الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنجاشي لقب لكل من ملك الحبشة (1). والصحيح أن جريرا أسلم سنة تسع الهجرية، وهي سنة الوفود.
لقد كان جرير موضع ثقة النبي صلى الله عليه وسلم قال جرير: «ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك (2)» ، ونال شرف الصحبة، ولكنه لم ينل شرف الجهاد تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم فلا ذكر له في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه.
(1) شرح النووي على مسلم (2/ 337 - 338).
(2)
فتح الباري بشرح البخاري (7/ 99) وشرح النووي على مسلم (5/ 194).
هدم ذي الخلصة
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم جريرا لهدم ذي الخلصة وهي من الأصنام: بيضاء منقوشة، عليها كهيئة التاج، وكانت بـ (تبالة) بين مكة واليمن، على مسيرة سبع ليال من مكة، وكان سدنتها بنو أمامة من باهلة بن أعقر، وكانت تعظمها وتهدي لها خثعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهن من بطون العرب - من هوازن (1).
وذو الخلصة الذي فيه هذا الصنم، بيت كان يطلق عليه في الجاهلية
(1) كتاب الأصنام (34 - 35).
اسم: الكعبة اليمانية (1) وقال رجل من العرب في ذي الخلصة:
لو كنت يا ذا الخلص الموتورا
مثلي وكان شيخك المقبورا
لم تنه عن قتل العداة زورا
وكان أبوه قتل، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة، فاستقسم عنده بالأزلام، فخرج السهم بنهيه عن ذلك فقال هذه الأبيات، ومن الناس من ينحلها امرأ القيس بن حجر الكندي (2).
وسار جرير إلى ذي الخلصة، على رأس مائة وخمسين فارسا، فهدم الصنم والبيت وحرقهما وعاد سالما، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم (3) ودعا للذين كانوا معه (4)، وسجد شكرا لله تعالى (5).
وعن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رجل لا أثبت على الخيل، فصك في صدري، فقال: اللهم ثبته، واجعله هاديا مهديا، فخرجت في مائة وخمسين من قومي، أتيناها، فأحرقناها (6)» .
وإرسال النبي صلى الله عليه وسلم جريرا لهدم صنم قومه وحرقه، دليل على ثقته بإيمانه العميق، لأن قوم جرير كانوا من القبائل العربية التي كانت تعظم هذا الصنم في الجاهلية، كما أن تنفيذ جرير هذا الواجب دليل على تخليه نهائيا عن عقيدته التي كان عليها قبل إسلامه، وتمسكه بالإسلام تمسكا قويا صادقا.
وهكذا اقتلع جرير بذور الشرك من أصوله في تلك المنطقة، فدخل الناس في دين الله أفواجا.
(1) شرح النووي على مسلم (5/ 194).
(2)
سيرة ابن هشام (1/ 91).
(3)
فتح الباري بشرح البخاري (7/ 99)، وشرح النووي على مسلم (5/ 195).
(4)
أسد الغابة (1/ 280).
(5)
ابن الأثير (2/ 304).
(6)
الاستيعاب (1/ 238)، وانظر أسد الغابة (1/ 280).
السفير
بعث رسول الله جريرا إلى ذي الكلاع بن ناكور بن حبيب بن مالك بن حسان بن تبع (1) وذي عمرو (2) باليمن يدعوهما إلى الإسلام، فأسلما، وأسلمت ضريبة بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذي الكلاع (3) ويبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جريرا إلى اليمن سنة إحدى عشرة الهجرية.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى ذي الكلاع مع جرير (4)، ولم يرو نص الكتاب، وكان ذو عمرو يهوديا، ووفد ذو الكلاع على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأغزاه الشام، فلم يزل بها حتى قتل بصفين مع معاوية بن أبي سفيان (5)، ومعركة صفين كانت سنة سبع وثلاثين الهجرية (6)(657 م).
وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرير في اليمن، فأخبره ذو عمرو بوفاته صلى الله عليه وسلم، فخرج جرير إلى المدينة المنورة (7).
وهكذا نهض جرير بواجبه سفيرا بنجاح، كما نهض بواجبه داعيا بنجاح أيضا.
(1) انظر سيرته المفصلة في أسد الغابة (2/ 143 - 144).
(2)
انظر سيرته المفصلة في أسد الغابة (2/ 142).
(3)
طبقات ابن سعد (1/ 265 - 266)، والمحبر (75).
(4)
الاشتقاق لابن دريد (308).
(5)
المحبر (75).
(6)
العبر (1/ 38).
(7)
طبقات ابن سعد (1/ 266).