الأنعام الآية 159
(4)
سورة الأنعام الآية 160
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعضكم (1)» ، والآيات والأحاديث في ذم التفرق في الدين كثيرة.
أما إن كان ولي أمر المسلمين هو الذي نظمهم ووزع بينهم أعمال الحياة ومرافقها الدينية والدنيوية ليقوم كل بواجبه في جانب من جوانب الدين والدنيا فهذا مشروع، بل واجب على ولي أمر المسلمين أن يوزع رعيته على واجبات الدين والدنيا على اختلاف أنواعها، فيجعل جماعة لخدمة علم الحديث من جهة نقله وتدوينه وتمييز صحيحه من سقيمه. . إلخ، وجماعة أخرى لخدمة فقه متونه تدوينا وتعلما، وثالثة لخدمة اللغة العربية قواعدها ومفرداتها وبيان أساليبها والكشف عن أسرارها، وإعداد جماعة رابعة للجهاد وللدفاع عن بلاد الإسلام وفتح الفتوح وتذليل العقبات لنشر الإسلام، وأخرى للإنتاج صناعة زراعة وتجارة. . إلخ. فهذا من ضرورات الحياة التي لا تقوم للأمة قائمة إلا بها، ولا يحفظ الإسلام ولا ينتشر إلا عن طريقه، هذا مع اعتصمام الجميع بكتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الخلفاء الراشدون وسلف الأمة ووحدة الهدف وتعاون جميع الطوائف الإسلامية علي نصرة الإسلام والذود عن حياضه وتحقيق وسائل الحياة السعيدة، وسير الجميع في ظل الإسلام وتحت لوائه على صراط الله المستقيم، وتجنبهم السبل المضلة والفرق الهالكة، قال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2).
س: أيهما أفضل: العمل للإسلام من خلال السياسة أم العمل للإسلام من خلال دعوة الناس إلى العودة إلى طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
ج: الواجب العمل للإسلام بدعوة الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على المنهاج الذي أرشد الله إليه وأمر به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم في قوله:
(1) صحيح البخاري العلم (121)، صحيح مسلم الإيمان (65)، سنن النسائي تحريم الدم (4131)، سنن ابن ماجه الفتن (3942)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 358)، سنن الدارمي المناسك (1921).
(2)
سورة الأنعام الآية 153
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، وقوله:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (2)، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق الدعوة إلى الله بقوله وكتبه وعمله فقال:«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (3)» ، رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن، وقال لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن:«إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب (4)» ، رواه أحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن، وفي حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه حينما أعطاه الراية يوم غزوة خيبر:«أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم (5)» رواه البخاري ومسلم.
وكتب عليه الصلاة والسلام إلى ملوك الأمم يدعوهم إلى الإسلام ويأمرهم بعبادة الله وحده وذكر في كتبه إلى أهل الكتاب: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (6)،
(1) سورة النحل الآية 125
(2)
سورة يوسف الآية 108
(3)
صحيح مسلم الإيمان (49)، سنن الترمذي الفتن (2172)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5009)، سنن أبو داود الصلاة (1140)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 54).
(4)
البخاري برقم 1458 و 1496 و 4347، ومسلم برقم 19، وأبو داود برقم 1584، والترمذي برقم 625 وليس في المجتبى 5/ 55، وأحمد 1/ 233،
(5)
الإمام أحمد 5/ 333، والبخاري برقم 2942 و 3009 و 4210، ومسلم برقم 2406.
(6)
سورة آل عمران الآية 64
ووعدهم الأجر مضاعفا إن استجابوا وأنذرهم عقوبة إثمهم وإثم أممهم إن هم أعرضوا، ودعا إلى الإسلام بعمله، فكان مثال الكمال في توحيد الله وعبادته وفي أعلى درجات مكارم الأخلاق في سيرته ومعاملاته للناس، لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها إنما يغضب إذا انتهكت محارم الله، وكان كما وصفه الله في كتابه الكريم بالمؤمنين رءوف رحيم وقوله سبحانه:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (1) إلى غير ذلك من بيانه عليه الصلاة والسلام لمنهاج الدعوة بقوله وكتابته وعمله، فهذه سياسة الدعوة المحمدية الرشيدة الحكيمة الرحيمة رسمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلى دعاة الجماعات الإسلامية أن يسلكوا سبيلها سبيل الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ينزلوا كل من يدعونهم منزلته ويخاطبوا كلا بما يفهم عسى الله أن ينصر بهم دينه ويوجه سهامهم إلى نحور أعدائهم لا إلى إخوانهم فإنه مجيب الدعاء.
س: هل يجوز وقوف دقيقة مثلا مع الصمت تحية للشهداء حيث إنه عندما تبدأ حفلة معينة يقف الناس دقيقة مع الصمت حدادا أو تشريفا لأرواح الشهداء؟
ج: ما يفعله بعض الناس من الوقوف زمنا مع الصمت تحية للشهداء أو الوجهاء أو تشريفا وتكريما لأرواحهم وحدادا عليهم - من المنكرات والبدع المحدثة التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه ولا السلف الصالح ولا تتفق مع آداب التوحيد لإخلاص التعظيم له، بل اتبع فيها بعض جهلة المسلمين بدينهم من ابتدعها من الكفار وغلوهم في عاداتهم القبيحة وغلوهم في رؤسائهم ووجهائهم أحياء وأمواتا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم.
(1) سورة القلم الآية 4