الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاصية الثانية
الربا مقابل الأجل
يؤدى الربا عوضا عن تأجيل المطالبة بالقرض أو الدين، ويؤخذ في تحديده بمقدار الأجل، فيتضاعف الربا بتضاعف الآجال المتوالية.
ويتميز الربا من الزيادة في البيوع الآجلة، فهي وإن حددت على أساس مقدار الآجل، فثم أسس أخرى تدخل في تقدير المتبايعين، منها معدل الربح في السلعة، وما يتوقع من رواجها خلال الأجل، وهي اعتبارات تجارية لا يتمثلها المتعاملون بالربا، وتتحدد هذه الزيادة جملة واحدة لتندمج في الثمن، بحيث لا تتميز من أصله، ولا يكون في العقد إلا الثمن لا يبدو من عناصر تقديره مقابل التأجيل، وفي ذلك تورع من صورة الربا، ولا يحسب هذا المقابل في البيوع إلا مرة واحدة عند إبرامها، ولا تتضاعف الزيادة في النسيئة ولا في السلم، إن أعسر المدين، ويؤجل الثمن أو المبيع إلى ميسرته، في إرفاق يشبه القرض. وهذا فرق هام بين زيادة البيوع المؤجلة في الإسلام والربا الذي يتضاعف أضعافا لا حد لها، يقيم حاجزا ظاهرا بين البيع والربا.
وقد لا يشترط الربا في عقد القرض، ولكن المستقرض يعد بالزيادة فوق رأس المال أو يؤديها من جانبه، بقصد حمل الدائن على تأخير مطالبته، ثم هو يضاعفها كلما انتهى الأمد الذي قدمها عنه، فتكون تلك الزيادة من ربا الدين. ولكن لا يعتبر من الربا ما يؤديه المدين مختارا عند قضاء الدين من زيادة عليه، بعد إذ انتفت كل مظنة من جانبه في ابتغاء التأجيل، وكذلك يخرج من الربا كل ما اعتاده المدين من إهداء أو صلة للمقرض من قبل أخذ القرض، وإن قدمها خلال تأجيله لانقطاع صلتها به.
وإذا وثق القرض برهن، فلا يجوز أن يشترط للمرتهن الانتفاع بالرهن، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يغلق الرهن، ولصاحبه غنمه وعليه غرمه (1)» وإن انتفع الدائن بشيء من الرهن، صار قرضا جر منفعة وكان، فيما روي من السنة، من الربا. ويختلف القرض في ذلك عن البيع، فيجوز للبائع المرتهن أن يشترط لنفسه الانتفاع بالرهن، ويعتبر ثمن السلعة الحقيقي هو ما سمي من الثمن بالعقد مضافا إليه منافع المال المرهون مدة معلومة (2).
والأصل في الشريعة الإسلامية أن الأموال لا تسعر على الناس في مبادلاتهم، وأن الغبن لا يؤثر في صحة المعاوضات، إذا عقدها كاملو الأهلية لأنفسهم بإرادة سلمت من التغرير، وإنما يعتد الغبن إذا وقع في بيع أو
(1) سنن ابن ماجه الأحكام (2441)، موطأ مالك كتاب الأقضية (1437).
(2)
وقال بذلك ابن خويز منداد عند المالكية. انظر القرطبي ج3 ص413.