الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة الفجر
سؤال: ما معنى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 6-8]، وما المقصود:"بإرم"؟
الجواب: هذه القبيلة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى هي من الأمم الكافرة العاتية التي اغترت بقوتها وجبروتها؛ لأن الله أعطاها من القوة البدنية وقوة الحضارة والملك ما اغترت به وطغت بسببه، قال تعالى:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: 15، 16] ؛ لأنهم لما جاءهم نبي الله هود عليه السلام ودعاهم إلى توحيد الله وعبادته، تكبروا وتجبروا واغتروا بقوتهم، وقد ذكر الله قصتهم في مواضع كثيرة من كتابه، ومن ذلك هذا الموضع من سورة الفجر، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين، خارجين عن طاعته، مكذبين لرسله، جاحدين لكتبه، فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديث وعبر، وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} ، وهؤلاء عاد الأولى، وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح.
قال ابن إسحاق: وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودًا عليه السلام، فكذبوه وخالفوه، فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم، وأهلكهم
بريح صرصر عاتية، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسومًا فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية، وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون.
فقوله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} عطف بيان وزيادة تعريف بهم.
قوله تعالى: {ذَاتِ الْعِمَادِ} : لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشًا، ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة، وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم، وقال:{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: 69] ، انتهى كلامه رحمه الله.
وبه يتبين المراد بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} ، والله أعلم.
***
تفسير سورة العاديات
سؤال: ما تفسير قول الله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات: 1، 2] ، وما المراد بالعاديات هنا؟
الجواب: يقسم الله سبحانه وتعالى بالعاديات وهي الخيل، التي تعدوا بركابها عند الحاجة، كما في حالة القتال في سبيل الله والغارات.
فمعنى ضبحًا: أي أصواتها عندما تعدو.
فالموريات قدحًا: أي أنها تقدح بحوافرها الحجارة عندما تغير.
فالمغيرات صبحًا: هي الخيل أيضًا.
وكل هذه أوصاف للخيل وحالتها عند الغارة في سبيل الله عز وجل وفي هذا دليل على فضل الجهاد في سبيل الله، وركوب الخيل للجهاد في سبيل الله، والله تعالى يقول:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] .
***
تفسير سورة القارعة
سؤال: ما معنى الآية: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1-3] إلى آخر السورة؟
الجواب: القارعة: يوم القيامة، سمي بالقارعة لأنه يقرع الأسماع بأهواله، وهذا أحد أسمائه، وقد سمي بأسماء كثيرة: القارعة والصاخة والطامة الكبرى والساعة والحاقة وغير ذلك من أسمائه؛ لأنه يوم عظيم، يوم فيه أهوال عظيمة.
قوله تعالى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} ، هذا التكرار من أجل تفخيم هذا اليوم، وشد الانتباه لما يجري فيه من الأهوال حتى يكون المسلم على استعداد لملاقاته، ثم إنه سبحانه وتعالى بين ذلك بقوله:{يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 4، 5] ، بين ما يكون في هذا اليوم من الحشر وجمع الخلائق، ومن تغير هذه الكائنات، حتى إن الجبال الرواسي تذوب وتكون كالعهن المنفوش من لينها وذوبانها بعد أن كانت جامدة قوية صلبة، ثم بين سبحانه وتعالى انقسام الناس إلى قسمين: سعداء، وأشقياء.
أما السعداء: فهم الذين ثقلت موازين حسناتهم فرجحت بسيئاتهم ففازوا برضا الله سبحانه وتعالى، ونعيم الجنة خالدين مخلدين فيه.
والأشقياء: هم الذين خفت موازينهم، بمعنى أن سيئاتهم رجحت على حسناتهم والعياذ بالله، فهؤلاء خابوا وخسروا وانقلبوا إلى أسوأ عاقبة، وهي أن النار مقرهم ومصيرهم أبد الآباد.
***
تفسير سورة الماعون
سؤال: ما معنى قول الله تعالى في سورة الماعون، بسم الله الرحمن الرحيم:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 4-7] ؟
الجواب: ويل: كلمة عذاب وتأديب ووعيد شديد، وقيل: إنه واد في جهنم للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، أي: الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، بأن يصلي الفجر بعدما تطلع الشمس، ويصلي الظهر في وقت العصر، والعصر في وقت المغرب، وهكذا.
فالذي يخرج الصلاة عن وقتها هذا يعتبر ساهيًا عنها، ومضيعًا لها كما في الآية الأخرى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] ، فإضاعة الصلاة والسهو عنها، اللذين ورد الوعيد عليهما في هاتين الآيتين، هو إخراجها عن وقتها من غير عذر شرعي؛ لأن الله تعالى يقول:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، أي: مشروطة في أوقاتها، لا يجوز إخراجها عنها من غير عذر شرعي.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} : يعني يراءون الناس بأعمالهم،
يؤدون أعمالًا صالحة لا يريدون بها وجه الله، وإنما يريدون أن يمدحهم الناس، كالذي يتصدق لأجل أن يمدحه الناس أو يصلي، أو يطلب العلم، أو يؤدي أي عبادة من العبادات، لا رغبة في الطاعة والثواب، وإنما يريد بذلك أن يمدحه الناس، ويثنوا عليه، فهذا هو الرياء، وهذا يحبط العمل، كما قال سبحانه وتعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه، فقال: الرياء» ، فالرياء محبط للعمل وهو شرك أصغر.
وهو خطر شديد، وهو من صفات المنافقين؛ لأنهم كما قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142] .
فالرياء داء خطير، ومرض وبيل، والواجب على المسلم أن يخلص عمله لله عز وجل، ولا يقصد من ورائه رياءً ولا سمعة.
وأما الذين يمنعون الماعون: المراد بالماعون هنا العارية؛ لأن بذل العارية للمحتاج من الطاعة والإحسان يثاب عليها الإنسان، فالذي يمنع العارية عن المحتاج وهو لا ضرر عليه في بذلها يعتبر عليه هذا الوعيد العظيم.
وقد فسر الماعون بما يشمل القدر والفأس والحبل والدلو وكل ما يحتاجه الناس لأمورهم التي يضطرون إليها، فبذل العارية للمحتاجين، إذا لم يترتب على ذلك ضرر بالمعير، وهو في غنى عنها، فإن بذلها من الطاعة ومنعها من المتوعد عليه في هذه الآية الكريمة.
***