الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد العادل على الجهمي الجاهل
من رسائل العلامة المجدد الثاني شيخ الإسلام عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب 1193 - 1285هـ.
تحقيق الفقير إلى عفو ربه / عبد العزيز بن عبد الله الزير آل حمد.
المقدمة:
-
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (3){يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (4).
(1) سورة آل عمران الآية 102
(2)
سورة النساء الآية 1
(3)
سورة الأحزاب الآية 70
(4)
سورة الأحزاب الآية 71
أما بعد: -
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة (1)» وفي لفظ، «والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار، قيل يا رسول الله من هم؟ قال: هم الجماعة (2)» .
فوقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فافترقت هذه الأمة واختلفت وتنازعت فيما بينها فخرج أهل البدع من جهمية ومعطلة، فتركوا العمل بالكتاب والسنة في باب الأسماء والصفات، واتبعوا أهواءهم وما تميل إليه عقولهم وما توحيه إليه شياطينهم قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} (3).
(1) أخرجه أبو داود كتاب السنة حديث (4596)، والترمذي كتاب الإيمان حديث (2642) وقال:(حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح)، وأحمد في المسند (2/ 332)، وابن حبان في الإحسان حديث (6214)، الحاكم (1/ 128) وقال:(صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي.
(2)
أخرجه ابن ماجه كتاب الفتن حديث (3992)، وابن أبي عاصم (1/ 32) والحديث قد صححه الألباني انظر: الصحيحة، حديث (1492).
(3)
سورة القصص الآية 50
واقتضت رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن تكون بها طائفة منصورة تدعى بطائفة أهل السنة والجماعة، سائرين على ما سار عليه سلف الأمة من الاعتصام بالكتاب والسنة. وهذا مصداق لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:«لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك (1)» .
فأهل السنة والجماعة هيأهم الله عز وجل ليقفوا في وجوه أولئك المبتدعة الزائغين المنحرفين عن صراطه وعن نهج نبيه صلى الله عليه وسلم وليبينوا للناس أن الفيصل فيما يقع بينهم من اختلاف إنما هو الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، متبعين في ذلك قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (2).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والمحدثات فإن كل محدثة بدعة (3)» .
(1) أخرجه مسلم كتاب الإمارة حديث (1920).
(2)
سورة النساء الآية 59
(3)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 126، 127)، وأبو داود في كتاب السنة حديث (6407)، والترمذي في أبواب العلم حديث (2676) وقال:(حديث حسن صحيح). والحديث قد صححه جماعة من أهل العلم منهم الضياء والحصروي والبزار والبغوي والحاكم وقال: صحيح ليس له علة ووافقه الذهبي.
ومن هذا المنطلق أدرك سلف الأمة عظم الأمانة التي حملهم الله إياها لتبليغ العلم من ناحية وخطر البدعة على السنة من ناحية. فألفوا الكتب وجمعوا المصنفات ليذبوا عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، حتى إن بعضهم اعتبر الرد على أهل البدع أفضل من الجهاد، فيقول يحيى بن يحيى التيمي:(الذب عن السنة أفضل من الجهاد)(1). . اهـ.
واعتبر البعض الآخر أن الرد على أهل البدع هو من الجهاد فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية (الراد على أهل البدع مجاهد)(2). اهـ.
ولقد كان لأئمة الدعوة السلفية في الجزيرة العربية دور بارز ومجال واسع في الرد على أهل البدع وكشف شبهاتهم وضلالاتهم للناس ونشر العقيدة السلفية في أوساطهم.
وممن كان له دور بارز في هذا المجال العلامة العالم الرباني الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله. فلقد وفقني الله عز وجل بمنه وكرمه أن أقف على نسخة خطية من إحدى رسائل الشيخ للرد على أحد هؤلاء المبتدعة الضلال، فقمت بتحقيقها حسب الوسع والطاقة. فما كان في عملي هذا من توفيق وسداد فهو من الله وحده، وما كان فيه من خطأ فهو من نفسي والشيطان.
وفي الختام أشكر الله عز وجل المان بكل خير، ثم أشكر كل من ساعدني ووجهني لإخراج تلك الرسالة وأخص منهم فضيلة الشيخ إسماعيل بن عتيق الذي تفضل مشكورا بإعارتي هذه
(1) مجموع الفتاوى (ج4/ 13).
(2)
مجموع الفتاوى (ج4/ 13).
المخطوطة لتحقيقها.
وأشكر كذلك الأخ الشيخ عبد السلام البرجس آل عبد الكريم الذي أمدني بما لديه من معلومات عن هذه الرسالة.
أسأل الله العلي القدير أن يجعلنا بكتابه عاملين وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متمسكين وللأئمة الخلفاء الراشدين المهديين متبعين ولآثار سلفنا وعلمائنا مقتفين. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه راجيا عفو ربه: -
عبد العزيز بن عبد الله الزير آل حمد
الرياض 27/ 1 / 1413 هـ.
كلية أصول الدين.