الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ: إذا كان الحال ما ذكره السائل فالواجب عليك ترك هذه المدرسة، والحذر من شرها، والبعد عنها وعن أهلها حفاظا على دينك، وحذرا على عقيدتك وأخلاقك من هؤلاء السيئين من طلبة وطالبات ومجتمع سيئ عليك أن تبذل وسعك في الانتقال إلى مدرسة سليمة، أو إلى بلدة سليمة، أو إلى مزرعة، أو إلى ما تكون فيه بعيدا عن الخطر على دينك وعلى أخلاقك، هذا هو الواجب عليك ولو لم يرض والدك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما الطاعة في المعروف (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (2)» . فالجلوس بين أهل الشر وأهل الشرك، وتاركي الصلوات وبين الفتيات المتبرجات والسافرات فيه خطر عظيم على العقيدة والأخلاق فلا يجوز للمسلم البقاء على هذه الحال، بل يجب عليه أن يحذر هذا المجتمع ويبتعد عنه إلى مجتمع أصلح وأسلم لدينه ولو بالسفر من بلد إلى بلد آخر كمكة والمدينة للدراسة في المسجد الحرام والمسجد النبوي لوجود مدرسين فيهما من أهل العلم والفضل والعقيدة السلفية، سواء رضي والداه أم لم يرضيا، لأن الطاعة لهما إنما تكون في المعروف لا في المعاصي كما تقدم والله المستعان.
(1) صحيح البخاري الأحكام (7145)، صحيح مسلم الإمارة (1840)، سنن النسائي البيعة (4205)، سنن أبو داود الجهاد (2625)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 82).
(2)
مسند أحمد بن حنبل (1/ 131).
معاملة المسلم لغير المسلم
س: ما هو الواجب على المسلم تجاه غير المسلم سواء كان ذميا في بلاد المسلمين، أو كان في بلاده، أو المسلم يسكن في بلاد ذلك الشخص غير المسلم. والواجب الذي أريد توضيحه هو: المعاملات بكل أنواعها ابتداء من إلقاء السلام، وانتهاء بالاحتفال مع غير المسلم في أعياده، وهل يجوز اتخاذ صديق عمل فقط؟ أفيدونا أثابكم الله.
جـ: إن من المشروع للمسلم بالنسبة إلى غير المسلم أمورا متعددة
منها: الدعوة إلى الله عز وجل بأن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام حيث أمكنه ذلك، وحيث كانت لديه البصيرة لأن هذا هو أعظم الإحسان وأهم الإحسان الذي يهديه المسلم إلى مواطنه، وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من دل على خير فله مثل أجر فاعله (1)» رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام:«فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (2)» متفق على صحته.
وقال عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (3)» رواه مسلم في صحيحه. فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات.
ثانيا: لا يجوز أن يظلمه في نفس، ولا في مال، ولا في عرض إذا كان ذميا، أو مستأمنا، أو معاهدا فإنه يؤدي إليه الحق، فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة، ولا بالخيانة، ولا بالغش، ولا يظلمه في بدنه لا بضرب ولا بغيره لأن كونه معاهدا، أو ذميا، في البلد، أو مستأمنا يعصمه.
ثالثا: لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان، واشترى من اليهود وهذه معاملة، وقد توفي عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله.
رابعا: في السلام لا يبدؤه بالسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام (4)» خرجه مسلم في صحيحه وقال: «إذا سلم
(1) صحيح مسلم الإمارة (1893)، سنن الترمذي العلم (2671)، سنن أبو داود الأدب (5129)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 120).
(2)
صحيح البخاري المناقب (3701)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406)، سنن أبو داود العلم (3661)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 333).
(3)
صحيح مسلم العلم (2674)، سنن الترمذي العلم (2674)، سنن أبو داود السنة (4609)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 397)، سنن الدارمي المقدمة (513).
(4)
صحيح مسلم السلام (2167)، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2700)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 346).
عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم (1)»، فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام ولكن يرد عليه بقوله: وعليكم؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم (2)» ، متفق على صحته، هذا من الحقوق المتعلقة بين المسلم والكافر، ومن ذلك أيضا حسن الجوار إذا كان جارا تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره، وتتصدق عليه إذا كان فقيرا، تهدي إليه، تنصح له فيما ينفعه لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه، ولأن الجار له حق قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه (3)» ، متفق على صحته، وإذا كان الجار كافرا كان له حق الجوار، وإذا كان قريبا وهو كافر صار له حق الجوار، وحق القرابة، ومن المشروع للمسلم أن يتصدق على جاره الكافر وغيره من الكفار غير المحاربين من غير الزكاة لقول الله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (4) وللحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: «أن أمها وفدت عليها بالمدينة في صلح الحديبية وهي مشركة تريد المساعدة فاستأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هل تصلها؟ فقال: صليها (5)» . اهـ.
أما الزكاة فلا مانع من دفعها للمؤلفة قلوبهم من الكفار لقول الله عز وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (6) الآية. أما مشاركة الكفار في احتفالاتهم بأعيادهم فليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك.
(1) صحيح البخاري الاستئذان (6258)، صحيح مسلم السلام (2163)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3301)، سنن أبو داود الأدب (5207)، سنن ابن ماجه الأدب (3697)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 218).
(2)
صحيح البخاري الاستئذان (6258)، صحيح مسلم السلام (2163)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3301)، سنن أبو داود الأدب (5207)، سنن ابن ماجه الأدب (3697)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 218).
(3)
صحيح البخاري الأدب (6015)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2625)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 85).
(4)
سورة الممتحنة الآية 8
(5)
صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2620)، صحيح مسلم الزكاة (1003)، سنن أبو داود الزكاة (1668)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 355).
(6)
سورة التوبة الآية 60