المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استقلال ربا الدين عن ربوي الفضل والنسيئة - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الافتتاحية

- ‌تجارةوتجارة أخرى لن تبور. .!فضيلة الشيخعثمان الصالح

- ‌رمي الجمرة قبل طلوع الشمس

- ‌القول الثانيلا يجوز رميها قبل طلوع الفجر

- ‌ رمي جمرة العقبة ليلة النفر

- ‌ تقديم رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق

- ‌المذهب الأوللا يجوز تقديم رمي الجمار قبل الزوال

- ‌المذهب الثالثمذهب أبي حنيفة وفيه تفصيل

- ‌ رمي الجمار في ليلتي اليوم الثاني عشر والثالث عشر عن اليوم الذي قبلها

- ‌المذهب الأولالجواز وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية

- ‌ أدلة الترخيص للرعاة في الرمي

- ‌المشقة تجلب التيسير

- ‌أقسام المشقة

- ‌موضع اعتبار الحرج والمشقة

- ‌مصادر البحث وملحقاته

- ‌الطلاق المعلق

- ‌أولا ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار:

- ‌ثانيا: أقوال فقهاء المذاهب الأربعة

- ‌ مذهب الحنفية

- ‌ مذهب المالكية

- ‌ مذهب الشافعية

- ‌ المذهب الحنبلي

- ‌ التفريق بين التعليق الذي يقصد به الإيقاع والتعليق الذي يقصد به اليمين

- ‌تأجيل دراسة موضوع الطلاق المعلق

- ‌وجهة نظر

- ‌تحديد المهور

- ‌ثانيا: من عرف مهرها من سائر زوجات أصحابه رضي الله عنهم

- ‌ثالثا: هل وجد في نصوص الشريعة حد للمهور

- ‌رابعا: قصة عمر مع من أنكرت عليه حديثه في تقليل المهور

- ‌خامسا: ما الفرق بين تحديد أسعار الأعيان والمنافع وتحديد المهور

- ‌سادسا: مبررات التحديد ومضار عدمه

- ‌قرار رقم 52 وتاريخ 4/ 4 / 1397ه

- ‌تحديد النسل

- ‌ الفرق بين منع الحمل وتنظيمه وتحديد النسل

- ‌بواعث منع الحمل وتحديد النسل مع المناقشة

- ‌ وسائل تحديد النسل وبيان مضارها

- ‌الفلسفة

- ‌ الجو الذي نشأت فيه الفلسفة

- ‌ السمات العامة للفلسفة

- ‌اليهود والفلسفة

- ‌البلاغة النبوية وأثرها في النفوس

- ‌أقباس من العسكرية الإسلامية في القرآن الكريم

- ‌التدريب الفردي

- ‌الحوافز المادية

- ‌معادلة الحرب النفسية

- ‌حرب عادلة

- ‌مبتكر علم الجبرمحمد بن موسى الخوارزمي

- ‌الجذور عند الخوارزمي

- ‌المعادلات ذا الدرجة الأولى والثانية

- ‌طريقة التقريب لجذر المعادلة

- ‌الطريقة البيانية لإيجاد جذر المعادلة

- ‌إيجاد المساحة

- ‌اختلاف ربا الدين في الإسلامعنربا اليهود

- ‌ مزاعم المستشرقين

- ‌ القول بوحدة الربا والاختلاف في أصله

- ‌ نصوص تحريم الربا عند اليهود

- ‌ خصائص الربا عند اليهود

- ‌الخاصية الأولىالربا في القرض والبيع

- ‌الخاصية الثانيةالربا مقابل الأجل

- ‌الخاصية الثالثة الربا ظلم للمدين

- ‌الخاصية الرابعةالحظر القضائي للربا مختلف فيه

- ‌أنواع الربا في القرآن

- ‌أنواع الربا في السنة

- ‌استقلال ربا الدين عن ربوي الفضل والنسيئة

- ‌الفرق بين ربا الدين والنسيئة

- ‌خصائص ربا الدين في الإسلام

- ‌ الربا في الدين وحده ولا ينطبق على البيع

- ‌الربا مقابل الأجل

- ‌الربا محظور على الدائن والمدين معا

- ‌للربا حكمته المتميزة على ظلم المدين

- ‌ المساواة بين المسلم وغير المسلم في الربا

- ‌من نتائج اختلاف الربوين الإسلامي واليهودي

- ‌جهاز تعيين اتجاه القبلة

- ‌استعمال الجهاز

- ‌نظرية الجهاز

- ‌النموذج "م1

- ‌وصف الجهاز

- ‌طريقة الاستعمال

- ‌النموذج "م2

- ‌وصف الجهاز

- ‌النموذج "م3

- ‌المؤتمرات

- ‌المؤتمر العالمي بلندنعنحياة المسيح عليه السلام

- ‌الحوار الإسلامي المسيحيووجهة نظرإسلامية

- ‌إيضاحات وتنبيهات

- ‌حكم الاحتفال بالموالد

- ‌وجوب إنكار المعاملات الربوية

- ‌حرمة تأخير تزويج البنات والأخوات

- ‌تهنئة لحكومة الباكستان لإعلانها تطبيقالشريعة الإسلامية

- ‌التنبيه على خبر باطل في أخبار مكة

- ‌حول ما سمي بمسجد الخندق بالمدينة المنورة

- ‌أهداف معهد اللغة العربية - جامعة الرياضالمملكة العربية السعودية

- ‌الصلاة في الطائرة. . وإمامة الصلاة في الجمعة. . وزكاة الحلي

- ‌حكم الصلاة على السجاد المحلى بالصور

- ‌«من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة

- ‌ما حكم تارك الصلاة

- ‌الشرط - قضاء الفريضة

- ‌فيالوضوء - الصلاة - الإمامة - الطواف

- ‌كيفية تحديد مواقيت الصلاة

- ‌ترك الصلاة طيلة وجوده في الجامعة

- ‌حادث المسجد الحراموأمرالمهدي المنتظر

- ‌بيان من هيئة كبار العلماءبشأن الاعتداء علىالمسجد الحرام

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌استقلال ربا الدين عن ربوي الفضل والنسيئة

وروى الأئمة أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه (1)» .

ويحرم هذا الحديث الصحيح على المدين إيتاء ربا الدين كما يحرم كتابته والشهادة عليه، أما ربا البيع فيفسد العقد ذاته، ونجد في حديث ربا الفضل أن طرفي البيع يستويان في اعتبارهما يأكلان الربا بما يصيب كل منهما من العقد المحرم.

فالربا، باستعماله العام في السنة، يعني تعدي محظورات هي من كبائر الإثم، تختلف أنواعها وتتعدد، لتحمي من المصالح الضرورية مثل ما يحميه حظر الربا المعهود في الديون المؤجلة، ونجد الربا بهذا المعنى كالإسراف كما أطلقه القرآن الكريم، ففي مادة اللفظين معنى الزيادة على المعروف، فناسب إطلاقها على ما جاوز أمر الشريعة من عظيم الخطيئات، وقد فسر الإسراف في قوله تعالى مخاطبا الأوصياء في شأن أموال اليتامى:{وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} (2) بأنه أكل مال اليتيم بغير سبب مباح (3). وهو يشبه الربا حين يراد به أكل المال بسبب غير مباح شرعا، وتقصد كل تلك الأحكام، أن تتم رعاية المال في تداوله واستثماره، وتتكامل مع ما شرعه الإسلام لحفظ المال من حدود بيئية تذود عنه السارقين والمحاربين، وتعزير لمن يغصبه أو يماطل في أدائه، ومن تدابير الولاية على من تعوزه أهلية التصرف فيه، حتى يتحقق للمعاملات صحة الإرادة والسلامة من الغش والجهالة وغيرها مما تتوقف عليه المصلحة الشرعية المرجوة للأفراد والأمة جميعا من المعاوضات المالية.

وكما توعد القرآن الذين يأكلون الربا بالنار التي أعدت للكافرين، نصت آياته على أن المسرفين هم أصحاب النار.

(1) نيل الأوطار للشوكاني، ج5 ص161، وتفسير القرطبي، ج3 ص364 و365.

(2)

سورة النساء الآية 6

(3)

تفسير القرطبي، ج5 ص40

ص: 207

‌استقلال ربا الدين عن ربوي الفضل والنسيئة

واختلاف ربا الدين عن أكثر أنواع الربا التي جاءت بالسنة ظاهر، وإنما يتشابه ربا الدين وربا الفضل، ويتجوز بعض العلماء، ويرون ربا القرض من ربا الفضل، كما شاعت تسمية ربا الدين بربا النسيئة عند آخرين من المفسرين والفقهاء، ويرجع التشابه بين ربا الدين وربا الفضل، إلى ما في الديون من الزيادة المحظورة، كم ترجع تسمية ربا النسيئة إلى التأجيل الذي يؤخذ عنه الربا (1).

(1) انظر تعريف ربوي الفضل والنسيئة في حاشية ابن عابدين، ج4 ص194.

ص: 207

ويختلف ربا الفضل عن ربا الدين في الماهية ونطاق التطبيق والأثر الشرعي في العقد جميعا.

فحقيقة ربا الفضل، كما يدل صريح الأحاديث، هي أنه حظر الزيادة في مقدار أحد البدلين في بعض البيوع الخاصة، ونجد له الخصائص الآتية: أ- لا يكون إلا في بيع الذهب بالذهب أو التمر بالتمر وغيرهما من الأصناف التي يشتملها النص، مما يقتصر على صور خاصة من عقدي الصرف والمقايضة، ولا يسري على سائر صورهما التي يختلف جنس البدلين فيها، كصرف الذهب بالفضة، أو مقايضة التمر بالشعير، ولا يكون ربا الفضل مطلقا في عقد البيع بمعناه الدقيق، حيث تشتري السلعة بالنقود، وهو الذي تجري به أكثر المعاوضات التي يطلق عليها في الفقه الإسلامي اسم البيوع، وإليه ينسب ربا الفضل.

ب- لا يكون ربا الفضل إلا في البيوع الحاضرة، فهو لا ينفك، في نص الحديث عن ربا النسيئة، فحيث يحظر التفاضل بين البدلين يحرم تأجيل شيء منهما، وتجد بعض العلماء لذلك يسمون ربا الفضل بربا النقد، يقابلونه بربا الدين الذي لا يقع إلا في التأجيل والنسيئة.

ج- التفاضل المحظور هو زيادة في مقدار أحد البدلين في تلك البيوع الخاصة، وليس زيادة في قيمة أي من البدلين؛ ويبين ذلك من حديث التمر الذي جعل فيه النبي صلى الله عليه وسلم من ربا الفضل مقايضة كيل من تمر جيد من الجنيب بكيلين من الجمع وهو تمر رديء، وإن كان سعر الجنيب في الأسواق يساوي مثلي سعر التمر مما لا يذر زيادة في قيمة أي من البدلين، كالتي يقوم بها الربا في الدين، وحيث يوجد فرق يعتد به بين قيمة البدلين، فان السبيل لتلافي الغبن في مبادلتهما، يكون، كما أشارت به السنة في حديث التمر الذي تقدم، بالعدول عن مقايضتهما مقايضة مباشرة تخضع لربا الفضل، إلى بيع كل من البدلين بالنقود، ويشتري كل من البائعين ما يحتاجه من الصنف الذي يريد.

وإذ فرض الشرع إهدار التفاوت في قيم البدلين المتماثلين جنسا، إذا تمت مبادلتهما عن طريق الصرف أو المقايضة، فإن هذا الطريق يوصد في البيوع التي لا يجوز فيها الغبن رعاية لحقوق العباد، التي لا يستوي فيها جيد المال ورديئه، فلا يجوز للوصي أن يبيع قفيز حنطة جيدة من مال اليتيم بقفيز رديء، ويتعين على الوصي البيع بالنقد أو بشيء خلاف جنس الحنطة مراعاة لحق اليتيم وحق الشرع. وفي قول الله تعالى في حفظ أموال اليتامى:{وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} (1) نهي للأوصياء عن مثل تلك المقايضة التي يحيق الغبن فيها باليتيم.

ويكون ربا الفضل بعيدا عن تحقيق التعادل بين المالين المتبادلين بما يمنع الغبن في العقد، خلافا لما قال به بعض الفقهاء واعتنقه المستشرقون وفريق من رجال القانون.

كما لم يشرع هذا الربا ليسد ذريعة إلى ربا (2)

(1) سورة النساء الآية 2

(2)

إعلام الموقعين عن رب العالمين للإمام ابن قيم الجوزية ج1 ص200 - 204، وزكي بدوي، ص130 - 134.

ص: 208