الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معادلة الحرب النفسية
إن الهدف الحيوي من الحرب، هو تحطيم الطاقات المادية والمعنوية للعدو، فإذا انتصر عليه في ميدان الحرب، واستطاع أن يحطم طاقاته المادية، فلا بد من جهود أخرى لتحطيم طاقاته المعنوية ليكون النصر كاملا يؤدي إلى الاستسلام.
وهنا يبدأ دور الحرب النفسية، التي تستهدف الطاقات المعنوية بالدرجة الأولى. وفي تاريخ الحروب أمثلة لا تعد ولا تحصى عن انتصارات استطاعت القضاء على الطاقات المادية، ولكنها لم تستطع القضاء على الطاقات المعنوية، فكانت انتصارات ناقصة استمرت مدة من الزمن - ثم أصبح المهزوم منتصرا وأصبح المنتصر مهزوما.
فكيف يصاول القرآن الكريم الحرب النفسية، ليصون معنويات المسلمين من الانهيار؟ كيف يحافظ القرآن الكريم على المعنويات العالية للمسلمين في أيام الحرب والسلام على حد سواء.
ولعل من أهم أهداف الحرب النفسية هي: التخويف من الموت والفقر ومن القوة الضاربة للمنتصر ومحاولة جعل النصر حاسما، والدعوة إلى الاستسلام وبث الإشاعات والأراجيف، وإشاعة الاستعمار الفكري بالغزو الحضاري، وإشاعة اليأس والقنوط.
المؤمن حقا لا يخشى الموت، قال تعالى:{إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} (1) وقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} (2) وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ} (3)، وقال تعالى:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (4) وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ} (5).
إن المؤمن حقا، يعتقد اعتقادا راسخا؛ بأن الآجال بيد الله سبحانه وتعالى، وما أصدق قولة خالد بن الوليد رضي الله عنه:" ما في جسمي شبر إلا وفيه طعنة رمح أو سيف، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".
(1) سورة يونس الآية 49
(2)
سورة الأعراف الآية 34
(3)
سورة آل عمران الآية 145
(4)
سورة النساء الآية 78
(5)
سورة آل عمران الآية 154
والمؤمن حقا لا يخاف الفقر لأنه يعتقد اعتقادا راسخا بأن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (1)، وقال تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (2){وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (3)، وقال تعالى:{فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (4).
والمؤمن حقا لا يخشى قوات العدو الضاربة، فما انتصر المسلمون في أيام الرسول القائد -عليه أفضل الصلاة والسلام- وفي أيام الفتح الإسلامي العظيم بعدة أو عدد، بل كان انتصارهم انتصار عقيدة لا مراء. . قال تعالى:{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (5)، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} (6)، وقال تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (7){فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (8).
والمؤمن حقا لا يقر بانتصار أحد عليه ما دام في حماية عقيدته، لذلك فهو موقن بأن الانتصار في معركة قد يدوم ساعة، ولكنه لا يدوم إلى قيام الساعة، قال تعالى:{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (9).
والمؤمن حقا لا يستسلم بعد هزيمته، لأنه يعلم بأن بعد العسر يسرا، وأن العزة لله ولرسوله والمؤمنين، وقال تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} (10)، وقال تعالى:{وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (11).
والمؤمن حقا لا يصدق الإشاعات والأراجيف، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (12)
(1) سورة آل عمران الآية 37
(2)
سورة الطلاق الآية 2
(3)
سورة الطلاق الآية 3
(4)
سورة الأنفال الآية 26
(5)
سورة البقرة الآية 249
(6)
سورة الأنفال الآية 65
(7)
سورة آل عمران الآية 173
(8)
سورة آل عمران الآية 174
(9)
سورة آل عمران الآية 140
(10)
سورة المنافقون الآية 8
(11)
سورة يونس الآية 65
(12)
سورة الحجرات الآية 6