الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من ذلك المكان، هل هذا صحيح؟ وهل مثل هذا الاعتقاد يؤثر على عقيدة المسلم؟
الجواب: هذا من
التطير والتشاؤم
بصوت البومة، أو غيرها من الطيور، واعتقاد أو خوف أن ذلك يسبب أو يدل على حدوث شر، أو مرض أو موت، وهذا من التطير الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه، وهو من فعل الكفرة، كما تطير قوم فرعون بموسى عليه الصلاة والسلام، ومن معه، وكما تطير قوم صالح عليه الصلاة والسلام به وبمن معه، وكما تطير المشركون بمحمد صلى الله عليه وسلم.
والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن الطيرة شرك، قال عليه الصلاة والسلام:«لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر» ، وقال عليه الصلاة والسلام:«الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك» ، فإذا اعتقد الإنسان أن هذا الطائر وهذه البومة تدل على حدوث شر، وتشاءم بها، فإن هذا هو الطيرة المذمومة، التي جاء النهي عنها، فإن هذه المخلوقات خلقها الله سبحانه وتعالى لحكم ومصالح وليس عندها نفع ولا ضر، وإنما هذا بتدبير الله سبحانه وتعالى وتقديره.
والواجب على المسلم إذا وجد شيئًا من ذلك ووقع في قلبه شيء من ذلك، أن يدفعه بالإيمان واليقين، وأن يقول: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، ويقول: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك.
سؤال: هل نقيس على هذا التطير، التفاؤل، كأن يرى الإنسان مثلًا طائرًا جميلًا في أول يومه أو يبشر بخبر سعيد، يتفاءل بيوم سعيد له؟
الجواب: أما رؤية الطير الجميل وما أشبه ذلك، هذا لا أعرف له أصلًا، ولكن التفاؤل هذا شيء طيب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل، والفأل أمل بالخير، خلاف الطيرة، فإنها أمل بالشر، وسوء ظن بالله سبحانه وتعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل إذا سمع الكلمة الطيبة، فإنه عليه الصلاة والسلام يعجبه ذلك.
***
الإنسان مسير ومخير
سؤال: أرجو إفادتي هل الإنسان مخير في دنياه أم مسير، ففي الآية الكريمة التالية:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] ، تفيد أن الإنسان مخير، وفي الآية الكريمة الأخرى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] ، تفيد أن الإنسان مسير، فما معنى الآيتين، وهل بينهما تعارض كما يظهر أم لا؟
الجواب: الإنسان مسير ومخير، يجتمع فيه الأمران، فهو مسير من حيث جريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك كونًا وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلص من قضاء الله وقدره، الذي قدره عليه، من هذه الناحية مسير.
أما من ناحية أفعاله هو وحركاته وتصرفاته فهو مخير؛ لأنه يأتي ويذر من الأعمال بإرادته وقصده واختياره، فهو مخير.
والعبد له مشيئة، وله اختيار، ولكنه تابع لمشيئة الله سبحانه وتعالى، وقضائه وقدره، ولذلك يثاب على الطاعة ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أما الذي ليس له اختيار ولا إرادة كالمكره والناسي والعاجز عن فعل الطاعة، هذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار، إما بالإكراه، وإما بالنسيان، وإما بالعكس، أو بفقدان العقل كالمجنون والمعتوه، فهو في هذه الأحوال لا يعاقب على تصرفاته؛ لأنه فاقد للاختيار، فاقد للإرادة.
أما ما أشرت إليه من الآيتين الكريمتين، قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] ، هذا يؤيد ما ذكرنا؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختيارًا، وأثبت لنفسه سبحانه وتعالى مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل، فدلت الآية الكريمة على إثبات المشيئتين، إثبات المشيئة للعبد، وإثبات المشيئة لله، وأما مشيئة العبد فتابعة لمشيئة الله عز وجل.
وأما قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] ، هذا ليس معناه التخيير، بل هذا معناه الزجر والتهديد والتوبيخ {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] ، هذا معناه التهديد والتوبيخ، وأن الإنسان إذا عصى الله سبحانه وتعالى وكفر بالله فإن الله يعاقبه؛ لأنه فعل الكفر باختياره، وفعل الكفر بإرادته ومشيئته، فهو يستحق عقاب الله، ودخول النار {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] .
***