الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوحيد التي تحرر البشر من الوثنية والعبودية لغير الله تعالى، بكل صورها.
وإلى هذه الوظيفة أشار الماوردي بقوله عن الواجب الأول للإمام: (حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة).
* وليس معنى هذا أن سائر الوظائف لا علاقة لها بالدين، لأن الإسلام يمزج بين الدين والحياة وبين الوظيفة الدينية وغيرها من الوظائف، مزجا رائعا متكاملا، حتى أن كل الوظائف التي تقوم بها الدولة أصبحت وظائف دينية، يقول ابن القيم رحمه الله عن ولاية القضاء وولاية الحرب والحسبة والمال، يقول (1):
" جميع هذه الولايات، في الأصل، ولايات دينية ومناصب شرعية، فمن عدل في ولاية من هذه الولايات وساسها بعلم وعدل، وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان، فهو من الأمراء الأبرار العادلين، ومن حكم فيها بجهل وظلم فهو من الظالمين المعتدين {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (2){وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (3).
(1) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، لابن القيم ص (279 - 280).
(2)
سورة الانفطار الآية 13
(3)
سورة الانفطار الآية 14
ثانيا: الوظيفة الخلقية:
* حيث تقوم الدولة بتنظيم حياة المجتمع الخلقية بإزالة المنكرات التي تفسد الأخلاق، والتي حرمتها الشريعة، وتقوم بتهيئة الجو الصالح لارتقاء الناس خلقيا، وتهذيب نفوسهم، والتدخل في أعمال الأفراد الضارة بأخلاق الناس المفسدة لهم.
*وهذه الوظيفة هي التطبيق العملي لأصل جامع كبير وهو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وعليه يتوقف صلاح أمر الدين والدنيا، وقد
تواردت الآيات الكريمات والأحاديث الشريفة صريحة في الدعوة إليه، فقال الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (3)» . وقال أيضا: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم (4)» .
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: " يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (5)، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه (6)» .
*وانطلاقا من هذا المبدأ العظيم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نشأت ولاية الحسبة وولاية المظالم، لتقوم كل منهما بأداء هذا الغرض في صورة رسمية نيابة عن الدولة التي تتولى هذه المهمة عندما يتقاعس عنها
(1) سورة آل عمران الآية 104
(2)
سورة الحج الآية 41
(3)
أخرجه مسلم في الإيمان برقم (78): 1/ 69.
(4)
أخرجه أبو داود في الملاحم: 6/ 118 من تهذيب السنن، والترمذي في الفتن: 6/ 391، وقال: حديث حسن، وأخرجه أحمد في المسند: 5/ 388، قال المنذري: وأخرجه ابن ماجه مرسلا، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وانظر: فيض القدير للمناوي: 6/ 131.
(5)
سورة المائدة الآية 105
(6)
أخرجه أبو داود في الملاحم: 6/ 187، والترمذي في الفتن: 6/ 388، وابن ماجه في الفتن: 2/ 1327،. وابن حبان برقم (1837) والبغوي في شرح السنة: 14/ 344. وإسناده صحيح.