الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاختصار في اصطلاح العلماء لا يبعد عن معناه في اللغة.
قال الشيخ الموفق بن قدامة في شرحه على مختصر الخرقي: (اختصرت هذا الكتاب) يعني قربته، وقللت ألفاظه، وأوجزته.
والاختصار: تقليل الشيء، فقد يكون اختصار الكتاب بتقليل مسائله، وقد يكون بتقليل ألفاظه مع تأدية المعنى، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:«أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا (1)» وقال البهوتي (1051هـ): (هو ما قل لفظه وكثرت معانيه)(2) وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: (والمختصرات فيه -أي الفقه- وهي ما قل لفظها، وكثر معناها)، وقال:(والاختصار إيجاز اللفظ مع استيفاء المعنى)، وقيل: ما دل قليله على كثيره (3) وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ) في حاشية الروض المربع: (الاختصار تجريد اللفظ اليسير مع بقاء المعنى)(4)
(1) مقدمة المغني مع الشرح الكبير ص (13). والحديث أخرجه الدارقطني بهذا اللفظ (4/ 144) وأصله في الصحيحين، أخرجه البخاري (9/ 75)، ومسلم (2/ 64) دون قوله:(واختصر).
(2)
الروض المربع ص (11).
(3)
مغني المحتاج (1/ 9، 11).
(4)
حاشية الروض المربع (1/ 45).
من صور الاختصار:
للاختصار أشكال أخرى في غير التأليف، أذكرها استطرادا؛ للفائدة، وهي:
أ - اختصار الحديث:
المقصود باختصار الحديث: الاقتصار على بعض متنه، وحذف بعضه، وقد اختلف المحدثون في جواز ذلك على أقوال ذكرها العراقي في ألفيته بقوله:
وحذف بعض المتن فامنع أو أجز
…
أو إن أتم أو لعالم ومز
ذا بالصحيح إن يكن ما اختصره
…
منفصلا عن الذي قد ذكره
قال السخاوي في شرح هذه الأبيات: وعن مالك فيما رواه عنه يعقوب بن شيبة أنه كان لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني دون غيره، كما صرح به أشهب (1)، إذ قال:(سألت مالكا عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعنى واحد؟! قال: أما ما كان منها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أكره ذلك، أكره أن يزاد فيها وينقص منها، ما كان من قول غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أرى بذلك بأسا إذا كان المعنى واحدا).
والقول الثاني: جواز ذلك مطلقا، أحتاج إلى تغيير لا يخل بالمعنى أم لا؟ وبه قال مجاهد وابن معين وغيرهما.
والقول الثالث: التفصيل فأجزه إن أتم -بضم أوله- بحيث أمن بذلك من تفويت حكم أو سنة، أو نحو ذلك وإلا فلا.
والقول الرابع: تفصيل آخر فأجزه كما ذهب إليه الجمهور إن وقع لعالم عارف وإلا فلا (2).
(1) أشهب بن عبد العزيز صاحب مالك (204 هـ)، الشذرات (2/ 12).
(2)
انظر: فتح المغيث شرح ألفية الحديث (2/ 251 - 253).