الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإشراف على الحياة الاقتصادية، ولكنها تتجاوز ذلك إلى التدخل لتنسيق الحريات الفردية في مجال الأخلاق بغية تأمين حياة خلقية أرقى، وفسح المجال لنمو الحياة الخلقية والروحية في الاتجاهات الخلقية السامية، وبذلك يدخل العنصر الأخلاقي في جملة العناصر التي تكون الدولة وأهدافها (1).
* وليس هناك ما يحد من اختصاصات الدولة ووظائفها، إذ أنها تقوم بعمل يؤدي إلى جلب المصالح ودفع المضار، وإلى إقامة القسط في حقوق الله وحقوق العباد، ولتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الدين كله لله.
ومن أجل ذلك تمارس الدولة أو ولاة الأمور عددا من الأعمال يمكن توزيعها في عدة ولايات، كولاية الحرب والقضاء والمال وغيرها، وهذا التوزيع والاختصاصات راجع إلى عرف الناس وليس له حد في الشرع (2).
(1) آراء ابن تيمية في الدولة، للأستاذ محمد المبارك ص (67، 68).
(2)
آراء ابن تيمية ص (53)، النظريات السياسية د. محمد ضياء الدين الريس ص (279).
واجبات الخليفة:
وقد عدد الماوردي، وكذلك القاضي أبو يعلى الفراء، واجبات الخليفة أو الإمام بما يعتبر أساسا لكثير من وظائف الدولة الإسلامية، ففي الأحكام السلطانية للماوردي يقول:
والذي يلزم الإمام من الأمور العامة عشرة أشياء:
الأول: حفظ الدين على أصوله المستقرة، وما أجمع عليه سلف الأمة، فإن نجم مبتدع، أو زاغ ذو شبهة عنه أوضح له الحجة وبين له الصواب وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود، ليكون الدين محروسا من خلل، والأمة ممنوعة من زلل.
الثاني: تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين، وقطع الخصام بين المتنازعين. حتى تعم النصفة، فلا يعتدي ظالم ولا يضعف مظلوم.
الثالث: حماية البيضة والذب عن الحريم، ليتصرف الناس بالمعايش وينتشروا في الأسفار آمنين من تغرير بنفس أو مال.
الرابع: إقامة الحدود، لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك، وتحفظ حقوق عباده من إتلاف أو استهلاك.
الخامس: تحصين الثغور بالعدة المانعة، والقوة الدافعة، حتى لا تظفر الأعداء بغرة ينتهكون فيها محرما أو يسفكون لمسلم أو معاهد دما.
السادس: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة، ليقام بحق الله تعالى في إظهاره على الدين كله.
السابع: جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا أو اجتهادا، من غير خوف ولا عسف.
الثامن: تقدير العطايا وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقتير ودفعه في وقته لا تقديم فيه ولا تأخير.
التاسع: استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوض إليهم من الأعمال، ويكله إليهم من الأموال، لتكون الأعمال مضبوطة والأموال بالأمناء محفوظة.
العاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض، تشاغلا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح (1).
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 15و16، وبالنص نفسه في الأحكام لأبي يعلى الفراء.