الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
وسائل تحديد النسل وبيان مضارها
.
لتحديد النسل ومنع الحمل وسائل عديدة، منها الرهبنة وترك الزواج، وكبت النفس وحبسها عن الجماع، والإجهاض (إسقاط الحمل) أو وضع اللبوس في الفرج. وتعاطي العقاقير، ونحوها مما يمنع الحمل أو يقضي عليه بعد وجوده، ولكل من هذه الوسائل آثار سيئة وعواقب وخيمة، وفيما يلي بيان شيء من ذلك: -
1 -
انتشار جريمة الزنا وانتهاك الحرمات، فإن الذي يردع الإنسان ويقف به عند حده خوفه من الله أولا، وقد ذهب ذلك بالإلحاد أو ضعف الوازع الديني. وخوفه من العار ثانيا، وقد ذهب ذلك بانتشار وسائل منع الحمل وتحديد النسل، حيث أمنت المرأة من الحمل وعرفت طريق التخلص منه باستعمال هذه الوسائل فاجترأت هي ومن يهواها على قضاء الوطر وإشباع الغريزة الجنسية دون خوف أو حياء.
2 -
انتشار الزنا سبب لانتشار الأمراض الخبيثة كمرض الزهري والسيلان، وهما من أفتك الأمراض وأشدها خطرا على حياة الناس.
3 -
انتزاع جلباب الحياء وفساد الأخلاق وضياع الأنساب وضعف الراوبط بين الأسر، وبذلك تعم الفوضى ويكثر الهرج والمرج ويشتد البلاء.
4 -
نقص الآيدي العاملة وكثرة العجزة والعجائز لقلة التناسل والوقوف به عند غاية، وبذلك يقل الإنتاج وتنقص وسائل المعيشة وتشتد الأزمات وتضعف سيطرة الأمة وقوة الدفاع عنها.
5 -
ضعف العلاقة الزوجية بين الزوجين لعدم الأولاد أو قلتهم باستعمال وسائل تورث العقم ابتداء أو تقف بالتناسل عند حد، فإن الأولاد تقوى بهم أواصر المحبة والوئام بين الزوجين وتضطر كلا منهما على الصبر على متاعب الحياة الزوجية وتحمل ما قد يصدر من أحدهما للآخر من الأذى وتعكير الصفو، فإذا لم تكن بينهما هذه الروابط ضعفت عرى الزوجية أو انحلت وكثرت وقائع الطلاق، ودب دبيب الشر والفساد بين الأسر، وفي ذلك ضعف المجتمع وفساده.
6 -
في الرهبانية كبت للنفس وخروج بها عن فطرتها ومقتضى ما أودع فيها من الغرائز، وهذا مما يورثها ضيقا وقلقا وأمراضا عصبية وتبرما بالحياة؛ ولهذا وغيره نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التبتل.
7 -
سقوط الرحم وحدوث أمراض أخرى تكاد تفتك بالمرأة من جراء إسقاطها الحمل تخلصا من النسل أو من كثرته.
8 -
وقد ذكر كثير من الأطباء وعلماء النفس مضار وسائل منع الحمل وتحديد النسل إجمالا وتفصيلا، من ذلك ما جاء عن الدكتور كلير فولسوم، قال: ليست عندنا حتى اليوم أية وسيلة سهلة أو رخيصة غير ضارة يمكن استخدامها لتحديد النسل.
ولما تقدم وغيره من المضار قام كثير من الأطباء وعلماء النفس في دولهم بدعوة مضادة وحذروا الناس من استعمال وسائل منع الحمل وتحديد النسل، وشرحوا لهم مضار ذلك علما وتجربة واستجابت لهم حكوماتهم فحظرت الاتجار في هذه الوسائل، وأعطت المكافأة على كثرة النسل ورفعت الضرائب عمن كثرت أولادهم وفرضت العقوبات على من ثبت عليه استعمال هذه الوسائل أو الاتجار فيها أو الترويج لها والدعاية لاستعمالها.
5 -
الحكم مع الدليل.
تبين مما تقدم أن ما ذكره الدعاة إلى تحديد النسل أو منع الحمل من البواعث التي اعتمدوا عليها في ترويج ذلك والدعاية له لا تصلح مبررا له بل هي غير صحيحة لمناقضتها الواقع ومنافاتها مقتضى الفطرة والإسلام، وتبين أيضا أن لتحديد النسل أو منع الحمل بأي وسيلة من الوسائل مضارا كثيرة دينية واقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية وجسمية.
وعلى هذا يكون تحديد النسل محرما مطلقا ويكون منع الحمل محرما إلا في حالات فردية نادرة لا عموم لها كما في الحالة التي تدعو الحامل إلى ولادة غير عادية ويضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد وفي حالة ما إذا كان على المرأة خطر من الحمل لمرض ونحوه، فيستثنى مثل هذا منعا للضرر وابقاء على النفس، فإن الشريعة الإسلامية جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد وتقديم أقوى المصلحتين وارتكاب أخف الضررين عند التعارض، والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ".
قرار رقم 42 وتاريخ 13/ 4 / 1396هـ.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ بحث المجلس موضوع منع الحمل وتحديد النسل وتنظيمه، بناء على ما تقرر في الدورة السابعة للمجلس المنعقد في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395هـ من إدراج موضوعها في جدول أعمال الدورة الثامنة، وقد اطلع المجلس على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وبعد تداول الرأي والمناقشة بين الأعضاء والاستماع إلى وجهات النظر قرر المجلس ما يلي:
نظرا إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها، ونظرا إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعباده، ونظرا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد وأهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله تعالى وإضعافا للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها؛ لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقا ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملا بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روى عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل: وتمشيا مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة، وقد توقف فضيلة الشيخ عبد الله بن غديان في حكم الاستثناء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ".