الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل هذا يتم في غالبية الوقائع بين المسلمين والنصارى، حيث يهتم المسلمون بيوم الجمعة عقيدة وعبادة وصلاة، فينوه الخطباء بما أفاء الله عليهم من النصر شكرا لله، وعرفانا بنعمه عليهم وتبيانا للمسلمين ما يجب عليهم من النصر شكرا لله وعرفانا بنعمه عليهم وتبيانا للمسلمين ما يجب عليهم أداؤه؛ لأن بالشكر تدوم النعمة.
وبالتتبع لهذا ولغيره مما رصد تأريخه يتضح أن يوم الجمعة بالنسبة للمسلمين ما هو إلا بشارة خير، أما الصليبيون فإنهم يرونه نذير شؤم حسبما رصده مؤرخوهم، وشددوا فيه؛ لأن رايتهم فيه مهزومة ومع هذا لم يجدوا بغيتهم التي لا تزال جذورها في بعض ديار المسلمين باقية ويذكيها عقول رضعت لبانهم رغم ذهاب المستعمر وانتهاء سلطته العسكرية، إلا بجعل يوم الجمعة يوم عمل، وتحويل عطلة الأسبوع إلى يومي السبت والأحد، السبت لمكانته عند اليهود والأحد لمكانته عند النصارى وذلك من أجل محاولة إشغال المسلمين عن وظيفة الجمعة حيث أخبر صلى الله عليه وسلم أن من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، هداهم الله إليه بعد أن غفلت عنه اليهود والنصارى: فاليهود اتخذوا السبت، والنصارى اتخذوا الأحد (1)
(1) راجع فضل يوم الجمعة في جامع الأصول جـ9 ص424.
الرقم ثلاثة عشر:
-
وقد بقي الرقم ثلاثة عشر رمزا للتشاؤم في مجتمعاتهم، وسرى أثره إلى بعض ديار المسلمين، حيث نقرأ بين حين وآخر، لكبار
الكتاب في بعض المجتمعات الإسلامية، ممن يعتبرون رعيلا أولا في ريادة القلم، وتوجيه الكلمة، يذكرون دور هذا الرقم مقرونا بالتشاؤم، واهتمام بعضهم بمسحه من أرقام تعاملهم، بل ويشددون في التنفير منه.
فإن أخذ أحدهم رقما هاتفيا تحاشى أن يبدأ أو ينتهي بثلاثة عشر وإن أعطي رقما لسيارته أو منزله حرص جاهدا ألا يكون فيه هذا الرقم، وهكذا شئون تعامله العديدة.
وبصرف النظر عن جذور ذلك الرقم عند النصارى، واقترانه بهزائم الصليبيين أمام المسلمين في حروبهم العديدة، كما سنوضح نماذج من ذلك، فإن الإسلام ينهى عن التشاؤم، حيث يقول صلى الله عليه وسلم «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: يا رسول الله وما الفأل؟ قال: " كلمة طيبة (1)» أخرجه البخاري ومسلم.
كما يأمر بحسن التوكل على الله، وتسليم الأمور إليه، فالله يحب المتوكلين، كما أن من أركان الإيمان الستة:(الإيمان بالقدر خيره وشره).
وعن الرقم ثلاثة عشر، فقد جاءت فكرته عندهم، من جمع أرقام الآحاد والعشرات والمئات والألوف، إن كان في الرقم ألوفا من كل سنة ميلادية، حصل فيها انهزام للصليبيين في حروبهم
(1) البخاري في الفتح 1/ 139 ومسلم في صحيحه 7/ 31.
أمام جيوش المسلمين، ليصبح الرقم 13، هو حاصل الجمع، وهذا فيه مداخل التنجيم والتشاؤم من مطالع النجوم الذي ينهى عنه الإسلام.
ولكي يدرك المسلم هذا السر الذي رسخه مؤرخوهم القدامى، وبثوا في قلوب قادتهم التخوف من هذا الرقم، وما يحمل من نذائر شؤم أيده المنجمون عندهم، وأن عليهم ألا يقدموا على أي معركة، يبرز في مجموع سنواتها الرقم 13، ويشتد الأمر إذا اقترن هذا الرقم مع يوم الجمعة، لما في ذلك من نذارة الهزيمة، إذ لذلك نماذج في حياتهم، من حيث التشاؤم بالطالع والزاجر، كما كانت تعتقد العرب في جاهليتها، حيث مقت ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذرت منه تعاليم الإسلام، إبعادا وتشديدا.
وسأورد هنا على سبيل المثال لا الحصر، النماذج التالية: -
1 -
في عام 524هـ ذكر ابن الأثير في تاريخه أن عماد الدين زنكي أمر عسكره أن يتجهزوا للغزو، وقصد حلب، فقوي عزمه على قصد حصن الأثارب، ومحاصرته لشدة ضرره على المسلمين، وكان من به من الفرنج يقاسمون حلب على جميع أعمالها، ويضيقون عليهم معيشتهم، فأظفره بمن فيه، وتسلم الحصن عنوة، وضعفت قوى الصليبيين بعد ذلك حيث انهزموا في كثير من ديار المسلمين بالشام (1).
(1) انظر الكامل 10/ 662.
وهذا التاريخ يوافق بالإفرنجي عام 1129 م ولو جمعنا أرقام هذا العام لخرجت 13 هكذا (9+2+1+1=13).
2 -
ذكر الدكتور سالم الرشيدي في كتابه محمد الفاتح الذي قدم لطبعته الثانية الشيخ علي الطنطاوي:
أ - أن العثمانيين حاصروا أمير جزيرة لسبوس الجنوبي عام 867 هـ، وكان فيها المؤرخ جان دوكاس الذي ينتمي لإحدى الأسر البيزنطية العريقة في السيادة (الإمبراطورية) فدكوا أسوارها بالمدافع، وسقطت في أيديهم، وانهزم النصارى، وقد روي أن المذكور قد كتب تاريخه في ذلك العام. فنفث فيه سمومه ضد المسلمين (1).
وهذه السنة تعتبر في نظر ذلك الكاتب نهاية الدولة البيزنطية على أيدي المسلمين عام 1462 م الذي هو عام 867 هـ، وبجمع أرقام ذلك التاريخ الميلادي، يخرج ثلاثة عشر (2+6+4+1=13).
ب - أن السلطان محمد الفاتح، قد استولى على القسطنطينية عاصمة الرومان، حيث سقطت أمام جيوشه عام 857 هـ بعد حصار طويل وقوي، تهاوت معه قلاع الصليبيين وقوتهم، وكان فتحا مبينا للمسلمين، واستبشروا به، وتحولت معه أكبر كنائس النصارى في هذه المدينة المسماة (أيا صوفيا) إلى مسجد، صلى فيه محمد الفاتح بمن معه من المسلمين الجمعة
(1) انظر ص 12 من هذا الكتاب.
الأولى في تاريخ هذه المدينة، حيث أصبحت من هذا التاريخ قاعدة إسلامية تهز حصون الصليبيين وتقض مضاجعهم - أسطامبول -، أي مدينة الإسلام.
وكان من المحصورين فيها، وممن شهد سقوطها المؤرخ (جورج فرانترتس) صديق الإمبراطور قسطنطين وأمينه، وصاحب مشورته الذي يعتد برأيه، وهو رجل حقود انعكس تاريخه على كل منافس له، فكيف بمن استولى على بلده (1).
وهذه السنة توافق بالميلادي عام 1453 م، وبجمع هذه الأرقام يخرج الناتج ثلاثة عشر، (3+5+4+1=13).
3 -
أما نشاط الدولة الأموية في الأندلس ومجيء عبد الرحمن الداخل الذي أصبحت جذور أعماله وتمكينه للقاعدة الإسلامية هناك قوية مما أزعج الإفرنج فقد كان في عام 134 هـ بعد قيام الدولة العباسية في بغداد، وسقوط الدولة الأموية في دمشق، وهذا التاريخ يوافق في تاريخ الإفرنج عام 1183 م وبجمع أرقام هذا التاريخ يخرج الناتج ثلاثة عشر (3+8+1+1=13).
4 -
أما الرجل الثاني في توطيد أركان دولة الإسلام في الأندلس القائد المظفر الذي لم تنهزم له راية أمام الإفرنج، حتى أنه ألجأهم إلى جبال البرانس في الشمال، وحقد عليه مؤرخوهم، كما ذكر ذلك المؤرخ: محمد عبد الله عنان في كتابه (دولة الإسلام في الأندلس) فهو عبد الرحمن الناصر بن الحكم، وقد استهل حروبه
(1) انظر ص 11 من هذا الكتاب.
معهم عام 300 هـ.
وهذا التاريخ يوافق بتاريخ الإفرنج عام 913 م. وبجمع أرقامه يصبح التاريخ ثلاثة عشر (3+1+9=13) مع أن رقمي الآحاد والعشرات أيضا هما رقما 13 وهكذا لو سرنا مع وقائع التاريخ والحروب الصليبية فإننا سنجد ارتباطا وثيقا بين الحوادث التي اهتم بها مؤرخوهم، وبين هذا الرقم، الذي اعتبروه شؤما عليهم، لأن كل راية لهم ترفع أمام راية الإسلام تسقط بتوفيق الله، ودولتهم أمام زحف المسلمين تتزحزح، وعزمهم أمام مكانة الإسلام وعزته ينخذل.
ولنأخذ أمثلة أخرى، ففي عام 13 هـ حيث فتحت مدن الشام: دمشق، بيسان، طبرية وغيرها حسبما ثبت تاريخيا، حيث طرد الروم من الشام إلى الأبد، عندما قال أحد قوادهم سلام عليك يا سوريا سلاما لا رجعة بعده أبدا، فإنها توافق بتاريخهم الميلادي 634 م وبجمع أرقام هذا التاريخ تظهر النتيجة 13 (4+3+6 = 13)(1).
وحوادث عام 579 هـ، حيث غزا صلاح الدين الأيوبي، بلاد الكرك وطرد الصليبيين منها، وفيها تم حصار قلعة البيرة بالشام واستلام صاحبها، وهي من معاقل الصليبيين الهامة لقربها من القدس (2)، فإن تلك السنة توافق في تاريخ الإفرنج
(1) راجع حوادث هذا العام عند الطبري وابن كثير وابن الأثير.
(2)
راجع حوادث هذا العام في الكامل لابن الأثير.
عام 1183 م، ومجموع أرقامها 13 (3+8+1+1 =13) وهلم جرا ذلك أن من يتتبع أهم الوقائع بين المسلمين والنصارى، منذ فجر الإسلام فإنه سيرى أن من رحمة الله بعباده المسلمين أن تتم غلبتهم عليهم في سنوات يأتي مجموع أرقامها ثلاثة عشر، مما يجسمه مؤرخوهم، ويجعلونه يوما أسود في حياتهم، يرتبط بدلالة هذا الرقم 13 الذي يتوارثونه جيلا بعد جيل، على أنه مصدر شؤم لهم، يتناذرون عنه وترسخ نتائجه في أذهانهم جيلا بعد جيل أما نحن معاشر المسلمين فيجب أن نخالفهم، كما هي سنة رسول صلى الله عليه وسلم بالأمر بمخالفة أهل الكتاب - من اليهود والنصارى - حيث نبتهج بتلك السنوات التي تمثل هذا الرقم، لأنها تبعث النشوة في المسلمين، لما تحقق فيها من مواقف مشرفة، حيث ارتفعت فيها راية الإسلام، وعلا صوت الحق الذي جاء من عند الله فارتفع الأذان مناديا بإقامة الصلاة، وحث الناس على عبادة الله وحده وهذا مما يغيظ أعداء الله من الإنس والجن. فعلى شباب الإسلام أن يعي ذلك جيدا، حتى يفهم تاريخ أمته ليرسخ في الأذهان، حتى لا يكون مثقفو الأمة مقلدين لغيرهم فإن عليهم ألا يتكلموا بما لا يعرفون معناه، ولا يميلون مع ما لا يدركون نتائجه البعيدة من تاريخ الأمة وأمجادها.
وألا يفتحوا باب التشاؤم الذي نهت عنه تعاليم الإسلام لأن من سن في الإسلام سنة سيئة فإن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.