المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في العراق ثانية: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ مصادر البحث

- ‌وجهة نظر

- ‌خلاصة رأيي

- ‌ وجهة نظر

- ‌المذهب الحنفي:

- ‌المذهب المالكي:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم نفي الإيمان عن المسلم

- ‌ يقول لصاحبه أنت كافر قبل أن يعلمه بعمله

- ‌ حكم من لم يكفر الكافر

- ‌ هل يجوز أن تدعو النصراني كافرا

- ‌ حكم تذنيب الخطابات والعرائض بكلمة: ودمتم

- ‌ العين والفم أيهما أشد ذنبا من الآخر

- ‌ أسباب اختلاف العلماء

- ‌ حكم زيارة المرابطين الذين يزعمون علم الغيب

- ‌ حكم الإسلام في الأحزاب

- ‌ من هو الموفق أمام الله

- ‌ موقف الشباب من الإسلام

- ‌ الفرق بين الشريعة والطريقة

- ‌ فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌التساهل في الحكم بغير شريعة الله

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي

- ‌حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

- ‌ترجمة موجزة للمؤلف

- ‌وصف المخطوط:

- ‌مراجع التحقيق

- ‌مقدمة:

- ‌التعريف بالتفسير:

- ‌أصول الكتاب

- ‌المراجع:

- ‌فضل العمل والحث عليه:

- ‌امتنان الله تعالى على عبادة بتهيئتهم للعمل:

- ‌احترام الإسلام للعمل:

- ‌الإسلام والفراغ:

- ‌من تعلم مهنة فلا يتركها:

- ‌رعاية شئون الأسرة:

- ‌أي المكاسب أفضل:

- ‌فضل الشجرة والزراعة:

- ‌حكم الزراعة:

- ‌التشجيع على الزراعة لا يعني إهمال الواجبات:

- ‌عناية المسلمين بالزراعة:

- ‌متى يتحقق الأجر في الزراعة:

- ‌الزراعة وعدد السكان:

- ‌المراجع:

- ‌جرير بن عبد الله البجليالسفير القائد

- ‌هدم ذي الخلصة

- ‌ في ردة اليمن:

- ‌ في العراق:

- ‌ في أرض الشام:

- ‌ في العراق ثانية:

- ‌ في القادسية:

- ‌ فتح (المدائن)

- ‌ في بلاد فارس:

- ‌ولاية تزويج الصغيرة

- ‌مقدمة:

- ‌تزويج الأب البكر الصغيرة

- ‌تزويج غير الأب من الأولياء للبكر الصغيرة

- ‌ تزويج الوصي للبكر الصغيرة

- ‌تزويج الثيب الصغيرة

- ‌الخاتمة:

- ‌حكمة الزواج ومنافعه

- ‌ المحافظة على النسل واستمراره:

- ‌ تلبية الغريزة الجنسية واعتدالها:

- ‌ تحقيق السكن النفسي:

- ‌ العناية بتربية النشء:

- ‌ صيانة المجتمع من الانحلال الخلقي:

- ‌ الحفاظ على الأنساب:

- ‌ إشباع غريزتي الأبوة والأمومة:

- ‌ تنمية الروابط الأسرية والاجتماعية:

- ‌ التدرب على تحمل المسئوليات:

- ‌ تحقيق العبودية والثواب والغنى:

- ‌ حفظ الصحة وبركة العمر:

- ‌من قرارات هيئة كبار العلماء

- ‌ أجهزة الإنعاش

- ‌ كتابة المصحف بطريقة الإملاء

- ‌حكم تغيير رسم المصحف العثماني

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ في العراق ثانية:

اسم جرير أحد الفدائيين الفرسان من المهاجرين والأنصار، وهم مائة فارس، انتخبهم خالد من بين أفراد جيش المسلمين في اليرموك، كل فارس منهم يرد جيشا وحده (1)، للتأثير بهم في معنويات الروم قبيل معركة اليرموك الحاسمة. ولم يذكر المؤرخون شيئا عن دور جرير في معركة اليرموك، ويبدو أنه كان دورا مشرفا.

(1) فتوح الشام للواقدي (1/ 120).

ص: 222

4 -

‌ في العراق ثانية:

عاد جرير من أرض الشام إلى المدينة مبشرا بانتصار المسلمين على الروم في معركة اليرموك (1).

وكان أبو بكر الصديق قد مضى إلى ربه، وكان عمر بن الخطاب قد خلفه، فطلب منه جرير أن يجمع له بجيلة قومه تحقيقا لوعد النبي صلى الله عليه وسلم بجمع بجيلة لجرير. وكتب عمر إلى عماله: " إنه من كان ينسب إلى بجيلة في الجاهلية، وثبت عليه في الإسلام، فأخرجوه إلى جرير، ففعلوا ذلك. ولما اجتمعوا أمرهم عمر بالعراق، فأبوا إلا الشام، فعزم عمر على العراق وينفلهم ربع الخمس، فأجابوا، فسيرهم عمر إلى المثنى بن حارثة الشيباني (2) بالعراق، لأن عمر ندب الناس إلى المثنى لما بلغه خبر وقعة أبي عبيد الثقفي في الجسر (3) وكان فيمن ندب بجيلة (4).

وتوجه جرير على رأس بجيلة إلى المثنى في العراق، فكتب المثنى إلى جرير: " إنا جاءنا أمر لم نستطع معه المقام حتى تقدموا علينا، فعجلوا اللحاق بنا، وموعدكم البويب (5) وكان جرير ممدا له (6).

(1) الطبري (3/ 455).

(2)

المثنى: بن حارثة الشيباني، انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح العراق والجزيرة (27 - 50).

(3)

انظر التفاصيل في الطبري (3/ 450 - 459)، وابن الأثر (2/ 438 - 440).

(4)

الطبري (3/ 460)، وابن الأثير (2/ 441).

(5)

البويب: نهر كان بالعراق موضع الكوفة، ويأخذ من الفرات انظر معجم البلدان (2/ 710).

(6)

الطبري (3/ 461).

ص: 222

وانتهى جرير إلى المثنى، فشهد تحت لواء المثنى معركة البويب التي انتصر فيها المسلمون على الفرس انتصارا عظيما (1).

وبعد معركة البويب استأذن جرير المثنى في مطاردة الفرس المنهزمين، فكتب جرير إلى المثنى:" إن الله عز وجل قد سلم وكفى، ووجه لنا ما رأيت، وليس دون القوم شيء، فأذن لنا بالإقدام "، فأذن المثنى لجرير ولآخرين في مطاردة المنهزمين، فأغار حتى بلغ (ساباط)(2)، فتحصن أهل ساباط منهم واستباحوا (القريات)(3) دونها، ورماهم أهل الحصن بساباط عن حصنهم، وكان أول من دخل حصنهم ثلاثة قواد، أحدهم جرير، وقد تبعهم أوزاع من الناس، ثم عادوا إلى المثنى (4).

ويبدو أن بعض الخلافات نشبت بين المثنى وجرير بعد معركة البويب. فقد أقبل جرير حتى إذا مر قريبا من المثنى، كتب إليه جرير:" إني لست فاعلا إلا أن يأمرني بذلك أمير المؤمنين، أنت أمير وأنا أمير ". ثم سار جرير فلقيه مهران بن باذان - وكان من عظماء فارس - عند النخيلة (5)، قد قطع إليه الجسر، فاقتتلا قتالا شديدا. فشد أحد المسلمين (6) على مهران فطعنه، فوقع عن دابته، فاقتحم عليه جرير واجتز رأسه، واختصما في سلبه، ثم اصطلحا، فأخذ جرير سلاح مهران، وأخد الثاني منطقته (7).

وحين اصطدم مهران بجرير في ساحة القتال، وأصبحا في تماس شديد،

(1) انظر تفاصيل معركة البويب في الطبري (1/ 460 - 472)، وابن الأثير (2/ 441 - 445).

(2)

ساباط: بلدة قريبة من المدائن، انظر معجم البلدان (5/ 2).

(3)

القريات: جمع تصغير القرية.

(4)

الطبري (3/ 470).

(5)

النخلية: موضع قرب الكوفة على سمت الشام، وانظر تفاصيل في معجم البلدان (8/ 276 - 277).

(6)

هو المنذر بن حسان بن ضرار الضبي، انظر الطبري (3/ 472).

(7)

الطبري (3/ 471 - 472).

ص: 223

قال مهران:

إن تسألوا عني فإني مهران

أنا لمن أنكرني ابن باذان

وكان باذان عاملا لكسرى على اليمن، وكان ابنه مهران معه في اليمن، فأتقن العربية هناك (1).

وجاب المثنى السواد، وأرسل جريرا إلى ميسان، وخاض المثنى معركة (الخنافس)(2) التي انتصر المسلمون فيها على الفرس في هذه المعركة (3).

واجتمع الفرس على يزدجرد فملكوه عليهم، وتبارى رؤساؤهم في طاعته ومعونته، فسمى الجنود لكل مسلخة كانت لكسرى أو موضع ثغر. وبلغ ذلك المثنى والمسلمين، فكتبوا إلى عمر بن الخطاب، فلم يصل الكتاب إلى عمر حتى كفر أهل السواد: من كان له منهم عهد ومن لم يكن له منهم عهد، فخرج المثنى برجاله حتى نزل بذي قار، وتنزل الناس بالطف، حتى جاءهم كتاب عمر:" أما بعد. . فاخرجوا من بين ظهري الأعاجم، وتفرقوا في المياه التي تلي الأعاجم على حدود أرضكم، ولا تدعوا في ربيعة أحدا ولا مضر ولا حلفائهم أحدا من أهل النجدات ولا فارسا إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه. احملوا العرب على الجد إذ جد العجم، فتلقوا جدهم بجدكم ".

(1) الطبري (3/ 472).

(2)

الخنافس: أرض للعرب في طرف العراق قرب الأنبار، انظر التفاصيل في معجم البلدان (3/ 468).

(3)

انظر تفاصيل معركة الخنافس في الطبري (3/ 472 - 476) وابن الأثير (2/ 445 - 447).

ص: 224

ونزل المثنى بذي قار، ونزل الناس بالجل (1) وشراف إلى غضى (2)، وغضى حيال البصرة، فكان جرير بغضى. فكانوا في أمواه الطف من أولها إلى آخرها مسالح بعضهم ينظر إلى بعض، ويغيث بعضهم بعضا إن كان قتال، وذلك في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة الهجرية (3).

وكان المثنى قد كتب إلى عمر يمحل (4) بجرير، فكتب عمر إلى المثنى:" إني لم أكن لأستعملك على رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يعني جريرا "، وقد وجه عمر سعد بن أبي وقاص (5) إلى العراق في ستة آلاف أمره عليهم، وكتب إلى المثنى وجرير أن يجتمعا إلى سعد بن أبي وقاص، وأمر سعدا عليهما فسار سعد حتى نزل شراف (6)، وسار المثنى وجرير حتى نزلا عليه، فشتا بها سعد، واجتمع إليه الناس، ومات المثنى بن حارثة رحمه الله (7).

ولم يكن الخلاف بين الرجلين لنوازع شخصية، فانتهى الخلاف بينهما بموت المثنى وتأمير سعد بن أبي وقاص عليهما، وكثيرا ما تحدث مثل هذه الخلافات في أيام القتال بين القادة، لظروف الحرب الصعبة أولا ولاختلاف الاجتهادات في معالجة مشاكل القتال ثانيا.

لقد كان جرير أحد قادة المثنى المقربين إليه، وقد أعانه وعاونه في تحمل أعباء قيادته، وكان التعاون بين القائدين اللامعين وثيقا والاختلاف في الرأي من أجل المصلحة العامة، ليس كالاختلاف في الرأي من أجل المصلحة الخاصة، وما اختلاف القائدين إلا اختلاف في الاجتهاد.

(1) الجل: موضع قريب من السلمان بالبادية، انظر معجم البلدان (3/ 128).

(2)

غضى: جبال البصرة، انظر معجم البلدان (6/ 297).

(3)

الطبري (3/ 478).

(4)

يمحل به: أي يعرض.

(5)

انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح العراق والجزيرة (248).

(6)

شراف: ماء بنجد له ذكر كثير في آثار الصحابة، انظر التفاصيل في معجم البلدان (5/ 246 - 247).

(7)

الطبري (3/ 472).

ص: 225